هدفان رئيسيان و3 سيناريوهات.. ماذا بعد انفجارات "البيجر" في لبنان؟
بينما تتصاعد تهديدات إسرائيل بتنفيذ اجتياح بري لجنوب لبنان، نفذت تل أبيب عملية ذات طابع مختلف بتفجير أجهزة لا سلكية يستخدمها عناصر حزب الله، ما يجعل تلك الجبهة أمام سيناريوهات عدة.
بينما تتصاعد تهديدات إسرائيل بتنفيذ اجتياح بري لجنوب لبنان، نفذت تل أبيب عملية ذات طابع مختلف بتفجير أجهزة لا سلكية يستخدمها عناصر حزب الله، ما يجعل تلك الجبهة أمام سيناريوهات عدة.
ما حدث أن عددًا من القتلى والجرحى غالبيتهم من عناصر حزب الله سقطوا جراء انفجار عدد من أجهزة نداء لا سلكية "بيجر" يستخدمها الحزب وكانت ضمن شحنة استوردها من تايوان، حيث ذهبت أغلب الترجيحات إلى أن الأجهزة تم تفخيخها بالمادة المتفجرة التي لا تزيد على 3 جرامات من خلال اختراق بإحدى مراحل التوريد.
ولا شك أن هذه العملية المختلفة تشكل واحدة من أحدث تقاليع المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، التي تتصاعد منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقد جاءت لتثير عديدًا من التساؤلات حول الأهداف منها والسيناريوهات التي تليها، لا سيما أن غالبية اللبنانيين اعتقدوا أن ما حدث كان تمهيدًا للاجتياح البري الذي يلوح به مختلف قادة إسرائيل.
هدفان رئيسيان
حول أهداف هذه العملية النوعية، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن حكومة نتنياهو العنصرية سعت إلى تحقيق عدة أهداف لكن على رأسها تصعيد الحرب النفسية ضد اللبنانيين عبر إيهامهم أن يد إسرائيل قادرة على أن تطال أي مجموعة في أي مكان وزمان.
أما الهدف الثاني، وفقًا له، فهو التمهيد للمخطط الإسرائيلي بعدوان بري ينطلق من هضبة الجولان المحتلة نحو وسط البقاع الغربي يواكبه إنزال عسكري شمال نهر الليطاني لمحاولة إنشاء شريط حدودي معزول من السلاح، وبالتالي تأمين عودة المستوطنين إلى شمال فلسطين وهو ما أعلنه نتنياهو وقادة جيشه.
ويرى الرز أن الهدف الثاني يصطدم على أرض الواقع بجملة عقبات أساسية أولها أن من فشل في تحقيق أي هدف سياسي في غزة على امتداد عام كامل لن يكون بمقدوره وبجيشه المنهك تحقيق مثل هذا الهدف، خصوصًا في ظل الضغط الدولي الذي يسعى للحيلولة دون تحول المعارك إلى حرب اقليمية موسعة، وفق وجهة نظره.
سيناريوهات الفترة المقبلة
هل نحن في مرحلة التحضير لعمل بري إسرائيلي في جنوب لبنان؟ كان هذا هو السؤال الأهم خلال الساعات الماضية سواء بين اللبنانيين أو في المنطقة في إطار محاولات قراءة ما قد تقدم عليه تل أبيب، لا سيما وأن قرارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يمكن التكهن بها وهو ما وضح منذ اندلاع الأحداث في غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
حول تلك السيناريوهات، يقول أحمد مرعي نائب رئيس حزب الاتحاد اللبناني، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن السيناريو الأول أنه كان هناك ظنًا أن تفجير أجهزة اللاسلكي "البيجر" يأتي تمهيدًا لعملية عسكرية إسرائيلية برية، لكن هذا أصبح مستبعدًا الآن، لأن الانفجارات لم تطل القاعدة الأساسية لحزب الله، إذ أن الأجهزة المنفجرة لا يستخدمها العسكريون من الحزب وإنما العاملين في المجال السياسي والشأن العام.
أما السيناريو الثاني، وفقًا له، فهو العودة إلى مسألة الضربة مقابل الضربة، وعليه يؤكد مرعي أن حزب الله سيكون لديه رد على هذه العملية، كما أن تل أبيب يمكن أن تقوم بضربات جديدة أو عمليات مؤثرة خاصة أن مسألة الاجتياح البري حتى الآن للبنان ستكون مكلفة كثيرًا، مشددًا على أن هذا الوضع من شأنه مفاقمة التوترات في الشرق الأوسط.
ولفت السياسي اللبناني إلى سيناريو ثالث وهو أن تشهد الفترة المقبلة اغتيالات إسرائيلية جديدة، وذلك في ظل أنها متفوقة بشكل كثير في الأمور التكنولوجية أو تنفيذ عمليات خاصة عبر الوسائل التكنولوجية مثل تفجيرات البيجر، مرجحًا أن الاحتلال الإسرائيلي عندما سيرى أن الأرض ممهدة بعد هذه العمليات للقيام باجتياح بري سينفذ ذلك.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ذكرت، اليوم الأربعاء، أن الأجهزة كانت قادمة من شركة غولد أبولو التايوانية، حيث نجح الموساد الإسرائيلي في زرع كميات قليلة من المتفجرات في الأجهزة التي يصعب اكتشافها قبل شحنها إلى لبنان وربطها بإحدى الشفرات ليتم تفجيرها جميعًا في وقت واحد، فيما أشارت تقارير عدة إلى أن السفير الإيراني لدى لبنان كان من بين المصابين، وذكرت أنباء أخرى أن الإصابات طالت كذلك دبلوماسي ماليزي.
ورغم الحديث عن السيناريوهات التصعيدية والتهديدات الإسرائيلي باجتياح بري وكذلك تهديد حزب الله بردود كبيرة، إلا أن هناك وجهة نظر ترى أن الطرفين يتجنبان المواجهة الواسعة، خاصة في ظل الضغوط الداخلية عليهما لما لذلك من تكلفة باهظة، وكذلك في ظل الجهود الدولية والإقليمية التي تحاول تحجيم الصراع.