وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن خسارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه، في مدينتي أنقرة إسطنبول قد مثلت زلزالا سياسيا في تركيا، فالحزب الذي حكم المدينتين طوال الفترة الماضية وقاد أردوغان بنفسه الحملة الداعمة له في الانتخابات بعد ان هيمن على السلطة وقام بتهميش المعارضة، وقام بتطهير الجيش والشرطة والمحاكم، وعزز سلطاته في الدستور، جاءت المفاجأة المدوية عندما أظهرت نتائج التصويت بالانتخابات البلدية أن حزب أردوغان لم يفقد السيطرة فقط على أنقرة، المركز السياسي، ولكن خسر كذلك اسطنبول، المركز التجاري في البلاد، ومدينته الأم ومعقله السياسي.
واعتبرت الصحيفة ان أردوغان بدى وحيدا خلال تلك الانتخابات، فلم يكن حزبه وقواعده مجمعين على التصويت لمرشحي العدالة والتنمية، بل ساد قطاع واسع منهم التردد، فضلا عن قيام اعضاء من الحزب بتسريب صور من شاشات الكمبيوتر الخاص بالحزب التي تظهر تقدم مرشحي المعارضة، في الوقت الذي كان أردوغان ورئيس وزراءه الاسبق ومرشحه الخاسر في اسطنبول يزعمون الفوز.
وذكرت الصحيفة أن حزب الشعب الجمهوري نشر مراقبين ليس فقط لتدقيق قوائم الأصوات ولكن أيضًا النوم على أكياس من صناديق الاقتراع المختومة للحماية من أي تلاعب محتمل من قبل أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP)، حزب أردوغان.
وقالت إيليدا كوج أوغلو، 28 سنة، نائبة رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري المعارض CHP في اسطنبول، التي كانت تنام بنفسها على بعض أكياس الأصوات:
"نعتقد أنهم لم يتمكنوا من تزوير الانتخابات. هم لم يكونوا يتوقعون منا أن نكون منظمين، أو يحل ذلك".
وقال أوزغور أونوهيسارشيكلي، مدير صندوق مارشال الألماني التابع للولايات المتحدة في أنقرة، وهو معهد أبحاث، إن معسكر الرئيس شهد بالفعل الطريقة التي سارت بها الاصوات في الانتخابات وأوقف العد. قال: "لقد أوقفوا ذلك ليفكروا في ما يمكنهم فعله". واضاف إنه كان هناك نقاش حول نوع من التدخل.
"لقد كنا خائفين للغاية حينما توقف الفرز"، حسبما ذكرت كوج أوغلو. وأشارت إلى العديد من الانتخابات السابقة عندما توقفت لجنة الانتخابات عن الإفصاح عن تفاصيل الإحصاء والفرز، واستؤنفت في وقت لاحق وأظهرت قفزة غير محتملة في الأصوات لصالح الحزب الحاكم.
ويقول أنصار المعارضة إن هذا حدث في الانتخابات السابقة لرئيس بلدية أنقرة، وخلال فرز الاستفتاء على الدستور لعام 2017 الذي منح أردوغان مزيدًا من السلطات التنفيذية وحتى في الانتخابات الرئاسية في حزيران/ يونيو.
فشلت جهود حزب الشعب الجمهوري لإعادة الفرز في عام 2018 عندما انهار نظام الكمبيوتر الخاص بالحزب، واعترف مرشحه في وقت لاحق الهزيمة.
ولكن هذه المرة كان الأمر مختلفا. عندما أعلن مرشح أردوغان، بن علي يلدريم ، رئيس الوزراء السابق، عن فوزه في اسطنبول، أعلن السيد إمام أوغلو على الفور على الملأ وتحدث إلى الجمهور، وأعلن أنه كان يقود السباق ولديه سجلات لإثبات ذلك. وأدلى بـ10 تصريحات علنية عن تقدمه خلال تلك الليلة.
وشدّدت الصحفية على أن أصوات الكرد، وأصوات المحافظين غير السعداء الذين تركوا أردوغان، كانت بالغة الأهمية في حسم النتيجة في إسطنبول، المدينة التي نقلت أردوغان إلى سدة الحكم.
نص المقال:
خطوة بخطوة وعلى مر السنين، سعى رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، إلى ضمان عدم قدرة أي منافس على تحديه. قام بتهميش الخصوم. وقام بتطهير الجيش والشرطة والمحاكم. كما روع الصحافة، وعزز سلطاته في الدستور. وفي نفس الوقت، وعد الأتراك بمستقبل اقتصادي مشرق.
لذلك كانت مفاجأة كبيرة يوم الاثنين عندما ظهرت نتيجة التصويت في الانتخابات البلدية التي جرت في عطلة نهاية الأسبوع، وأظهرت أن حزب أردوغان لم يفقد السيطرة فقط على أنقرة، المركز السياسي، ولكن ربما اسطنبول، المركز التجاري في البلاد، ومدينته، ونواة الدعم طويل الأمد لنظامه السياسي.
وحتى لو لم تكن النتائج نهائية، فقد بلغ حد الزلزال السياسي الأكثر لهز وزعزعة سلطة أردوغان خلال ما يقرب من عقدين من السيطرة غير المتنازع عليها بشكل أساسي على رأس السلطة في تركيا، الحليف في الناتو وعنصر حساس في الاستقرار الاقليمي في المنطقة.
ما كان مختلفًا هذه المرة كان الاقتصاد سريع الانهيار والمعارضة شديدة الانضباط.
وقد نشرت مراقبين ليس فقط لتدقيق قوائم الأصوات ولكن أيضًا النوم على أكياس من صناديق الاقتراع المختومة للحماية من أي تلاعب محتمل من قبل أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، حزب أردوغان، AKP.
وقالت إيليدا كوج أوغلو، 28 سنة، نائبة رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري المعارض CHP في اسطنبول، التي كانت تنام بنفسها على بعض أكياس الأصوات: "نعتقد أنهم لم يتمكنوا من تزوير الانتخابات"، و"لم يكونوا يتوقعون منا أن نكون منظمين، أو يحل ذلك".
لا تعني النتائج أن أردوغان، الذي تستمر فترة رئاسته لمدة أربع سنوات أخرى، سيغير من سلوكه، والذي يشمل تعزيز القيم الدينية على حساب العلمانية، وتوثيق العلاقات مع روسيا في مقابل علاقات أكثر برودة مع الناتو. لكن الانتخابات أظهرت أن السيد أردوغان لديه نقاط ضعف.
وقال أسلي أيدينتاسباس، الباحث بارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "إنها كارثة بالنسبة له"، "نحن نعرف الآن أنه ليس كما كنا نظن أنه لا يقهر".
كان اقتصاد تركيا الضعيف، الذي توسع بسرعة لسنوات في ظل حكم أردوغان، على رأس اهتمامات الناخبين، على الرغم من تحذيرات أردوغان من أن المشكلات ليست من صنعه. فقد سقطت البلاد في ركود منذ آذار/ مارس. لتتجاوز البطالة 10 في المائة، وتصل إلى 30 في المائة بين الشباب. وفقدت الليرة التركية 28 في المئة من قيمتها في عام 2018 وتستمر في الضعف، بينما بلغ التضخم 20 في المئة.
قالت السيدة كوج أوغلو إنها وزملاؤها فهموا خلال ساعة واحدة من إغلاق صناديق الاقتراع ليلة الأحد أنهم كانوا يشاهدون التغيير الأكثر أهمية في تركيا منذ تولي أردوغان السلطة. حتى المناطق النائية في منطقة اسطنبول الكبرى أظهرت هزيمة لمرشح أردوغان لمنصب عمدة المدينة.
وحتى ليلة الاثنين، لم يتم الإعلان عن النتائج من المجلس الأعلى للانتخابات بشكل كامل ولم يقبل حزب أردوغان الهزيمة في اسطنبول. لكن الحصيلة أظهرت أن مرشح المعارضة، إكرام إمام أوغلو، يتقدم بنسبة 99 بالمائة من الأصوات التي تم عدها.
في مؤتمر صحفي في وقت متأخر من الليل في اسطنبول، قال إمام أوغلو إنه يثق في المؤسسات التركية أكثر من حزب العدالة والتنمية لتأكيد فوزه، وقال "لا أتوقع هذا من الحزب"، و"لسنوات قادمة لن يقبل حزب العدالة والتنمية فوزي".
يمنح رؤساء البلديات المعارضون في أهم مدينتين في تركيا لحزب الشعب الجمهوري فرصاً بارزة لإظهار كيف يمكن أن يحكم بشكل فعال، مع السيطرة على الخدمات البلدية من جمع القمامة إلى النقل الجماعي. وقد وعد السيد إمام أوغلو بأنه بصفته عمدة إسطنبول، سيقوم بتدقيق الكتب، وهو احتمال قد يخلق مشاكل جديدة لحزب العدالة والتنمية إذا كشف عن أدلة على الفساد تحت سيطرة الحزب الحاكم.
كان حزب الشعب الجمهوري، الذي تعرض لانتقادات طويلة بسبب عدم التنظيم، للمرة الأولى مستعدًا جيدًا للانتخابات. قام إمام أوغلو، البالغ من العمر 49 عامًا، عمدة مقاطعة السابق، بتعبئة آلاف المتطوعين لمراقبة كل صندوق اقتراع في منطقة العاصمة الكبرى وتسجيل عدد الأصوات في تطبيق مصمم خصيصًا، مع إعطاء الحزب جدولة مستقلة خاصة به. وقالت القيادية الحزبية كوج أوغلو "لقد تمكنا من مقارنة أرقامنا مع أعدادهم".
جاءت لحظة حاسمة الساعة 9 مساءً يوم الأحد عندما ألقى أردوغان أول خطاب له في المساء، مدعيا فيه فوز حزب العدالة والتنمية بشكل عام في الانتخابات البلدية. فتوقفت لجنة الانتخابات فجأة عن نشر نتائج الانتخابات في اسطنبول، وكذلك توقفت وكالة أنباء الأناضول شبه الرسمية، عن بث الاخبار، هي والتي تتابع على نطاق واسع في ليالي الانتخابات باعتبارها المصدر الذي تفضله الحكومة لإظهار النتائج.
وقال أوزغور أونوهيسارشيكلي، مدير صندوق مارشال الألماني التابع للولايات المتحدة في أنقرة، وهو معهد أبحاث، إن معسكر الرئيس شهد بالفعل الطريقة التي سارت بها الاصوات في الانتخابات وأوقف العد. قال: "لقد أوقفوا ذلك ليفكروا في ما يمكنهم فعله". واضاف إنه كان هناك نقاش حول نوع من التدخل.
"لقد كنا خائفين للغاية حينما توقف الفرز"، حسبما ذكرت كوج أوغلو. وأشارت إلى العديد من الانتخابات السابقة عندما توقفت لجنة الانتخابات عن الإفصاح عن تفاصيل الإحصاء والفرز، واستؤنفت في وقت لاحق وأظهرت قفزة غير محتملة في الأصوات لصالح الحزب الحاكم.
يقول أنصار المعارضة إن هذا حدث في الانتخابات السابقة لرئيس بلدية أنقرة، وخلال فرز الاستفتاء على الدستور لعام 2017 الذي منح أردوغان مزيدًا من السلطات التنفيذية وحتى في الانتخابات الرئاسية في حزيران/ يونيو.
فشلت جهود حزب الشعب الجمهوري لإعادة الفرز في عام 2018 عندما انهار نظام الكمبيوتر الخاص بالحزب، واعترف مرشحه في وقت لاحق الهزيمة.
ولكن هذه المرة كان الأمر مختلفا. عندما أعلن مرشح أردوغان، بن علي يلدريم ، رئيس الوزراء السابق، عن فوزه في اسطنبول، أعلن السيد إمام أوغلو على الفور على الملأ وتحدث إلى الجمهور، وأعلن أنه كان يقود السباق ولديه سجلات لإثبات ذلك. وأدلى بـ10 تصريحات علنية عن تقدمه خلال تلك الليلة.
أردوغان مسؤول عن ما يسميه كثير من النقاد برئاسة إمبراطورية في تركيا. أشرف على قمع شديد وتطهير داخل الحكومة بعد محاولة انقلاب عسكرية فاشلة في عام 2016 ألقى باللوم فيها على منافسه منذ فترة طويلة، فتح الله غولن ، الذي يعيش في الولايات المتحدة. تحت حكم السيد أردوغان ، كانت تركيا أيضًا سجان كبير للصحفيين.
لكن سيطرة أردوغان كزعيم لتركيا ترجع أيضًا إلى مواهبه السياسية التي لا جدال فيها وفشل حزب المعارضة الرئيسي في تقديم مرشحين جيدين وتوسيع نطاق جاذبيته. لطالما تساءل أنصار حزب الشعب الجمهوري عن سبب قيام قادتهم بتسليم الانتخابات بعد الانتخابات إلى أردوغان.
كان تصميم المعارضة على شيء واحد، هو حشد الدعم عبر المجتمع وحتى داخل حزب أردوغان بدا وكأنه يتردد في التصويت الأخير.
وقال أوزغور أونوهيسارشيكلى، رئيس صندوق مارشال الألماني في أنقرة "لقد كانت المعارضة ثابتة، وكانت هناك علامات على إطلاق العنان للجمهور"، واصفا الدعم الشعبي القوي على تويتر وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي. وبحلول الساعة 11 مساءً الأحد، ظهر أردوغان في أنقرة واستسلم لفقدان مدينة واحدة على الأقل للمعارضة - وهي نكسة كبيرة بحد ذاتها.
ثم نشر أشخاص داخل مقر حزب أردوغان لقطات من شاشات الكمبيوتر التابعة لحزب العدالة والتنمية تظهر مرشح المعارضة في اسطنبول يقود السباق. وقالت أيدينتاسباس من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن مؤيدي السيد أردوغان كانوا يسربون المعلومات على ما يبدو.
لقد أصبح أردوغان بعيدًا بشكل متزايد على مر السنين، محاطًا بقصره الرئاسي الشاسع بواسطة دائرة أصغر وأصغر من المساعدين والوزراء.
ومع اعلان النتائج، ظل هناك شك لدى المحللين السياسيين حول اتخاذهم القرار بالسماح بنشر النتائج الحقيقية للتصويت في اسطنبول صباح الاثنين، من أجل حماية العرف والإرث الانتخابي.
"إن أردوغان ليس شخصًا مجنونًا، إنه ذكي" ، هكذا وصفته كوج أوغلو.
قالت السيدة أيدينتاسباس إن أردوغان، الذي كان دائماً يستمد شرعيته من صندوق الاقتراع ، كان يرى أنه من المستحيل تغيير النتيجة. "لم يكن هناك طريقة حقيقية"، و"لم يجدوا طريقة للقيام بذلك دون أن يفقدوا الشرعية".
وقال آخرون إن أردوغان كان يعرف المخاطر التي سيتعرض لها الاقتصاد إذا كانت هناك خلاف حول الانتخابات أو نزاع طويل. وقد تنخفض الليرة بشكل حاد، كما حدث في الصيف الماضي، مع تداعيات شديدة على الشركات وسبل العيش.
من خلال قبول نتيجة الانتخابات، أنقذ أردوغان سمعة النظام الانتخابي التركي، الذي منحه شرعية على مدى السنوات الـ 17 الماضية ، وقال مدير مكتب أنقرة لمشروع مارشال الألماني: "من خلال هذه الانتخابات، صرف أردوغان غموض الشك عن نزاهة جميع الانتخابات الماضية".
أظهر ابتعاد أردوغان وحزبه في مدينته الأم، وهو المكان الذي يصفه كثيرًا بحب وعاطفة، نجاحًا غير متوقع من تحالف المعارضة، الذي أقنع الناخبين بالتصويت تكتيكيًا، على الرغم من خلافاتهم. وقالت أيدينتاسباس، التي تابعت حياة أردوغان عن كثب، إن أصوات الكرد، وأصوات المحافظين غير السعداء الذين تركوا أردوغان، كانت بالغة الأهمية.
وقالت السيدة كوج أوغلو أن الانتخابات كانت انتصارا حاسما للمعارضة لأنه لن يتم إجراء انتخابات أخرى لمدة أربع سنوات. وقالت: "ما زلت لا أصدق ذلك". عندما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة، كنت في المدرسة الإعدادية. لم أرَ نصرًا أبدًا قبل الأن."
كارلوتا جال
صحفية ومؤلفة بريطانية مهتة بشؤون الشرق الاوسط وقد قامت بتغطية أفغانستان وباكستان لصحيفة نيويورك تايمز لمدة اثني عشر عاماً.