ولفتت المجلة إلى أنه وبعد أسبوع من المفاوضات المتوترة، أصدرت السفارة الأمريكية في أنقرة بيانًا يوم الأربعاء أعلنت فيه اتفاقًا بشأن "التدابير الأولية لمعالجة المخاوف الأمنية التركية"، وإنشاء مركز عمليات أمريكي تركي مشترك وجهود لإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
ويوم الأحد كان أردوغان قد هدد بغزو تركي لمنطقة شمال وشرق سوريا، حيث يتمركز ألفان من القوات الأمريكية كجزء من التحالف المناهض لداعش.
وفي يوم الاثنين ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن المفاوضين الأمريكيين كانوا يقدمون عرضًا "أخيرًا" بخصوص ما يسمى "المنطقة الآمنة".
وفي اليوم التالي بحسب المجلة، بدا أن التوازن يتأرجح في الاتجاه الآخر. وقيل لواشنطن بوست إن إدارة ترامب لن تدافع عن قوات سوريا الديمقراطية في حال تعرضها لهجوم تركي، لكن وزير الدفاع مارك إسبر هدد بـ "منع" أي "توغل أحادي الجانب" من قبل تركيا.
ويشير الكاتب ماثيو بيتي إلى أنه عندما بدأ عمله كمحلل في معهد واشنطن منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، وحتى الآن فإن الجيش الأمريكي كان أكبر صديق لتركيا.
ولكن سونر كاجابتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أشار إلى الاختلافات في سياسة العراق وسوريا، وقال إن واشنطن هي الآن هي أكبر خصم لتركيا.
فيما صرح نيكولاس هيراس وهو زميل في مركز الأمن الأمريكي الجديد ولديه معرفة مباشرة بالمحادثات التي جرت حول ما يسمى المنطقة الآمنة، "في المناقشات مع تركيا، أوضحت الولايات المتحدة أن قوات سوريا الديمقراطية ستدير شمال سوريا وشرقها في المستقبل المنظور".
وتابع هيراس "إنها مسيرة بطيئة نحو وجود تركي موالي للولايات المتحدة شرق الفرات".
بسام إسحاق، الدبلوماسي في مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، أخبر المجلة الأمريكية أن الاتفاق الحالي غامض، لكنه وضع خطوط حمراء.
وقال: "إن قوات سوريا الديمقراطية قد تقبل الوجود التركي في الدوريات وليس الوجود التركي الثابت في أي منطقة آمنة في المستقبل، وأنه من غير المقبول أن تنقل تركيا الوكلاء "المرتزقة" إلى المنطقة".
وبعد ساعات قليلة من إعلان السفارة الأمريكية، أعلن لقمان احمي، المتحدث الرسمي باسم الإدارة الذاتية لوكالة فرات للأنباء، أن "جيمس جيفري قال أيضًا إنه لن يفرض أي شيء لن تقبله الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا".
وأضاف أن أي منطقة آمنة "يجب أن يحكمها سكان المنطقة، ويجب أن يكون التنفيذ محليًا ويجب أن يعود الأشخاص المهاجرون لإعادة بناء حياتهم. أرضنا تفي بالشروط الثلاثة. مناطقنا مناطق آمنة".
وترى ميرف طاهر اوغلو وهي محللة في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية: "أن جيمس جيفري قد قبل أن منطقة آمنة محدودة لن تعرقل مساعي الولايات المتحدة، في الحاق الهزيمة النهائية بداعش، لكن الطريقة الوحيدة التي يمكننا أن نرى بها هذا العمل حقًا هي قبول قوات سوريا الديمقراطية بشكل واضح على نوع من التواجد التركي المحدود في شمال شرق سوريا".
كما يرى كاجابتاي إنه "إذا استولت تركيا على كامل الأرض في شمال وشرق سوريا، فستكون هناك هجرة جماعية لسكان المنطقة وأيضًا سيحصل تمرد كبير بعد ذلك، ولهذا أعتقد أن هدف تركيا هو عدم الذهاب إلى المدن الكبرى، لأنها ستخاطر بتمرد حضري في أعقاب ذلك، ولن تذهب إلى المناطق ذات الغالبية الكردية".
وفي سياق متصل طالب إعلان يوم الأربعاء الصادر عن لقمان أحمي بإنهاء "الغزو والنهب والطغيان في عفرين" كشرط لأي منطقة آمنة.
وقالت ميرف طاهر اوغلو "تتطلع تركيا بالتأكيد إلى إزاحة قوات سوريا الديمقراطية من بلدتي كوباني وتل أبيض، وبهذا المعنى ستكون مماثلة لما فعلته في عفرين".
بالإضافة إلى تكاليف الغزو العنيف، فإن خطر حدوث مواجهة عسكرية أمريكية تركية قد أعاق تركيا. فعلى عكس عفرين، تستضيف الأراضي في شمال وشرق سوريا ألفي جندي أمريكي.
كما أن الحقائق العملية لمحاربة داعش قد قيدت الهجوم التركي. إذ تحتجز قوات سوريا الديمقراطية حاليًا عشرة آلاف سجين من داعش في مخيم الهول. وترى ميرف طاهر اوغلو أن تخلي قوات سوريا الديمقراطية عن القتال ضد داعش وتعريض استقرار أراضي داعش السابقة للخطر، من أجل مواجهة تركيا، سيكون "نتيجة كارثية".
وأحد أهداف أردوغان الأساسية في المطالبة بمنطقة آمنة هو نقل اللاجئين في تركيا إلى تلك المنطقة. إذ تستضيف تركيا حاليًا حوالي 3.6 مليون سوري. وأدى تدهور الاقتصاد والخسائر للحزب الحاكم في تركيا إلى توتر الرأي العام تجاه السكان السوريين، وبدأت السلطات التركية في ترحيل عشرات الآلاف إلى المناطق التي تحتلها تركيا في سوريا، بما في ذلك عفرين.
وكما قال بسام اسحاق للمجلة الأمريكية أنه لن يكون من المقبول بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية أن تعيد تركيا اللاجئين السوريين إلى وطنهم "لتغيير ديموغرافيا المنطقة وفقًا لرغبات ومصالح [تركية]".
ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل ما لا يقل عن 429 من المرحلين على أيدي حرس الحدود التركي الذين كانوا يحاولون العودة إلى تركيا عبر سوريا.