تأكيداً لتحذيرات "قسد".. تقارير: "داعش" قد يتعافى في سوريا والعراق
بلا كلل أو ملل، تحذر قوات سوريا الديمقراطية، على مدار الأشهر الماضية، من عودة نشاط "داعش"، لكن دون استجابة، حتى نجد التنظيم الإرهابي يشن الهجمة تلو الأخرى، وهنا تأتي اليقظة.
بلا كلل أو ملل، تحذر قوات سوريا الديمقراطية، على مدار الأشهر الماضية، من عودة نشاط "داعش"، لكن دون استجابة، حتى نجد التنظيم الإرهابي يشن الهجمة تلو الأخرى، وهنا تأتي اليقظة.
وفي ظل ازدياد نشاط التنظيم، قال الكاتب تشارلز ليستر الزميل المقيم في معهد الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة والمتخصص في شؤون الإرهاب، إن "داعش" منذ منتصف 2023، يمارس نفوذاً غامضاً، ويسيطر أحيانا على مناطق ريفية في شمال شرق وشرق ووسط سوريا.
ويضيف، في التحليل الذي نشر عبر موقع المعهد، أنه مع ذلك ومنذ الهزيمة الإقليمية للتنظيم في آخر معاقله بالباغوز في سوريا أوائل عام 2019، لم يتم إيلاء سوى القليل من الاهتمام للمعقل الأصلي وطويل الأمد للجماعة الإرهابية في سوريا والعراق، إلا أنه يرى أن هذا مفهوم إلى حد ما، كون الحملة بين عامي 2014 و2019 جعلت الجماعة الإرهابية تتضاءل لتغدو مجرد ظل لما كانت عليه في السابق.
نفوذ غامض وتطور نوعي
ويقول "ليستر" إنه منذ منتصف 2023، يمارس "داعش" نفوذاً غامضاً ويسيطر أحيانا على مناطق ريفية في شمال شرق وشرق ووسط سوريا، وفي حين أن التقدم في العراق ضد التنظيم يوفر أسباباً للتفاؤل، فإن التصعيد الأخير في سوريا المجاورة يثير قلقاً عميقاً، حسب قوله.
ولفت إلى أن البادية السورية الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق، والمناطق الشمالية الشرقية التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية"، شهدت تصاعداً ملحوظاً في هجمات التنظيم، حيث تشير التقارير الصادرة عن قوات "قسد" إلى زيادة شهرية بنسبة 30% إلى 40% في هجمات التنظيم خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان، أي بزيادة تصل إلى 115 حادثة.
كما شهد الربع الأول من عام 2024، ما لا يقل عن 135 هجوماً لتنظيم "داعش" في المناطق الصحراوية، ما يمثل زيادة بنسبة 170% عن الربع السابق، وسجل شهر مارس/آذار وحده ما لا يقل عن 69 هجوماً بقيادة التنظيم في الشمال الشرقي، الذي تسيطر عليه "قسد"، كأكبر عدد في شهر واحد منذ زوال "داعش" ككيان إقليمي.
كما طرأ تطور نوعي في طبيعة عمليات "داعش"، ففي حين كانت الهجمات المعزولة بالعبوات الناسفة هي السمة السائدة في السنوات الأخيرة، شهد عام 2024 ارتفاعاً في الهجمات المجمعة الأكثر تعقيداً، والكمائن المنسقة، والغارات المسلحة، وحتى استخدام نقاط التفتيش المزيفة على الطرق السريعة للقبض على الأهداف، مع زيادة ملحوظة في عمليات الاغتيال التي تستهدف المسؤولين المحليين، مما يوضح جرأة التنظيم المتزايدة وقدراته العملياتية.
تحرك عبر ضفتي الفرات
في هذا السياق، يقول رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تعافي "داعش" في سوريا أمر وارد، بل وبشكل قطعي، مضيفاً: "كتبنا كثيراً عن أن هناك من يحرك التنظيم عبر ضفتي الفرات، فقد بدأ شن عمليات وتصاعدت أنشطته بشكل كبير".
وأوضح "عبد الرحمن" عن تطور في غاية الخطورة، وهو أن هناك من يعد ويجهز لإرسال مقاتلين، وأن يفتح لهؤلاء الممر باتجاه مناطق شرق الفرات من البادية السورية، أي أن هناك من يستخدم تنظيم "داعش" بشكل كبير في إطار أجندة من هذا الطرف أو ذاك، حسب قوله.
وبالعودة إلى تحليل الكاتب تشارلز ليستر، يقول إنه لا ينبغي لأحد أن يفاجَأ من أن البيئة السورية توفر للتنظيم فرصًاً للبقاء، بل للتعافي، حيث تشير عملياته الأخيرة إلى تحول استراتيجي كبير، بشن هجمات أكثر جرأة وفتكاً، على نحو يعزز الروح المعنوية داخل صفوفه ويقوض، كذلك، ثقة خصومه.
التنظيم في العراق
وتطال مخاوف استعادة التنظيم لحياته العراق، كذلك، الذي منه انطلق وتحديداً من الموصل، إذ يقول التقرير إنه إذا حافظ التنظيم على زخمه في العمليات والترهيب والابتزاز والتهديدات، فإنه من المتوقع أن يتصاعد نفوذ التنظيم بشكل كبير، وهو النمط الذي ظهر عليه في البداية بالعراق ثم سوريا ابتداء من عام 2011، والتي تبعها تحقيق التنظيم كثيراً من المكاسب لاحقاً.
بدوره، يقول الدكتور غازي فيصل رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تعافي التنظيم بهذه الصورة، يشكل تحدياً خطيراً للأمن الإقليمي، على نحو يثبت أن الاستراتيجيات والسياسات التي قامت بها أطراف إقليمية لخلق الفوضى الأمنية، خصوصاً في العراق وسوريا، التي غذت انتشار الفصائل المسلحة الطائفية، بدورها غذت وجود التنظيم، والعراقيون يدفعون ثمن هذا الوضع.
وأضاف "غازي" أن هذه الحالة بالنسبة لنشاط "داعش"، تتطلب استمرار المواجهة مع التنظيم، سواء من قبل التحالف الدولي أو قوات سوريا الديمقراطية، وكل القوى المنخرطة في مواجهة الإرهاب والتنظيم، وأن تتواصل المواجهة دون توقف، لشل قدرات الدواعش مبكراً، خصوصاً أن هذه العناصر الإرهابية تعود مرة أخرى، ولديهم دوافع الانتقام لسقوط دولتهم التي أسسوها أو "دولة الخلافة" المزعومة، والحلم الذي عملوا من أجله.