وفي حوار خاص لوكالة فرات للأنباء ANF, تحدّث جميل بايك الرئيس المشترك للهيئة التنفيذيّة لمنظومة المجتمع الكردستاني, والقيادي في حزب العمّال الكردستاني حول آخر التطورّات الأخيرة المتعلّقة بهجمات الدولة التركيّة على مناطق عدّة في شمال كردستان وجنوبها, مشيراً إلى أنّ مقاومة الكريلا في مواجهة المخطّطات التركية مستمرة
في 27 من ايار بدأ الجيش التركي بحملة عسكرية جديدة ولكن الكريلا يتصدون لهم ويشنون عليهم عمليات قوية ويسعون الى افشال حملتهم العسكرية. ما نوعية الحرب التي تخوضها المنطقة خلال عام والنصف؟
احتلت تركيا قبل الآن تل ليليكان وهي احدى التلال الاستراتيجية في منطقة خاكورك. حيث اسست قاعدة عسكرية فيها ، ولكن مقاتلو الكريلا شنوا عمليات نوعية عليهم والحقوا خسائر فادحة بجنودهم. وهذا بلا شك ادى الى افشال خطط السلطة التركية التي كانت تتوقع بأنها ستسيطر على جميع مناطق الاقليم من خالا سيطرتها على تل ليليكان.
ولكن خلال عام ونصف شنت قوات الكريلا هجمات ثقيلة على الجيش التركي المتمركز في هذه المنطقة حيث لم يكونوا قادرين على الخروج خارج تل ليليكان وكانوا يقومون بعمليات الاستطلاع من خلال المروحيات وطائرات الاستكشاف ومن جانب اخر كانوا يواصلون شراكتهم مع حزب الديمقراطي الكردستاني وبهذه الطريقة كانت تسعى البقاء في الاقليم لانهم كان متأكدين بأنهم لن يتمكنوا من الاستمرار ولهذا قرروا بتوسيع احتلالهم ومن الواضح بأن هذا القرار تم اتخاذه قبل فترة. حيث بدأ الجيش التركي هجماته في 27 من ايار من خلال تناسب الشروط الجوية في استخدام مروحيات الاستطلاع. وهنا لا تشن الهجمات ضد الدولة التركية فقط لأنها تعتمد علة حكومة الحزب الديمقراطي الكردستاني وهذا ما تم توضيحه في التلفاز عندما تنقلوا بين القرى واعطوا الطعام للقرويين. وهذا يدل على ان الدولة التركية على علاقة حميمة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني. وهذا يعني انه ليس لحزب الديمقراطي الكردستاني أي موقف حيال الاحتلال التركي وانما تسعى الى دفع القرويين لتأييد ومساندة الجيش التركي وفتح علاقات معهم. ما ماهية هذه العلاقات؟ بلا شك سيحولنهم الى مخبرين في حربهم مع الكريلا مقابل الحصول على المال. وفي سياق الاشخاص الذين تم اغرائهم بالمال سيحولهم الجيش التركي الى استخبارات كي يشنوا هجماتهم على الكريلا. وهذا ما يجري في بهدينان فنحن نعلم انهم يعتمدون على المخبرين في هجماتهم الجوية في العديد من مناطق بهدينان. وان الذين يمدون الجيش التركي بالمعلومات باتوا واضحين بأنهم يعملون مع الاستخبارات التركية حيث يدلون بمعلومات عن اماكن تواجد الكريلا ويشنون هجماتهم علينا. وليس لدينا اي شك بأن الاستخبارات التركية وقوات الحماية يعملون معا. ونستطيع التأكيد بأن العديد من الكريلا استشهدوا لهذا الامر. وايضا قوات الدفاع المتواجدة خارج اقليم بهدينان تسعى بشكل كبير كي تدلي بمعلومات عن الكريلا في منطقة قنديل والمناطق المحيطة بها للاستخبارات التركية. ووفقا للمعلومات التي تصلنا انهم يسعون للوصول الى مناطق تواجد اللجنة التنفيذية لكل من حزب العمال الكردستاني ومنظومة المجتمع الكردستاني. ووفقا لما افاداه قائدان في الجيش التركي كنا قد اسرناهما بأن الجزب الديمقراطي الكردستاني يقدم لنا المساعدة من ناحية الادلاء بالمعلومات. وهم يسعون الآن الى ممارسة هذه العمليات في خاكورك والمناطق المحيطة بها ولكن الكريلا سيناضلون وسيقفون لهم بالمرصاد. والدولة التركية تسعى بكل امكانياتها البقاء في هذه المناطق فهي تمارس سياسات الحرب منذ 4 و 5 الاعوام الماضية من خلال احاكة مؤامرات وخطط حتى تفرض سيطرتها على تلك المناطق. وفي جنوب كردستان تمارس حكومة الاقليم اشد انواع الديكتاتورية حيث تعتقل الساسة ، البرلمانيين والرؤساء المشتركين للبلديات ويمارسون انتهاكات كبيرة ضد الشعب. ولكن هناك نضال كبير ضد هذه الممارسات وحركة التحرير الكردستانية تخوض نضالا عظيما ومستمرا ضد هذه الممارسات. ونتيجة لهذا النضال خلقت في تركيا ازمات اقتصادية ،سياسية ،ثقافية ، عسكرية ودبلوماسية بحيث لم تعد السلطة التركية الحفاظ على سلطتها.
وهي تعاني من انهيار في سياستها وتأزم في اقتصادها ولم تعد تلقى دعما سياسيا في الداخل والخارج وكم الواضح بأن هذه الحرب مستمرة. وبلا شك بأن الدولة التركية قد احتلت بعض المناطق الا انها لن تستطيع السيطرة عليها جميعا. فالكريلا تعلم بجميع هذه الامور وهم اصحاب تجربة وخبرة في النضال. وسيواجهون هذه الهجمات وسيخنقون الدولة التركية في هذه الحرب وكما يقول القائد اوجلان ان الدولة التركية غير قادرة حل هذه المشكلة عن طريق الحرب وغير قادرة على اخماد نضال الشعب الكردي من اجل الحرية. وان نضال الشعب الكردي سيستمر في جميع الاماكن مالم تتوقف هذه الهجمات بدءا من خاكورك الى بهدينان ومن ديرسم الى سرحد وفي جميع الاماكن.
الدولة التركية التي تستمر في شن هجماتها على شمال وجنوب كردستان، لا تتوقف في شمال سوريا وتسعى الى ضم الاراضي التي احتلتها لها وتطلق تهديدات على المناطق الاخرى. فهناك حرب في ادلب حيث الولايات المتحدة الامريكية وروسيا وشركائهما موجودين في اطار هذه الحرب. ما هو دور تركيا في هذه المسألة ، وكيف ستستخدم هذا الدور ضد الشعب الكردي؟
ان الدولة التركية تحتل عفرين، جرابلس ، باب ، مارع ، عزاز ولها تأثيرا فعالا في ادلب. وفي الحقيقة هي تسيطر على مناطق غربي الفرات ما عدا منبج. ومن غير الممكن القول بأن المجموعات الارهابية تسيطر على تلك المناطق لأنها محتلة من قبل الدولة التركية ولولا هذا الاحتلال لما استطاعت المجموعات الارهابية البقاء في تلك المناطق. وقبل كل شيء يجب تقييم الاحداث من هذا المنطلق حيث من غير الممكن القول بوجود الجيش السوري الحر في تلك المناطق وايضا وجود قوى اخرى. فتلك المناطق هي تحت سيطرة الدولة التركية.
وعندما تنسحب الدولة التركية من تلك المناطق لن يبقى لهذه القوى وجود وان الدولة التركية لن تنسحب من تلك المناطق بسهولة. حيث انشأت نظامها الاداري ، الثقافي ، التعليمي والصحي فيها. حيث فرضت المناهج التركية في المدارس. كما انها تسعى الى استخدام المناطق التي احتلتها كورقة رابحة لها في الشكل الجديد لسوريا. ومن المعروف بان تركيا تتلقى مساندة من الولايات المتحدة الامريكية ومن الدول الاوربية في احتلالها لتلك المناطق. وعندما نرجع في ذاكرتنا نجد ان الولايات المتحدة الامريكية صرحت اثناء احتلال تركيا لعفرين بأنها لن تتدخل في مناطق غربي الفرات. وهذا يعني بأنها تؤيد احتلال تركيا لعفرين. ومن المفهوم بأنها تؤيد احتلال تركيا لعفرين ليس فقط من خلال صمتها وانما من خلال ذلك تدعم مصالحها.
وتسعى كل من روسيا ، سوريا وايران فرض سيطرتها على ادلب، الا ان الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية يتصدون لرغباتهم تحت ذريعة بأنه سيتسببون في مأساة انسانية وكأنه لا توجد مأساة انسانية في مدينة عفرين. حيث تم ابادة الشعب في عفرين وتهجيرهم وتوطين غيرهم فيها ويسعون للتغيير الديمغرافي فيها اما في ادلب لم تمارس مثل هذه الانتهاكات. وهذا دليل بأن سياسات الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية حيال ادلب تقدم المساندة لتركيا ومن مصلحتها بأن تحتل تركيا مع مجموعاتها الارهابية تلك المناطق. ومن الواضح بأن روسيا تؤيد احتلال تركيا لعفرين ولكن الامر المهم هنا بأن عفرين ، ادلب ، جرابلس والمناطق الاخرى تستخدم كساحات عسكرية ضد سياسات روسيا وسوريا. وان من يقف في وجه روسيا وسوريا في ادلب هم الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية وليست روسيا ومن الواضح بأنهم يرغبون في تطبيق سياساتهم خلف الستار التركي. والدولة التركية تطلق تهديداتها على المناطق التي هجروا اليها الشعب الكردي في عفرين ساعية الى احتلال تلك المناطق ايضا بهدف احتلال مدينة حلب وفرض سيطرتها على سوريا. روسيا وسوريا سعت الى اخراج المجموعات الارهابية من حلب مهمشة احتلال تركيا لجرابلس والباب. وبقيت صامتة امام احتلال تركيا لعفرين وتركيا اليوم تسعى لاستخدام هذه السياسة ضد روسيا وسوريا ولهذا نجد بأن الحرب ستدوم في مناطق غربي الفرات.
وبلا شك بأن الشعب الكردي سيستمر في نضاله من اجل تحرير عفرين حتى وان تم احتلاله من قبل الدولة التركية وعناصرها الارهابية وهذا امر طبيعي. ولكن الدولة التركية بالمقابل تسعى لاستمرار في احتلالها ولهذا سيناضل الشعب الكردي ضد تركيا.
وسيستمر النضال الكردي في تلك المناطق كما ان الباب وجرابلس محتلة من قبل تركيا لذلك ستتوحد جميع القوى التي تناضل ضد الاحتلال التركي وهذا يحتاج الى نضال سياسي. والشعب الكردي يواصل نضاله لإخراج تركيا من اراضيه وهم الى الآت يناضلون لوحدهم وروسيا لم تعلن الحظر الجوي على تلك المناطق حتى الآن.
ونستطيع التخمين بأنه سيكون هناك معارك عصيبة في ادلب. وفي مثل هذه المرحلة ليس من المستبعد بأن تقبل روسيا وسوريا هذا الوضع الا ان الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية وتركيا يسعون الى ابقاء هذه الاوضاع الراهنة. ويسعون من خلال هذه الاوضاع الضغط على سوريا ونظامه. تركيا تعتمد على الولايات المتحدة الامريكية وتستمر في المحافظة على هذه الاوضاع وكل من روسيا وسوريا يعلمون بهذه المآرب ويجدون ان من حقهم محاربة هذه السياسات. مواقف جديد ، حرب جديدة التي تؤدي الى تغيير الموازين ستوضح نهاية هذه المقاومة.
الا ان كل من روسيا والولايات المتحدة الامريكية لا يرغبان في مواجهة بعضهما بشكل واضح فهذه حقيقة يعلمها الجميع لذلك ستحل الازمة في تلك المناطق من خلال حرب عصيبة وهذا ليس بالأمر السهل. كيف ستحل هذه الازمة من خلال اللقاءات السياسية وهذا ليس بالأمر السهل ايضا لهذا فان النضال يستمر ومن الضروري والمهم متابعة هذا النضال وعلى الشعب الكردي توضيح سياساتهم وفقا لهذه الاحداث كما عليهم متابعة هذه المرحلة ومواصلة نضالهم ضد المحتل التركي دون انقطاع وعليهم التوضيح للجميع بأنهم لن يتخلوا عن مدينة عفرين.
في مسألة S-400 كيف ستخلق تركيا توازنا بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا وما التأثير التي ستخلقه هذه المسألة؟
ان تركيا تستخدم مسألة S_400 كورقة تهديد ضد روسيا وهنا تقدم تركيا وضعها السياسي وتدعو روسيا بأن لا تتخلى عنها ومن خلال هذه التهديدات تسعى للحصول على مكاسب اخرى الا ان هناك حدود لهذه المسألة والى متى ستستخدم هذه التهديدات وتفرض نفسها فهي توصلت الى نهاية المطاف.
لأنه من غير الممكن اخراج تركيا من حلف الناتو وروسيا تدرك ذلك جيدا كما انا الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية تدرك ذلك ايضا وحينها ستفرض كل من المتحدة الامريكية والدول الاوروبية والناتو على تركيا كما ان الاتفاق مع روسيا لإخراج تركيا من حلف الناتو غير ممكن ولن يتم ذلك. لان الدولة التركية على يقين بأن احتمال كهذا سيحدث خلل في التوازن. والعديد من الامور التي تخلق مخاوف لديهم من المحتمل بأن تواجهها تركيا لهذا ستبحث عن حلول ملائمة.
وتركيا ترغب من ناحية استلام نظام S-400 ومن ناحية اخرى لا ترغب الخروج من حلف الناتو وتسعى لإيجاد حل لهذه المسألة. هناك من يقول بأنها ستشتريها وتقدمها لاذربيجان وهناك من يقول بأنها ستستخدمها لحماية القصر. الا ان كل من حلف الناتو والولايات المتحدة الامريكية اتخذا قرارهما وفي حال شعورهما بأن حصول تركيا على نظام S-400 سيشكل خطرا على حلف الناتو في المجال التكنيكي على حلف الناتو حينها لن يسمحا لتركيا بشرائه. وان لم تجد اية خطورة حينها ستخلق طريق اخر ولكنه واضح بأنه هناك تأثيرات سلبية من السياسات التي تمارسها تركيا. ومن المتوقع بأن تركيا ستخلق اوضاع صعبة للحفاظ على سلطتها.
ان اتفاق كل من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية تستخدم جميع اوضاع تركيا كأداة للتهديد وهذا له تأثير الى حد معين. وفي هذه المرحلة حصلت على مكتسبات معينة من روسيا حيث حصلت على موافقتها لاحتلال مدينة عفرين. ولولا الموافقة الروسية لما استطاعت تركيا تجاوز الولايات المتحدة الامريكية التي كانت تستطيع منع تركيا من احتلال عفرين لذلك هي تستغل الموافقة الروسية حتى الآن.
ونستطيع القول بأن نهاية هذه العلاقة قد آنت لكن تركيا ما تزال متمسكة بعلاقتها مع روسيا. وهذا يعني ان العلاقة الروسية التركية هي علاقة مؤقتة وستنتهي في مرحلة معينة. وستحاولان استمرار هذه العلاقة من اجل المصالح المتبادلة. وتركيا ترى نفسها في العديد المرات بأنها تشكل ورقة تهديد وهذه السياسة ستبقى الى حد معين الا انه من الواضح بأن ممارسة هذه السياسة لمدة اطول ستنعكس بشكل سلبي على الدولة التركية. حيث هناك حدود لهذه السياسة لان في مسألة صواريخ S-400 الامر المهم هو انه علينا ادراك بأن الموقف الامريكي سيتوضح اكثر وسيكون اكثر شدة. ولان تركيا لن تنسحب من حلف الناتو , ستواصل علاقاتها مع الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية. ومن المرجح ان العلاقات السياسية والاقتصادية المهمة ستستمر معها. مع استمرار علاقاتها السياسية والاقتصادية مع روسيا وستتوضح حدود هذه العلاقة على ضوء العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو.
هل تؤيدون هذه الرؤية بأن تركيا من اجل استمرار لعب دورها في سوريا يجب ان تتفق مع الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها ولذلك عليها ان تتوقف عن معادة الشعب الكردي؟
هذا واضح بأن تركيا لن تكون جزءا من سياسة روسيا وسوريا في حربها في سوريا. وستحاول الاستفادة من التناقضات السياسية الامريكية الروسية في سوريا. ولكنها من المرجح انها ستميل الى السياسة الامريكية في سوريا. لذلك ان امريكيا تساند الوجود التركي في ادلب وفي حال قيام تركيا بمعاداة السياسة الامريكية في سوريا فأنها لن تستطيع حماية وجودها في ادلب. وعند قيام سوريا وروسيا بالهجوم العسكري على ادلب ابدى كل من الولايات المتحدة الامريكية واوروبا وحاف الناتو معارضتهم لذلك لهذا تتوضح بأن تركيا ستميل للسياسة الامريكية في سوريا.
الا انها لا تريد حصول الشعب الكردي على حقوقهم ومن هنا تظهر المشكلة. وتتجه نحو سياسة التهديد من خلال الاستفادة من التناقضات الروسية الامريكية لاستمرار سياستها. وبمقاومة الشعب الكردي للحصول على حقوقه اضطربت موازين السياسة في سوريا ولم تستطيع قوى التحالف وامريكا فعل شيء. وعلى الرغم من محاولة تركيا لاحتلال شرقي نهر الفرات لم تستطع تحقيق ذلك بسبب عدم قدرتها على التصدي لقوى التحالف والولايات المتحدة الامريكية والآن تحاول والولايات المتحدة الامريكية ايجاد حل وسط بين الشعب الكردي وتركيا.
مالم تقم تركيا بإيجاد حل للمسألة الكردية في شمال كردستان من غير الممكن بأن تتخلى عن سياستها المعادية للكرد في سوريا لذلك يستمر النضال في شمال سوريا. وهذا الصراع بين الشعب الكردي الذي يريد المحافظة على مكتسباته وبين موقف الدولة التركية الاحتلالي. تركيا لن تتخلى عن سياساتها المعادية للكرد بسهولة لذلك تضغط بشكل دائم على الولايات المتحدة الامريكية وقوى التحالف الدولي.
وتسعى بكل امكانياتها لإقناع دول العالم بسياساتها المعادية للشعب الكردي. ان السبب الاساسي للازمة السياسية الداخلية والخارجية لتركيا هو عدم ايجاد حل للقضية الكردية وانكار وجودها. لذلك يقولون (بأن تركيا ستتخلى عن معادة الكرد من اجل ترسيخ وجودها في سوريا) رؤية منطقية.
يجب الا ننسى ذلك بأن تركيا منذ زمن بعيد تمارس سياسة غير منطقية وخرجت من اطار السياسة الخلاقة.
الا ان هذا واضح بشكل جيد بأن مقاومة الشعب الكردي في سوريا لن تقلب الموازين السياسية في سوريا فقط وانما ستدخل تركيا في مستنقع الازمة السورية. ان استمرار تركيا في سياستها ستخلق خللا في الموازين لهذا عليها ان تحدث تغييرا وتقبل بحلول تلائم الازمة في المنطقة. ولذلك عندما يقف الشعب الكردي وقفة صارمة فلن تستطيع كل من تركيا والولايات المتحدة الامريكية الا القبول بحياة حرة وديمقراطية للشعب الكردي
الشعوب في شمال سوريا تصدوا للتنظيم الارهابي داعش ببطولة عظيمة وعملوا بجهد لتنظيم المجتمع في روج افا فهم اصحاب تجربة وامكانات عسكرية صلبة قادرة على التصدي للسياسات الاحتلالية التركية ضد مناطق شمال سوريا.
- فيما يخصّ مسألة إقامة "منطقة آمنة", تناقلت وسائل إعلام أنباء مفادها وجود وساطة أمريكيّة بين تركيا وشمال سوريا, كيف تقيّمون هذه الوساطة؟
في شمال سوريا, أسس الكرد, العرب, السريان وغيرهم من المكوّنات, الإدارة الذاتية, وهذه الإدارة ليست على الأراضي التركية, إنّها تقع ضمن الجغرافيا السورية. ودوماً ما كان مسؤولون من الإدارة الذاتية يصرّحون بأنّهم لن يقوموا بمهاجمة تركيا, بل على العكس تماماً, الدولة التركية هي التي تقوم بمهاجمة المنطقة. والآن تقوم أمريكا بالوساطة, لكن وساطة لأجل ماذا؟. على الولايات المتّحدة أن تقطع الطريق أمام هجمات تركيا على شمال سوريا. الشعب الكردي يطالب بنظام ديمقراطي في سوريا, وليس لديه مطالب من تركيا, التي تسعى جاهدة للقضاء على التجرية الديمقراطية الناجحة التي تأسّست في شمال سوريا.
أمريكا متواجدة في شمال سوريا, وأنشأت تحالفاً دوليّاً لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي, وضمّ هذا التحالف وحدات حماية الشعب والمرأة YPG, YPJ وقوّات سوريا الديمقراطية, هذه القوى التي تمكّنت من تحرير كافة الأراضي التي سيطر عليها التنظيم في شمال وشرق سوريا. وكما قلت, تمكّنت من تأسيس إدارة ذاتية تسعى لتأسيس نظام ديمقراطي في عموم سوريا, لكن تركيا تصف تلك الإدارة ب’الإرهابية’, وهذا الوضع يجعل موقف الولايات المتحدة حرجاً, إذ لديها علاقات من الكرد من جهة, ومع تركيا من جهة أخرى, لذا تحاول أن تكون وسيطة بين الطرفين.
ووفقاً للمعلومات الواردة, فإنّ أمريكا تقترح منطقة آمنة بعمق 5 كم داخل الحدود السورية, تنتشر فيها قوّات لحماية الحدود ولن تدخل إلى المدن, دون أن تنتشر فيها أسلحة ثقيلة, وبهذا الشكل, لن تبقى لتركيا أيّ ذريعة للهجوم على المنطقة.
وحدات حماية الشعب والمرأة YPG, YPJ وقوّات سوريا الديمقراطية متواجدة في المنطقة, وتركيا تعمل على ابتزاز أمريكا لكسر دور الكرد في هذه المنطقة, بينما تقوم واشنطن بدور الوساطة, عليها أن تقطع الطريق أمام حجج وذرائع تركيا. ولا تزال النقاشات مع القوى السياسية والعسكرية الكردية بخصوص المنطقة الآمنة مستمرة, وليس من نتائج حتّى الآن. هل سيقبل الكرد بما تطرحه تركيا, لا أعتقد أبداً, لأنّ المنطقة هي منطقتهم ويتشاركون مع المكوّنات الأخرى في إدارتها. وإذا ألقينا نظرة عامة, فإنّ المنطقة بالأساس هي منطقة آمنة, والآلاف من النازحين السوريّين القادمين من مناطق أخرى يقيمون فيها. فقط تهديدات تركيا هي التي تشكّل خطراً, فهي تريد أن تكرّر ما قامت به في عفرين بالنسبة لتلك المنطقة.
- بعث القائد أوجلان برسالة, ذكر فيها نقاطاً متعلّقة بشمال سوريا, على تعتقدون بأن تركيا ستتّخذ موقفاً إيجابيّاً من هذه الرسالة؟
لدى القائد أوجلان مبادرات حول إيجاد حلّ للأزمة السورية, تتضمّن مخرجاً بالنسبة لشمال سوريا. هذه المبادرة تتركّز بمجملها حول دمقرطة سوريا, ومن خلالها تستطيع جميع المكوّنات أن تتعايش سلميّاً. فهو أوضح أكثر من مرّة بأنّ حلّ الأزمات لا يكمن بالوسائل العسكريّة, وأكّد بأنّ الحوار والمفاوضات والاتفاق هي أفضل السبل لإنهاء الصراع. وإذا اعترفت تركيا بالوجود الكردي, إذاً لن يبقى أيّ داعٍ للصراع, لأنّ الكرد فقط يرغبون بإدارة منطقتهم شراكةً مع كافة المكوّنات, بالإضافة إلى تأسيس نظام ديمقراطي لسوريا. السؤال هو, هل تقبل تركيا بهذه المبادرة التي طرحها القائد أوجلان؟ لا أعتقد أنّ الدولة التركيّة التي تحمل ذهنيّة فاشية ستقبل بسهولة. واذا ما أرادت الدولة التركية أن تخرج من الأزمات التي حلّت بها, فإنّها بحاجة للمبادرة التي طرحها القائد أوجلان, التي ستجلب الاستقرار السياسي والاقتصادي ليس فقط لسوريا, بل لتركيا أيضاً.
الأفكار التي طرحها القائد أوجلان تمنح مجالاً للدولة التركية, التي يديرها تحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية, بأنّ تخرج من عنق الزجاجة. ذهنيّة هذه الدولة تصرّ على مواصلة إنكار وجود الشعب الكردي, هذه الذهنيّة من الصعب تغييرها بسهولة. فالأفكار التي تحمل نفس الديمقراطيّة والسلام لا تلائمها. الذهنية الديمقراطيّة ثقافة وفكر, وفي تاريح تركيا هناك محاولات كثيرة لترسيخ قيم ومفاهيم الديمقراطيّة. تركيا لا تشبه أيّ دولة أخرى في الشرق الأوسط, حيث تزداد فيها فرص بناء ديمقراطيّة حقيقيّة, ونلاحظ بأنّ هناك خطّ إيجابيّ يتماشى مع رغبة جدّية بترسيخ السلام والديمقراطيّة في تركيا, ولن تتمكّن سلطات العدالة والتنمية من مجابهة هذا الخط إلى ما لانهاية.
تلك الأفكار التي تحدّث عنها القائد أوجلان, خلال لقاء محاميه, تهدف لحماية قيم الديمقراطية في سوريا, تركيا وعموم الشرق الأوسط, لذا تحدّث القائد عن سياسة الإسلام التركي. والوقت سيثبت صحّة ما تحدّث عنه. بنضال الشعب في تركيا, دخل تحالف العدالة والتنمية والحركة القومية في مأزق كبير. فالانتخابات الأخيرة أظهرت مدى ضعف العلاقة بين الشعب وحزب العدالة والتنمية, أوضحت بأنّ السعب لم يعد يقبل بسياسة هذا الحزب ولا بذهنيّته, علاوةً على إظهار أنّ تأسيس ديمقراطيّة حقيقيّة في تركيا بات ممكناً أكثر من ذي قبل.
- العلاقات بين شمال وشرق سوريا مع روسيا والنظام السوري باتت محكومة بالعلاقات الروسيّة- التركيّة, هل من مخرج لهذه المشكلة؟
نعلم تماماً بأنّ العلاقات بين موسكو وأنقرة تلقي بظلالها على شمال وشرق سوريا, ونعلم بأّنه لولا تلك العلاقات لما تمكّنت الدولة التركيّة من احتلال عفرين. إذا قام النظام السوري وبجانبه روسيا بإظهار موقف حازم تجاه تركيا, فإنّ نمط الاتّفاق مع شمال وشرق سوريا سيغدو أكثر سهولة ومرونة. قلناها مراراً وتكراراً, عفرين منطقة هامّة بالنسبة للكرد, وتحريرها سيؤسّس لعلاقات جيّدة مع النظام السوري ورسيا. لكنّ النظام السوري ومن خلفه موسكو بادرا إلى عقد اتّفاق ليس طويل الأمد مع الدولة التركيّة, التي ساعدت إلى إخراج مسلّحي المعارضة من مناطق عدّة في سوريا, وهذا الاتّفاق أثّر على وضع الكرد وهذا ما رأيناه في عفرين.
هذا الوضع واضح جدّاً. وبالنسبة للكرد, فإنّ حماية وجودهم وتحقيق حياة حرّة أمور في غاية الأهمّية. حينما هاجم تنظيم داعش مناطقهم, قاوموا بكلّ طاقاتهم, وتدخّلت الولايات المتّحدة بعد أن بات التنظيم يشكّل خطراً عالمياً, حينها وجّه الكرد نداءهم لكلّ من النظام السوري وروسيا أيضاً, لكنّ الأخيرين لم يتحرّكا أبداً في هذا الصعيد. أستيطع القول, لولا مقاومة الكرد في وجه الإرهاب لما كان للنظام السوري من تواجد الآن, لأنّ من هاجم الكرد هم نفسهم من هاجم النظام في مناطق أخرى أيضاً, وحدهم الكرد وشركاؤهم من مكوّنات المنطقة هزموا قوى الإرهاب. لم يفهم النظام السوري هذا الوضع, وعندما قام الكرد بالتحالف مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة, فُهم هذا التحالف بأنّه موجّه ضدّ روسيا.
الجبهات التي تأسّست خلال المرحلة الفائتة أظهرت أن التحالف مع قوى ما, لا تعني الوقوف في وجه قوّة أخرى. ويجب على الجميع أن يفهم أنّ هذه هي سياسة الكرد. القائد أوجلان دعا إلى حلّ الأزمة مع النظام السوري داخل الجغرافيا السوريّة, ودعا دمشق إلى قبول الإدراة الذاتية للكرد وشركائهم. لأنّ الكرد يعملون في إطار وحدة سوريا ولا يهدفون إلى تأسيس دولة تناصب العداء لأحد.