مفاوضات روسيا وأمريكا في السعودية ودولة الاحتلال التركي.. الدوافع والدلالات

أثار اختيار ترامب، مدينة الرياض، للقاء الرئيس الروسي، علاوة على بدء مفاوضات دبلوماسية بين الجانبين في تركيا، تساؤلات كثيرة عما يجري ترتيبه لمنطقة الشرق الأوسط.

في 26 شباط الماضي استضافت اسطنبول لقاء بين دبلوماسيين روس وأمريكيين، بعد إجراء جولة من المفاوضات في المملكة العربية السعودية في 18 شباط الماضي، في إطار مناقشة خطة السلام وإنهاء حرب أوكرانيا فضلا عن مناقشة النفوذ الروسي في الشرق الأوسط ضمن استراتيجية ترامب الساعية إلى احتواء موسكو خلال الفترة المقبلة.

انحياز أمريكي    

عكست سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتصريحاته انحيازًا أمريكيًا لروسيا في مواجهة أوكرانيا، تجلى في رفض البيت الأبيض التصويت لقرار أعدته كييف والأوروبيون بمجلس الأمن –في وقت سابق- يدين الحرب الروسية في أوكرانيا، ما يُعد تغيّراً واضحاً في السياسة الأمريكية تجاه كييف التي مثلت حليفا أوروبيا أمريكيا، إلى جانب توجه الرئيس الأمريكي إلى اتباع نهج مغاير لمناهج الدبلوماسية الأمريكية التي دائما ما كانت تضع موسكو في موقف دون الند، وهو ما تخطاه ترامب حين أعلن بدء المفاوضات بين البيت الأبيض والكرملين على أرض محايدة بما يؤكد أن ترامب على قناعة بأن روسيا هي الند القوي للولايات المتحدة الأمريكية وهو ما كان يرفضه بايدن الذي دائما ما كان يؤكد على ضعف موسكو وترهل اقتصادها وقوتها العسكرية.

الأسباب والدلالات

لا يتوفر وصف.

الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ «الاتفاق مع روسيا سيكون له تداعيات مباشرة على عدة أطر، مثل حلف الناتو والدور الأمريكي في التسوية، خصوصًا في قضية أوكرانيا، مشددا على أن هذا الاتفاق قد يؤثر على بعض المواقع الاستراتيجية، بما في ذلك الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا جزئيًا، في استراتيجية فرض الأمر الواقع، وأوكرانيا، ومن خلال الرئيس الأوكراني، قد تعترض على التخلي عن الأراضي المحتلة رغم الضغوط الروسية والأمريكية المتزايدة«، فيما يؤكد مراقبون أن السعودية استطاعت خلال السنوات الماضية تثبيت مكانتها كلاعب رئيسي في الدبلوماسية الدولية من خلال التوسط بين روسيا وأوكرانيا، لتبادل الأسرى فضلا عن صفقة تبادل للسجناء أفرجت روسيا خلالها عن مواطن أمريكي، بعد سجنه لأكثر من ثلاث سنوات، وكان لولي العهد السعودي دور فعال في تلك الصفقة، كما استقبلت المملكة زيلينسكي وبوتين في مناسبات عدة، وسعت للتوصل إلى حل يفضي إلى سلام دائم بين البلدين، واستضافت لهذا الغرض اجتماعا في مدينة جدة لممثلي عدد من الدول.

إنّ اتباع ترامب لنهج جديد بشأن روسيا يثير العديد من التساؤلات حول الأسباب والدوافع وما تتطلع إليه الإدارة الأمريكية الجديدة من تلك الدبلوماسية الترامبية التي قد تؤدي إلى خسائر عسكرية وسياسية كبيرة للبيت الأبيض في عدة بقاع أبرزها القارة الأوروبية ويطرح أيضا تساؤلات عن مدى استعداد البيت الأبيض لخسارة حلفائه في القارة الأوروبية التي طالما كانت جزء رئيسا من استراتيجية أمريكية في آسيا أو الشرق الأوسط.

مشروع سياسي 

ويتزامن التعاطي الجديد مع أوروبا وروسيا بتعامل مغاير مع المملكة العربية السعودية ودولة الاحتلال التركي حيث أعلن ترامب أن الرياض ستستضيف لقائه ببوتين كما أن السعودية استضافت وفود دبلوماسية بين البلدين لإجراء مناقشات معمقة بشأن الملفات الخلافية أعقبها استكمالا للمباحثات في اسطنبول التركية وسط تحليلات أكدت أن استضافة السعودية للقاء بوتين وترامب يعود إلى سببين رئيسيين أولهما أن الدول الأوروبية لم تعد منطقة محايدة في القضية وإنما أصبحت طرفًا وحتى جينيف باتت طرفا،  لذلك عمد الرئيس الأمريكي إلى اختيار السعودية للقاء بوتين فضلا عن أن هناك مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق بوتين وقد تستغلها إحدى الدول الأوربية بما يسبب حرجا للرئيس الأمريكي، إلى جانب دعم الرئيس الأمريكي لمشروع الإسلام السياسي الذي تقوده السعودية ودولة الاحتلال التركي في المنطقة، تجلت مظاهره في الدعم السعودي التركي الأمريكي لهيئة تحرير الشام التي سيطرت على مقاليد الامور في سوريا بما يؤشر إلى أن تغير السياسة الأمريكية لم يعد يقتصر فقط على مبدأ إقرار السلام وإنما تبني مشروعات سياسية قد تتسبب في مزيد من تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط.

لا يتوفر وصف.

حسن بديع الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المصري قال في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «اختيار تركيا والسعودية كمرتكز للسياسة الأمريكية في مفاوضاتها مع الرئيس الروسي يأتي من واقع كون الدولتين هما المتحكمتين فيما يحدث على الأراضي السورية عقب هروب بشار الأسد وبزوغ مشروع جديد للإسلام السياسي في المنطقة ترعاه الدولتان تركيا والسعودية، وما يؤكد هذا الاتجاه هو زيارة  الجولاني لتركيا والسعودية وتعاون الدولتين مع الحكومة المؤقتة في ملفات حساسة أبرزها الملف الأمني والاستخباراتي بما يؤكد أن ترامب قد يراهن على مشروع جديد للإسلام السياسي تحت رعاية السعودية وتركيا».