قال الدكتور يسري أبو شادي كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورئيس قسم الضمانات سابقاً، إن إيران قادرة على العودة إلى نشاطها النووي خلال أشهر معدودة حال انسحبت من الاتفاقات الدولية، مشيراً إلى أن برنامج إيران النووي لم يكن المؤتمر العام للوكالة في مقدمة النقاشات التي بحثها المؤتمر الأسبوع الماضي.
وأوضح أبو شادي في مقابلة مع وكالة فرات للأنباء ANF ، والذي شارك في أعمال الدورة الثانية والستين للمؤتمر العام للوكالة والتي اختتمت أعمالها في ٢١ أيلول/سبتمبر، الجاري، شهدت اختيار مصر عضواً في مجلس المحافظين، وهو المجلس المسؤول من تنفيذ كافة قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إضافة إلى اختيار المغرب، السودان، والأردن أيضا في عضوية المجلس.
أربع دول عربية في مجلس المحافظين للوكالة
وحول تبعات اختيار أربع دول عربية في المجلس وما يمكن أن يقدموه في هذه الدورة قال: "درست مجلس المحافظين جيداً، وهو يضم 35 دولة، وفي تقديري أن المجلس في هذه الدورة متوازن، وفي تقديري أن مصر يمكن أن تُفَعّل القرار الذي تقدمه سنوياً ويتم الموافقة عليه وهو قرار إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي خلال عضويتها في المجلس".
وأوضح: "وفي اعتقادي أن مصر الآن وعبر وجودها في المجلس يمكنها أن تقدم آلية وخطة تنفيذية لهذا القرار الذي يتم الموافقة عليه سنوياً منذ 20 سنة، بلا تنفيذ، وأعتقد أن مصر تحتاج فقط تخطيط ووضع مقترحات إيجابية وفعّالة".
النووي الإيراني
وحول إيران والملف النووي الإيراني، أوضح أنه "لم يناقش الموضوع في هذا المؤتمر، لكنه يناقش كل ثلاثة أشهر في مجلس المحافظين، وتبحث كافة التقارير التي تقدمها الوكالة، وكل تقارير الوكالة تقول إن إيران ملتزمة وجميع الاتفاقيات بما فيها الاتفاقية الأخيرة تنفذ بالرغم من انسحاب أمريكا، وحتى الآن لا توجد أيه مخالفة أو نتيجة سلبية حول أداء إيران".
وحول تأثير الانسحاب الأمريكي على مسار الاتفاق النووي: "نائب رئيس الجمهورية علي صالحي، ورئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، قال كلمة في المؤتمر العام للوكالة الدولية، وهو قال إن الانسحاب الأمريكي لن يمر بدون ثمن، خاصة أن أمريكا لم تنسحب فحسب لكنها أيضا تعيد العقوبات التي بناءً عليها إيران وافقت على أمور كثيرة وقدمت تنازلات كبيرة أيضا".
وأضاف "صالحي لمح في كلمته أن هذه العقوبات ربما يكون لها تأثير على إيران وأنها ربما لن تستمر في تنفيذ الاتفاقية، وهم الآن في انتظار أن الدول الأوربية التي تريد الاستمرار في هذا الاتفاق، أن تعوض العقوبات الأمريكية".
وإذا ما كان الإعلان الأوروبي الإيراني بتفعيل آلية للتعاون الاقتصادي الأوربي الإيراني سيكون أحد المخارج أجاب: "أنا أشك أولا أن يكون هذا الاتفاق بالطريقة التي أعلنوها في الإعلام، وذلك لسبب بسيط وهو أن عدد كبير من الشركات لها مصالح مع أمريكا، ولا أعتقد أن هذه الشركات ستتأثر بضغط الدول الأوربية وأعتقد أن الضغط الأوروبي ليس بالقوة الشديدة هذه، وأنا لا أعتقد أن الأمر سيكون بالصورة البراقة التي أعلنوها في القطاع الخاص يهمه بالأساس مصالحه وبالتالي لن ينصاع لأوروبا ويخالف الولايات المتحدة".
إيران لن تسير على خطى العراق
وحول الأصوات التي تقول إن الأزمة الإيرانية ربما تأخذ نفس منحى العراق أو تسير في مسارها، وموقفه من هذا الطرح خاصة أنه كان رئيسا لقسم الضمانات وكبير مفتشي الوكالة الدولية وعاصر الأزمة العراقية أجاب: "هناك اختلاف كبير بالطبع، فالعراق لفقت القضية للشعب العراقي، خاصة في 2003 واتهم اتهامات لا أساس لها من الصحة، وشنت عليه حرب ظالمة، وظهرت أنها كلها أكاذيب، فالعراق لم أحيي برنامجه النووي".
وأوضح: " العراق كان لديه برنامج نووي عسكري سري في سنة 1990 واكتُشف وتمت الحرب في 1991، ودمر كل شيء، والوكالة وأنا كنت موجود في هذا كنا مشرفين على كل ذلك، لكن في 2003 كانت خطة موضوعة لتدمير العراق ككل، والآن وبعد كل هذه السنوات نشاهد أن العراق الآن لم يتماسك كدولة كاملة".
وأضاف "أما إيران فهي تختلف عن العراق، والنظام الحاكم يحكم البلاد بقوة، وصحيح أن هناك الآن بعض المظاهرات، والأزمات لكن ليس كالوضع العراقي، كما أن أمريكا لا يمكن أن تقوم بسهولة بحرب كالتي شتنها على العراق، فلدى إيران إمكانيات قوية وصواريخ، وحتى في النووي تستطيع أن تقلب الطاولة، وصحيح أنها تعهدت بعدم تصنيع أسلحة نووية، لكن لو تحدثنا عن القدرات فإنها قادرة خلال شهور على ذلك".
وتابع: "إيران يمكنها أن تعود إلى تصنيع الأسلحة النووية، لكن بشروط أن تتخلى عن جميع الاتفاقيات وتنسحب من اتفاق منع انتشار الأسلحة النووي ولا تكون كالعراق فالعراق عوقب بسبب أنه كان لا يزال عضوا في هذه الاتفاقية".
إيران قادرة على استعادة برنامجها النووي في شهور
وحول إذا ما كانت إيران قادرة فعلاً على الانسحاب من الاتفاقات وعلى تحقيق ما تلوح به باستمرار أجاب: "هذا يحدث في حالة واحدة فقط، وهي أن توجه إسرائيل ضربة لإيران، ونتذكر أنه وحتى عهد قريب أن نتنياهو لوح مراراً بضرب إيران، وهذا لو تم فإن إيران كل أنشطتها ستكون تحت الأرض وأنا تحدثت مع إيرانيين بارزين قالوا إن لديهم حسابات بأن اليوم الذي ستضرب فيه ناتانز (منشأة لتخصيب اليورانيوم) فإنهم في اليوم الثاني سينسحبون من الاتفاقية وكل الأعمال ستكون تحت الأرض، وسيقومون بما يريدونه وبقدرات كما قلت لن تزيد عن شهور".
وعما يثار من حديث عن سعي إيران لبناء أنوية لمصانع ومنشآت نووية وللصواريخ البالستية وغيرهالها في سوريا أجاب: "بالتأكيد لا، وأراها كذبة كبرى، لأنهم وببساطة إذا أرادوا عمل ذلك فلم لا تكون في إيران؟ وفي النهاية هو يعطي صواريخ لسوريا ولحزب الله، فما يقال هي أكاذيب إسرائيلية وأمريكية، وأشك في أن يتوسع الإيرانيين بهذا الشكل، وخاصة أن هناك حرب بالفعل قائمة في سوريا وفيها أطراف كثيرة وبالتالي فلا يمكن أن يكون هذا هو الوقت لبناء مثل هذه الإنشاءات".