بعد أنّ تمكّنت قوّات سوريا الديمقراطية من إنهاء التواجد العسكري لتنظيم داعش في سوريا, جرت العديد من النقاشات حول المرحلة التالية, وفي هذا السياق وفي لقاء خاص لوكالة فرات للأنباء ANF تحدّث عضو المجلس التنفيذي لحركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM) بدران جيا كرد عن مرحلة ما بعد داعش وكذلك الدستور السوري الجديد الذي تحاول روسيا تقديمه, إلى جانب حديثه عن فرص الحل السياسي للأزمة السورية من منظور الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا.
ولفت جيا كرد إلى مواصلة العمل القانوني, السياسي والدبلوماسي من اجل محاكمة مرتزقة داعش المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية (QSD) والذي يبلغ عددهم وفقاً للإحصائيات غير الرسمية, 11 ألف مرتزق ومسألة 72 ألف شخص من عائلات مرتزقة داعش من 52 دولة مختلفة في العالم, موضحاً أنّ الإدارة الذاتية تعمل بالطرق الدبلوماسيّة, السياسيّة والقانونيّة لحلّ مشكلة معتقلي داعش لدى قوّات سوريا الديمقراطية ممن يحملون جنسيّات أجنبيّة.
وأوضح أن موضوع الدستور السوري الجديد هو "خدعة" روسية, تركية وإيرانية, والإدارة الذاتية ترفض أي مقترح لا يتطابق مع ما تدعو إليه.
وأشار بدران جيا كرد إلى أن قوات سوريا الديمقراطية (QSD) تمكنت من القضاء على تنظيم داعش الإرهابي "عسكريّاً", لكن هناك حاجة إلى عمل طويل للقضاء على فكر داعش, مشدداً على مواصلة محاربة الإرهاب والتطرف بدعم من التحالف الدولي وقال: "هناك خلايا نائمة لتنظيم داعش الإرهابي, لهذا هناك حاجة إلى ضرورة مواصلة محاربة الإرهاب بشكل موسع ومختلف. داعش ليست مشكلة معنية بالإدارة الذاتية فقط, كذلك الوضع والمرحلة ما بعد داعش تتطلب جهوداً مشتركة. المجتمع الدولي أيضاً ملزم بالمشاركة في مرحلة ما بعد داعش. يجب مواصلة محاربة داعش. كذلك مرتزقة داعش الأجانب ليسوا مسؤوليتنا وحدنا, ودعونا كثيراً بلدانهم من اجل استلام مواطنيهم لكن تلك الدول تتجاهل ندائنا. إلى اليوم يوجد نحو 11 الف مرتزق اجنبي محتجزون لدى قوات سوريا الديمقراطية (QSD), نحن نطالب بمحاكمة هؤلاء الإرهابيين, والطريق الأمثل بعد رفض بلدانهم استلامهم هي العمل على تشكيل محكمة دولية بدعم وإشراف دولي لمحاكمة المرتزقة وفق القوانين الدولية. من اجل هذا نعمل في الجانب السياسي, الدبلوماسي والقانوني. أيضاً آلاف الأطفال والنساء من عائلات مرتزقة داعش موجودون في مناطق شمال سوريا ولا احد يقدم لهم مساعدات, لتبقى المسؤولية ملقاة على كاهل الإدارة الذاتية بمفردها لهذا يجب على المجتمع الدولي التدخل وتحمل مسؤولياته تجاه هؤلاء".
وأوضح جيار كرد انهم ينظرون إلى التصريحات الروسية حول الدستور السوري الجديد على أنّها "غير جدّية" وتابع: "من وجهة نظرنا نعتقد أن هذه الخطوة هي من اجل القضاء على قوى المعارضة, ونحن نعتبر أن هذه هي محاولة للخداع. وفي نفس الوقت وبالنظر إلى التصريحات التي تصدر عن دمشق لم نشاهد أي مؤشرات تمهد للتغيير, فالنظام يرفض أي تغيير حتى لو كان بسيطاً. بالإضافة إلى أننا لم نلاحظ أي نية من جانب روسيا وحكومة دمشق تمهد لحل الأزمة. وفي نفس الوقت الولايات المتحدة الأمريكية, أوروبا ودول الغرب لا ترى مشروعيّة للدستور الجديد ما لم يتمّ الاتفاق عليه في إطار الأمم المتّحدة".
وأشار جيا كرد إلى أن الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا تم إقصاؤها من لجنة إعادة صياغة الدستور الجديد مؤكداً رفضهم لأي دستور ليسوا مشاركين في صياغته. وأضاف: "إقصاؤنا من لجنة صياغة الدستور الجديد له معنيين, الأول: محاول تقسيم سوريا والثاني: محاول تمديد الأزمة وكسب الوقت لإقناع الأطراف بقبول الدستور القديم. هذه المحاولات لن تفضي إلى حل الأزمة السورية, فمن اجل حلّ الأزمة يجب مشاركة كل الأطراف في هذه المرحلة, نحن نؤكد على أن حل الأزمة السورية لن يكون إلا بقرار واتفاق ما بين السوريين. تحاول روسيا, إيران وتركيا وضع دستور لسوريا دون مشاركة السوريين وحتى دون مشاركة النظام السوري نفسه. والسؤال كيف لمثل هذا الدستور أن يحل الأزمة السورية؟ مرة أخرى وبكل وضوح نحن نؤكد للجميع رفضنا لأي دستور لا نشارك في صياغته ولا يقبل بفكرنا, وهذا يعني أن لا حلّ للأزمة التي ستستمرّ هكذا".
ونوّه القيادي في حركة المجتمع الديمقراطي إلى "وثيقة حل الأزمة السياسية التي تناولت عشر نقاط" والتي قدموها إلى الجانب الروسي, موضحاً أن روسيا كان عليها المساهمة بشكل اكبر في تقريب وجهات النظر ودعم اجتماعات الإدارة الذاتية ودمشق للوصول إلى حل للازمة وأضاف: "كنا سنناقش النقاط العشر من اجل حل الأزمة السورية لكن الاجتماعات توقفت, ومنذ ذلك الحين لم نلتقي مع النظام. التقينا مرات عدة مع الروس, وعلى ما يبدوا أن موسكو هي التي أعطت التعليمات لوقف تلك الاجتماعات".
جيا كرد وفي رده على السؤال لماذا تبادر روسيا إلى إصدار تعليمات للنظام لوقف الاجتماعات مع الإدارة الذاتية؟ قال: "هناك تقارب روسي تركي ونتيجة الضغط التركي على روسيا, أبلغت الأخيرة النظام السوري بوقف المفاوضات. إلى الأن لا يوجد أي شيء جديد. هذا الموقف الروسي مؤشر على أن موسكو لا تنظر إلى اجتماعاتنا مع دمشق من منظور استراتيجي, إنما هو تكتيك مرحلي من اجل الحصول على تنازلات من قبل تركيا واستخدامها كوسيلة ضغط على الإدارة الذاتية".
وتابع: "هذه السياسة الروسية خاطئة, فعليها أن تكف عن التفكير في مصالحها وحدها, وعلينا أن تراعي مصالح جمشق ومصالحنا نحن أيضاً في الوقت ذاته. من وجهة نظرنا, اذا لم تتعامل روسيا بشكل إيجابي مع الأزمة السورية, سيكون لها نتائج وخيمة على سوريا بشكل عام. اذا ما استمرت روسيا في محاولة إقصائنا والتعامل مع تركيا على حساب مصالحنا فبكل تأكيد ستخسرنا كإدارة ذاتية وبالتالي ستخسر كل سوريا".
وختم عضو اللجنة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM) حديثه بالقول: "عندما ننظر إلى سياسة النظام في دمشق وتصريحات مسؤوليه, لا نرى أي تغيير في الذهنية. النظام لا يزال يعيش حلم العودة إلى سابق عهدة ما قبل العام 2011. هو يعتبر أن شيئاً لم يحصل في البلاد, وكأنّ الحرب لم تندلع, بل يعتقد أنّه قادر على أن يهمين على كل سوريا كما في السابق. لكن في الحقيقة هو لا يملك أي مشروع وخطة للتغيير. ومن وجهة نظرنا نؤكد ان النظام غير قادر على إدارة البلاد بنفس المنطق والتفكير وأن هذا التفكير لن يجلب سوى المزيد من الدمار والكوارث لسوريا. وإذا ما كان النظام مصرّاً على العودة إلى كامل سوريا بالشكل السابق فهذا سيؤدي إلى تقسيم البلاد. هناك حاجة إلى تغيير في المجال السياسي, العسكري, الاجتماعي والقانوني لكن النظام السوري غير مستعد لقبول هذا التغيير".