ساكو هوفهانيسيان لصحيفة روناهي:توسع العثمانيين في المنطقة جاء عبر ارتكابهم المجازر بحق شعوبها
قال عضو لجنة الدفاع عن القضية الأرمنية في أوروبا ساكو هوفهانيسيان بأن توسع العثمانيين في المنطقة جاء من خلال ارتكابهم للمجازر بحق شعوبها.
قال عضو لجنة الدفاع عن القضية الأرمنية في أوروبا ساكو هوفهانيسيان بأن توسع العثمانيين في المنطقة جاء من خلال ارتكابهم للمجازر بحق شعوبها.
وجاء حديث هوفهانيسيان من خلال حوار مع صحيفة روناهي،حول الحرب الدّائرة في إقليم ناغورني كاراباخ بين أرمينيا وأذربيجان، والأبعاد الإقليمية والدولية لهذه الحرب..
وحول أسباب العِداء التركيّ للشعب الأرمنيّ والإثنيّات الأخرى، وكذلك المجازر التي ارتكبها الأتراك بحقّ الشعب الأرمنيّ وشعوب المنطقة قال هوفهانيسيان: بالنسبة للعداء التركيّ للشعب الأرمنيّ، فالكلّ يعلمُ بأنّ الأتراك جاؤوا من شرق آسيا إلى أواسط آسيا وهم بالأساس أحفاد للإمبراطوريتين المغوليّة والتتريّة، حيث جاء جدّهم الأوّل أرطغرل إلى آسيا الوسطى حاملاً معه أحقاداً يحرق بها كلّ الثّقافات الموجودة في هذه المنطقة، ومن ثمّ جاء أحفادهم العثمانيّون وحكموا هذه المناطق ما يناهز الخمسمائة عام. إنّ وجود الشعب الأرمنيّ الجغرافيّ أعاق وصول تركيّا الحاليّة إلى ما خلف بحيرة قزوين، وبالتالي للدول النّاطقة باللّغة التركيّة مثل (قيرغيزستان، طاجكستان، وأوزبكستان) وغيرها، وعندما بدأت أفكار الاستقلال والحُرّيّة تعمُّ وتنتشر بين الشعب الأرمنيّ، ولكي يكبح العثمانيّون جموح الشعوب الأخرى التوّاقة للحُرّيّة، قام السلطان العثماني بتعريض الشعب الأرمنيّ إلى إبادة عرقيّة ممنهجة، حيث سُمّيت بالإبادة الأولى في التّاريخ الحديث، حيث تمّ إجبار الدّولة العثمانيّة على توقيع اتّفاقيّة (سيفر) التي تحوي على الكثير من البنود الخاصّة بحقوق الشعبين الأرمنيّ والكُرديّ، وخريطة (ويلسون) كانت تشير إلى أنّ مساحة أرمينيا كانت تتجاوز الـ/300/ ألف كم2، أمّا مساحتها اليوم لا تتجاوز الـ /30/ ألف كم2، عدا إقليم (ناغورني كاراباخ) والذي استقلّ فيما بعد. أمّا إقليم (ناغورني كاراباخ)، فهو عبارة عن مرتفعات يَصعُب الوصول إليها، سكنها الأرمن منذ آلاف السنين، وهي المنطقة الوحيدة التي لم يتمكّن أحد من احتلالها. وفيما بعد استمرّ العداء التركيّ للشعب الأرمنيّ لغاية مطلع التسعينيّات لحظة نشوب حرب إقليم (آرتساخ)، كما أنّ ستالين رئيس الاتّحاد السوفييتي آنذاك كان قد ضمّ الإقليم إلى أذربيجان؛ بُغية خلق شَرخٍ بين شعوب المنطقة، وليضمن سيطرته العسكريّة والسياسيّة في تلك المنطقة، حتّى لا تتمكّن هذه الشعوب الانفصال عن الاتّحاد السوفييتي، وللأسف بقي هذا الشرخ إلى يومنا هذا.
وتابع هوفهانيسيان : منطقة (آرتساخ) هي امتداد طبيعيّ لسلسلة المرتفعات الأرمنيّة، وهي من أكثر المناطق التي يعتبرها الأرمنيّ قريبة من كيانه، وهي المنطقة الوحيدة التي عاش فيها الأرمن ولم تسقط بيد أيّ دولة أخرى، إلا أثناء حكم السوفييت وفي حقبة ستالين. وفي مطلع عام 1988 لحظة انهيار الاتّحاد السوفييتي؛ بدأت الشعوب تُطالِبُ بالانفصال، من ضمنهم شعب (آرتساخ). لكن؛ المُطالبات قوبلت بالرّفض وبارتكاب المجازر بحقّ شعب (آرتساخ) من قبل دولة أذربيجان. أمّا موضوع عدم اعتراف دولة أرمينيا بالإقليم ككيان مستقلّ، فهي قضيّة سياسيّة؛ نظراً للمفاوضات التي كانت تقودها كلّ من روسيّا وأمريكا، حيث أن اعتراف أرمينيا بهذه الجمهوريّة يعني رسميّاً انتهاء كلّ نوع من المفاوضات، وهذا بالوقت ذاته يعني انتهاء كلّ المباحثات السلميّة، ممّا يعني أنّ القضيّة لن تُحَلَّ إلا عسكريّاً، فأرمينيا عبر سياستها هذه تترك بصيص أملٍ لحلّ القضيّة بالسُبُلِ السلميّة، إلا أنّه يبدو أنّ أذربيجان مصرّة على الحلّ العسكريّ.
وحول الدورالأمريكي والروسي، بالحرب الدّائرة بين أرمينيا وأذربيجان أشار هوفهانيسيان: الدّولة الوحيدة المعنيّة بحلّ هذه القضيّة هي روسيّا، وكان بطلب من مجلس الأمن قد تمّ تعيين كلٍّ من (روسيّا، أمريكا، وفرنسا) والتي سُمّيت فيما بعد بـ”منظّمة مينسك” لحلّ القضيّة بالطرق السلميّة، واجتمعت هذه الدّول لأوّل مرّة في
(مينسك) في بيلاروسيا، وأعلنوا عن هدنة منذ عام 1994. لكن؛ الهدنة تمّ خرقها من قبل أذربيجان، ولعدّة مرّات، آخرها في عام 2016، وفيما بعد، وبالتحديد قبل شهرين؛ اعتدت أذربيجان على مناطق أرمنيّة، وتُعتبر هذه الحرب هي الأشدُّ منذ إعلان الهدنة عام 1994. وروسيّا لها علاقات استراتيجية واتّفاقيّات دفاع مشترك مع أرمينيا؛ فهي المعنيّة أكثر من أمريكا بحلّ هذه القضيّة.
وحول سؤال عن كيفية استفسارهم عن طبيعة التدخّل التركيّ في هذا الصراع، وهل له علاقة بالمصالح التوسّعيّة أي العودة إلى “النيو ـ عثمانيّة” في المنطقة، أم أنّه دورٌ مَرسوم له، تخدم تركيّا من خلاله مصالح دول الهيمنة العالميّة،أجاب هوفهانيسيان: أنا أستبعد أن تكون هذه الخطوة التركيّة بتحريضٍ من دول غربيّة مثل أمريكا وأوروبا أو حتّى روسيّا، فهذه الجهات لا مصلحة لها في تأجيج النّزاع بمنطقة القوقاز؛ كونها مصدر هام للطاقة، فخطوط الطّاقة والنّفط الأذربيجانيّة تعبر بمحاذاة جمهوريّة أرمينيا، عابرةً جورجيا وفيما بعد تركيّا وصولاً إلى أوروبا، لذلك لا مصلحة لهم في هذا النزاع. تركيا هي الوحيدة التي لها مصلحة بتأجيج الصراع في المنطقة، وربّما تريد الضغط على روسيّا لأطماع معيّنة في ليبيا، وذلك بعد فشل مخطّطاته في ليبيا وشرق المتوسّط، لذلك جاءت هذه الخطوة وفي هذا الوقت تحديداً للضغط على كلّ من روسيّا وأوروبا في ملفات أخرى.
وحول علاقة الصراع في الإقليم مع طبيعة الصراع الدّائر في سوريّا، وكيف ينظر الشعب الأرمنيّ إلى الأزمة السّوريّة عموماً قال هوفهانيسيان: لا علاقة للصراع في (ناغورني كاراباخ) بالصراع الدّائر في سوريّا، أمّا بالنسبة لموقف الشّعب الأرمنيّ السّوريّ من الأزمة السّوريّة؛ فقد التزم الحياد منذ أوّل يوم، الأرمن في سوريّا قبل الحرب تجاوز عددهم الـ/200/ ألف نسمة، أمّا الآن لا يتجاوز عددهم الواحد بالمئة، والآراء التي أُشيعت عن الشعب الأرمنيّ بأنّه مع النظام أو مع أيّة جهة أخرى خاطئة، فشعبنا دائماً يحيد إلى السّلم الأهلي، كان الشعب الأرمنيّ مسالماً ومساهماً في اقتصادات تلك الدّول. جاءت الاتّهامات ممّا تُسمّى المعارضة، بأنّ الكثير من الأرمن يقفون مع النظام، الأرمنيّ في سوريّا هو سوريٌّ بالدّرجة الأولى، ومن واجبه أن يخدم الجيش في سوريا، وإذا تلقّى الأوامر؛ فهو عسكريّ، فليتذكّر كلّ من اتّهم الأرمن بأنّ أعدادهم في الجيش السّوريّ لا تتجاوز المائة شخص.
وحول الادعاءات بوجود أرمن من سوريا التحقوا بجبهات القتال في أرمينيا نوه هوفهانيسيان:
هنا يجب أن ننوّه بأنّ هنالك ما يزيد عن خمس وعشرين ألف أرمنيّ سوريّ يملكون الجنسيّة الأرمنيّة، وبعد الحرب السّوريّة انتقل غالبيّتهم للعيش في أرمينيا، حيث لهم كامل الحقوق، وعليهم كامل الواجبات في أرمينيا، وحسب القوانين في أرمينيا؛ من لم يخدم الجيش في سوريا يجب أن يخدم في أرمينيا، اليوم هناك من أرمينيا نفسها أكثر من عشرة آلاف أرمنيّ تطوّعوا للدّفاع عن وطنهم، ومن ضمنهم يوجد أرمن سوريين أيضاً. ولكنّ؛ السلطات لم تنقل منهم سوى بعض الخبرات العسكريّة، ومن له باعٌ طويل في خدمة الجيش، أو من له خبرة بالتكنولوجيا الحربيّة المتطوّرة. ولكن ورغم أنّ نسبة التطوّع كبيرة؛ إلا أنّه لا يوجد بينهم من خاض حرباً إلى هذه اللحظة، هناكّ تسعين بالمئة من الذين يقاومون العدوان التركي – الأذربيجانيّ هم من جيش (آرتساخ)، وحتّى الآن لم يتدخّل جيش جمهوريّة أرمينيا بشكل مباشر، وهنا يجب أن ننوّه أنّ دولة (آرتساخ) لها وزارة دفاع مستقلّة وتعداد جيشها يتجاوز العشرين ألفاً، وهم من يقاومون حتّى اللحظة، باختصار؛ رُبَّما هناك من يتطوّع، ولكن إلى الآن لم ينخرط أحدهم بالحرب.
وحول تقيمهم للتلاحم الكفاحيّ التّاريخيّ بين الشعبين الأرمنيّ والكُرديّ، والادّعاءات التركيّة بأنّ حزب العمّال الكردستانيّ أرسل مقاتلين إلى أرمينيا قال هوفهانيسيان: الشعبان الأرمنيّ والكُرديّ يتشابهون من حيث العناء والألم والتهجير والمجازر التي تعرّضوا لها، وحتّى اليوم الكُرديّ مضطّهَد أكثر من الأرمنيّ، الأرمنيّ يختلف عن الكُرديّ؛ لأنّه تمكّن من تشكيل دولته الخاصّة به، ليحافظ على ما تبقّى من دولته، الرّابط المشترك بين هذين الشعبين هو نضالهم المستمرّ من أجل الحُرّيّة. وفي هذا الخصوص لقينا تعاطفاً وترحيباً لا يوصفان من الشّعب الكُرديّ الشقيق، هناك شعبان تعاطفا مع الشعب الأرمنيّ بكلّ جديّة وهما العربيّ والكُرديّ، طبعاً كثير من الدّول الغربيّة تتعاطف بشكل أو بآخر مع الشعب الأرمنيّ، لكن الشّعب الكُرديّ تعاطف مع شعبنا بشكل غير مسبوق، فكلّ من يتابع مواقع التّواصل الاجتماعيّ يمكنه أن يرى تعاضد الشّعب الكُرديّ مع القضيّة الأرمنيّة بكلّ سهولة، وهذا شيء يُشكَرُ عليه الشّعب الكُرديّ، عسى أن نستطيع رَدَّ الجميل له. الادّعاءات التركيّة على انخراط مقاتلي حزب العمّال الكردستانيّ في الحرب إلى جانب أرمينيّا، مَحضُ افتراء، الغاية منه التغطية على نقل مرتزقتها السّوريّين إلى جبهات القتال ضدّ (آرتساخ). تركيّا
متورّطة في هذه الحرب، حيث أنّها تجلب المرتزقة وتتدخّل بشكل مباشر في العمليّات العدوانيّة الحربيّة الاستراتيجية عن طريق الطيران وحمايتها للمراكز الحيويّة في أذربيجان، فضلاً عن وجود جنرالات أتراك رفيعي المستوى في الخنادق الأذريّة. يجب التذكير مرّة أخرى بأنّ هذه الاتّهامات التركيّة باطلة وكاذبة، لأنّه أساساً ليس هناك أيّ تواجد لمقاتلي حزب العمّال الكردستانيّ في أرمينيا، فأرمينيا سمحت لكلّ وسائل الإعلام العالميّة بالدّخول إلى أراضيها لتغطية مُجريات الحرب، إلا أنّ أذربيجان لم تسمح سوى لقناة الجزيرة والقنوات التركيّة لتغطية الحرب، وسائل الإعلام قادرة على اكتشاف الكذب التركيّ وقادرة على أن تصل وتحاور أي جندي أرمني، حول ذلك.