يدخل خليل سرحان، وهو حداد في الرقة، قطعة معدنية من الحديد المقسى (الفولاذ) في فرن حراري بدائي حتى تتحول لونها إلى الأحمر، ليقوم مع عاملين معه وطرقها بمطارق ثقيلة بمجهود عالي؛ لتتحول إلى شكل فأس ومنجل وأدوات زراعية عدة ومستلزمات الصيانة.
وأمضى "سرحان" بمهنة الحدادة منذ أكثر من عقدين من عمره في ورشة للحدادة في شارع القوتلي الواقع شرق مدينة الرقة، وحبه للمهنة جعله يواظب عليها منذ الصغر، وما يزال المحل قائم منذ 80 عاماً.
ويعتبر شارع القوتلي من أقدام الأسواق الشعبية في مدينة الرقة، حيث يحتوي على محل وورش للمهن القديمة مثل ورشات الصباغة ودباغة جلود الأغنام وورشات النجارة العربية ومحل لصناعة وصيانة وبيع الأدوات النحاسية وتصنيع البسط الفراتية، وبيع الألبان والأجبان والطب العربي، واللباس التراثي الخاص بالمنطقة.
نحو الاندثار
وحذر "سرحان" من خطر اندثار مهنة الحدادة العربية، نتيجة الإقبال الضعيف وانخفاض أجور اليد العاملة وانخفاض قيمة الأدوات اليدوية مقابل الأدوات الجاهزة "المستوردة" فضلاً عن الجهد الكبير التي تحتاجه المهنة.
ويقول "سرحان" إن خروج معمل السكر، الواقع شمال مدينة الرقة، عن الخدمة عكّس بشكل سلبي على الحركة الشرائية للأدوات الزراعية، حيث كان يعمل فيها فئة كبيرة من المزارعين والعاملين في أرياف المدينة، والذين كانوا يقتنون أدواتهم الزراعية من صنع الصناعة اليدوية.
كيف تُصنع
يستخدم الحداد الفحم الحجري لإشعال الفرن، وبعد الوصول الفرن إلى درجة حرارة معينة يتم وضع القطعة المعدنية المراد تصنعيها في الفرن لتصل إلى حرارة يسمح لها بأعاده تشكيلها عبر المطارق التي تنهال عليها بوساطة خبراء المهنة.
وقال، خليل سرحان "يعتمد العمل في الورشة على تسخين القطعة المعدنية المراد تصنيعها؛ لتصبح قابلة للطي أو الثقب، لتحول المطارق لأداة صالحة للاستخدام".
وبيّن "سرحان" إن أسعار القطع التي يصنعها الحداد في ورشته مختلفة بحسب نوعها ووزنها، لكنها تبقى أقل سعراً من القطع المستوردة والتي غالباً ما تسعر بالدولار الأميركي.