البدو الرُّحّل ...عاداتهم وتقاليدهم

البدو هم سكان البادية الرعاة الرُّحّل، يمارسون الهويات الأصيلة المتوارثة، ويتنقّلون في سوريا وشبه الجزيرة العربية بحثاً عن المياه والكلأ، منهم من فضّل الاستقرار نتيجة الحروب والصرعات، ويحافظون على عادات وتقاليد الأسلاف وتعليمها لأبنائهم رغم الحداثة.

وخلال التقرير، سيتم التعرف على البدو الرُّحّل وما هي العوامل التي منعتهم من الترحال، وتفاصيل أوسع عن كيفية حفاظهم على عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم التي لازالوا يحافظون عليها منذ مئات السنين.

من هم البدو

يعود تاريخ البدو إلى مناطق شبه الجزيرة العربية وعرفوا بالتنقل الدائم ما بين شبه الجزيرة وبلاد الشام بشكل عام، فأينما وجد الماء والكلأ، وُجِدَ البدو، حيث أنهم يسكنون في الأراضي السورية منذ آلاف السنين.

استقر البدو في البادية السورية التي تمتد من جنوب سوريا وصولاً إلى الحدود الشمالية القريبة من الحدود التركية على طول الشريط الحدودي مع العراق.

كما عرفوا بأنهم تجمعات سكانية تقسم إلى قبائل وعشائر من أهمها شمر وعنزة والتي يعود موطنهم الاساسي إلى شبه الجزيرة العربية، وتفرعت منها لاحقاً عشرات القبائل والعشائر.

أين يفضّلون العيش

يفضل البدوي العيش في خيمة تراثية، والتي لها خصوصية كبيرة ارتبطت بهم نتيجة طبيعتهم التي تعتمد على الترحال الدائم، تلك الخصائص والسمات ميّزت البدو عن غيرهم، وخاصة تمسكهم بالعادات والتقاليد ورفضهم للتمدن وعشقهم للصحراء.

ما يميز البدو عن غيرهم

لحياة البدوي طابع مميز، حيث يتأقلم مع البيئة الصحراوية من تأمين الغذاء والحماية وممارسة الهوايات التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم.

وتتقاسم الأعمال اليومية في البادية بين الرجل والمرأة من تربية المواشي ولا سيما الإبل والأغنام التي يعتمدون عليها بشكل أساسي في تأمين قوتهم اليومي، ودخلهم المادي من خلال التجارة بالمواشي ومنتجاتها، فيما يلجأ بعضهم إلى المقايضة لكسب بعض الأغذية الأساسية.

كما يقوم البدوي على تعليم أطفاله العادات والتقاليد وأنماط الحياة البدوية من صناعة القهوة العربية والفروسية والصيد التي تُعتبر من التراث البدوي العريق، ولازالوا يحافظون عليها حتى يومنا هذا.  

بعد أن يستقر البدوي في بقعة جغرافية ملائمة، يعتمد على الزراعة لتلبية احتياجاته، فيما تطوّرت إلى زراعة المحاصيل كالقمح والشعير، والخضروات، بحسب كل موسم.

الحفاظ على تراث الأسلاف

تمسك البدو بالعادات والتقاليد التي توارثوها عن اسلافهم، ويرفضون التخلي عنها، ويصرون على تعلمها وتعليمها، لإيصالها لأبنائهم للحيلولة دون اندثارها.

وتأتي بالدرجة الأولى طقوس الحياة البدوية، ألا وهي القهوة العربية بطرق إعدادها وتحضيرها، وطريقة تقديمها للضيف، وما تشمله من آداب وقواعد على الضيف والمستضيف اتباعها لإرضاء الطرفين، حيث عند شرب القهوة على الضيف أن يهز الفنجان عن الاكتفاء، وإذا رفع الفنجان فهذه علامة بأنه لم يكتفي.

وتأتي الفروسية وتربية الخيول العربية الأصيلة والسباقات في الدرجة الثانية لدى البدو، فهم يتسابقون على امتلاك أجود أنواع الخيول وترويضها والتفاخر بها، ويعتمدونها كمصدر للتكاثر والانتشار، وجني الدخل المادي منها.

ويُعتبر الصيد من أفضل هوايات البدوي، حيث تتنوع بين صيد الطيور والأرانب والغزلان، ولكل منها موسم معين ومكان انتشار، وتستمر رحلة الصيد ما يقارب العشرة الأيام، بحسب القوت الذي يحصل عليه من الصيد.

طقوس وسمات البدوي

وللبدو طقوس مميزة في الزواج والاعراس التي يشارك بها جميع أبناء العشيرة بنمط غنائي مميز يعرف ب "الدحة" التي لايزالون يحافظون عليها منذ آلاف السنين من حيث طراز الغناء والرقص على أنغامها.

تعتبر السهرات والاجتماعات اليومية عند كبير العشيرة أو القبيلة، إحدى طقوس الحياة عند البدو، حيث يتم النقاش عن أحوال العشيرة، وحل بعض المشاكل العالقة، بالإضافة إلى سرد القصص والحكايات، وإلقاء الشعر والقصائد الغنائية على واقع العزف على آلة الربابة.

حسن الضيافة وإغاثة الملهوف وقضاء حوائجهم من أهم سمات البدو والتي لازالوا يحافظون عليها رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها، ومتعارف عن البدو بحسن الجوار مع جميع المكونات وشعوب المنطقة الذين يشهدون لهم بذلك.

تفعيل الحدود كبح هجرة البدوي

في الآونة الأخيرة المتمددة لمئة عام فضّل البدو وخاصة في سوريا الاستقرار والعيش في القرى، وبعضهم فضّل المدينة، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها سياسية، كتفعيل الحدود، حيث أصبحت فكرة الترحال الدائم صعبة جداً، وتخضع لقواعد وضعتها الأنظمة الحاكمة لتلك الدول، وهي التي لا يفضلها البدوي الذي يعشق الحرية، وحاولت الأنظمة حث البدو على الاستقرار لتتمكن من ضبطهم وتنظيمهم وخاصة من الناحية التعليمة والصحية.

التمسك بالعادات والتقاليد رغم الحداثة

رغم الحداثة، واستقرار البدو في المدن والأرياف، يستمر البدو بالتمسك بالعادات والتقاليد التي تربوا عليها، حيث يعملون على بناء بيوتهم من الإسمنت والطين على شكل خيمة، بعد انتقالهم إلى القرى، انتقلت الاجتماعات وحل القضايا ورواية الشعر من خيمة شيخ العشيرة إلى "الأوضة"، أو كما يسميها البدوي "الربعة"، وتعتبر بمثابة غرفة شيخ العشيرة أو القبيلة، وتضم "الأوضة"، والتي تتكون من اثلاث مربعة شبيهة بداخل الخيمة، بالإضافة إلى مكان صنع القهوة، بالإضافة إلى تربية الخيول والإبل، والحفاظ على اللباس البدوي الأصيل لكافة أفراد القبيلة والعشيرة، فضلاً عن اللهجة البدوية التي تعتبر أكثر اللهجات القريبة للعربية الفصحى.

حياة البادية أو البدوية من أجمل أنماط الحياة في سوريا، حيث امتزج فيها عدة ثقافات ومكونات مجاورة، ورفض للتطور السريع او التحضر.

الصحراء والبادية الموطن الذي لا ينسى لديهم وصفات الكرم والمروءة والشجاعة لا يتخلون عنها هذا مختصر الانسان البدوي الذي تحدثنا عنه ولم نستطع جمع كامل تفاصيل هذه الشريحة الاساسية والمهمة وذات التاريخ العريق في نسيج المجتمع السوري.

وبدوره، تحدث محمد النايف الذي يعيش بجوار البدو منذ عشرات السنين بالقول: "نسكن مع البدو ونجاورهم منذ القدم، في مناطق السخنة والمربعة والحميمة وموينع، وإننا نشهد لهم بحسن الجوار".

واختتم محمد النايف حديثه بالقول": "البدو يقدّرون حسن  الجوار، نعيش سوياً كعائلة واحدة، ليس لديهم  تمييز، نترافق معهم أينما نتجه، ليس لديهم تفرقة ويحبون جيرانهم".