وكانت الهيئة الإدارية للمؤتمر الوطني الكردستاني قد أطلقت مبادرة لتوحيد الخطاب الكردي, والتي تمّت صياغتها وإعدادها من قبل فرع المؤتمر الوطني الكردستاني (KNK) في روج آفا. وكانت الخطّة هي "لقاء جميع الأطراف السياسية الموجودة على الساحة ودفع الجميع إلى الجلوس على طاولة واحدة دون أي شروط مسبقة".
بتاريخ 1/1/ 2019 اجتمع أعضاء فرع المؤتمر الوطني الكردستاني (KNK) في روج آفا لوضع الخطة والبرنامج, ومناقشة المبادرة والنقاط الرئيسية والتي ركزت على ضرورة لقاء جميع الأطراف الكردية. حيث ذكر عضو اللجنة, الدكتور سليمان إلياس, في حديث سابق لوكالتنا, أنّهم كلجنة أجروا لقاءات مع أطراف عدّة "وكانت الاستجابة إيجابيّة إلى حدّ ما".
وتابع إلياس بالقول: "شخصيّاً, التقيت مع أحد المسؤولين في أحزاب المجلس الوطني الكردي, واقترحت عليه المبادرة التي تقع في إطار توحيد الخطاب الكردي في ظل الظروف والتهديدات التي تتعرض لها مناطق روج آفا وعموم مناطق شمال وشرق سوريا. فكان الرد انهم كمجلس أيديهم ممدودة للحوار وتوحيد الخطاب. لكن لدينا شروط وهي فتح المكاتب المغلقة من قبل الإدارة واطلاق سراح المعتقلين السياسيين".
وبصدد أهمّية إطلاق حوار كرديّ-كردي بهدف توحيد الصف, قال الباحث الكردي حسين جمو في حديث خاص لوكالة فرات للأنباء ANF "لا بدّ أن تستند أيّ مبادرة لوحدة الصف, إلى أرضية مشتركة بين الأحزاب المعنية", مشيراً إلى أنّ الحالة الكرديّة في روج آفا "لا تتوفّر فيها هذه الأرضيّة".
وأضاف جمّو بالقول: "هناك مجموعة أحزاب, تشكّل الغالبيّة, تتلاقى في الحفاظ على المصلحة العليا لشمال سوريا وروج آفا" مستدركاً بالقول "وهناك أطراف لديها مقاربة مختلفة, وتجد نفسها أقرب إلى أطراف معادية للكرد".
واللجنة التي تمّ تمخّضت عن اجتماع المؤتمر الوطني الكردستاني-فرع روج آفا مكوّنة من الأعضاء التالية أسماؤهم, الشيخ سنان أحمد عضو مجلس أعيان ديرك, ديلاور زنكي رئيس اتحاد كتّاب الكرد في سوريا, عبد الكريم عمر عضو الهيئة الإدارية للمؤتمر الوطني الكردستاني, دريا رمضان وسليمان إلياس دكتور آثار ومدرّس في جامعة روج آفا, حيث باشرت عملها بالتواصل مع الأطراف السياسيّة, في إطار المبادرة التي وصفها حسين جمّو ب"الإيجابيّة", لكنّه شكّك في "إمكانيّة نجاحها" إذا كان الهدف هو "جمع كافة الأحزاب الكردية تحت سقف موقف موحّد".
وتدعو المبادرة الإدارة الذاتية الديمقراطيّة لشمال وشرق سوريا إلى السماح للأحزاب الكرديّة بفتح مكاتبها "حتّى تلك التي لم تحصل على تراخيص رسميّة", كما تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيّين من سجون الإدارة, حيث سارعت عدّة أحزاب إلى فتح مكاتبها ومباشرة أعمالها, فيما تردّدت أحزاب أخرى لأسباب متعلّقة بوضع المجلس الوطني الكردي في سوريا, حيث يرى مراقبون أنّه يشهد حالة انقسام "واضح" بين الداخل والخارج.
لكنّ الباحث حسين جمّو "لا يميل إلى الجزم" بوجود انقسام بين الداخل والخارج فيما يتعلّق بالمحلس الوطني الكردي, موضحاً أنّ "من في الخارج أكثر حرّية في إطلاق مواقف على هوى الاحتلال التركي" أمّا في الداخل "أعتقد أنّ لديهم حسابات مختلفة".
وعبّر جمّو عن اعتقاده أنّه لو كان "هذا الانقسام" حقيقيّ "لحدث انشقاق منذ اليوم الأوّل", كما رأى في هذا التباين "حتّى لو كان مجرّد توزيع أدوار" أفضل من "التبعيّة لجناح الخارج من المجلس, لأنّ هذا الجناح يأتمر بأوامر مباشرة من الدولة التركيّة, ولا أمل يرتجى من إصلاحه".
ونوّه الباحث الكردي حسين جمّو إلى "الشراكة الصلبة" بين مكوّنات شمال سوريا "يجب أن تُأخذ بعين الاعتبار" في أيّ طرح لتوحيد المواقف الكرديّة "خصوصاً الشراكة بين الكرد والعرب والسريان", مضيفاً بالقول "أيّ دعوة للوحدة القوميّة يجب أن لا تكون على حساب بقيّة المكوّنات, وأن يُفهم منها أنّها لا تعزل الكرد عن شركائهم من مكوّنات المنطقة".
في ظلّ مواصلة لجنة المؤتمر الوطني الكردستاني لمهامها الرامية إلى التواصل مع كافة الأطراف السياسيّة الكرديّة "دون استثناء" لتكوين موقف كرديّ موحد, تبقى إمكانيّة نجاح المبادرة من عدمها رهن تفهّم كلّ تلك الأطراف لأهمّية طرحها وجدّية مواقفها التي يجب أن تلائم ظروف المرحلة.