مؤامرة دولية انتهت تفاصيلها في إمرالي.. القائد أوجلان 26 عاما من النضال

بعد مرور 26 عاما على المؤامرة الدولية التي تعرضت لها الشعب الكردي وانتهت تفاصيلها في سجن إمرالي، لازال القائد أوجلان يمثل رمزاً للأمل وحب الحياة، ورغم محاولات طمس الهوية والتعتيم على القضية ضمن مؤامرة دولية مستمرة تلتقي أطرافها على طاولة المصالح.

بين جدران الأسْر الباهتة، عادة ما تُغتال تفاصيل الحياة وسط عتمة كئيبة تقتل الأمل، وتبعث في النفس خوفا يُرِجِف القلب في الأحشاء، يضرب السكون أركان الزنزانة مُفرغا طاقته اليائسة ومبشرا باستمرار المؤامرة، يحاول جاهدا كسر إرادة بطل وقائد لم يستسلم لحال العدم، بعد ربع قرن من السجن، خلق من تلك الزنزانة الكئيبة عالما رحبا يجول في أروقته ساعات طويلة كلما طالت لحظات استيقاظه، امتدت تلك الجدران الأربع لمئات الكيلومترات بأمله وحبه للحياة وإيمانه بقضية شعبه التي طالما ناضل من أجلها، يأنْس بقلمه وأوراقه التي صارت شمساً متوهجة تنير الطريق للحالمين بالحرية والباحثين عن الحق في الحياة وتقض مضاجع الكبار الذين يكرهون الحريات ويبغضون الحق والسلام.

ستظل القضية الكردية وسيبقى حلم الشعوب في حق تقرير المصير قائما تحت قيادة القائد عبدالله أوجلان الذي اختطف واعتقل وفق مؤامرة دولية شاركت فيها دول كبرى رأت في مشروعه الفكري السياسي «مانيفستو الحضارة الديمقراطية»، عهدا جديدا للإنسانية يحترم البشر ويمهد لحقبة جديدة من السلام والإخاء والازدهار الاقتصادي، وهو ما يمثل تهديد مباشرا لمصالح القوى العظمى، فلا يتوافق فكر القائد مع براغماتية السياسة الدولية التي قتلت الهنود الحمر وعذبت الأرمن وأبادت اليهود وحاليا تباشر إبادة ممنهجة للشعب الفلسطيني تزامنا مع جرائم إبادة للاحتلال التركي في إقليم شمال وشرق سوريا. 

 في ظل المقاربات الراهنة، يرقب العالم تفاصيل مفاوضات وفد إمرالي، خاصة بعد طرح القائد أوجلان رؤية لحل الخلاف بين شعبه ودولة الاحتلال التركي معلنا عن الكثير من التنازلات التي تؤكد حرص الشعوب الكردية وقائدها على إقرار السلام والتوقف عن إسالة الدماء ومنح الحرية للشعوب وفقا للحق الإلهي الذي وعد الله به خلقه، وهو ما يستوجب وجود دعم دولي وعربي لتلك المفاوضات والتشديد على بدء حوار جاد بين القائد ودولة الاحتلال التركي لخلق فرصة للتسوية وإنهاء هذا الصراع الذي طال لعقود ودفعت ثمنه الشعوب الكردية من حريتها ومستقبلها ودماء شهدائها والتآمر على قادتهم بما يعزز حق الشعب الكردي في حق تقرير المصير.

لا يتوفر وصف.

الدكتور رائد المصري المحلل السياسي، أكد في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»،  أنّ «التقاطعات الإقليمية والدولية أسهمت قبل 26 عاما أسهمت في منح تركيا مظلة حماية دولية لاعتقال القائد أوجلان وإيداعه إمرالي، ولم تستطع سوريا الدفاع عنه بسبب الأوضاع حينها والتفرد الأمريكي بصناعة القرار الدولي كما أن القضية الكردية لم يكن صداها قوى على مستوى العالم وخاصة في أوروبا وبين المنظمات الأممية المعنية بحقوق الإنسان، وإحجام المجتمع لولي عن تتأمين حقوق الشعوب الكردية في كل البقاع لينتهي الأمر باعتقال القائد أوجلان من قبل دولة الاحتلال التركي»، ومؤخراً نجح الشعب الكردي عبر حراكه الثقافي في ظل ثورة الاتصالات التي اجتاحت العالم في إيصال الصورة لجميع شعب العالم التي بدأت تتعاطف مع قضية الشعوب الكدية من خلال فعاليات ثقافية وسياسية في العديد من لدول في محاولة للضغط على قادة الدول التي تلتقي مصالحها مع مصالح دولة الاحتلال التركي ومن ثم تغض الطرف عن حقوق الشعوب الكردية وجريمة استمرار اعتقال القائد عبدالله أوجلان.   

لا يتوفر وصف.

فيما رأى محمد علوش، عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ نضال الشعوب الكردية أقدم من القضية الفلسطينية التي يتحدث عنها كل العالم وصارت ملء السمع والبصر، ورغم ما طال تلك الشعوب من غبن إلا أن نضالهم لا يزال حبيس المصالح الدولية التي تلتقي مع مصالح المستعمر أيا كانت صفته وشكله، وأطالب كل أحرار العالم بدعم نضال الشعوب الكردية وإعلان تضامنهم مع حقوقهم المشروعة كأمة متجذرة في التاريخ تسعى نحو انتزاع حق تقرير المصير عبر عقود طويلة من النضال».

ويذكر أن القائد أوجلان هو أول نزيل في سجن جزيرة إمرالي، وهو المعتقل الوحيد فيه، ويحتوي السجن على زنزانة واحدة لنزيل واحد فقط، على أساس مبدأ العزلة داخل العزلة بشكل مشدد لا هوادة فيه، تضمن منع ذويه ومحاميه من مقابلته أو الاتصال به، حتى أن اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب في أغسطس/ آب 2020 وصفت وضع  القائد أوجلان بأنه شكل من أشكال الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وحثت السلطات التركية على إنهاء هذا الوضع في أقرب وقت ممكن، ولكن اللافت في هذه المؤامرة أن عددا من الدول ذات الأيديولوجيات المتباينة، اجتمعت وتصالحت فيما يخص حياكة هذه المؤامرة وتنفيذها للإيقاع بالقائد أوجلان وحصاره واختطافه.