بنك أهداف إسرائيل متواصل.. ماذا بعد استهداف يحيى السنوار؟
بعد عام من الحرب على غزة، استطاعت إسرائيل قتل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "مصادفة" كما قالت، لكن مقتله يبدو أنه لا يحمل مؤشراً بعد على إمكانية التوصل إلى تهدئة.
بعد عام من الحرب على غزة، استطاعت إسرائيل قتل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "مصادفة" كما قالت، لكن مقتله يبدو أنه لا يحمل مؤشراً بعد على إمكانية التوصل إلى تهدئة.
عقب الهجوم الذي نفذته حركة حماس على مستوطنات غلاف قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو على نفسه عدة وعود كان في مقدمتها قتل يحيى السنوار باعتباره المسؤول الأول عن "عملية طوفان الأقصى" التي أدت إلى مقتل مئات الإسرائيليين، فضلاً عن احتجاز عشرات الرهائن الذين لا يزال بعضهم في قبضة الحركة.
ورغم كل ما فعله نتنياهو من تدمير في غزة وقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني، إلا إن هذا لم يحسب له كانتصار مع عدم الوصول إلى السنوار طوال الأشهر الماضية، خاصة وأن نتنياهو كان يواجه تراجعاً كبيراً في شعبيته ارتبط بقضايا الفساد ثم هجوم الفصائل الفلسطينية، وهو شكل دافعاً رئيساً له لإطالة أمد الحرب، لعله يحقق مكاسباً تعيد إليه شعبيته التي تضررت بصورة لم يكن يتوقعها هو ذات يوم.
مصير الحرب ومن يخلف السنوار
ومع مقتل السنوار، أخذت التحليلات بشأن مسار الحرب رأيين اثنين: أولهما يرى أن نتنياهو حقق انتصاراً كبيراً يحفظ له ماء وجهه، ومن ثم يمكن وقف العمليات العسكرية والدخول في مرحلة تفاوض مختلفة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، الأمر الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن الرأي الثاني يرى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يوقف حربه، بدليل ما جاء على لسانه مساء أمس.
وكان نتيناهو شدد بعد مقتل السنوار على أن الحرب لم تنته بعد وأن إسرائيل لن تسمح بعودة حركة حماس إلى قطاع غزة، وسيتم إعادة المختطفين، داعياً محتجزيهم إلى تسليمهم مقابل سلامتهم، ثم جدد التأكيد على أن الحرب لم تنته بعد، وأن هذا يفرض على تل أبيب أن تدفع أثماناً باهظة.
وليس ماكرون وحده الذي دعا إلى إنهاء الحرب بعد مقتل السنوار، بل الرئيس الأمريكي جو بايدن إذ قال إن الوقت قد حان بالنسبة لإسرائيل للمضي قدماً لإنهاء الحرب وعودة الرهائن إلى ديارهم، فيما وعد وزير الخارجية أنتوني بلينكن أيضاً بأن الولايات المتحدة "ستضاعف جهودها مع الشركاء لإنهاء هذا الصراع، وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن، ورسم مسار جديد إلى الأمام" للشعب في غزة، على حد قوله.
الدكتور أيمن الرقب القيادي بحركة فتح الفلسطينية استبعد، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن يكون لاغتيال السنوار تأثيراً كبيراً على سيرورة الصراع، مضيفاً أن "الاحتلال يقتل قائداً ويولد قائد جديد"، وفي نفس الوقت فإن حديث نتنياهو بعد اغتيال رئيس حماس يؤكد أنه سيواصل عدوانه وتنفيذ أهدافه.
أما عن تأثير الواقعة على حركة حماس ومستقبلها، يقول الرقب إن الحركة بالتأكيد ستعيد ترتيب أوراقها، كما فعلت من قبل عندما تم اغتيال الشيخ أحمد ياسين، لكن ربما يكون رئيس المكتب السياسي القادم خارج فلسطين، حتى لا يكون هدفاً سهلاً للاحتلال، رغم أن الأخير بات يستهدف معظم دول المنطقة.
وتتجه الأنظار إلى 4 شخصيات رئيسية لخلافة السنوار، منهم شقيقه محمد السنوار، لكن هناك رأي يرى أنه يفتقد إلى القوة التي تمكنه من قيادة حماس والسيطرة عليها، أما الشخصية الثانية فهو خالد مشعل الذي سبق له وتولى المكتب السياسي للحركة ومعروف باتصالاته وعلاقاته الخارجية الجيدة، أو قد يكون خليفته خليل الحية الذي كان ضمن وفود حماس للتفاوض لكنه هذا يبقى احتمالاً ضعيفاً.
القادم في حماس
وحسب كثير من التصريحات التي أتت من إسرائيل فإن يحيى السنوار هو الذي كان يغلق كل الأبواب أمام أي عملية تفاوض أو يقطع الطريق أمام إنجاحها، وبالتالي يعتقد البعض أن القائد الجديد لحركة حماس ربما يكون أكثر مرونة في عملية التفاوض على عكس رئيس الحركة والمكتب السياسي الذي قتل، إن كانت تلك الرواية الإسرائيلية صحيحة.
تعليقاً على ذلك، يقول الدكتور طارق فهمي الخبير في شؤون الشرق الأوسط إن الاعتقاد بأن يحيى السنوار هو الذي كان يعرقل المفاوضات وحده غير صحيح، فحركة حماس لم تكن السنوار فقط، كما أن المفاوضات كانت تتعثر لأسباب وتفاصيل مختلفة، وفي الوقت الحالي ليس أمام الحركة إلا مواصلة القتال في ضوء المعطيات الحالية.
وأعرب فهمي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، عن اعتقاده أن مقتل السنوار سيكون له ارتدادات على الأطراف المختلفة في هذا الصراع وعلى المستوى الإقليمي، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن نتنياهو تحدث من قبل عن أن إسرائيل في مواجهة 7 جبهات، كما أنه تحدث عن قتله، لكنه لم يتحدث عن إنهاء الحرب أو إمكانية التوصل إلى اتفاق.
ويقدر بعض المحللين أن 23 كتيبة من أصل 24 كتيبة كانت حماس تقودها عندما شنت هجومها على مستوطنات غلاف غزة العام الماضي قد دمرت بالكامل، ويزعم المسؤولون الإسرائيليون أنهم قتلوا نحو 17 ألف مقاتل من الحركة خلال نفس الفترة، لكن تقديرات الاستخبارات الأمريكية التي رفعت عنها السرية، والتي تعود إلى الشهر الماضي فقط، تشير إلى أن عدد مقاتلي حماس "ربما أقل من 20 ألف مقاتل"، انخفاضاً من 20 ألفاً إلى 25 ألفاً قبل عام.
وما من شك أن مساع إسرائيل للقضاء على حماس وخاصة مع مقتل السنوار، وحربها على لبنان واغتيال حسن نصر الله أمين عام حزب الله سيكون أمراً مثيراً للتساؤلات حول ما قد تفكر فيه إيران، مع رؤيتها لاثنين من أهم وكلائها في المنطقة وتل أبيب تضعفهما لهذه الدرجة، وهي التي تنتظر في الوقت الحالي رداً إسرائيلياً على هجومها الذي تم قبل أيام بمئات الصواريخ.