ودعا الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم مصر والسعودية والإمارات إلى المسارعة لدعم لبنان خلال الظروف الدقيقة التي يمر بها، من أجل ابعاد لبنان عن شبح التدخلات الإقليمية الساعية لاستغلال الظروف الراهنة من أجل مزيد من تنفيذ مشروعاتها التوسعية في الساحة اللبنانية، من خلال استغلال الأزمة الراهنة وتداعيات الفاجعة التي شهدتها العاصمة بيروت.
وأكد عاكوم، أن الحديث عن تسبب ألعاب نارية في انفجار بيروت أمر سخيف، واستمرار في نهج الاستخفاف بعقول الشعب اللبناني، ولا يوجد أي مفرقعات نارية لها هذا التأثير، مؤكدا أن وجود مواد تستخدم استخدام مزدوج (مدني وعسكري)، مخزنة منذ سنوات في المرفأ وبالقرب من منشآت حيوية من بينها قاعدة للجيش، وسط روايات عن علاقتها بالانفجار، يشير إلى تورط كبير لعديد من الاطراف في الساحة اللبنانية وخارجها، و"خاصة ان تلك المواد يلزمها انفجار صغير او اشتعال قوي للنيران لكي تنفجر بهذا الشكل الذي شاهدناه جميعا".
وقال عاكوم، في حوار لوكالة فرات للأنباء ANF، إن هناك رواية أخرى حكومية بأن الانفجار ناجم عن انفجار مواد نترات الصوديم تمت مصادرتها من إحدى البواخر، لكن العديد من المحللين يؤكدون حصول انفجارين متتالين مع سماع أصوات طائرات حربية ما يعني إمكانية استهداف الطائرات الاسرائيلية مستودعات ذخيرة لحزب الله داخل ميناء بيروت، لكن حتى الأن تظل كافة الاحتمالات واردة وربما تحديد السبب الحقيقي وفقا لتحقيق شامل يستغرق وقت غير قليل.
وفي غضون ذلك، ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى أن الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت عصر الثلاثاء ناتج عن هجوم، وقال الرئيس الأمريكي خلال مؤتمر صحفي مساء الثلاثاء: "يبدو انفجار بيروت كأنه اعتداء رهيب".
واستكمل ترامب قائلاً: "الذي وقع في بيروت أشبه بانفجار قنبلة أو هجوم"، مضيفاً أن "بعض الجنرالات يرجحون وقوع هجوم أو انفجار قنبلة من نوع ما في بيروت".
وأكد الرئيس الأمريكي أن الولايات المتحدة ستقدم يد المساعدة إلى لبنان، مضيفاً: "نعرب عن أسفنا لما وقع في لبنان ومستعدون للمساعدة". وأعرب كذلك عن تعاطف الولايات المتحدة مع لبنان. وقال للصحافيين في البيت الأبيض "لدينا علاقة جيدة جدا مع شعب لبنان، وسنكون هنا للمساعدة. يبدو كأنه اعتداء رهيب".
وبدوره، أشار الصحفي اللبناني إلى أن في كل الحالات حتى لو كان الانفجار سببه مواد كيميائية، فهو يؤكد إهمال المسؤولين عن هذا الأمر ويجب محاكمتهم على هذا الأمر، وإن كان الأمر يتعلق بمستودعات سلاح خاصة بحزب الله فإن هذا أمر خطير سيسمح بفتح ملف سلاح حزب الله على مصراعيه خلال الفترة المقبلة.
وتعليقا على تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق اليوم لحزب الله قبل ساعات من انفجار بيروت، قال فادي عاكوم، إنه لو صحت أنباء وجود غارة اسرائيلية وراء تفجير بيرووت فإنه يأتي ضمن الرسائل الاسرائيلية بل رسائل دولية وغربية إلى حزب الله والحكومة اللبنانية بضرورة إنهاء هيمنة الحزب على الدولة، معتبرا أن تورط إسرائيل يظل احتمالا قائما وغير مستبعد.
وأشار عاكوم إلى أنه لا يوجد ارتباط أيضا بين انفجار بيروت، ومحاكمة متهمين في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، مؤكدا أنه مجرد مصادفة وقوع الحادث قبل المحاكمة بساعات، وإذا صحت فرضية استهداف مخزن أسلحة لحزب الله في الميناء فإن المحاكمة ستشكل ضغطا على حزب الله وسيكون قرار الاتهام موجها لحزب الله بشكل مباشر فسيتم الربط بين الأمرين للضغط الاضافي على حزب الله لتسليم سلاحه للدولة ووضع قرار السلم والحرب بيد الجيش اللبناني.
إيران والحرس الثوري
وأكد المحلل السياسي اللبناني أن إيران والحرس الثوري لن يقبلا بتسليم حزب الله لسلاحه، للدولة لأن حزب الله رأس حربة لايران في منطقة الشرق الأوسط ومنه انطلق إرهاب طهران إلى دول المنطقة وأنشأ فروعا له في اعلراق والسعودية والبحرين والكويت، بالتالي فإن كسرت شوكة حزب الله في لبنان ستطال المذبحة باقي فروع الحزب في الدول العربية وهذا ما لا تريده إيران وربما يخضع الحرس الثوري لهذا الأمر ويقبل به بعد عقد أو عقدين لكن في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية الحالية لن يقبل الحرس بحدوث أمر كهذا.
وقال عاكوم إن تركيا لها أيضا دور مشبوه في لبنان ومنذ فترة وظهر في عدة مناطق لبنانية سواء أكان في الشمال أو بصيدا أو غيرها، وظهر جليا الدور التركي بالتنسيق مع الحرس الثوري بعد أحداث يونيو 2006 بالتالي الدور التركي مكمل لنظيره الإيراني.
وأكد السياسي اللبناني أن الشارع السني في لبنان يفتقد لقائد سني يجمع طائفتهم وأردوغان يحاول القيام بهذا الدور واستغلال هذا الوضع وللأسف استطاع وضع يده في العديد من المناطق.
ورأى عاكوم أن حسابات المجتمع الدولي مع تركيا مختلفة عن الحسابات مع إيران، لذا لم يعترض على دور رجب أردوغان في للبنان، لأن أنقرة تقوم بدور الوكيل لبعض القوى الدولية، فمثلا يعتبرون الوجود التركي أفضل من الإيراني والروسي، فتركيا أداة أوروبية أمريكية وحائط صد ضد موسكو وطهران.
وأضاف "كذلك بوجد ممر الغاز الجنوبي ينقل الغاز من أوزباكستان مرورا بتركيا وصولا لأوروبا وهذا الخط تصر الدول الأوروبية على إنشائه للتخلص من تحكمات روسيا في الطاقة المتجهة منها لأوروبا، وتركيا تلعب الدور الروسي في مد وتأمين هذا الخط وربما يكون هذا من الأسباب الرئسية لتجاهل المجتمع الأوروبي للدور التركي في المنطقة ومن بينهم لبنان".
شبح السابع من آب
ورأى عاكوم أن انفجار بيروت لن يساهم في عودة سلسلة الاغتيالات من جديد في لبنان إذا كان نتيجة غارة إسرائيلية أو نتيجة انفجار نترات الأمونيوم كما قالت الحكومة، لكن التفجيرات والاغتيالات قد تعود إلى لبنان بعد السابع من آب أغسطس الجاري بعد صدور الحكم في قضية رفيق الحريري، فبعدها سيدخل لبنان في مرحلة سياسية وأمنية وعسكرية خطرة جدا، على حد قوله.
وقال الخبير اللبناني إن انفجار بيروت ربما يخفف من الاحتقان في لبنان، نظرا للانشغال بالوضع الاجتماعي الإنساني لضحايا الانفجار، وربما يطغى هذا الأمر على مشهد المحاكمة الدولية في قضية رفيق الحريري.
نداء عاجل
وطالب المحلل السياسي اللبناني المخضرم عبر وكالة فرات للأنباء ANF الدول العربية وعلى رأسها مصر والسعودية والإمارات بضرورة توجيه مساعدات عاجلة وفورية إلى لبنان لتجنب استغلال الحادث والاوضاع الراهنة المتفاقمة من جانب القوى الاقليمية التي تسعى للتدخل في الساحة اللبنانية بكل السبل، مؤكد أن الدول الفاعلة في المنطقة أمامها فرصة لقطع الطريق على القوى الاقليمية وعلى رأسها تركيا التي تسعى بكل السبل إلى الاضطلاع بنسخة "سنية" من الدور الإيراني المخرب في لبنان. وحذر من استغلال الأوضاع في بلاده بالقول "لبنان جريح وسيقبل المساعدات حتى من الشيطان الأحمر، وحتى لو وصلته المساعدات من قطر وتركيا أو غيرهما سيقبلها ولديه ما يبرر ذلك، لكن تلك المساعدات سيتم توظيفها واستغلالها سياسيا من جانب القوى المناوئة لاستقلال لبنان وحياده عن الصراعات والتجاذبات الاقليمية الساعية لاختطافه لصالح الصراعات وخاصة في شرق المتوسط والمنطقة".
في ندوة وكالة فرات ومركز القاهرة للدراسات الكردية قبل نحو أسبوعين، أكد الكاتب اللبناني فادي عاكوم، خطورة التدخلات التركية في لبنان وتحديدا في تشكيل الحكومة اللبنانية، محذرا من عدم الانتباه إلى ما يقوم به النظام التركي في لبنان حاليا ودوره في المشهد الراهن المعقد بالبلاد، وتابع "بالاضافة إلى سعي تركيا لتنصيب حكومة موالية لها، هناك تجنيس آلاف اللبنانيين بالجنسية التركية واختراقات وتدخلات لا يمكن السكوت عنها تقوم بها السفارة التركية في بيروت"، معتبرا أن لبنان مستهدف بالتدخلات التركية سواء من زاوية الوجود العسكري التركي في سوريا وتأثيره على الوضع اللبناني وكذا التدخلات في الشأن الداخلي اللبناني وغيرها من السياسات التركية المتعلقة بشرق المتوسط.