مع بداية العقد الأول من قرن الواحد والعشرين حدثت تغيرات وتطورات كبيرة كانت لها وقع كبير على مجريات الأحداث عالميا واقليميا، في الشرق الأوسط ومع بداية العقد الثاني بدأت موجة غضب عارمة تجتاح العديد من الدول وتهدد انظمتها الاستبدادية، هذه الموجات تطورت واخذت طابع انتفاضة وثورات شعبية طالبت بتغيير الواقع المأساوي لشعوب المنطقة ولكنها اصطدمت بعنجهية السلطة الاستبدادية التي عملت كل ما بإمكانها لكي تقف المد الثوري والالتفاف عليها واجهاض التجربة.
في سوريا ومع بداية عام ٢٠١١ ظهرت ملامح ثورة شعبية في الأفق، إلا أن الوضع كان ولايزال مختلفاً في سوريا عن غيرها من الدول ولاسيما بسبب تسلط الحركات والمنظمات السلفية والجهادية والارهابية المدعومة تركيا على الحراك الشعبي وانتزاعهم للمبادرة من الشعوب.
في روجافا وشمال وشرق سوريا عمل الشعب على تكوين إدارته الخاصة بإمكانياته المتاحة والى جانب ذلك وضعوا نظاماً للحماية والدفاع للحفاظ على أمن المنطقة من كل المحاولات الارهابية الهادف للتمديد باتجاه مدن روج آفا الآمنة، ومع الايام تبلورت هذه الوحدات وأعلنت عن نفسها كوحدات للمقاومة واستطاعت الدفاع عن المنطقة بكل جدارة، كان لوجود وحدات حماية المرأة ال YPJ اثراً بالغاً في حماية المنطقة والمساهمة بتأسيس ادارة مدنية ديمقراطية لإدارة شؤون المنطقة، حيث أن وجود مثل هذه الوحدات أعطت دفعاً معنوياً كبيراً لشعوب المنطقة بشكل عام و بالأخص منحت للمرأة الثقة و الاصرار و المطالبة بحقوقها و التمسك بإرادتها كونها كان البرهان على الاختلاف في الذهنية والايديولوجية عن بقية الانظمة والحركات المتصارعة على الارض السورية.
مثلما ذكرتُ سابقاً عن اهمية وجود هذه القوات في حماية المنطقة، فإننا نؤكد على أن وجود هذه القوات في إطار قوات سوريا الديمقراطية هي ضرورة تفرض نفسها لحماية المنطقة ومكتسباتها، فقد أثبتت هذه الوحدات جدارتها في التصدي للإرهاب والعدوان الخارجي بشكل عام، وقاتلت بروح فدائية وبطولية في كوباني وعفرين ودير الزور والرقة وعموم شمال وشرق سوريا وتصدت لبربرية الدولة التركية في عدوانها المستمر على المنطقة وهمجية وارهاب داعش والقوى الظلامية.
لذا نؤكد ونرى ان وجودها وبقائها حالة ضرورية ويجب أن تبقى وان يتم دعمها بكافة الإمكانيات المتاحة، وهذا الشيء يتطلب ليس فقط منا كإدارة ذاتية لشمال وشرق سوريا، بل مطلوب من كل العالم الحر وبشكل خاص من كافة النساء ان تساند هذه الوحدات وتضمن استمراريتها، كون التضحيات التي قدمتها هذه الوحدات كان في سبيل بناء عالم حر والتصدي لخطر الارهاب الداعشي الذي هدد الامن والسلم العالميين.
لقد كان لتشكيل وحدات حماية المرأة وتنظيم المرأة في إطار المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة والمجتمع في روج آفا أثراً بالغاً على النساء الاحرار في العالم، فقد كانت هذه التجربة فريدة من نوعها الى حد بعيد، ففي وقت يتراجع فيها جيوش عملاقة وتتقهقر امام عنجهية وإرهاب داعش، كانت المرأة ضمن تنظيم وحدات حماية المرأة تتصدى لإرهاب داعش وتهزمهم بكل عزيمة وإصرار، لذا فقد شكلت هذه الحالة فسحة أمل كبيرة لدى جميع النساء المضطهدات في الشرق الأوسط والعالم أجمع، فهي كانت بمثابة رسالة عميقة للعالم مفادها ان المرأة بإمكانها لعب دورها في حماية المجتمع والشعب وان الثورة التي لا تنظم نفسها على اساس المساواة والعدالة سيكون مصيرها الفشل والزوال، لذا فإنه بإمكاننا القول ان تشكيل وحدات حماية المرأة كانت ولاتزال رسالة للعالم اجمع على ضرورة تحرر المجتمع والمرأة من سطوة الذهنية الذكورية وافساح المجال للمرأة للمشاركة الحرة والفعالة في جميع مجالات الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وحتى العسكرية.
منذ عام ٢٠١١ ولغاية الآن مرت المنطقة بتغيرات كبيرة اثرت في الخارطة السياسية والثقافية والاجتماعية والعسكرية للمنطقة، فلقد شهدت المنطقة تحولات كبيرة واندلاع معارك وحروب طاحنة راح ضحيتها الآلاف من الأشخاص، عسكريين ومدنيين.
في منطقتنا (روجافا ـ شمال وشرق سوريا) فإننا نواجه تهديدات كثيرة وتحديات كبيرة ليست بجديدة فهي مستمرة علينا منذ ٢٠١٢ وبالأخص مع اجتياح عصابات جبهة النصرة لسرى كانيه والى غاية اليوم، لقد كنا وعدنا شعبنا بأننا سنبقى لحمايتهم بالتكاتف معهم ومع قواتنا العسكرية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية ومن ضمنها وحدات حماية المرأة، ونحن سنبقى على عهدنا هذا وسنعمل كل ما بإمكاننا لمواجهة هذه التحديات والتهديدات سواءً بالسبل السياسية والدبلوماسية او العسكرية، ولن نفرط بمكتسبات شعبنا وسنبقى أوفياء لكل قطرة دم سالت على هذه الارض الطاهرة، نحن واثقون من شجاعة قواتنا وبسالتهم وسنبقى الى جانبهم لمواجهة اي تهديد كان.