وقال الباحث المصري الدكتور رامي عاشور دكتور العلوم السياسية والأمن القومي وزميل أكاديمية ناصر العسكرية العليا، أن الهدف من العملية العسكرية التركية هي محاولة "تحرير تنظيم إرهابي من السجن" و"اعادة الروح المعنوية" لمقاتليه، في عملية عسكرية عدوانية هي الأولى من نوعها التي تستهدف "تحرير تنظيم إرهابي"، بحسب وصفه.
وأكد "عاشور" على دور قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية في القضاء على إرهاب تنظيم داعش في شمال شرق سوريا، مشيرا إلى خطورة هروب عناصر تنظيم داعش المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية، مضيفا: "بعدما تحقق من استقرار في المنطقة بعد القضاء على تنظيم داعش الذي كان يسيطر على نحو 60% من الاراضي السورية، يريد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعادة الفوضى".
وقال المحلل السياسي المصري رامي ابراهيم لوكالة فرات للأنباء ANF إن ما تقوم به تركيا في الأراضي السورية هو انتهاك واضح وصريح لكل القوانين والمواثيق والأعراف الدولية والمجتمع الدولي يتحمل مسؤوليته تجاه العربدة التركية في الأراضي السورية، و"يجب أن يكون هناك تدخل دولي لوقف اي عسكري تركي، أو القيام بأي عمليات عسكرية في شمال سوريا أيا كانت الأهداف".
وأعتبر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ويواصل العمل على تحقيق احلامه التوسعية الاستعمارية من خلال العمل على تغيير ديموغرافيا المنطقة باستبدال الكرد بمجموعات من النازحين وبعض الفصائل الموالية لتركيا، في محاوله منه لضمها الاراضي التركية مستقبلا، وذلك في إطار خطط التقسيم التي تطال بعض الدول العربية وتقسيمها.
وتابع رامي ابراهيم: "تتدخل تركيا في سوريا بحجج واهية حيث تزعم انها تسعى لوقف توسعات القوات الكردية ومحارم تنظيم داعش وهو نفس التنظيم الذي تقد له تركيا كافة انواع الدعم العسكري واللوجيستي في عدد من الدول العربية مثل ليبيا والعراق."
واضاف: "اعتقد ان هناك دور مشبوه للولايات المتحدة وايضا روسيا من خلال تبادل المصالح و الصفقات الأخيرة التي عقدتها تركيا مع روسيا وخاصة صفقات السلاح، والتي من خلالها سعت أنقرة لتجسيد موسكو، إضافة إلى تواصل انقرة وواشنطن إلى اتفاق في آب/ أغسطس الماضي، لإقامة منطقة آمنة بين الحدود التركية والمناطق السورية، شرقي نهر الفرات، الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية."
وأعتبر أنه "يجب أن يكون هناك دور قوي وملموس لجامعة الدول العربية، وذلك من خلال الدعوة لعقد اجتماع طارئ لبحث عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، وبحث الجهود العربية التي ممكن إن تبذل لواجهة العربدة التركية في الاراضي العربية."
وبدوره، قال مصطفى بركات الكاتب الصحفي المصري المتخصص في الشؤون الدولية، أن تهديد الرئئيس التركى رجب طيب أردوغان، بتنفيذ عملية عسكرية فى شمال سوريا، تستهدف الكرد، الهدف الخفى لها هو تمكين العناصر التابعة للتنظيمات الإرهابية "داعش" و"جبهة النصرة" فرع القاعدة فى سوريا.
المطلوب موقف عربي داعم للكرد
وأضاف بركات لوكالة فرات للأنباء ANF أن مخطط أردوغان الرامى لتمكين هذه التنظيمات الإرهابية من السيطرة على المنطقة، بدأ فى آيار/ مايو الماضى مع إعلان دمج ما يسمى "الجيش الوطني السوري" المدعوم من أنقرة و"الجبهة الوطنية للتحرير" تحت مظلة التنظيم الأول، في إجراء يهدف إلى حل "هيئة تحرير الشام"، حينما وأعلن رئيس ما تسمى "الحكومة السورية المؤقتة"، التي تتخذ من جنوب تركيا فى ولاية شانلي أورفة مقرا لها، عبد الرحمن مصطفى، عن توحيد "الجبهة الوطنية للتحرير" و"الجيش الوطني السوري" تحت سقف وزارة الدفاع في هذه السلطة التي تريد تركيا أن تتسلم زمام الأمور في البلاد بعد انتهاء الأزمة، هو ما تم إعلانه بشكل رسمى الجمعة الماضية.
وأشار الصحفى المصري، إلى أن أطماع أردوغان فى الأراض السورية وكذلك العراقية، لم ولن تنتهى، مطالبا بموقف عربى داعم للكرد خلال الفترة المقبلة على الصعيد السياسي والعسكري، فكل رصاصة يطلقه مواطن كردي هناك بمثابة حائط صد ضد أطماع النظام التركى فى عموم المنطقة والتى لن تتوقف عن حد الشمال السوري.
ولفت إلى أن "عربدة النظام التركى على البر والبحر –فى اشارة إلى التنقب عن الغاز فى شرق المتوسط- تخطت جميع الأعراف الدولية، فى ظل الموقف الأمريكى المتسم بالضبابية فى التعامل مع أردوغان، وتعمد واشنطن اتخاذ إجراءات رداعة تتوافق مع القانون الدولى لإيقاف هذا النظام خلف الخط الأحمر المحدد لسيادة الدول وصون ترابها الوطنى."
وشدد بركات على ضرورة تدخل مصر بقوة فى هذا الملف خلال المرحلة المقبلة، "فغياب القاهرة عن ممارسة دورها الريادي بالإقليم خلال العقد الماضى بسبب حالة السيولة السياسية التى مرت بها البلاد عقب ثورة يناير، ساهم فى تعزيز النزعة العثمانية لدي الأتراك ووجدوا فى غياب مصر غياب لكامل المشروع العربى، وسعوا إلى فرض مشروعهم العثمانى المرتبط بحلم الاستعمار القديم لدول الشرق الأوسط الواحدة تلو الأخري، خصوصا بعدما أوجدت لهم قطر موطئ قدم فى الإقليم بذريعة الدفاع عنها أمام جيرانها العرب عقب أزمة المقاطعة."
التدخل سيكون نهاية أردوغان
أما الباحث السياسي المصري مصطفى صلاح، فقال: "في تقديري أن تهديدات اردوغان بالدخول إلى مناطق الشمال السوري قد تكون بمثابة نهاية التدخل العسكري التركي هناك خاصة أن المنطقة المستهدفة تمثل مساحة جغرافية كبيرة تصل إلى 460 كم، بالإضافة إلى عمقها الذي يتراوح بين 35 و 40 كم، والتي من الصعب على القوات التركية تمشيطها والحفاظ عليها لفترات طويلة."
"من زاوية أخرى فإن قوات سوريا الديموقراطية تمتلك العديد من أنظمة التسلح الأمريكي التي زودتها بها واشنطن لمواجهة خطر تنظيم داعش، والتي أيضا سيتم استخدامها في مواجهة التدخلات العسكرية التركية برغم انسحاب القوات الأمريكية من تلك المناطق"، بحسب صلاح .
وأكد الباحث السياسي على أن هذه العملية مرتبطة بالعديد من الملفات الداخلية التركية كملف اللاجئين الذين تستخدمهم أنقرة لتبرير تدخلها في المناطق الكردية السورية وإرسال اللاجئين هناك، بيد أن هذا الأمر من المحتمل أن يزيد من حدة التوترات الداخلية في المناطق التركية ذات الأغلبية الكردية والتي قد تمثل عامل ضغط داخلي على مسار حركة تركيا العسكري في شمال وشمال شرق سوريا.
واختتم تصريحاته بالقول: "في ظني أن هذه العملية تأتي بصورة كبيرة كمحاولة للالتفاف حول العديد من الضغوط الداخلية التي يتعرض لها اردوغان وحزبه في الكثير من الملفات، وأن هذه المعركة التي أعلنت عنها أنقرة بمسمى بناء السلام ستكون وفق هذه المؤشرات انتهاء لحالة ممتدة من التدخلات الخارجية غير المشروعة في سوريا والعديد من الأقطار العربية".