وأوضح كالكان، في حديث خاص لوكالة فرات للأنباء ANF، أنّ القائد أوجلان خصّص الوقت الأكبر من الاتصّال الهاتفي، الذي أجراه من معتقله في جزيرة إيمرالي مع شقيقه محمّد أوجلان في 28 نيسان الماضي، على بنود البروتوكول الذي وقّعه مع القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK في العام 1982، والذي تضمّن 10 بنود ركّزت بالمجمل على التنسيق والتعاون بين القوى والأحزاب الكردستانيّة وتجنّب الاقتتال الكردي-الكردي.
وتساءل كاكان عن سبب السماح للقائد أوجلان وبقيّة المعتقلين في سجن إيمرالي بالحديث مع ذويهم من خلال اتّصالات هاتفيّة، حيث أنّها المرّة الأولى منذ 22 عاماً تسمح السلطات التركيّة لهم بإجراء مكالمات هاتفيّة "في ظلّ سياسة العزلة التي تفرضها الدولة على القائد أوجلان. والآن أولئك الذين يديرون النظام القائم على التعذيب أن يتحدّثوا للرأي العام ليقولوا بأنّ إجراء المكالمات الهاتفيّة بات مسموحاً في سجن إيمرالي".
وأضاف "لنعرف لمَ كانت الاتّصالات الهاتفيّة ممنوعة؟ حتّى مئات الطلبات التي يتقدّم بها محامو القائد أوجلان وعائلته للقائه، يتمّ رفضها من قبل الادّعاء العام. هذا يعني شيئاً واحداً، النظام لا يريد أن تصل أفكار القائد أوجلان إلى الخارج.. لا يرغب بأن يكون القائد على اتّصال مع شعبه.. لكنّ النضال المستمر والمقاومة التي يبديها مقاتلو الكريلا في وجه هجمات جيش الاحتلال التركي هي التي أجبرت السلطات على الموافقة على إجراء المكالمة الهاتفيّة.. وليس السبب هو انتشار فيروس كورونا كما يتمّ الترويج له.. الانتصارات التي يحقّقها الكريلا في المعارك ضدّ الجيش التركي ومن ثمّ الضربات التي تلقّاها النظام التركي في الانتخابات، وضعته في مأزق حقيقي من حيث الغضب الشعبي والامتعاض من الحالة الهشّة التي يعاني منها النظام. ولأجل إبعاد الرأي العام عن إدراك هذا الوضع وامتصاص الغضب المجتمعي، سمح النظام بالمكالمة الهاتفيّة وأفسح المجال لوسائل الإعلام للحديث عنها كي ينشغل بها الرأي العام وينسى، ولو لحين، أوضاع البلاد. إذاً المكالمة جاءت نتيجة مقاومة الكريلا وانتصاراتهم العسكريّة، أيّ أن الدولة التركيّة لم تسمح بالمكالمة إلّا بعد أن أُجبرت على ذلك. في إيمرالي وفي عموم تركيا، تكون فرصة تحقيق الحرّية والديمقراطيّة متاحة بالقدر الذي تشد فيه وتيرة النضال في وجه فاشية تحالف حزبي العدالة والتنمية AKP والحركة القوميّة MHP، وهذا هو الجواب المناسب على التساؤل القائل: ما هي فرص تحقيق الديمقراطيّة وإنهاء الدكتاتوريّة في تركيا؟ ونحن نؤكّد أنّ العزلة المفروضة في إيمرالي يمكن كسرها من خلال رفع وتيرة المقاومة والنضال.. ونتذكّر جيّداً حملات الإضراب عن الطعام في العام 2019 التي كسرت العزلة حينها نتج عنها لقاء محاميّ القائد أوجلان وعائلته به".
وركّز القيادي في حزب العمّال الكردستاني على كلمات القائد أوجلان، التي قالها لشقيقه خلال المكالمة الهاتفيّة "في جنوب كردستان، هناك مخطّطات لافتعال اقتتال كرديّ-كردي" موضحاً "أي أن يقتل الكرديّ أخاه الكردي، والآن لنتساءل، من يقف خلف تلك المخطّطات؟ ومن المستفيد منها؟. بدون أدنى شك، القوى التي خطّطت لمعاناة الشعب الكردي تعمل جاهدة على عدم حلّ القضيّة الكرديّة، وتنتهج في سبيل ذلك سياسات مختلفة، من حيث نشر الفتن بين الشعب الكردي وشنّ حرب اقتصاديّة إلى جانب الحرب العسكريّة ضدّ المدن الكرديّة، علاوة على الحرب النفسيّة التي يتعرّض لها الكرد بالعموم، والهدف هو القضاء على الهويّة القوميّة للكرد".
وتابع "في السنوات الأخيرة، نما حسّ قوميّ ذو تأثير قوي داخل المجتمع الكردي في شمال، جنوب وغرب كردستان. هذا الحسّ نراه بين المثقّفين، الفنّانين، العمّال، الشباب والنساء وجميع فئات المجتمع، وهذا الحسّ بات يؤسّس لفكرة وحدة الصفّ الكردي، الذي باتت الحاجة إليه الآن أكثر من أيّ وقت مضى. وهذا الأمر هو نتاج نضال طويل قاده مقاتلو الحرّية والقوى الديمقراطيّة الكرديّة. إنّ الحرب العالميّة الثالثة التي تدور رحاها في الشرق الأوسط، ألحقت ضرراً كبيراً بالقوى التي تقف خلف المخطّطات الراميّة إلى القضاء على الكرد. وما المحاولات الجادّة التي يقوم بها المؤتمر الوطني الكردستاني لتوحيد القوى والأحزاب الكردستانيّة إلّا خير مثال على الذهنيّة المتفتّحة للشعب الكردي. هذا الأمر بات يقضّ مضاجع قوى المخطّطات، لذا فهي لا تألوا جهداً في سبيل ضرب الكرد بالكرد، وهذا ما أراد القائد أوجلان أيصاله إلى القوى الكردستانيّة. لذا خصّص الوقت الأكبر من مكالمته للحديث عن البروتوكول الموقّع بينه وبين إدريس بارزاني".
وأشار كالكان إلى أنّ القائد أوجلان شدّد على "الثمن الباهظ" الذي سيترتّب عن أيّ اقتتال كرديّ-كردي، مضيفاً "القائد أوجلان قال إنّ الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK وحزب الاتحاد الوطني YNK يقولان: ’سنحارب ضدّ حزب العمّال الكردستاني وسنحصل مقابل ذلك على دولة’ وهذا الأمر بعيد عن الواقع والحقيقة. ورأينا كيف أنّ القوى الإقليميّة والدوليّة وقفت ضدّ الاستفتاء الذي أجري على استقلال كردستان في العام 2017 بجنوب كردستان.. الآن نلحظ أنّ ثمّة اتّفاق خفيّ بين تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني، ويدور حديث حول فحوى هذا الاتّفاق، وهو ضرب حزب العمّال الكردستاني مقابل موافقة تركيا على دولة بجنوب كردستان، لكن هل هذا الأمر ممكن؟ وهل ستوافق تركيا على إقامة دولة كرديّة هناك؟. برأي يجب أن نجيب على هذين السؤالين. لا يمكن وصف أيّ انتصار للحزبين على العمّال الكردستاني، إن تمّ فعلاً، بالانتصار. لا يمكن القول إن انتصار أيّ طرف كرديّ على طرف كرديّ آخر هو انتصار. لقد تمّ تقسيم كردستان بين أربعة دول، والأجدر هو توحيد القوى الكردستانيّة في وجه الدول المحتلّة لأرضنا، لا أن نتقاتل فيما بيننا. الأحرى بنا أن نتكاتف ونتوحّد في القتال ضدّ تلك الدول".
ولفت كالكان إلى الجهود التي يبذلها "المؤتمر الوطني الكردستاني" خلال الأشهر الخمسة الأخيرة "في سبيل إيجاد صيغة عمل مشتركة بين القوى والأحزاب الكردستانيّة بهدف توحيد الصفّ الكردي. هذه الجهود هي حصيلة شعور الغيورين الكرد على تجنّب أيّ صراع كرديّ-كردي يخدم مصالح أعداء الشعب الكردي. وقد أثمرت جهودهم نتائج إيجابيّة، ولمسنا خطوات عمليّة في سبيل وحدة الصف".
وأكّد القيادي الكردي على التزام حزب العمّال الكردستاني بأيّ جهود في سبيل تحقيق وحدة بين القوى والأحزاب الكردستانيّة، موضحاً أنّ "رسالة القائد أوجلان التي أشار إليها في مكالمته الهاتفيّة وحديثه عن بروتوكول العام 1982 كان الهدف منها هو عدم الانجرار إلى اقتتال كرديّ-كردي.. نحن في قيادة حزب العمّال نؤكّد على التزامنا ببنود البروتوكول. نحن نتحدّث بوضوح عن استعدادنا لأيّ عمل من شأنه أن ينهي الخلافات القائمة ويفضي إلى تعاون مشترك بين جميع القوى الكردستانيّة. ونخاطب قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني أن يخطو خطوات نحو تحقيق الوحدة الكرديّة. ندعوهم لعدم الانجرار إلى مخطّطات أعداء الشعب الكردي الرامية إلى إيجاد صراع بين القوى الكردستانيّة لن يخدم إلّا مصالح تلك القوى المعادية للكرد.. القائد أوجلان دعا إلى أن يتقرّب الكرد من بعضهم، دعانا إلى توحيد قوانا في مواجهة المخطّطات والسياسات القذرة التي تستهدف وجودنا. القائد شدّد على أنّ أعداء الكرد هم المستفيدون من حالة التشرذم بين القوى الكردستانيّة.. ونحن نكرّر أنّنا ملتزمون بنداء القائد".
وختم كالكان حديثه بالقول: "توحيد جهودنا وقوانا يصبّ في مصلحة الشعب الكردي. والعمل الصائب الذي يتوجّب علينا القيام به هو السعي لتوحيد جميع الأطر الكردستانية.. أن نعتمد على قوى الشباب والمرأة في نضالنا، أن نستثمر كلّ الجهود في خدمة قضيّة شعبنا. نحن جميعاً أمام مسؤوليّة تاريخيّة تستوجب نبذ الخلافات والمصالح الحزبيّة الضيّقة والخروج بتوافق كرديّ-كردي بدلاً من الاقتتال والصراع. بهذه الذهنيّة الثوريّة، سنتمكّن من تذليل الصعاب والوقوف في وجه العقليّة الشيوفينيّة في هذه الظروف الاستثنائيّة. بكلّ تأكيد، بإمكاننا القيام بذلك، حيتما نمتلك الإرادة ونتسلّح بالوعي اللازم ونتّخذ من الديمقراطيّة أساساً لنا في نضالنا".