وفي المحور الأول من اللقاء ترجع الصحفية إلكى إلى السياق التاريخ للعلاقات وتقدم معلومات مفصلة عن كل العلاقة في بدايات القرن المنصرم وكيفية تطورها مع مرور الوقت، لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والعسكري واللذين لا يزالان يشكلان أساس العلاقة بين ألمانيا وتركيا حتى اليوم.
وفي معرض حديثها لوكالة فرات للأنباء (ANF)، تتحدث إلكى عن الحالة السياسية الداخلية في تركيا والانتخابات المحلية التي من المقرر إعادتها في شهر حزيران القادم بعد إلغاء نتيجة الانتخابات المحلية السابقة التي أجريت نهاية آذار الفائت والتي أطاحت بحزب العدالة والتنمية الحاكم من رئاسة بلديات العاصمتين السياسية والاقتصادية في تركيا (أنقرة – إسطنبول).
وتتطرق الصحفية الألمانية المختصة في القضية الكردية منذ ثمانينات القرن المنصر، في حديثها إلى وضع الجالية الكردية في ألمانيا والسياسات الداخلية التي تمارسها الحكومة الألمانية لتضييق الخناق على الجالية الكردية كجزء من إطار اتفاقات ثنائية بين البلدين.
وفي سياق منفصل، تنتقل إلكى في المحور الثاني للحديث عن إيران وعلاقاتها مع ألمانيا، خاصة وان الملف الإيراني يتصدر المشهد الدولي في الوقت الحالي بعد تصاعد الأزمة مع الولايات المتحدة الامريكية، عقب انسحاب الأخيرة من الاتفاق النووي الذي وقعت عليه الدول الخمس دائمة العضوية إضافة إلى ألمانيا.
نص الحوار الكامل:
المحور الأول:
- علاقات الحكومة الألمانية متميزة مع تركيا بغض النظر عن الحزب الحاكم. هل بإمكانكي توضيح الأسباب التي تجعل العلاقة بين الطرفين متينة لهذه الدرجة؟
للإجابة على هذا السؤال، علينا العودة إلى التاريخ لأن العلاقات الألمانية – التركية قديمة وترجع إلى زمن الإمبراطورية العثمانية التي كانت تتمتع حينها بعلاقات اقتصادية وعسكرية متينة مع الإمبراطورية الألمانية. المنطقة التي تأسست عليها الدولة التركية الحالية كانت بالنسبة للغرب مهمة من الناحية الإستراتيجية وكانت تعتبر بوابة الشرق.
للأسف يتعين على المرء أن يقول إن هذا التاريخ الطويل بين ألمانيا وتركيا هو تاريخ بغيض للغاية وهو مستمر حتى يومنا هذا. فخلال فترة الإبادة الجماعية للأرمن عام 1915 وعمليات قتل لأقليات دينية أيضاً، لعب الجنرالات الألمان دوراً محورياً في تزويد المجموعات الشبابية التركية بالأسلحة ودعمهم بالمعرفة التقنية واللوجستية. وحينها رفض المستشار الألماني للإمبراطورية تيوبالد فون بيثمان (Theobald von Bethmann) أية انتقادات لعمليات الترحيل الوحشية التي ترتكبها تركيا كالتي عبّرَ عنها السفير الألماني في إسطنبول، غراف فون ميترنيش (Graf von Metternich)، بذريعة أن تركيا كحليف أهم من الأرمن وقال حينها حرفياً: "هدفنا يتركز في الحفاظ على تركيا في صفنا حتى نهاية الحرب، سواء أبيد الأرمن أم لا."
وكشف الصحفيان هوسنو غوربي ومحسوني غول (Hüsnü Gürbey und Mahsuni Gül) في تقرير لهما قبل عدة أيام بأن النازيين الألمان زودوا تركيا بالغازات السامة التي جرى استخدامها لاحقاً في ارتكاب مجزرة ديرسم عام 1937. وتثبت وثائق من أرشيف الدولة التركية بأن الرئيس التركي حينذ، مصطفى كمال أتاتورك، أصدر قراراً سرياً في السابع من آب عام 1937 يقضي بشراء 20 طن من المواد الكيماوية الحربية مثل غاز الخردل وغاز الكلور وخط تعبئة أوتامتيكي بقيمة 150 ألف ليرة تركية.
وفي سياق متصل، تؤكد وثائق أخرى من وزارة الصحة التركية ان أخصائيين بالأسلحة الكيماوية قَدِموا من ألمانيا حينها لتدريب الجيش التركي على استخدامها. إضافة إلى ذلك، كان قسم من الطائرات المستخدمة في عملية قصف المدينة بتلك القنابل الكيماوية ألمانية الصنع وجرى حينها استخدام طائرات ألمانية مقاتلة مثل القاذفة الألمانية ذات المحركين من نوع (HE 111 J) في مدينة ديرسم والتي كانت شركة Heinkel-Werken Oranienburg HWO)) تنتجها.
وتستمر عمليات تسليم الأسلحة الألمانية لتركيا بدون هوادة حتى يومنا بالرغم من جرائم الحرب اليومية التي يرتكبها الجيش التركي ضد السكان الكرد في شمال كردستان (جنوب شرق تركيا) أو عملية الإلحاق الغير قانونية لمقاطعة عفرين في غرب كردستان (سوريا) بالأراضي التركية. ونجد بان الأسلحة الألمانية قيد الاستخدام من قبل الجنود الأتراك في كل مكان حتى يومنا هذا. وشركات صناعة الأسلحة الألمانية مسرورة بأن طلبات الشراء مستمرة.
من الناحية الاقتصادية تعتبر تركيا مهمة جداً بالنسبة لألمانيا ومن الأهمية بأمر الإشارة إلى الاتفاق الضخم الذي جرى حديثاً بين شركة سيمنس وشركات ألمانية أخرى من جهة وتركيا من جهة أخرى لإعادة تأهيل شبكة الخطوط الحديدية التركية بعقد وصلت قيمته لـ 35 مليار يورو. وكان وزير الاقتصاد الألماني، بيتر آلتماير (من الحزب الديمقراطي المسيحي – حزب ميركل) قد لخص في الرابع والعشرين من تشرين الأول عام 2018 الطموحات الاقتصادية في تركيا في تصريح لمجلة دير شبيغل الألمانية بالقول: "كانت تركيا سوقاً اقتصادياً متنامياً موثوقاً على مدار السنوات القليلة الماضية ولدينا مصلحة في إبقاء الوضع على ما هو عليه على حدود الخاصرة الجنوبية الشرقية لأوروبا ولا نريد لحالة الاستقرار الموجودة هناك أن تتدهور."
شخصياً أشكك في أن يبقى الموقف الألماني الحكومي على حاله بشكل دائم نظراً للحالة الاقتصادية البائسة في تركيا، ولا سيما أن الانتقادات لسياسة أردوغان الاستبدادية متزايدة بشكل متواصل على المستوى العالمي، والشركات الأجنبية تحجم عن الانخراط واستثمار الأموال في تركيا.
وبالطبع تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية مهتمة جداً بما يسمى "صفقة اللاجئين" والتي بموجبها يمنع أردوغان اللاجئين من التوجه نحو أوروبا. في الواقع، هذا الاتفاق يدعم فقط الاقتصاد التركي وبلغة واضحة: يدعم أردوغان وحاشيته، أما اللاجئين في تركيا فهم لا يصلهم أي شيء.
- على المستوى الداخلي الألماني تمارس الحكومة الألمانية ضغوطات كبيرة على الجالية الكردية عبر منع التظاهرات والفعاليات المنددة بجرائم تركيا. لماذا هذا التضييق وأين موقف دولة القانون من هذه الممارسات؟
لم تعلن الحكومة الألمانية بالمطلق عن موقفها بشكل واضح من قضية الكرد في تركيا ومطالباتهم بالاعتراف السياسي كقومية من حقها التمتع بحق التعلم باللغة الأم والحفاظ على الثقافة. أما فيما يتعلق بحليفها في الناتو (تركيا)، فإن الحكومة الألمانية لطالما اتخذت موقفاً متضامناً مع تركيا حتى دون أي نوع من التشكيك أو الاستفسار. ويمكن هنا الإشارة إلى ألمانيا ونتيجة للإلحاح التركي أصدرت عام 1993 قراراً قضى بإضافة حزب العمال الكردستاني إلى لائحة المنظمات الإرهابية. وحتى اليوم تواصل الحكومة الألمانية والكثير من وسائل الإعلام حديثها عن حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية دون تقديم أية أدلة عن أية نشاطات إرهابية لحزب العمال في الاتحاد الأوروبي.
يعتبر حزب العمال الكردستاني في تركيا طرفاً في نزاع مسلح وبالتالي هي منظمة مشابهة لمؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) في جنوب أفريقيا. حينها تم تصنيف المؤتمر كتنظيم إرهابي من قبل جنوب أفريقيا ودول حلف الناتو وجرى اعتقال نيلسون مانديلا تماماً كما عبد الله أوجلان ولكن بعد سنوات أصبح مانديلاً رئيساً لجنوب أفريقيا وتقلد جائزة نوبل للسلام. لذلك مسألة التصنيف مرتبطة أيضاً بالسياق التاريخي ويمكن القول إن قرار تصنيف حركات التحرير كمنظمات إرهابية هو تعسفي بامتياز، ناهيك عن حقيقة غياب تعريف علمي للمنظمات الإرهابية أو حركات التحرير.
- هل طرأت على مواقف الحكومة الألمانية خلال السنوات الماضية تغيرات معينة تجاه القضية الكردية وخاصة في تركيا؟
نعم تغيّرت ولكن للأسوأ. لم يسبق أن تم تجريم الحركة الكردية في ألمانيا كما يجري اليوم. ففي ولاية بافاريا الألمانية على سبيل المثال، هنالك أعداد هائلة من الدعاوى ضد الناشطين الذين حملوا رموز وأعلام وحدات حماية الشعب والمرأة خلال مشاركتهم في المظاهرات أو الفعاليات. لا يمكن تخيل بأن ولاية ألمانية تحظر رفع رموز منظمة ضحت بأعداد كبيرة من مقاتليها في مقارعة الإرهاب وقامت بالقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي ومنعته من تحقيق أهدافه.
- في تظاهرة نُظمت قبل أسابيع في مدينة دوسلدورف بولاية شمال الراين هاجمت الشرطة فعالية كردية سلمية لم تكن تحوي أي صور أو كتابات متعارضة مع القانون الألماني. برأيكم لماذا فعلت ذلك رغم التزام المشاركين بكافة القوانين وحصولهم على التراخيص القانونية اللازمة؟
مهاجمة الفعالية يدخل في إطار إستراتيجية تجريم الكرد في ألمانيا. الولايات الفدرالية الألمانية تقيم اللافتات المسموحة أو المحظورة بشكل فردي ومتناقض. وتعتبر ولاية بافاريا (عاصمتها ميونخ) الرائدة في مجال تجريم الحركة الكردية. ويعد إغلاق ومصادرة كافة محتويات دار نشر ميزوبوتاميا الكردي الثقافي في مدينة (نويس - Neuss) مثالاً آخر على تحول ألمانيا إلى أداة بيد أردوغان لضرب الكرد. دار نشر ميزوبوتاميا كان يقوم ببيع الكتب وأقراص الأغاني، من بينها كتب أوجلان بلغات مختلفة وهي قانونية ومطبوعة بشكل قانوني وكتب تعلم اللغة الكردية وكتب أخرى مترجمة من الألمانية للكردية ومن الكردية للألمانية وأقراص تحوي أغاني وكل محتويات الدار كانت متوافقة مع القانون الألماني ولكن بالرغم من ذلك كان الاتهام "تقديم الدعم لجماعة لإرهابية". في ألمانيا لا تحتاج الحكومة لإثباتات، فإذا أمر وزير الداخلية بإغلاقها قسيتم تنفيذ ذلك دون أي اعتراض او استفسار. هذه التصرفات تذكرنا بشدة بالحالة التركية، لأنها تمس بشكل كبير بالقانون الأساسي الألماني (Grundgesetz) الذي يكفل ويصون حرية الصحافة والعلم.
- خلال السنوات الفائتة هدد الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي وخصص القسم الأكبر من تهديداته وشتائمه لألمانيا وفي إحدى المرات قال "إن الأوروبيين لن يكون بإمكانهم السير في الشوارع بسلم وأمان" كما وهدد بفتح الأبواب أمام اللاجئين. ما موقف الحكومة الألمانية من هذه التهديدات وهل لا تزال هنالك فرصة لانضمام تركيا للاتحاد؟
الحكومة الألمانية سمحت لأردوغان بابتزازها بشكل متكرر بسبب صفقة اللاجئين. الحكومة الألمانية متخوفة داخلياً من ازدياد شعبية اليمين المتطرف إذا ما فتح أردوغان الأبواب للاجئين. لذلك فإن الحكومة الألمانية مُقيّدة في انتقاداتها. في الواقع بإمكان المرء الحديث بصراحة عن تهديدات أردوغان بالقول: أردوغان بنفسه يستخدم اللاجئين تماماً مثل اليمين المتطرف كورقة تهديد، مدعيا بأن الأوروبيين سوف لن يكون بمقدورهم السير سالمين في الشوارع بأوروبا، إذا ما جاء اللاجئون. بكلامه هذا يدعم أردوغان حجة اليمين الشعبوي المتطرف في أوروبا ويبتز على سبيل المثال الحكومة الألمانية.
شخصياً أرى أن مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي باتت صعبة المنال. تركيا تتحول بشكل متزايد إلى دولة دكتاتورية ومسألة انضمامها إلى الاتحاد مثيرة للجدل في النقاشات. ومؤخراً كانت هنالك انتقادات حادة من جانب الاتحاد الأوروبي جراء إلغاء نتيجة الانتخابات المحلية في إسطنبول. كما أنه هنالك النصف الآخر من السكان الكرد والأتراك الراغبين في الإصلاحات والديمقراطية في تركيا وينتظرون رحيل أردوغان من السلطة. إضافة إلى ذلك، هنالك أصوات مرتفعة تدعو لإنهاء محادثات الانضمام مع تركيا، فمرشح الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) للبرلمان الأوروبي، مانفريد فيبر، يدعو لإنهاء محادثات الانضمام للاتحاد مع تركيا. ويطالب فيبر بذلك فقط بسبب تهديدات أردوغان لأوروبا ولا يتطرق مثلا لحجة أن أردوغان يرتكب انتهاكات وجرائم بحق السكان الكرد أو بسبب الإلحاق الغير قانوني والمنافي للمواثيق الدولي لمقاطعة عفرين. هذا الشيء يدل مرة أخرى على الموقف الساخر للسياسة الأوروبية تجاه السكان في تركيا. ولكن برأيي يتوجب إبقاء المجال مفتوحاً وعدم إغلاق باب المفاوضات بشكل تام، بل يمكن تجميدها حتى يتم تطبيق ظروف الحياة الديمقراطية في البلاد. لا يتوجب التخلي عن الأمل.
- كيف تنظرين إلى الدور التركي في منطقة الشرق الأوسط؟
في الفترة الممتدة بين عامي 2002 – 2011، كانت السياسة الخارجية التركية موجهة نحو الاتحاد الأوروبي. وأدى فشل تركيا في تلبية مطالب حقوق الإنسان خلال مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي الصعبة، إلى تحول في السياسة التركية نحو "العثمانية الجديدة" وعاد حلم إقامة "إمبراطورية تركية عظمى" مجدداً. واستمر ذلك حتى عام 2016 تقريباً. وفي تصريح له خلال فترة عملية "غصن الزيتون" التي هاجم فيها الجيش التركي مقاطعة عفرين، وصف أردوغان العملية بـ "التفاحة الذهبية" الذي لم يُفهم حينها في ألمانيا (وهو مصطلح تركي يعود إلى زمن الإمبراطورية العثمانية ويرمز للرغبة التوسعية الإمبريالية التركية في أوروبا ويستخدم في الوقت الحالي كدلالة عن الطورانية.).
يمكن القول إن مخطط أردوغان القائم على تحويل تركيا إلى دولة إسلامية سنية قيادية في الشرق الأوسط قد فَشِلَ تماماً. في المقابل تمكنت كل من إيران وروسيا من تعزيز موقعهما في المنطقة، كما أن الكرد تحولوا إلى فاعل جيوإستراتيجي ذي أهمية متزايدة باستمرار في المنطقة. ومنذ محاولة الانقلاب عام 2016، تحاول تركيا تبني سياسة خارجية بتوجه أوروآسيوي وترى في الولايات المتحدة العقل المدبر الواقف خلف الانقلابيين. ويحاول أردوغان وأتباعه استخدام كل أنواع نظريات المؤامرات لتعزيز الانطباع بأن واشنطن تقف خلف الانقلاب ولصرف الانتباه عن النظرية المنتشرة التي تفيد بأن الانقلاب كان "تمثيلية" لعبها أردوغان وآخرون.
وفي السنوات التالية، لُوحِظَ أن الدول المتعارضة سابقاً (روسيا – تركيا – إيران والعراق) تقربت من بعضهم البعض، لا سيما الدول الثلاثة الأخيرة متوحدة في مخاوفها من إمكانية قيام دولة كردية. ونظراً للسياسة التركية في سوريا، حيث توجد علاقات وتعاون بينها وبين "داعش" وبينها وبين مجموعات إسلامية أخرى مثل النصرة (هيئة تحرير الشام)، تتعامل طهران وموسكو بحذر مع أنقرة وخاصة لأن تركيا لم تفي بواجباتها المناطة بها في الاتفاق والتي تقضي بإبقاء الإسلاميين في إدلب.
انطلاقا من ذلك، يمكن القول إن تركيا تلعب دوراً محدوداً في الشرق الأوسط.
- تتابعين ملف الانتخابات التركية عن كثب. كيف تقيمين إعادة الانتخابات وعدم قبول أردوغان بالهزيمة وما هو موقف الحكومة الألمانية من هذا الأمر؟
تعتبر إسطنبول بالنسبة لأردوغان مدينة ذات أهمية إستراتيجية. ونشأ وترعرع أردوغان في مدينة إسطنبول وبدأ حياته السياسية هنالك حيث تقلد منصب رئيس بلدية إسطنبول. إضافة إلى ذلك تعتبر إسطنبول أكبر مركز اقتصادي في البلاد، وأردوغان يخشى (وهو محق في خشيته) أن تنكشف شبكة العلاقات الفاسدة التابعة لحزب العدالة والتنمية (AKP) ولحاشيته على يد رئيس البلدية الجديد في حال استلم حزب الشعب الجمهوري رئاسة بلدية المدينة.
لا أحد يعلم ما يمكن ما الذي يمكن العثور عليه في وثائق المدينة. أتذكر فقط فضيحة وثائق بنما وملايين الدولارات التي كانت في علب الأحذية لدى نجل أردوغان. ظهور مثل هذه المعلومات قد يعني نهاية حقبة أردوغان. وإذا ما أضطر للاستقالة فإن سيجد نفسه في إحدى سجونه التي يدّعي انها "خمس نجوم" لأنه انتهك القوانين والدستور في تركيا بشكل متكرر لدرجة بان أي محكمة مستقلة ديمقراطية ستدينه بلا شك.
الحكومة الألمانية الاتحادية تتخوف من انزلاق تركيا في نفق الحرب الأهلية وفي الوقت نفسه تخشى أن تتعزز العلاقة بين تركيا وروسيا. برلين ترغب في منع كلا السيناريوهين وهي تفعل كل شيء في سبيل منعه من ذلك والتي وصلت إلى درجة أن وزير الخارجية الألمانية، سيفمار غابريل، لعب دور "صبيب الشاي" في إحدى لقاءاته مع وزير الخارجية التركي، مولود جاويش اوغلو.
*أثارت الصورة جدلاً واسعاً في الصحافة الألمانية والأوساط السياسية والاجتماعية الألمانية وتسببت في تعرض وزير الخارجية الألماني حينها سيغمار غابريل لانتقادات لاذعة بعد كسره للتقاليد والأعراف السياسية وقيامه بخدمة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو.
المحور الثاني:
- الصراع الأمريكي – الإيراني يطغى على المشهد في الوقت الحالي بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي تعتبر ألمانيا جزء منه. كيف تقيمين العلاقة الألمانية – الإيرانية الآن؟
تمتلك ألمانيا منذ زمن طويل علاقات سياسية، اقتصادية وسياحية وثيقة مع إيران. بالطبع كانت الكثير من جوانب العلاقة مثيرة للتساؤلات وبالأخص في ظل حكم نظام شاه إيران. وعند الحديث عن العلاقات بين ألمانيا وإيران، على المرء تذكر موجة الاحتجاجات التي اجتاحت برلين عام 1967 اعتراضاً على زيارة شاه إيران حينها، ومقتل الطالب بينو اونسبورج (Benno Ohnesorg)، الذي كان بين المحتجين على يد شرطي ألماني في برلين شكّلَ لحظة ولادة المعارضة خارج الإطار البرلماني في ألمانيا. وفي نفس الوقت تحولت زوجتا الشاه (ثريا وفرح ديبا) إلى موضوع متكرر تصدر مانشيتات معظم المجلات النسائية في ألمانيا.
جدير بالذكر أيضاً ان هنالك الكثير من الإيرانيين، وبالأخص من الطبقة المتوسطة المتعلمة درسوا في ألمانيا وتخرجوا من جامعاتها. وبالتأكيد كل ذلك لم يختفي مع بدء الثورة الإسلامية وسيطرتها على البلاد، بل يمكن القول إن العلاقة تعرضت لتراجع وضعف.
- تعتبر ألمانيا من الدول الرافضة لإلغاء الاتفاقية النووية مع إيران. برأيكم ما هي الأسباب المباشرة وراء هذا التوجه الرافض؟
تلعب الأسباب التي سبق ذكرها والتجربة الألمانية خلال الحرب الباردة دوراً في ذلك. فالتجربة الألمانية حينها أوضحت بأن لغة الحوار أكثر فاعلية من قعقعة السيوف. إضافة إلى ذلك، لا يزال الاقتصاد الألماني الموجه (في سياسته) نحو التصدير يتمتع بمصالح اقتصادية هائلة في إيران، والتي يتم الحفاظ عليها بأفضل شكل خلال ظروف السلم. علاوة على ذلك، يخشى الساسة الألمان أن تؤدي الحرب داخل إيران وحولها إلى موجة كبيرة أخرى من اللاجئين إلى ألمانيا وأوروبا.
- إيران من الدول المصنفة بأنها وحشية في تعاملها في مجال حقوق الإنسان وقضايا المرأة. هل تلعب هذه التصنيفات دوراً في تأسيس علاقة مع دولة مثل إيران؟
هكذا أمور لا تخرج من السياق النظري ولا أحد يكترث لها، في النهاية تقع على الأرجح المصالح الاقتصادية الألمانية في المقام الأول قبل اتخاذ أي قرار سياسي.
- ما رأي الأحزاب المعارضة في البرلمان والمؤسسات المدنية والمجتمعية الفاعلة في هكذا أمور وهل بإمكانهم لعب دور في التأثير على قرارات التعامل مع أنظمة مثل النظام الإيراني؟
- الأحزاب المعارضة مثل حزبي (اليسار والخضر) يهتمان بشكل أكبر بقضايا حقوق الإنسان مقارنة مع حزب الاتحاد المؤلف من الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) والاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU) أو الحزب الاشتراكي (SPD). ولكن نفوذهما سيبقى ضئيلاً طالما أنهما لا يتحكمان زمام الأمور.
- ولكن كملاحظة إضافية مهمة في هذا السياق: كل الأحزاب الممثلة في البرلمان ونظراً لحساسية المحرقة اليهودية في التاريخ الألماني، فإن أمن إسرائيل يلعب دوراً كبيراً جداً في تقييم العلاقات مع إيران أو في سياق مماثل متصل بإسرائيل.
*صورة الصحفية إلكي دانكلايت
إلكى دانكلايت (Elke Dangeleit): باحثة مختصة في علم الأعراق وصحفية ألمانية متخصصة في القضية الكردية منذ ثمانينات القرن المنصرم. السيدة دانكلاين عضوة في برلمان منطقة ( Friedrichshain-Kreuzberg ) عن حزب اليسار الألماني ومتحدثة باسم المجموعة الحزبية في البرلمان لقضايا سياسات المرأة والهجرة. وتعتبر الصحفية دانكلايت من مؤسسي اتفاقية الشراكة التي وُقِعَت في شهر شباط عام 2019 بين بلدية مدينتها الواقعة قرب برلين ومدينة ديرك فيي روج آفا.