شهدت موريتانيا انتخابات جديدة حاسمة وسط متغيرات تشهدها منطقة غرب أفريقيا من انقلابات عسكرية، لتأتي بعهد جديد للرئيس محمد ولد الغزواني، مما يثير التساؤلات عن ماذا سيقدم الرئيس في ولايته الثانية وكيف سيواجه التحديات التي تشهدها المنطقة.
كشف محمد ولد يحي رئيس المجلس الأعلى للشباب السابق في موريتانيا، أن الرئيس المنتهية ولايته محمد الشيخ الغزواني نجح في الفوز في الانتخابات الأخيرة، وذلك لأنه كان الخيار الأكثر أماناً والمساعد على الاستقرار في منطقة ملتهبة تشهد انقلابات عسكرية وأعمال ارهابية وتدخلات أجنبية (قوات فاغنر سابقاً فرع افريقيا).
وأكد ولد يحيى في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، أن هذا الخيار سيوفر لموريتانيا جواً من الاستقرار ملائم لجلب المزيد من الاستثمارات المهمة خاصة في مجال تطوير الهيدروجين الأخضر واستغلال الغاز، والى غير ذلك من المشاريع التنموية الكبيرة والتي تعتبر في بداياتها وتحتاج لمثل هذا الجو من الأمن والاستقرار.
وأضاف رئيس المجلس الأعلى للشباب السابق في موريتانيا، أن ولد الغزواني قام بعمل مهم في فترة رئاسته الأولى بالرغم من التحديات العالمية (كورونا وحرب أوكرانيا...)، ودشن الكثير من المشاريع التنموية التي سيستطيع أن يكمل العمل فيها خلال العهدة الرئاسية الجديدة.
وبين ولد يحي، أنه ما سيميز مأمورية ولد الغزواني المقبلة أنه أطلق شعاراً لها: "مأمورية بالشباب ومن أجل الشباب"، وهو أمر بالغ الأهمية، كون موريتانيا بلد شاب، حيث تشير الاحصاءات الرسمية الى ان نسبة الشباب تتجاوز 70 بالمائة من مجموع السكان، وعليه هناك انتظارات كبيرة لدى الموريتانيين من المأمورية المقبلة.
وأردف رئيس المجلس الأعلى للشباب السابق في موريتانيا، أن موريتانيا حسمت أمرها بأنها ليست طرفاً في أي نزاع، وعدوها هو بطالة الشباب والأمية والمشاكل التنموية وبالتالي تركز على ذلك ولا تهتم كثيراً للتخندق في صف معين، ولكن تسعى لتأمين حدودنا وكافة الأراضي الموريتانية وتعقد الشراكات التي تمكنها من ذلك مع كل الأطراف.
وأشار ولد يحي، إلى أن موريتانيا تهتم بالمشاكل التي تعاني منها الدول الافريقية والجارة بشكل خاص، لأن موريتانيا ترأس حالياً الاتحاد الافريقي، وعضو مؤسس في العديد من التجمعات الإقليمية.
بينما كشف سلطان ألبان، الباحث الموريتاني في الشؤون الأفريقية، أنه صدرت النتائج الأولية أو النهائية بالنسبة لحزب الإنصاف الحاكم أي "اللجنة المستقلة للانتخابات" أوضحت النتائج ما كان يتوقعه الكثيرون إسقاطاً على سجل التزوير الطويل في موريتانيا، حيث الفوز الدائم والأبدي للرئيس المنتهية ولايته بنسبة تزيد على 55 بالمائة بينما حل في المرتبة الثانية مرشح التغيير بيرام الداه أعبيد بنسبة 22 بالمائة.
وأكد البان في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، أن النتائج جاءت في تجاوز صريح للقانون ومصادرة لصلاحيات المؤسسات الدستورية المعنية بإعلان النتائج، خطب مرشح النّظام الفائز افتراضيا البارحة في جمع غفير من داعميه قبل أن تحسم النتائج أو تصدر من الجهات المختصة، لتبدأ فرق الشرطة وعناصر الأمن المختلفة في ساعات الفجر الأولى بتطويق مناطق واسعة من عواصم الولايات تحسباً لأي تحرك.
وأضاف الباحث في الشؤون الأفريقية، أن المرشح الرئاسي بيرام الداه أعبيد عقد مؤتمراً صحفياً في مقر حملته بالعاصمة نواكشوط وتحدث عن عمليات التزوير المختلفة وأعلن عن رفضه التام للنتائج داعياً الشعب الموريتاني بالتظاهر السلمي ودون مساس بالأمن العام أو الاحتكاك مع الشرطة للتعبير عن رفضهم لهذه النتائج المغشوشة.
وبين ولد يحى، أنه بعد كلمة ولد أعبيد انطلقت دوريات أمنية في الشوارع تترصد أي تحرك، قبل أن تحاصر مقر حملته، كما قامت باعتقال العشرات من الشباب في مناطق متفرقة من العاصمة، وذكر حاكم تفرغ زينة منذ قليل في فيديو وثّقه من هاتفه الشخصي خلال كلمة أمام بعض المواطنين المتظاهرين أنهم اعتقلوا أجانب حسب تصريحات الحاكم كانوا وراء إحراق الإطارات المطاطية، بينما تبحث بعض العائلات في كل من السبخة والرياض وعرفات عن أبنائهم الذين تم توقيفهم من طرف الشرطة واقتيادهم إلى مراكز حجز مجهولة لذويهم.
وأوضح الباحث الموريتاني في الشؤون الأفريقية، أنه تفرض الأجهزة الأمنية الموريتانية حالة من التطويق العسكري وعسكرة المدن الكبيرة لا مثيل لها، كما قامت بإغلاق معظم الطرقات والشوارع الرسمية ومراقبة بعض منازل قيادة حملة المرشح الرئاسي بيرام الداه أعبيد، خاصة وأن المرشح الرئاسي بيرام الداه أعبيد دعا أنصاره في فيديو بثّه موقع الحملة الانتخابية على منصة فيسبوك، إلى الاقتداء به في التظاهر والنّضال، وذلك من خلال السّلم والأمن، وعدم إغلاق الشوارع والميادين العامة ولا حرق الإطارات المطاطية، وتجنّب أي نوع من الاحتكاك الجسدي مع الشرطة، وهذا ما يدعوهم للامتثال به، لأن أفراد الشرطة إخوة وأبناء مجبرون على تنفيذ أوامر قادتهم، مما يعني عدم الاحتكاك بهم أو التصادم معهم، لكن في نفس الوقت نبقى على الاحتجاج السلمي المستمر رفضاً لسرقة إرادة الناخبين وفرض سرقة المال العام ونهب مقدرات البلاد وتشريد الشباب.
وأشار ألبان إلى أن المعارضة اتخذت بدورها موقفاً صامتاً من النتائج، مثلاً: المرشح العيد محمدن وهو أحد المنافسين في الانتخابات الرئاسية، فقد بادر بتقديم تصريحات موازية لتصريحات الحكومة ومناوئة لفريقه في مؤسسة المعارضة بيرام الداه أعبيد مستغلاً يافطة الأمن والخطاب الشعبوي المألوف.
وأردف أن المرشح سومارى قد أغلق هاتفه وغضّ الطّرف عن الأحداث رغم أنه كان قد ضرب موعداً مع المرشح بيرام الداه أعبيد لاتخاذ موقف حول الانتخابات الرئاسية ونتائجها المثيرة للجدل، لكنه نكس الموعد في الدقائق الأخيرة واعتذر عن لقاء المعارضين بعد وصولهم لباب بيته، وهو ما يُؤكد سير بعض المرشحين "المعارضين" في اتجاه مصلحة النّظام لتشريع نتائجه الذي أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية للنظام الحاكم.