فوز يساري برئاسة سريلانكا.. هل يمكنه تغيير سياسات بلاده

أفرزت رياح التغيير التي تشهدها منطقة شبه القارة الهندية إلى وصول أول رئيس يساري لحكم سريلانكا، مع الكثير من المتغيرات التي قد تشهدها البلاد من جراء ذلك.

تشهد سريلانكا وصول أول يساري لقيادة البلاد، وهو أنورا كومارا قائد حزب "جاناتا فيموكتي بيرامونا" والذي يعني جبهة تحرير الشعب الماركسي اللينيني، الذي قاد تمردا مسلحا عام 1987 ضد الحكومة السريلانكية مدة عامين، وتدرج كومارا في المناصب داخل الحزب، لخوض أول انتخابات عامة عام 1999 لتولي منصب رئيس وزراء المقاطعة الوسطى وعاصمتها مدينة كاندي.

ودخل كومارا البرلمان لأول مرة عام 2000، واشترك في الحكومة لعام واحد كوزير للزراعة، وأصبح رئيساً للمجموعة البرلمانية لحزبه عام 2008، حتى وصل لمنصب رئيس الحزب عام 2014، وشغل منصب رئيس المعارضة في البرلمان منذ عام 2015 إلى 2018.

وتقول الكاتبة الصحفية الصينية سعاد ياي شين هوا في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن سريلانكا هي دولة جزرية تقع في شمال المحيط الهندي جنوب شبه القارة الهندية، في جنوب آسيا، ولها موقع جغرافي متميز، وتعتبر ممرا لا بد أن تعبره السفن التي تسافر بين المحيطين الهندي والهادئ، فإنها تتسم بأهمية استراتيجية مهمة، وخلال السنوات الأخيرة، كانت سريلانكا تواجه بعض الصعوبات والمشاكل في اقتصادها الوطني.

وأضافت، أنه في سبتمبر\أيلول الماضي، تم انتخاب أنورا كومارا ديساناياكي رئيسا جديدا لسريلانكا، وكان الرئيس كومارا قد أعرب لمرار عن عزمه على تعزيز الإصلاح في سياسات بلاده الخارجية، وتحديدا معارضة اعتماد بلاده العميق على الهند، فيمكن أن نتوقع أن تشهد السياسات الخارجية التي تتخذها سريلانكا وتحديدا العلاقات بين سريلانكا والدول المجاورة لها وبما فيها الهند في الفترة المقبلة.

وتقول هناء قنديل الباحثة المتخصصة في شؤون شبه القارة الهندية في تواصل هاتفي مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، أن جزيرة سيرلانكا تمر برياح تغيير على خلفية الاضطرابات الموجودة في شبه القارة، والتي كان آخرها المظاهرات التي أطاحت برئيسة وزراء بنجلاديش، وقبلها المظاهرات التي أطاحت بال رجابكسا من الحكم في سريلانكا.

واضافت، أن الرئيس الجديد من خلفية يسارية، وكان يقود احتجاجات مناهضة للحكومة وتمرد مسلح ضد الحكومة في السبعينيات والثمانينيات.

العلاقات الصينية والهندية في عصر كومارا

تتقاسم الصين والهند النفوذ الإقليمي داخل سريلانكا، ولكن تقرب الخلفية الإيديولوجية للرئيس الجديد من بكين منه إلى نيودلهي، والتي لديها ديون تقدر بمليارات الدولارات ضد كولومبو، وتعد السياسة الإقتصادية لبكين باتاه كولومبو عامل حاسم في ملف الديون السريلانكية خاصة بشكل رئيسي سياسة تمديد المواعيد النهائية أو فتح خطوط ائتمان جديدة، خاصة وأن برنامج الرئيس السريلانكي الجديد يعتمد بشكل أساسي على الاقتصاد.

بينما لا يمكن إغفال الدور الهندي في سريلانكا بسبب العلاقات الاقتصادية وقربها وحضارتها، ولكن الرئيس الجديد ينتقد السياسة التوسعية الهندية في البلاد، وبعض المشاريع الهندية التي اعتبرها مضرة لسريلانكا، وبالنسبة لنيودلهي التي تواجه حالياً صعوبات على جبهة بنجلاديش، كانت تفضل الاستمرارية في سريلانكا، وكانت لها علاقات قوية مع الرئيس السابق ويكرمسينغ، التي قدمت في عهده المساعدات إلى كولومبو.

وأشارت "سعاد يي شين" إلى أن تاريخ العلاقات الصينية السريلانكية يرجع إلى زمن بعيد، وكانت سريلانكا تعتبر من أول الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، وبعد تولي كومارا منصبه الرئيس الجديد لسريلانكا، بعث الرئيس الصيني شي جين بينغ برسالة تهنئة إليه، وأكد فيها أن الصين وسريلانكا جارتان قريبتان تربطهما صداقة تقليدية، وإن الصين مستعدة للعمل مع الرئيس أنورا كومارا ديساناياكي والحكومة السريلانكية الجديدة للمضي قدما وعلى المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، ومواصلة دفع الصداقة التقليدية بين البلدين إلى الأمام. وخاصة بفضل البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، يكون هناك مجالات واسعة لتعزيز التبادلات والتعاون بين البلدين.

وأوضحت الصحفية الصينية، أنه من خلال تصريحات الرئيس الصيني بشأن العلاقات الصينية السريلانكية، يمكن أن نرى أن الصين تحرص على مواصلة تعزيز تعاونها مع سريلانكا. ولسريلانكا موارد متوافرة، ولديها موانئ كبيرة، وكان يكون هناك تعاونا بينها وبين المؤسسات الصينية في بناء الموانئ والطرق والسكك الحديدية وغيرها من المجالات.

ولفت سعاد يي إلى أن سريلانكا تتمتع بموارد متميزة في السياحة، وكانت تعتبر من المقاصد الأكثر ترحيبا لدى السياح الصينيين، وذلك قبل ظهور مشاكل اقتصادية في سريلانكا. أما الرئيس كومارا، فإنه قد أعرب لمرار عن رغبته في مواصلة تعزيز التعاون بين بلاده والصين، فيمكن أن نتوقع أن يتعزز التعاون بين البلدين في المستقبل وأثناء فترة رئاسة الرئيس كومارا.

بينما أشارت هناء قنديل، إلى أن الرئيس الجديد يعتبر رجل الصين، ويميل إلى بكين على حساب النفوذ الهندي، وكان من ضمن حملته وقف برنامج لطاقة الرياح، وهي من المشاريع التي تدخل بها الاستثمارات الهندية وتشارك فيه مجموعة إنتاج الطاقة الهندية أداني في طاقة الرياح، ووصفه بأنه مكلف للغاية ويضر بالسيادة الوطنية للطاقة.

مبينة أن هذا التفضيل ليس من السهل تنفيذه، خاصة مع وجود استثمارات هندية كبيرة في الجزيرة، ولكن يعزز كومارا التواجد الصيني في البلاد، خاصة وأنها من أبرز الدول الدائنة لسيرلانكا.