منذ حفل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، تصدرت تصريحات دونالد ترامب عناوين الصحف العالمية والإقليمية والمحلية على حد سواء، فلأول مرة في التاريخ يتغير نهج الدبلوماسية الأمريكية نحو الشعبوية الفجة التي تنطوي على تصريحات غير محسوبة وغير محمودة العواقب حتى على المواطن الأمريكي نفسه، فتعرضت البورصات للتراجع وتأثرت اقتصادات عدة دول بعد حديثه عن فرض تعريفات جمركية إلى جانب محاولة ابتزاز كندا والمكسيك لينتهي الأمر بإثارة غضب 2 مليار مسلم بعد إصراره على تهجير أبناء غزة والضفة إلى مصر والأردن وتصفية القضية الفلسطينية.
نقل الصراع
![لا يتوفر وصف.](https://scontent.fosm20-1.fna.fbcdn.net/v/t1.15752-9/474942442_9379782278746435_8677876584854890952_n.jpg?_nc_cat=108&ccb=1-7&_nc_sid=9f807c&_nc_ohc=Pq0K6RPGIC0Q7kNvgF9I_MB&_nc_oc=Adg_v0-xWlNju7808g-dtBuLqm4NBpt6PwegknLYvTmHfBBAFpsJ6kXiNEBpeJkoGjk&_nc_zt=23&_nc_ht=scontent.fosm20-1.fna&oh=03_Q7cD1gHjnbdXHez2-WWxnPtGHb40sLIMNmbVHy0YTlHYfaPlnA&oe=67D672A9)
ونوه الدكتور نزار نزال المحلل السياسي في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إلى أنّ التصريحات تسببت في انزعاج كبير بمنطقة الشرق الأوسط و أوحت بوجود مخطط لنقل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى بقعة جغرافية جديدة دون التطرق لحلول واقعية للقضية وإنما يصر ترامب على تصفيتها متوهما أن هجرة الغزاويين ستنهي القضية الفلسطينية، وهذه التصريحات جاءت لإرضاء لليمين المتطرف في تل أبيب وتشجع على استمرار العداء والحرب على الشعب الفلسطيني وانتهاك قرارات المؤسسات الأممية بما فيها مجلس الأمن الدولي وهي جزء من صفقة القرن التي سبق وأن تحدث عن تنفيذها من خلال الضغط على مصر والأردن لتمرير هذا المخطط.
الموقف العربي
حديث الرئيس الأمريكي جاء مفاجئا لأغلب السياسيين في العالم، فلم ينطوي على حكمة أو منطق أو حتى مراجعة مع الخارجية الأمريكية، مستخدما لغة الكاوبوي ولغة رجال الأعمال والتجار والسماسرة في تصريحاته التي تنم عن نظرته الدونية للفلسطينيين وكأنهم قطع أثاث يمكن نقلها من مكان لآخر دون اعتبارات إنسانية، وفي المقابل كان للمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية ومعهما الدول العربية الوازنة، موقفًا واضحًا اتسم بالشدة والحسم حيال تلك الأطروحة خاصة بعد تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي التي عكست حالة من الحزم علاوة على تهديدات أيمن الصفدي وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية بأن التهجير يعني إعلان الحرب على الإسرائيليين، لأن مخطط التهجير يستهدف تصفية القضية الفلسطينية التي تمثل قضية وجود للدول العربية والإسلامية، فضلا عن أنها تمثل أحد أهم عوامل تهديد الأمن القومي والاستراتيجي للقاهرة وعمان فـ70% من سكان الأردن من أصول فلسطينية وبالتالي يتطلع ترامب من خلال تلك الخطة إلى نقل الصراع وخلق جغرافيا جديدة للحرب أمام تصلب الموقف العربي الذي تشكل بناء على تحالف تقوده المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والأردن وقطر.
![لا يتوفر وصف.](https://scontent.fosm20-1.fna.fbcdn.net/v/t1.15752-9/476766488_1675107093386074_1663750837827124875_n.jpg?_nc_cat=105&ccb=1-7&_nc_sid=9f807c&_nc_ohc=MDxu61hYlXkQ7kNvgFS8XsY&_nc_oc=AdjSNhXoLb4KuqzX2DpLsea6BSoEaHC9l5cbLQK2_piG8Cpe8lI6HJFepWwqiIrnb-E&_nc_zt=23&_nc_ht=scontent.fosm20-1.fna&oh=03_Q7cD1gEId76kgL-biv7XWJuJ2z7zfW7xIgDD3xafNpOvK9iUNA&oe=67D6438A)
وقال الدكتور فايز أبو شمالة المحلل السياسي في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»: "تلك التصريحات لا يمكن تصنيفها إلا بأنها مجرد ترهات وضرب من الخيال تنم عن جنون، لأن هكذا تصريحات تتحدث عن نقل أمة كاملة من منطقة لأخرى دون وجود خطة أو آلية لإقناع الطرف الآخر أو حتى إجباره على ذلك، فرغم ما واجهته غزة من دمار هائل لم يترك الفلسطينيون أراضيهم لا طوعا ولا قسرا فكيف سيجبرهم ترامب ونتنياهو على الرحيل وهو ما ظهر في الردود العربية الحاسمة التي أجبرت ترامب على إعادة مراجعة ما صرح به مؤكدا أن التهجير ليس طارئا وإنما يمكن تنفيذ المخطط على مدار سنوات".
ترامب يتراجع
وعلى خلفية تراجعه، جدد الرئيس الأمريكي مطلبه للدول العربية بضرورة التوصل لحل موضوع غزة والمشاركة في عملية إعادة الإعمار، خاصة وأن الدول العربية لديها الكثير من الملفات وأوراق الضغط الكبيرة التي يمكن من خلالها الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن مصر لم ولن تسمح بتهديد أمنها القومي مهما كان وتحت أي ظروف والقيادة السياسية المصرية لها ثقل والمؤسسة العسكرية مشهود بكفاءتها ووزنها الإقليمي وكذلك المملكة الأردنية الهاشمية إلى جانب الدور القوي للمملكة العربية السعودية التي رفضت رفضا قاطعا خوض أي حديث عن التطبيع إلا بإعلان قيام الدولة الفلسطينية وفقا للشرعية الدولية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.