تحدث مراد قره يلان، عضو الهيئة الإدارية في حزب العمال الكردستاني، عن أهمية مسألة زيني ورتي وآخر المستجدات والعواقب التي قد تتسبب فيها تصعيد التوتر في تلك المنطقة.
وذكر قره يلان أن المنطقة بأسرها تعيش حالة من الصراع والحرب على مدار 9 سنوات ماضية، وأنه لا بد أن تمر المنطقة بإعادة تشكيل أو تقسيم، وقال "جميع القوى ومن ضمنها الدولية والإقليمية تسعى إلى تعزيز مواقعها في المنطقة، والشعب الكردي بالرغم من أنه أقدم شعوب المنطقة إلا أن الاتفاقات التي حصلت منذ 100 عام، تسببت في حرمانه من حق الوجود والاعتراف به كشعب، ولم يتم الإقرار بحق الشعب الكردي في تقرير مصيره؛ بما أن المنطقة مقبلة على إعادة تشكيل أو تقسيم، لا بد لنا أن تكون لنا استراتيجية قومية مشتركة لأجل أن نتحد ونأخذ مكاناً لنا ضمن هذا التشكيل ويكون لنا مجتمع ووجود. نحن الشعب الكردي نعيش في أربعة أجزاء من كردستان وفي كل جزء هناك عدة أحزاب، يجوز لهذه الأحزاب أن تكون ذات رأي وتوجه ولكن لا بد أن تكون هناك استراتيجية قومية مشتركة للأحزاب الكردية، وإن لم يحدث ذلك سنبقى خارج التشكيل مرة أخرى.
وحذّر قره يلان بأنه في حال لم يأخذ الشعب الكردي مكانه ضمن التشكيل الجديد للشرق الأوسط، ستستمر سياسة الإبادة بحق الشعب الكردي وهذه المرة ستحقق نتائجها، وقال " نعيش مرحلة مصيرية في تاريخ الشعب الكردي، الدول المستعمرة لكردستان لا تريد أن يكون للكرد مكاناً ووجوداً في الشرق الأوسط، خاصة وأن سياسة الإبادة التي تمارسها الدولة التركية بحق الشعب الكردي هي خطيرة للغاية، وبالأساس هذه السياسة التي تنتهجها الدولة التركية تشكل خطراً على الشعب العربي أيضاً، لأنها تستند إلى العثمانية الجديدة التي تهدف إلى السيطرة على العديد من المناطق الأخرى؛ لكن خطورتها على الشعب الكردي أكبر والسبب أن الدولة التركية تريد توسيع رقعة سيطرته ونفوذها على أساس إنكار الشعب الكردي وإبادته، لأنها تعتبر الوجود الكردي خطراً عليها؛ جميعنا نرى الاستراتيجية التي تنتهجها الدولة التركية تجاه الكرد، مثلاً هي ترى من حزب العكال الكردستاني (PKK) خطراً عليها ولا ترى ذلك في الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) والاتحاد الوطني الكردستاني (YNK)، هذه عبارة عن مرحلة ازدواجية "تكتيكية"، لكن لا وجود للكرد في استراتيجية الدولة التركية، وعلينا أن لا ننظر إليها كما لو أنها استراتيجية خيالية وغير قابلة للتطبيق، بل باشرت الدولة التركية بمحاولات تطبيقها؛ جميعنا رأينا الناطق باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالن وهو يتحدث قبل عدة أيام عن روج آفا وهو يقول "يريدون إقامة كيان كردي، ونحن لن نسمح بذلك" بالطبع لن يقبلوا، هم فقط يتذرعون بوجود جناح لحزب العمال الكردستاني هناك، لكن الأساس في ذلك هو عدم تحملهم تجاه أية مكاسب كردية، وفي المقابل عند النظر إلى السياسة الكردية وبالأخص سياسة إقليم جنوب كردستان، نرى بأن هناك قراءات خاطئة لذهنية دولة الاحتلال التركي وهناك ممارسات خاطئة في هذا الاتجاه، الحزب الديمقراطي الكردستاني وكذلك الاتحاد الوطني الكردستاني لا يزالان يستندون إلى الفكر التكتيكي في سياساتهم، بينما الجميع يستندون إلى الفكر الاستراتيجي، وإن لم يتم إحداث تغيير في طريقة التفكير سيكون ذلك خطراً على جميع أجزاء كردستان وليس فقط على جنوب كردستان".
ونوّه قره يلان إلى أن إضعاف أية قوة كردية هي إضعاف للشعب الكردي بشكل عام، وقال "إذا ظن الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن إضعاف حزب العمال الكردستاني أو إضعاف الاتحاد الوطني الكردستاني سيكون من مصلحتها، فهذا تفكير خاطئ، لأن الدور سيأتي إليه من بعدهما؛ نقولها علناً "بقدر ما تستهدف استراتيجية الحكومة التركية حزب العمال الكردستاني، تستهدف أيضاً إقليم كردستان، ولكنها فقط حددت أولوياتها في إطار سعيها أن تصبح دولة امبراطورية من خلال تطبيق الميثاق الملي، ولكن ما لا أتفهمه هو تجاهل إقليم كردستان لهذه الحقيقة، وهنا أريد توجيه الحديث إلى شعبنا في جنوب كردستان بأننا لا نفهم السياسة التي ينتهجها حكومة إقليم كردستان، لأننا ندرك جيداً تاريخ الدولة التركية ونعلم جيداً كيف أنها استغلت بعض الأطراف الكردية من أجل القضاء على الثورات الكردية، وتخلصت الدولة التركية بعد ذلك من تلك الأطراف الكردية المتعاونة مع الدولة أيضاً؛ كل ذلك مذكور في التاريخ سواء ثورة الشيخ سعيد بيران أو ثورة آغري أو ثورة سيد رضا في ديرسم، وهذه التراجيديا رافقت التاريخ الكردي إلى يومنا هذا، ونطالب السادة السياسيين الأفاضل في جنوب كردستان أن يدركوا هذه الحقيقة ومدرى خطورة الاستراتيجية التركية على الشعب الكردي.
وذَكَّرَ قره يلان باللقاءات التي أجراها مع قادة جنوب كردستان قبل أربعة أعوام، وقال "قبل أربعة أعوام أبدينا استعدادنا من أجل الوحدة الوطنية بكل إرادة وتصميم ومصداقية، واليوم كذلك الأمر، نحن لا نريد ذلك فقط من أجل أنفسنا بل لأننا ندرك الخطر المحيق بالشعب الكردي أجمع؛ أنظروا كيف تتموضع الدولة التركية في إدلب، هل هناك حزب العمال الكردستاني فيها؟ كلا، هي تعزز مواقعها وتؤسس دفاعاتها الجوية أيضاً فيها، كما أنها تحارب في ليبيا أيضاً على غرار ما فعلته في سري كانيه وكري سبي/ تل أبيض؛ مسألة ما إذا كانت باستطاعتها إنشاء إمبراطورية أم أنها ضرب من الخيال، هي مسألة أخرى، ولكن هذه حقيقة واقعة عن مساعي الدولة التركية؛ مثال على ذلك، الجميع يعرف منطقة ليلكان، فالدولة التركية تفتح طريقاً يؤدي إلى هذه المنطقة وإلى سلاسل جبال خاكورك، مثل هذه الخطوة ليست من أجل 4-5 سنوات، بل هي خطوات ثابتة ولها أهداف طويلة الأمد".
وأوضح قره يلان أن ما يجري من التغيير الديموغرافي في عفرين ومحو جميع السمات التي لها صلة بالشعب الكردي، هو دلالة على مساعي الدولة التركية في احتلال المزيد من الأراضي وضمها إلى تركيا، وقال "كل ما يجري حالياً هو إثبات على صحة ما ناقشناه مع الأخوة في قيادة جنوب كردستان قبل اربع سنوات، وعلى هذا الأساس علينا أن ندرك ما يحاك حولنا من المؤامرات، وضمن هذا الإطار بإمكاننا تقييم ما يجري حالياً في زيني ورتي".
وشدد قره يلان على أن ما يحدث في زيني ورتي، أمر خطير للغاية ولا تقتصر تبعاته على حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني فقط، بل هي مسألة تهم الشعب الكردي بأكمله، لأن الدولة التركية لها عداوة مع القضية الكردي بشكل عام، وقال "بالرغم من مبادرة أكثر من 600 شخصية مثقفة وفنية وكذلك بيان أكثر من 150 نسوة، أي أن الرأي العام الكردستاني يجمع على تجاوز الخلافات ما بين الأطراف الكردستانية، وعلى هذا الأساس يطالبون بانسحاب قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني من زيني ورتي، ما لم تكن هناك خطة مدروسة ومخفية خلف كل ذلك، لماذا لا يتم الانسحاب؟ في الواقع لا أتفهم سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني، سواء حيال زيني ورتي أو حتى حيال مخيم اللاجئين الكرد في مخمور، ونحن نأمل من الأخوة في الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يراجعوا سياساتهم ويعدلوا عنها".