ولفت المعهد إلى أن «تركيا نفذت عددًا كبيرًا جدًّا من عمليات الاغتيال السياسية بحق قادة كرد أكثر مما نفذه الكرد بحق سياسيين أتراك، مضيفًا أنه لا دليل على أن الكرد شنوا هجومًا إرهابيًّا ضد تركيا من داخل سوريا.
وقال المعهد (في تقرير تحليلي) لمايكل روبين، إن «تركيا طلبت من الولايات المتحدة إنشاء منطقة آمنة تكون تحت سيطرتها وتمتد 20 ميلًا داخل الأراضي الشمال السوري، وهو ما لم توافق عليه الإدارة الأمريكية؛ ما دفع تركيا إلى التهديد بشن هجوم عسكري شامل في شمال سوريا إذا لم ترضخ واشنطن لمطالبها».
وتزعم أنقرة أنها «الوحيدة القادرة على توفير الأمن في تلك المنطقة، وأن المناطق الواقعة تحت سيطرة الكرد في شمال سوريا هي بؤر إرهابية»، لكن روبين يشكك في هذه المزاعم، ويؤكد أن ما تدعيه أنقرة مجرد «تمويه على مطامع متزايدة».
إنجاز مذهل
ودحضًا لأكاذيب أنقرة بوجود بؤر إرهابية في مناطق الكرد، أوضح الكاتب أنه زار المناطق الواقعة تحت سيطرة الكرد في شمال سوريا مرتين خلال الأعوام الخمس الماضية، آخرها كان بداية الشهر الجاري، ولفت إلى ما وصفه بـ«الإنجاز المذهل» الذي حققه الكرد والقبائل العربية المتحالفة معهم.
وقال: «بقليل من الأموال، تمكنوا من فرض الأمن والتسامح. وفيما أمدت تركيا المجموعات الإرهابية المتشددة بالدعم وفتحت حدودها أمام آلاف من مجندي داعش؛ ركزت وحدات حماية الشعب الكردية وقوات الدفاع السورية على محاربة المجموعات الإرهابية ونأت بنفسها عن العمليات الانتقامية».
وتابع: «سعت الولايات المتحدة في البداية إلى التعاون مع تركيا في المعركة لطرد عناصر تنظيم داعش، لكنها استنتجت أنه من أجل تحقيق هذا الهدف يجب التعاون مع معارضي تنظيم داعش وليس مموليهم».
3 دوافع
وقال روبين إن محاربة الإرهاب ليس من الدوافع التي تقود السياسات التركية في سوريا كما تدعي أنقرة، لكن هناك ثلاثة دوافع رئيسية أخرى؛ أولها رغبة أنقرة في الاستيلاء على الأراضي، وأنها «في عمليتها السابقة في عفرين لم تشارك في مكافحة الإرهاب، بل في عملية تطهير عرقي».
وبيَّن روبين أن «وجود منطقة عازلة بعمق 20 ميلًا يمنح تركيا سيطرة على معظم البلدات والمدن التي يحكمها الكرد، مثل قامشلو وكوباني وعامودا وديرك وعين عيسى ومنبج؛ ما قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية؛ حيث لا يجد الكرد الذين فروا من تركيا أي مكان آخر يذهبون إليه».
وتابع: «إذا كانت تركيا مهتمة حقًّا بالإرهاب فعليها إنشاء المنطقة العازلة داخل أراضيها، ويجب على الدبلوماسيين والجنرالات الأتراك أن يدركوا أن القوات التركية في المناطق الكردية في سوريا ستكون استفزازية، مثل القوات الأرمنية أو اليونانية داخل تركيا. باختصار، فإن نشر القوات التركية في سوريا ليس سوى بداية لحرب جديدة».
والعامل الثاني بحسب الكاتب هو رغبة أردوغان في شن حملة عسكرية لصرف انتباه الأتراك عن إخفاقاته الشخصية؛ فالاقتصاد التركي يتأرجح، وخسائر أردوغان المتكررة في انتخابات إسطنبول أثرت في ثقة الشعب به، و«من المفارقات أن غطرسة أردوغان قد تُدخل تركيا في حرب وإرهاب قد ينتهي في نهاية المطاف إلى تقسيمها».
والعامل الثالث والأكثر أهميةً بنظر الكاتب هو النفط؛ حيث قال روبين إن «تركيا تفتقر موارد خاصة من الغاز والنفط، وقد وضعت نفسها منذ فترة طويلة كمركز للطاقة؛ إذ تدر الرسوم المفروضة على عبور خطوط الأنابيب مليارات الدولارات سنويًّا»، مضيفًا أن عدوانية تركيا في قبرص مدفوعة إلى حد كبير بالرغبة في الحفاظ على احتكار تركيا وروسيا لخطوط الأنابيب بقدر ما هي رغبة في الحصول على موارد النفط والغاز الخاصة بها.
وإذا نجحت تركيا في إنشاء منطقة عازلة، فإن ذلك يعني أن الغالبية العظمى من موارد النفط السورية ستقع في تلك المنطقة. وأوضح الكاتب: «لا تسعى تركيا إلى طرد الكرد السوريين من المنطقة فحسب، بل وتسعى إلى امتلاك احتياطي النفط ببلداتهم وقراهم التاريخية. هذا سيكون بمنزلة نعمة للاقتصاد التركي، بل ولأردوغان نفسه؛ حيث يستفيد هو وعائلته من غالبية الصفقات التجارية الكبرى التي تجري في تركيا اليوم».
المصدر: AJEL.SA..