قال الإعلامي الأردني مالك العثامنة، إن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، أضاع مصالح بلاده في شرق المتوسط وكذلك فرص التعاون معها كشريك موثوق للاتحاد الأوروبي بعد سنوات طويلة من محاولاتها المضنية للإنضمام للإتحاد، مشيرا إلى أن أردوغان بوصف "رجل تركيا المريض" على غرار عبارة "رجل أوروبا المريض" التي استخدمت للتعبير عن حكم آخر السلاطين العثمانيين، قبل أن تتلاشى سلطنته.
ويرى العثامنة وهو محلل سياسي مقيم في بلجيكا، إن تقلبات مواقف أردوغان ورهاناته حتى "خلال السباق نفسه"، كان في مواقف عدة تغيرا برجماتيا، لكن "غير الطبيعي والمتطرف هو أن الصراع مع روسيا أيضا كان صناعة أردوغان نفسه بمواقف متقلبة حين توغل في مجال روسيا الحيوي وعبث أكثر من اللازم في جغرافيا الشرق لإقامة مشروع طوران العظيم، وهو ما يفسر حينها تغير الموقف التركي القديم والساعي بجهد لتكون تركيا جزءا من الاتحاد الأوروبي، فأدار رأس الدولة التركية ظهره ( وصار العالم كله يعرف تفاصيل ظهر الرجل كما من كانوا حلفاءه في الداخل التركي أكثر من وجهه)، لمطلب تركيا القديم مع أوروبا، فخسر كل فرص العضوية فعليا، وكانت مغامراته الممتلئة بالترميزات العثمانية في شرق المتوسط أخيرا لعبة سيئة الأداء قد يخسر فيها باسم تركيا ما قد يكون فعلا حقوقا بحرية عادلة لأنقرة."
واشار الكاتب الأردني إلى أن مشروع طوران العظيم، هو آخر مغامرات أردوغان في تبديل المواقف بشكل جوهري، والرهانات الحادة المتطرفة التي يدمن تغييرها أثناء السباق نفسه. وبحسب الكاتب: "مشروع طوران العظيم، فكرة عصبوية فاشية تؤمن بسيادة الطورانيين وتدعو إلى هيمنة العنصر الطوراني، وقد ظهرت في مرحلة متأخرة جدا من الدولة العثمانية، وكانت فكرة شوفينية مستبدة في مواجهة فكرة الخلافة الإسلامية "المستبدة أيضا".
ويؤكد المقال إن "انفراد أردوغان المستمر بالسلطة، ونزعته الاستبدادية المركبة في شخصيته، أثرت على مسيرة الحزب والدولة بالضرورة، مما دفع في النهاية كلا من عبدالله غل وأحمد داود أوغلو إلى الانشقاق التراجيدي عن العدالة والتنمية وأسس كل منهما حزبا جديدا بذات الأفكار التي حملاها مع تأسيس العدالة والتنمية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن داود أوغلو كان فعليا وعمليا منظر كل أفكار العدالة والتنمية."
واعتبر الكاتب إن أردوغان الذي لا يزال يحاول توسعة فقاعته الشعبية التي يعيش في داخلها إلى أوسع حجم ممكن، لا يزال يعتاش على غوغائية من يصدقون بمزرعة الوهم التي يزرعها باستعراضات درامية متنوعة ربما كان أكثرها تجليا في الذاكرة ما قام به في منتدى دافوس عام ٢٠٠٩، عندما أخذ الميكرفون من مدير الندوة وبدأ بتقريع عبثي وشديد اللهجة لشمعون بيرس "الرئيس الإسرائيلي الراحل"، ثم أنب بقوة منتدى دافوس وخرج من القاعة في الدقائق الأخيرة أصلا من الجلسة.
لكن في آب أغسطس الماضي كشف أحمد داود أوغلو نفسه وهو ممن كانوا مع أردوغان في حادثة "الدقيقة الواحدة" تلك، أردوغان "لم يقل الحقيقة وكلانا يعرف ما جرى تلك الليلة في دافوس بعد اختفاء الأضواء، هو يعلم أني قمت شخصيا بدبلوماسية الباب الخلفي من أجل الاعتذار من شمعون بيريس بصفتي كبير مستشاري أردوغان وقتها وهذا الاعتذار تم من هاتفي الشخصي".
وتابع الكاتب "إذن نحن أمام رجل مولع بالاستعراضات، والانقلاب الدرامي بالمواقف السياسية وتغيير الرهانات حتى والخيول لاتزال تركض في منتصف الحلبة."
واختتم الكاتب مقاله الأول ضمن سلسلة مقالات حول هذا الموضوع بالقول "من يرون في الرجل "خليفة الإسلام المنتظر" عليهم أن يطلبوا منه توضيحا حول تحالفه العضوي مع حركة شوفينية ترى في العرب كائنات أقل شأنا من ناحية العرق، ومن يرى فيه أملا للأمة وقصة نجاح عليه أن يدقق جيدا في تصريحات الرجل الأخيرة بعد لعبة البوارج البحرية في شرق المتوسط، وهو يرسل إشارات إلى أوروبا من جديد ليؤكد أن تركيا جزء من أوروبا، ويهاتف الملك السعودي قبل أيام، في خطوة تودد موجهة لواشنطن وقد تغير فيها ساكن البيت الأبيض والساكن القادم الجديد ألمح إلى سياسة أكثر حزما مع أنقرة ( وهذا يشي بانقلاب أردوغاني وشيك على حلفائه القوميين في أنقرة)."