إدانة وجود مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في سلطة دمشق

ادانت محاميات شمال وشرق سوريا ومجلس عدالة المرأة في مقاطعة الفرات وجود مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في سلطة دمشق.

أصدرت المحاميات في شمال وشرق سوريا بياناً إلى الرأي العام، رفضاً لمحاولة تلميع صورة متزعمي المجموعات المرتزقة الذين ارتكبوا جرائم قتل خارج نطاق القضاء ولعبوا دوراً في التهجير القسري للسوريين والاستيلاء على ممتلكاتهم، وظهورهم في دمشق.

وقرأ البيان المحامية حنان رشكو، عضوة مكتب المرأة في شمال وشرق سوريا، أمام منتزه مشوار في مدينة الحسكة بمقاطعة الجزيرة.

وأعلنت المحاميات في البيان رفضهن القاطع لوجود أي شخصيات متورطة في جرائم حرب ضمن المشهد السياسي والعسكري لدى سلطة دمشق. وأكدن أن من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء يجب أن يخضعوا للمحاسبة وفق القوانين الدولية، لأن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.

اغتيال هفرين خلف.. جريمة هزّت الضمير الإنساني

وذكر البيان أنه في 12 تشرين الأول 2019، صُدم العالم بجريمة اغتيال الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل، هفرين خلف، على يد متزعم مرتزقة "أحرار الشرقية"، المرتزق المدعو أحمد إحسان فياض الهايس (أبو حاتم شقرا)، بعدما اعترض سيارتها وقام بإعدامها ميدانياً مع سائقها ومرافقيها خلال هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته على مدينتي سري كانيه وكري سبي/تل أبيض عام 2019.

وقال البيان إن هذه الجريمة شكّلت انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، حيث مثلت جريمة حرب مكتملة الأركان، تجمع بين القتل خارج نطاق القضاء، والإهانة للكرامة الإنسانية، وانتهاك الحماية المقررة للمدنيين بموجب اتفاقيات جنيف.

وأضاف البيان: "منذ وقوع الجريمة، تتواصل الدعوات الدولية لمحاسبة مرتكبيها، لكن المجرمين لا يزالون خارج دائرة العدالة، بل يسعون للاندماج في المشهد السياسي والعسكري السوري".

مجرمون وتلطخت أياديهم بدماء السوريين

ولفت البيان أن وجود متزعمي مجموعات مرتزقة متورطين في جرائم حرب ضمن أي عملية سياسية، يُشكل خطراً على مستقبل سوريا، حيث أن الإفلات من العقاب يُشجّع على ارتكاب مزيد من الجرائم.

وذكر البيان أسماء متزعمي مجموعات مرتزقة يتحملون مسؤولية مباشرة عن الانتهاكات، ومنهم:

* المرتزق محمد الجاسم (أبو عمشة)، متزعم مرتزقة "السلطان سليمان شاه" المعروفة باسم (العمشات)، وأكد البيان أن هذ المرتزق متورط في التهجير القسري، ونهب الممتلكات، والاعتداءات ضد المدنيين، كما أدرج في قوائم العقوبات الدولية بسبب ارتكابه جرائم تعذيب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

* المرتزق أحمد إحسان فياض الهايس (أبو حاتم شقرا)، متزعم مرتزقة "أحرار الشرقية"، وهو المسؤول المباشر عن اغتيال هفرين خلف، إضافة إلى ارتكابه عمليات قتل خارج نطاق القانون وانتهاكات بحق المدنيين.

* المرتزق سيف بولاد (أبو بكر)، متزعم مرتزقة "الحمزات"، المتورط في الاختطاف، والتعذيب، والقتل في مناطق عدة في الشمال السوري. جرائمه تشمل التشريد القسري، وهو جزء من شبكة عنف لا تفرق بين مدنيين ومقاتلين.

الإطار القانوني لمحاسبة مرتكبي الجرائم

وأكد البيان إن ما ارتكبه هؤلاء المرتزقة من جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، يجب أن يحاسبوا عليها وفق القوانين الدولية والمحلية لا أن يكافئوا في مناصب قيادية لدى سلطة دمشق.

واعتمدت مطالبات محاميات شمال وشرق سوريا، في محاسبة هؤلاء القتلة خصوصاً فيما يتعلق بحادثة اغتيال الشهيدة هفرين خلف، على أسس قانونية راسخة في القانون الدولي، ومن أبرزها:

1.اتفاقيات جنيف (1949):

 -المادة 3 المشتركة من اتفاقيات جنيف، التي تنص على حماية المدنيين ومنع القتل العمد، بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء، والمعاملة الوحشية للمدنيين، ويعد إعدام الشهيدة هفرين خلف جريمة تتعارض مع هذا النص.

2.نظام روما الأساسي (1998):

- المادة 8 من نظام روما الأساسي، التي تجرم القتل العمد والإعدام الميداني كجرائم حرب ضد المدنيين. 

- المادة 7 من النظام نفسه تعترف بجرائم القتل غير المشروع والتعذيب والإخفاء القسري كجزء من الجرائم ضد الإنسانية، وهي الجرائم التي ارتكبت ضد العديد من السوريين، بما في ذلك الاغتيال السياسي لهفرين خلف.

3.القانون الدولي لحقوق الإنسان:

- المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية، وتعترف بأن لكل فرد الحق في العيش بسلام، وهو ما انتهكه متزعمو هذه المجموعات المرتزقة في الشمال السوري المدرجة أسماؤهم أعلاه.

4.قرارات العقوبات الدولية:

- إدراج العديد من متزعمي المرتزقة في قوائم العقوبات الأمريكية والدولية بسبب تواطؤهم في الجرائم، بما في ذلك تلك التي ارتكبت بحق المدنيين في عفرين ورأس العين/سري كانيه، من بينهم المرتزقان محمد الجاسم (أبو عمشة) وأحمد إحسان فياض الهايس (أبو حاتم شقرا).

مطالب عاجلة لتحقيق العدالة

وانطلاقاً من هذه الحقائق، طالبت محاميات شمال وشرق سوريا الجهات الحقوقية المحلية والدولية بما يلي:

- استبعاد الشخصيات المتورطة في جرائم حرب من أي عملية سياسية أو عسكرية مستقبلية في سوريا، لأن وجودهم يُقوّض فرص تحقيق السلام والاستقرار.

- فتح تحقيقات دولية مستقلة ومحاسبة المتورطين في هذه الجرائم، وفق إجراءات قانونية شفافة وعادلة.

- تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، بمن فيهم عائلة الشهيدة هفرين خلف، من خلال تقديم الجناة للمحاكم المختصة.

- ضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لتحقيق سلام مستدام في سوريا.

لا عدالة بدون محاسبة

وأوضحت المحاميات في ختام بيانهن، إن مستقبل سوريا لا يمكن أن يُبنى في ظل وجود مجرمين في مواقع السلطة، إذ أن التسامح مع مرتكبي جرائم الحرب يعني إعادة إنتاج العنف والانتهاكات. ولذلك، أكدن أن العدالة والمساءلة هما الأساس لسوريا حرة وآمنة، حيث يجب أن تُنفّذ القوانين على الجميع دون استثناء، لأن حقوق الضحايا لا تُشترى ولا تُباع، ولا يمكن التفاوض عليها.

كذلك، ندد مجلس عدالة المرأة في مقاطعة الفرات، بوجود قتلة هفرين خلف في المؤتمر الذي انعقد بدمشق، الأربعاء.

وطالب المجلس، في بيان أُدلي به اليوم في مدينة كوباني، قرأته القاضية في ديوان العدالة فلك مصطفى، بحضور عشرات الحقوقيات وعضوات مجلسي عدالة المرأة والعدالة الاجتماعية، المنظمات الإنسانية والنسوية ومنظمات حقوق الإنسان بتحمل مسؤولياتهم ومحاسبة المرتزق "حاتم أبو شقرا" وفق القوانين الدولية، كونه ارتكب جرائم حرب.

وعاهد المجلس بأنه "سنعمل جاهدين لإيصال رسالة الشهيدة هفرين خلف، الهادفة لتحقيق السلام وبسطه على كامل جغرافية سوريا".