وفي مقال مشترك للباحث أيكان إردمير مدير برنامج تركيا في منظمة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها في واشنطن، وجون أ. ليتشنر من كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، بعنوان "أزمة كورونا ستدمر الاقتصاد التركي"، فإنه في حال أصر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على "الاستمرار في المراهنة على أخطائه السابقة، فسوف يجلب المزيد من الدمار الاقتصادي لتركيا، مع عواقب مالية وجيوسياسية تستمر إلى ما بعد نهاية الوباء".
واشار التحليل إلى الأوضاع الاقتصادية في تركيا قبل تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث تعاني البلاد من ديون خارجية وتراجع مخيف في قيمة العملة المحلية، واحتمالية أن ينعكس انتشار الوباء بشكل أكبر على البلاد في المستقبل في حال لم يتراجع الرئيس رجب طيب إردوغان عن سياساته القمعية.
وفيما وضع وباء كورونا الحكومات والقطاع الخاص في معظم بلدان العالم على أهبة الاستعداد، إلا أن إردوغان وخلال سنوات من سوء الإدارة السياسية والاقتصادية، وضع بلاده في موقف يمكن أن يكون الأكثر ضعفا في جميع الأسواق الناشئة الرئيسية حول العالم، بحسب التحليل.
أردوغان منشغل باستهداف الكرد
وأعتبر المقال بشكل محدد أن سياسة أردوغان هي المسؤولة عن تفشي المرض ووقوع تلك الأزمات المرتبطة له، بالقول: "في الوقت الذي تواجه فيه تركيا والعالم تحديًا غير مسبوق في المجال المالي والصحة العامة، فإن أكبر خطأ يرتكبه أردوغان هو مزج طريقة التعامل مع جائحة COVID-19 بمضايقات سابقة وأساليب ثقيلة وجرعة من الخطاب الاستقطابي، خلال أزمة لا مثيل لها تدعو للتضامن والثقة داخل الدول وفيما بينها، ما لم يتوقف الرئيس التركي عن مضاعفة أخطاء الماضي، تنتظر تركيا أزمات مالية وصعوبات كارثية - وسيكون كل من تلك الكوارث معديًة للشركاء التجاريين للبلاد القريب منهم والبعيد ".
في غضون ذلك، ينشغل الرئيس التركي أيضًا بفصل واعتقال رؤساء البلديات الكرد المنتخبين لحزب الشعوب الديمقراطي، وتعيين ثمانية آخرين من موظفيه الذين اختارهم ليحلوا محل المسؤولين الكرد المنتخبين، حيث "يعد سجل أردوغان حافل باستغلال الأزمات السياسية والاقتصادية السابقة بمزيد من الإجراءات الصارمة"، بحسب الكاتب.
تركيا بين أكثر الدول تأثرا بالجائحة
تحتل تركيا المرتبة التاسعة بين الدول الأكثر تأثرا بالجائحة، بعد أن سجلت 34 ألفا و209 إصابات و725 وفاة بكوفيد-19 وفق أرقام رسمية صدرت يوم الثلاثاء.
وأعتبر المقال أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق في تركيا التي سجلت أول إصابة رسميا في 11 مارس، هو سرعة انتشار المرض حيث يتضاعف عدد الإصابات كل عدة أيام. فبعدما كان عدد الإصابات 7400 في 28 آذار مارس، بلغ 15 ألفا في الأول من نيسان أبريل، ليتجاوز 30 ألفا الاثنين، وفق الأرقام الرسمية."
وأكد المقال أن هناك قلق من أن هذه الأرقام هي أقل بكثير من العدد الحقيقي لحجم انتشار الوباء في تركيا، حيث يتوقع الخبراء أن عدد الوفيات قد يتجاوز خمسة آلاف بحلول منتصف هذا الشهر.
ويرى الكاتب إن ما قد يزيد الطين بلة، هو أنه رغم امتلاك تركيا نظام رعاية صحي متطورا قياسا بدول الجوار، إلا أن البلاد تعتبر متخلفة قياسا بدول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بعدد الأطباء مقارنة بحجم السكان، فإيطاليا، على سبيل المثال، لديها أكثر من ضعف الأطباء وثلاث أضعاف عدد الممرضات مقارنة بتركيا، فيما الجميع رأى كيف عانت إيطاليا لمواجهة آثار وباء كورونا.
أسوأ ما في أردوغان
ومما قد يجعل الأمور أسوأ، قيام حكومة أردوغان منذ الانقلاب الفاشل للبلاد في تموز يوليو 2016 بطرد أكثر من 150 ألف موظف مدني، نحو 15 ألفا منهم يعملون في قطاع الرعاية الصحية، ولذلك فإن الأزمة المالية والصحية العامة المزدوجة في تركيا قد أظهرت أسوأ ما في داخل إردوغان فيما يتعلق بمحاولات التشبث بالسلطة، حيث اختفى الرجل من المشهد منذ الإعلان عن انتشار الوباء في البلاد، تاركا مهمة التواصل مع الجمهور لوزير الصحة فخر الدين قوجة، الذي يتوقع أن يكون كبش فداء في المستقبل.
وفى الوقت نفسه، وجد الرئيس التركي في جائحة الفيروس فرصة أخرى لمزيد من إجراءات توطيد سلطته عن طريق إدخال تدابير قاسية، بعد أن تم اعتقال المئات لمجرد مشاركتهم معلومات عن الفيروس في وسائل التواصل الاجتماعي.
كما تم استجواب ثمانية صحفيين بعد نشرهم تقارير عن الوباء، فيما قام إردوغان نفسه بتقديم شكوى ضد صحفية تعمل في قناة "فوكس" بتهمة "نشر الأكاذيب والتلاعب بالجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي".
ونفذ إردوغان حملة مضايقات استهدفت معارضيه في أنقرة وإسطنبول وباقي المدن التركية الرئيسية، بالتزامن مع انشغال الناس بأزمة انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأكد الكاتب على أن سجل إردوغان حافل بعمليات استغلال الأزمات السياسية والاقتصادية لتنفيذ حملات قمع.