"الثورة خلقت أدب الحداثة الديمقراطية"

أعادت ثورة روج آفا خلق الأدب من جديد؛ حيث تم تقديم المؤلفات التي تُزيد من معرفة المجتمع بثروة التعددية اللغوية للشعب، وأصبح معرض الشهيد هركول للكتب رمزاً قوياً لهذا التغيير.

أصبحت شرارة الثورة التي اندلعت في 2012 في كوباني سبب لتضع ثورة روج آفا بصمتها على التاريخ، إن هذه الثورة أبعد من النضال العسكري والسياسي، كانت مرحلة السبب لنمو الأدب، الفن والفكر من جديد، فقد تم قمع حرية التعبير خلال حكم النظام البعثي، لم يكن يستطيع الكاتب تحديد أفكاره والتعبير عنها بحرية أو إنه كان يعاني كثيراً في ذلك، وقد تم إنكار وقمع اللغات الثرية للشعوب وفرض اللغة العربية كلغة رسمية، ويتم حظر ومنع مؤلفات ونتاج الكتاب الذين تكون مؤلفاتهم ونتاجهم باللغة العربية ولكنها لا تتوافق مع إيديولوجية وفكر النظام البعثي؛ وفي الوقت ذاته يتم حرقها، جمعها او مصادرتها ويتم إسكاتها بهذا الشكل، ومنعت هذه الفترة المظلمة خلق الإبداع والفن وهددت على مستوى جدي حرية الفكر للإنسان، ولكن كسرت ثورة روج آفا هذا التحكم والقمع الممارس على مدار أعوام طويلة، وأحيّت مفهوم أدبي جديد، عالم ثري للفكر ومعرفة اجتماعية، فقد ولد أسلوب تعبير متعدد اللغات والثقافات مع الثورة وجهزت أساس لإعادة إحياء اللغة وقصص الشعوب، وأصبحت الكتابات، الشعر والمؤلفات رمز المساندة، المقاومة والأمل، وأصبح يستطيع الكاتب كتابة الحقائق الاجتماعية، النضال والأحلام دون البقاء تحت خوف أو ضغوطات، عن الأدب الجديد الذي خُلق في روج آفا والذي هو تعبير غني لثقافة واسعة، وضع الإنسانية والذاكرة الاجتماعية، حيث يجمع هذا الأدب المعاناة التاريخية، القصص البطولية والبحث عن الحرية وتضم دعوة عالمية أيضاً، ونرى تأثير هذه الدعوات أيضاً في معرض الشهيد هركول للكتاب.

تم تقديم 143 ألف كتاب للقرّاء

انطلق معرض الشهيد هركول للكتب للمرة الأولى في 20 تموز عام 2017، وأصبح هذا المعرض مكان للقاء محبي الأدب، ويفتتح اليوم أبوابها للمرة الثامنة، وبدأ المعرض في 15 تشرين الأول تحت شعار " لنجعل القراءة أسلوب حياة " بعد أربعة أِشهر من التحضير له، وشاركت 54 دار نشر ومؤسسة أدبية بأكثر من 15 ألف كتاب وتم التقديم بشكل عام 143 ألف كتاب للقرّاء، اجتمع العديد من الناشرين والكتّاب من شمال، جنوب وشرق كردستان، سوريا، لبنان، العراق، بلجيكا، إنكلترا، مصر، الكويت والإمارات العربية المتحدة في هذا المهرجان الأدبي الحيوي، واستضاف أرض المعرض ثروة متعددة للغات مثل الكردية (الكرمانجية والصورانية)، العربية، التركية، الإنكليزية، الروسية، الفرنسية، السريانية، الأرمنية والألمانية، ووضعت كتب كالقصص، الروايات، الأشعار، المغامرات، المسرحات، الأبحاث، الفلسفة، العلوم الاجتماعية، السياسة، الفكرية، التاريخية، لغة، قواعد، قواميس، كتب أطفال والعديد من المؤلفات المختلفة الأخرى على الرفوف.

ازدياد المؤلفات الكردية

كانت ما يقارب نصف الكتب الموجودة على الرفوف التي تم تقديمها باللغة الكردية؛ كما يمكن القول إنه تم كتابة نصفها في شمال وشرق سوريا وهذا يسلط الضوء على الإنتاجية الثقافية للمنطقة، وكانت لمؤلفات ونتاج النساء الكاتبات مكانة خاصة في المعرض؛ فقط تم تقديم 25% من الكتب للكاتبات، وقد لفت هذا الانتباه إلى أهمية المرأة بالنسبة للأدب، يظهر تمثيل الكاتبات وزيادة الأعمال المكتوبة باللغة الكردية بالمقارنة مع السنوات السابقة أن روج آفا ووضعها الأدبي من حولها قد تطور بشكل ديناميكي، وكان لكتب القائد آبو الذي يحمل عنوان الحضارة: الآلهة المقنعة وعصر الملوك المخفية، الحضارة الرأسمالية: الآلهة الغير المقنعة وعصر الملوك العُراة، سيسيولوجيا الحرية، الأزمة الحضارية وحل الحضارة الديمقراطية وحل الامة الديمقراطية في الشرق الأوسط: دفاع الكرد بخمسة أقسام خلال الإبادة الثقافية، مكانة مهمة في المعرض.

الإشارة للمقاومة في مؤلفات النساء

وجعل دار النشر التابعة لأكاديمية جنولوجي الصوت القوي للكاتبات يكتسب بشكل مستمر تأثيراً مثيراً للاهتمام من خلال الأدب، وتظهر بقوة في هذا السياق أعمال زوزان سيما التي تحمل عنوان "مذكرات دروس جنولوجي"، ومؤلفة لناكيهان آكارسال التي تحمل عنوان " الرماد (Xwelî) "، و"مقاومة زاريان" لروجبين دنيز والعديد من الأعمال الأخرى، شهادات النساء ونضالاتهن وعالم خيالهن، وتعبر هذه المؤلفات التي كتبتها الكاتبات عن ذاكرة اجتماعية، مقاومة، ويحتوي كل كتاب عناصر مهمة للتغيير الاجتماعي، نضال الحرية والمساواة بين الجنسين، وتُظهر هذه الأعمال التي تبلورت بمعنى الجنولوجي على وجه الخصوص دور المرأة في المجتمع ورسالتها التاريخية وإمكاناتها المستقبلية وتظهر أنه يمكن أن يكون الأدب في الواقع أداة للنضال، وأصبحت هذه النتاجات التي اتحدت بفلسفة عميقة لـ " الرماد (Xwelî) " والسرد الملفت لـ " مقاومة زريان " مساهمة لتعزيز صورة كافة النساء، كما وحققت مجلة " أفق النساء (Asoya Jinan) " الموسمية مكانة مهمة في الرفوف وقدمت منصة قوية لصوت، آراء ومذاكرات النساء، حيث تقيم " أفق النساء (Asoya Jinan) " مختلف المواضيع وتظهر آراء ونضال النساء.

أخذت مؤسسة اللغة الكردية أيضاً بـ 11 منتج مكانها في المعرض

انضمت مؤسسة اللغة الكردية للمرة الأولى بتقديمها 11 مؤلفة ومنتج في معرض الشهيد هركول للكتب، ولعبت دوراً مهماً من ناحية التعزيز الثقافي والأكاديمي، جهود معهد اللغة الكردية لتطوير لغة وأدب الثورة المتعلقة بالتنمية اللغوية لعقلية المجتمع، من خلال اللغة والهدف من نقل القيم الاجتماعية في تنمية اللغة الكردية الأدب والذي يؤدي إلى اهتمام كبير من قبل القراء، كما إن مشاركة مؤسسة اللغة الكردية في المعرض مهم جداً من ناحية التعريف باللغة والثقافة الكردية.

أيضاً حظي قسم الأطفال باهتمام كبير

تم فتح قسم خاص للأطفال في المعرض بهدف تنشئة جيل جديد متعلق بالأسس الصحيحة وتضمن القسم مجلات، رسوم كاريكاتورية وقصص، جذبت المنتجات التي تركز على قضايا مثل الحياة الجماعية، السلام، العدالة، الديمقراطية والمساواة انتباه الأطفال، ولذلك أبدى الأطفال اهتماماً كبيراً بالمعرض، كما وتمركزت الرسوم الكاريكاتورية في قسم الأطفال.

تم تعزيز الأفكار بالمحاضرات والخطط

أصبح معرض الشهيد هركول للكتب في الوقت ذاته عدا إنه منصة تقدم المنتجات والمؤلفات، مركزاً للنقاشات الثرية المتعلقة بالأدب، محاضرات كـ؛ "أدب غرب كردستان والنقد الأدبي"، "المرحلة الجديدة من الرواية السورية وتأثير الحرب"، "تاريخ الأدب الكردي" فرصة عظيمة للمشاركين في المعرض للتركيز على مجالات مختلفة من الأدب ومناقشتها وتطوير ذاتهم، لا يركز الكتّاب والقراء على عملية إنشاء الأعمال الأدبية فحسب في هذه المحاضرات بل تركز في الوقت ذاته على العلاقات الاجتماعية التاريخية أيضاً وإجراء نقاشات في ذلك الإطار، كما تم عقد ندوة حوارية بعنوان "الحالة، الآراء والأجيال الجديدة"، وأيضاً تم إجراء نقاش حول مستقبل الأدب في هذه الندوة، وهو أمر مهم لتطوير الأدب، تعتبر المناقشات الفعاليات المختلفة في هذا المعرض حملات مهمة في تطوير الأدب وإثراء عالم فكر المشاركين.

وسيستمر معرض الشهيد هركول للكتب لغاية 22 تشرين الأول، ويتم تنظيمها منذ عام 2017 بشكل سنوي استذكاراً للكاتب الثوري الشهيد هركول ( حسين جاويش (.