أكد خبير مصري في مجال الأمن البحري على وجود تصميم مصري سعودي على صد أي محاولات من قبل أي دولة تحاول العبث بأمن البحر الأحمر، مشددا على أهمية الدعم الأمريكي لهذا التوجه وسيما ضد التهديدات الإيرانية، فضلا عن الأطماع التركية.
وقال هاني الأعصر الباحث المتخصص في الشأن الأمني وأحد العاملين في مجال دراسات الأمن البحري لـ"الوطن" أن الاجتماع الوزاري للدول المتشاطئة للبحر الأحمر الذي عقد في الرياض مؤخرا أكد على اهتمام تلك الدول بتعزيز حضورها في ظل سباق النفوذ بين القوى الاقليمية والدولية في تلك المنطقة، مؤكدا أن الولايات المتحدة تتحرك هناك لمواجهة النفوذ الصيني بصورة عاجلة، مؤكدا أن واشنطن تدعم جهود مصر والسعودية لمواجهة أية تهديدات لهذا الشريان البحري الهام.
حضور الملف في أغلب مباحثات الوزير سامح شكري مع الأطراف ذات الصلة وخاصة مع دول الخليج في ظل الاهتمام المشترك بمواجهة التحركات الايرانية المؤثرة على الملف اليمني، حيث يستغل الحوثيين أمن مضيق باب المندب كأداة للضغط، والاهتمام المصري يظهر في العلاقة "الثنائية" مع جمهورية أرض الصومال وهو ما يمكن الاستدلال عليه باستقبال الوزير المصري شكري لسعد علي شيري وزير خارجية أرض الصومال في 2016، وكذلك اهتمام مصر بتطوير قدراتها العسكرية البحرية وتدشين الأسطول البحري الجنوبي المصري.
اجتماع الرياض حول البحر الأحمر "استطلاعي".. والولايات المتحدة مهتمة بمواجهة نفوذ الصين وإيران بصورة أسرع
في تقديري اجتماع استطلاعي الغرض منه التعرف على مواقف كافة الدول المتشاطئة من التنافس الإقليمي والدولي على منطقتي القرن الأفريقي والبحر الأحمر؛ وكذا التعرف على تصوراتهم لإدارة ملف الأمن البحري لهذا الممر المائي المهم، أضف إلى ذلك رغبة المملكة العربية السعودية في تطوير دورها الإقليمي ورغبتها في احتلال صدارة المشهد.
في تقديري لن يحدث ذلك على المديين القريب والمتوسط، لاسيما وأن العلاقات الثنائية بين هذه الدول ليست على ما يرام، أضف إلى ذلك أن المنطقة باتت تشكل ساحة للتنافس والصراع الدوليين بين الدول الكبرى وفي مقدمة ذلك الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، فالبحر الأحمر جزء هام من الاستراتيجية الصينية والمبادرة التي اعلنتها بكين بعنوان "طريق الحرير الجديد" وتحديدا في مساره البحري.
أعتقد أن الولايات المتحدة تدرك جيداً صعوبة وربما استحالة إنشاء منظمة إقليمية للدول المتشاطئة للبحر الأحمر، أضف إلى ذلك أن الوجود الصيني بالمنطقة أصبح حقيقة وواقع وليس استراتيجية محل الدراسة، ومن ثم فإن الولايات المتحدة قد تسعى لتحجيم النفوذ الصيني بالمنطقة عبر آليات وطرق أكثر فاعلية بل وذات تأثير سريع. ومن ثم فإن تحركات الدول المتشاطئة يجب ان تواكب هذا مستوى الاهتمام الأمريكي لتحظى بدعم واشنطن.
الأسباب غير معلنة ولكن في تقديري أن طبيعة الاجتماع والهدف منه كما سبقت الإشارة؛ حتمت على المملكة العربية السعودية (بإعتبارها المنظم للاجتماع) أن تتجنب دعوة بعض الأطراف التي قد يثير حضورها مشاكل دبلوماسية أو سياسية وعلى رأسها جمهورية أرض الصومال مثلاً. ولكن ليس واضحا لماذا لم تحضر إريتريا اجتماع الرياض.
أعتقد أن القيادة السياسية المصرية مصممة وتعمل بكل طاقتها على تحقيق هذا الهدف، أما الإعلان عن فتح المجال أمام الاستثمار في مجال التنقيب والاستكشاف في منطقة البحر الأحمر ما هي إلا خطوة من بين خطوات، فالتطوير يجري على قدم وساق في كافة المجالات المرتبطة بمجال الطاقة، فعلى سبيل المثال توصلت مصر أخيراً ـــ خلال زيارة الرئيس السيسي إلى روسيا في أكتوبر الماضي ــــ إلى اتفاق حول 2028 كموعد للانتهاء من محطة الضبعة، وكذلك الإعلان عن الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وبدء التصدير للأردن وغيرها من الخطوات. كما استطاعت مصر ان تحقق تطورا لافتا في كم العلاقات التعاقدية مع دول شرق المتوسط والشركات الكبرى العاملة في مجال الغاز، سواء بهدف تصدير الغاز المصري، او استيراده من قبرص واسرائيل بهدف اعادة تصديره إلى أوروبا، فضلا عن الاتفاق مع قبرص على انشاء خط انابيب لنقل الغاز.
أعتقد أن الجهود واضحة وهناك تصميم على صد أي محاولات من قبل أي دولة تحاول العبث بواحد من أهم الممرات المائية في العالم، والأهم من هذه الجهود هو الدعم الدولي لاسيما الأمريكي، وهو أمر يمكن استطلاعه عبر عدد من المؤشرات لعل أبرزها تصريحات قائد الأسطول الخامس في سبتمبر الماضي حول قدرة الولايات المتحدة على ردع أي تهديد لأمن البحر الأحمر قاصداً بذلك التهديدات الإيرانية. كما أن مصر والسعودية معنيتان بمواجهة الاطماع التركية في البحر الأحمر، حيث تعزز تركيا علاقاتها بأطراف مناوئة للدولتين، كما تسعى لإيجاد موطئ قدم بحري لها وقواعد تدريب عسكري على البحر الأحمر، وهو ما بات واقعا في الصومال، وهناك مساع تركية جادة لتكراره في السودان حاليا.
