أزمة ليبيا.. علامات استفهام حول خطوة "النواب" لتشكيل حكومة جديدة
خلال الأيام الماضية، بدأ مجلس النواب الليبي استقبال أوراق مرشحين لتكليفهم بتشكيل حكومة جديدة مصغرة، لإدارة شؤون البلاد، في خطوة تثير كثيراً من الجدل، وشكوكاً حول جدولها.
خلال الأيام الماضية، بدأ مجلس النواب الليبي استقبال أوراق مرشحين لتكليفهم بتشكيل حكومة جديدة مصغرة، لإدارة شؤون البلاد، في خطوة تثير كثيراً من الجدل، وشكوكاً حول جدولها.
وأتت تلك الخطوة في أعقاب استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي من مهام عمله، بعد أن فشل في دفع الأطراف الليبية نحو الجلوس بجدية من أجل حوار سياسي ومصالحة وتقارب يحرك المياه الراكدة في الأزمة، ويفتح الآفاق نحو مرحلة جديدة تتوافر فيها النوايا نحو تشكيل حكومة وإجراء انتخابات، فضلاً عن وجود أجندات دولية متصارعة داخل هذا البلد العربي الذي يعاني منذ 2011.
ويبدو أن هناك شبه إجماع بين كثير من المراقبين للشأن الليبي على عدم جدوى مساعي مجلس النواب لتشكيل حكومة جديدة، حتى وإن كانت مصغرة، إذ أن هناك قناعة بأن جذور الأزمة نفسها ليست متعلقة بتشكيل حكومة جديدة بقدر ما هي متعلقة باتجاهات أطراف الأزمة، وتأثير المليشيات على عملية صنع القرار واتخاذه، وطالما استمر وجود هذه الفصائل المسلحة فلن تحل الأزمة، خصوصاً وأنهم ليسوا أصحاب مصلحة في استقرار الأمور.
أزمة المليشيات
في هذا السياق، يقول الدكتور حسين الشارف الأكاديمي والسياسي الليبي، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن هذه الخطوة لا قيمة لها، لأن أي خطوة سياسية لن تفلح طالما أن هناك انتشاراً للأسلحة والمليشيات على الأرض، وهناك بعض الأطراف الإقليمية تدعم تلك المليشيات غير الراغبة في التوصل إلى حل ينهي الأزمة الليبية.
وأضاف الشارف أنه لو تم تشكيل حكومة، واستطاعت هذه الحكومة إجراء انتخابات، مع انتشار هذه المليشيات، فإنه ليست هناك ضمانات أن تبقى نتائج تلك الانتخابات مؤمنة، طالما أن هذه المليشيات لا تزال موجودة وهي صاحبة القرار الفعلي في المشهد برمته.
ويشدد الشارف على أنه من المفترض قبل الإقدام على أي خطوة من هذه النوعية حل الإشكاليات الرئيسية التي تواجه الدولة الليبية، التي يأتي في مقدمتها حالة الانقسام، والتدخلات الخارجية، وانتشار السلام وتحكم قوى الأمر الواقع، أي المليشيات في العملية السياسية.
وإلى جانب انتشار المليشيات، فإن ليبيا تتواجد فيها انقسام سياسي حاد، لا سيما مع وجود حكومتين، واحدة في الشرق غير معترف بها دولياً لكنها تحظى ثقة مجلس النواب، وأخرى في الغرب غير معترف بها من المجلس، لكنها تمتلك الاعتراف الدولي، وليست هذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها المجلس لمسألة تشكيل حكومة.
أطراف لا تريد الحل؟
بدوره، يقول عبد الستار حتيتة الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الليبي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الوضع في ليبيا صعب للغاية، معرباً عن اعتقاده بأن هناك بعض الأطراف تحاول فرض وجهة نظرها فيما يتعلق بالمستقبل واختيار حكومة لإجراء الانتخابات.
لكن حتيتة يرجح أن يبوء التحرك الجديد من قبل مجلس النواب الليبي بالفشل، أي مسألة تشكيل حكومة جديدة، مبرراً موقفه ذلك بأن حالة الانقسام لا تزال قائمة بين الشرق والغرب ظاهرياً، فضلاً عن أن هناك بعض الأطراف من الجانبين الشرقي والغربي يعملون معاً في الخفاء ولا يريدون لا إجراء انتخابات أو تشكيل حكومة جديدة، أي أنهم يريدون استمرار الوضع الحالي كما هو.
ويلفت إلى أنه قد ساعد على ذلك الوضع الدولي سواء ما يجري في قطاع غزة أو في آسيا أو في أفريقيا، فهناك إعادة تموضع للقوى العسكرية الأمريكية في القارة السمراء، وربما تفكر في الذهاب إلى ليبيا، وبالتالي الأطراف المختلفة المؤثرة في الأراضي الليبية يرون استمرار هذا الوضع، ولديهم اعتقاد بأنه من الصعوبة بمكان التوصل إلى حكومة موحدة تشرف على انتخابات وتنجزها.