الخبر العاجل: مقاتلو مجلس منبج العسكري يسقطون مسيّرة انتحارية تابعة للاحتلال التركي

تحركات واتصالات لا تتوقف.. لماذا تتمسك روسيا بالتطبيع بين أردوغان والأسد؟

لا تتوقف الاتصالات والتحركات الروسية من أجل تطبيع العلاقات بين بشار الأسد وأردوغان حتى لو لم تحقق تقدماً ملحوظاً لكنها لم تستسلم بعد، في إطار أجواء إقليمية تبدلت فيها كثير من المواقف.

تحدثت وسائل إعلام روسية قبل يومين عن مساع دبلوماسية من موسكو لعقد اجتماع جديد قريباً بشأن تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق وسط إشارات متبادلة بين الجانبين حول عدم الممانعة، إلا أن هناك قضايا لا تزال تحول دون المضي قدماً في هذا المسار خصوصاً مسألة انسحاب القوات التركية.

وقبل ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن الجانب التركي منفتح على مناقشة الانسحاب من الأراضي السورية وأنه من الممكن الاتفاق على معايير محددة، وهنا تثار تساؤلات عديدة حول دوافع تمسك روسيا بتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة والتفاهمات التي يمكن أن تلعب دوراً فيها.

شرعنة الوجود التركي
 


يقول الدكتور نبيل رشوان الخبير المصري المتخصص في الشأن الروسي إن روسيا لديها إحراج كبير لأن تركيا سيطرت على مناطق في سوريا بعمق أكبر من المفترض على الحدود المشتركة بين الأراضي السورية والتركية وأقامت منطقة عازلة، مشدداً على أن هذا أمر يشكل إحراجاً كبيراً لموسكو.

ويوضح رشوان، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هذا الإحراج يعود إلى أن بعض السوريين يرون أن الروس سلموا الأتراك هذه المناطق من سوريا أو أن موسكو الحليفة لدمشق على الأٌقل غير مهتمة بهذا التوغل التركي وما يشبه حالة التقسيم لسوريا بين الأمريكيين والأتراك والروس، على نحو جعل روسيا تبدو لدى هؤلاء كما لو كانت راضية عن هذا الوضع.

ويرى الخبير في الشأن الروسي أن روسيا تريد أن يحدث تطبيع بين دمشق وأنقرة حتى تضفي الشرعية على أي تواجد تركي في الأراضي السورية أياً كان حجمه فما يعنيها أن يكون ذلك بتفاهمات مشتركة بين بشار وأردوغان، لافتاً إلى أن حكومة دمشق لم تقم بتحرك كاف تجاه التواجد التركي في الشمال الشرقي وخاصة ضد عمليات التتريك الجارية.

وفي ختام تصريحاته، يلفت الدكتور نبيل رشوان إلى أن موسكو في الوقت ذاته لا تستطيع إغضاب أنقرة بشأن تواجدها في الأراضي السورية، لأنه لو حدث خلاف فإن الروس سيكونون بحاجة إلى "اللف حول العالم" – حسب تصريحه – للوصول إلى بعض قواعدها العسكرية إذا أقدم الجانب التركي على إغلاق مضيقي الدردنيل والبسفور.

وتتمسك حكومة دمشق بضرورة انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية أولاً قبل أي خطوة نحو تطبيع العلاقات حسب عديد من التصريحات سواء لبشار الأسد أو لغيره من المسؤولين، في وقت تعزز أنقرة وجودها العسكري خاصة في الشمال والشرق السوري كما تشن ضربات عسكرية من وقت لآخر تطال الكرد.

وكانت بداية الانفراجة الحقيقية بين الأسد وأردوغان عام 2022، حين أعلنت روسيا وتركيا عن محادثات على المستوى العسكري والاستخباراتي لبحث الأزمة السورية، ثم في 2023 اقترحت موسكو ما أسمته "خارطة طريق" لتطبيع العلاقات تسمح للحكومة السورية باستعادة السيطرة على كامل أراضي البلاد بما يضمن أمن الحدود مع جارتها التركية.

هذه هي الرؤية الروسية

بدوره، يقول الدكتور عمار قناة مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والتنبؤ السياسي في روسيا إن التحركات الروسية من أجل تطبيع العلاقات بين الجانبين السوري والتركي تأتي في إطار جهود موسكو لتحقيق الاستقرار في هذه المنطقة وهذا جزء من استراتيجية السياسة الخارجية الروسية تجاه الشرق الأوسط بما تمثل من أهمية محورية للجانب الروسي.

وأضاف قناة، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هذه التحركات أتت في إطار إقليمي تنامى بين روسيا وتركيا وإيران فيما يتعلق بتطبيع العلاقات والعمل على تحقيق استقرار المنطقة، في مواجهة التحركات الأمريكية التي عملت على تحويل المنطقة إلى بؤرة نزاع إقليمي، كما حرصت روسيا على وحدة وسلامة الأراضي السورية وإن كانت هناك معضلات تتعلق بصفة أساسية بالتواجد التركي داخل سوريا.

وبسؤاله حول ما إذا كان هدف روسيا من التطبيع بين أنقرة ودمشق التفاهم بشأن تواجد القوات التركية داخل الأراضي السورية، فإن قناة لديه وجهة نظر أخرى غير تلك التي طرحها الدكتور نبيل رشوان إذ قال إن المقايضة بهذه الطريقة مرفوضة من قبل موسكو منذ البداية، مشيراً إلى أن الطرح الروسي كان واضحاً بالعودة إلى اتفاقية أضنة الموقعة عام 1998 والتي كانت آلية ترضي الطرفين السوري والتركي.

ويقول أستاذ العلوم السياسية إن اتفاقية أضنة وفق روسيا يمكن العودة إليها مع بعض التعديلات دون وجود عسكري تركي، معتبراً أن هذا أمر يناسب جميع الأطراف، وبالتالي يمكن أن تكون هناك معادلة جديدة يمكن من خلالها تحقيق الاستقرار النسبي في هذه المنطقة.

وقبل اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري عام 2011، كانت تركيا حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا، لكنها قررت بعد ذلك قطع علاقاتها ودعم المعارضين الذين يريدون الإطاحة بالأسد، بل وطالبت بتنحيته، ثم تطور الموقف التركي لاحقاً إلى دعم واسع لمناوئي النظام بكافة الأشكال، ثم مع بدايات عام 2016 لجأت إلى التدخل العسكري المباشر واحتلال عدة مناطق.

وقد عقدت روسيا عديداً من الاجتماعات لتطبيع العلاقات بين بشار وأردوغان، مستفيدة من أجواء تهدئة الخلافات والتوترات التي سادت بين عدد من دول الشرق الأوسط وكانت أحدث صورها تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا بعد قطيعة دامت لأكثر من عقد، فضلاً عن عودة العلاقات العربية مع دمشق التي استعادت مقعدها المعلق في جامعة الدول العربية.