وقال مايكل روبن الباحث في معهد "أمريكان إنتربرايز" أن تركيا وتشكيلات الأمن القومي يسيئون استخدام العملية الاستخباراتية والدبلوماسية من خلال السعي لإدخال معلومات استخبارية خاطئة وكاذبة من أجل تقييد وتخريب الخيارات الدبلوماسية الأمريكية.
وأشار الكاتب إلى أكاذيب السلطات التركية حول رغبتها في تشكيل "ممر آمن" على الحدود مع سوريا في الوقت الذي تحشد فيه قواتها لاحتلال الشمال السوري بزعم وجود تهديدات من وحدات حماية الشعب المدعومة من الولايات المتحدة، مؤكداً على عدم وجود أدلة حول هذه التهديدات الزائفة.
ورفض الباحث القبول الأعمى للاتهامات التركية ضد وحدات حماية الشعب، وحزب العمال الكردستاني، وكبار المثقفين والناشطين الكرد، فقد حان الوقت لأن تقوم أجهزة المخابرات الأمريكية بتدقيق كل المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها تركيا على مدى العقود القليلة الماضية لضمان بقاء المخابرات الأمريكية غير مسيسة وغير فاسدة وأن تركيا لا تسيء استخدام التعاون الاستخباراتي للتدخل في تشكيل قرارات الدبلوماسية والسياسة الأمريكية. وتابع المقال: "ربما يجد هذا التدقيق أن الاستنتاجات التي تبنتها الآن وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية لها ما يبررها. لكن على الأرجح، نظراً لوصف الملفات التركية الأخيرة بأنها احتيالية، سوف يصبح من الواضح أن هناك حاجة إلى إعادة تقييم كبرى في واشنطن. وفي كلتا الحالتين، وبينما تتخذ إدارة ترامب ومبعوثها الخاص إلى سوريا جيمس جيفري قرارات بشأن الحياة والموت يمكن أن تؤثر على المنطقة لعقود من الزمن، لا ينبغي لأي مسؤول عن وضع السياسة الخارجية أن يضع تقارير تركيا فوق أهمية البحث عن الحقيقة".
وفي مقال بعنوان: "الجانب المظلم في مجتمع الاستخبارات التركية"، عن الدور القذر الذي تلعبه الاستخبارات التركية في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان لترويج معلومات وأدلة كاذبة لخدمة السياسة التركية الخارجية، وخاصة فيما يتعلق بالتدخل في سوريا والكرد السوريين، وكذلك حول خصومة السياسيين في الداخل بغرض التخلص منهم.
وأعتبر المقال السلطات التركية مخطئة للغاية ومثيرة للسخرية في إصرارها على تشبيه وحدات حماية الشعب بداعش.
وأضاف الباحث أن الإصرار التركي مثير للسخرية بالنظر إلى أن الولايات المتحدة بدأت فقط في شراكة مع وحدات حماية الشعب عندما أصبح هناك أدلة واضحة على أن القيادة السياسية في تركيا، بما في ذلك عائلة الرئيس رجب طيب أردوغان، وأجهزة المخابرات تدعم بشكل مباشر تنظيم داعش بل واستفادت منه أيضًا، كما أنها تدعم الجماعات التابعة للقاعدة في سوريا."
حزب العمال ليس إرهابياً
وتابع روبن في مقاله: "لننظر إلى حزب العمال الكردستاني: وضعته وزارة الخارجية الأمريكية على لوائحها في عام 1997، على خلفية جهود إدارة كلينتون لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة بيع كبيرة للأسلحة إلى تركيا".
وفند مايكل روبن الحجج التي تستند عليها تركيا وأجهزة استخباراتها لاعتبار وحدات حماية الشعب جماعة إرهابية، مؤكدا أنه لا يوجد دليل على قيام وحدات حماية الشعب أو حزب العمال الكردستاني بالتخطيط أو توجيه عمليات إرهابية من سوريا. وقد كان هذا الاتهام هو السبب المعلن وراء إطلاق تركيا في بداية العام الماضي عملية غصن الزيتون، ولكن بعد عشرين شهرًا، أصبح من الواضح أن العملية كانت تتعلق بالتطهير العرقي للسكان الكرد في المنطقة أكثر من القضاء على الإرهاب.
وأشار إلى أن الرئيس التركي تورغوت أوزال كان يخطط للدخول في مفاوضات جادة معه لكنه لم يتمكن من ذلك على إثر وفاته بنوبة قلبية عام 1993. كما أنه في وقت سابق من هذا العام، قضت محكمة بلجيكية بأن حزب العمال الكردستاني ليس منظمة إرهابية، وهو ما يثبت زيف الأدلة التي تعتمد عليها المخابرات التركية للترويج بأن الحزب متورط في أعمال إرهابية.
واعتبر روبن أن الاتهامات التركية ضد وحدات حماية الشعب، ليست سوى حلقة ضمن سلسلة من الاتهامات الكاذبة التي يروجها الرئيس التركي وجهاز استخباراته ضد خصومه ومعارضيه؛ فقد اتهم أردوغان السياسيين المنافسين له في الانتخابات الأخيرة من حزب الشعوب الديمقراطي الذي يضم أغلبية كردية وحزب الشعب الجمهوري، بدعم الإرهاب وسَجَنَ الكثير منهم. كما اتهم أتباع حليفه السابق، فتح الله غولن، الذي يعيش حاليًا في ولاية بنسلفانيا، بأنه إرهابي، بالرغم من أن آلاف الوثائق التي سلمتها الاستخبارات التركية إلى السلطات الأمريكية لحثها على تسليم غولن لم تقدم أي دليل على أنه إرهابي، وقد خلصت وزارة العدل الأمريكية إلى أن تلك الوثائق كانت معيبة في الغالب، إن لم تكن احتيالية.
وأكد الباحث أن أردوغان وأجهزة الاستخبارات التابعة له يتبعون مبدأ "النفعية السياسية"، متسائلا: "إلى أي مدى انخدعت الولايات المتحدة بالأدلة التي كانت تقدمها الاستخبارات التركية والتي اعتمدت عليها واشنطن في بعض قرارتها؟
وحذر من تكرار انخداع الولايات المتحدة بالتقارير التركية، مشيراً إلى قضية آدم أوزون، عضو المجلس التنفيذي في المؤتمر الوطني الكردستاني (KNK ) والناشط السياسي والمفكر الكردي البارز، والذي اعتبرته وزارة الخزانة الأمريكية في 2011، أنه من كبار تجار المخدرات، بالرغم من أنه لا يوجد أي دليل على أن المعلومات التي قدمتها تركيا للولايات المتحدة في هذا الشأن صحيحة أو تستند إلى الواقع. وقد جاءت تلك القضية في الوقت الذي كان الرئيس باراك أوباما لا يزال يعتبر أردوغان واحدًا من أكثر أصدقائه الأجانب ثقة.