وقال بايك إنّ التحالف الدولي لمحاربة داعش تأسّس منذ الحرب على كوباني في شمال سوريا, مشيراً إلى الدور الهام الذي قامت به وحدات حماية الشعب ومن ثمّ قوّات سوريا الديمقراطيّة ضمن هذا التحالف, حيث قدّمت تلك القوّات تضحيات كبيرة في سبيل القضاء على التنظيم الإرهابي و"بذلك نستطيع القول بأنّ التحالف كان هو الأوسع ضدّ قوى الإرهاب".
وتابع بايك بالقول: "في شهر أيّار من العام 2015 تحرّرت مدينة كوباني بالكامل من تنظيم داعش, هذا التنظيم الذي كان وبالاً على البشريّة بالعموم, لا على المنطقة فحسب. وأكمل التحالف الدولي حربه على داعش في عموم مناطق روج آفا وشمال سوريا, حتّى تحرير الرّقة في تشرين الأوّل من العام 2017, والتي كانت العاصمة المزعومة لخلافة التنظيم وأقوى معاقله وكان لتحريرها صدى كبير على الصعيد السياسي والعسكري. هذا الانتصار التاريخي كان للكرد دور كبير فيه, وكذلك الكرد أنفسهم رأوا في التحالف أمراً إيجابيّاً للقضاء على قوى الإرهاب في عموم المنطقة".
ما الهدف من ضمّ تركيا إلى التحالف الدولي؟
"بعد الانتصارات الكبيرة التي حقّقها الكرد ضمن التحالف الدولي في الحرب على داعش, لكنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة اتّفقت مع تركيا في 22 تمّوز عام 2015 على ضمّ أنقرة للتحالف, لكنّ تركيا لم تحارب التنظيم الإرهابي أبداً في عموم شمال سوريا, وأبرمت اتّفاقاً ثنائيّاً مع واشنطن. من المفروض أن يتضمنّ الاتّفاق مشاركة تركيا في الحرب على داعش, لكنّ حقيقة الأمر أنّ أمريكا أرادت من هذا الاتّفاق دعم هجوم الدولة التركيّة على حزب العمّال الكردستاني, لذا بدأ الطيران الحربي التركي بشنّ غارات جوّية على معاقل الحزب منذ 24 تمّوز من العام ذاته, في الوقت الذي كانت تدّعي فيه أنقرة أنّ طيرانها يقصف داعش وتضلّل الرأي العام العالمي, حيث كانت قنابلها تستهدف مناطق عدّة من كردستان, بل كانت تستهدف في كثير من الأحيان القوّات الكرديّة التي كانت تحارب داعش. لذا نحن نرى أنّ ذلك الاتّفاق الثنائي كان موجّهاً ضدّ الكرد لا ضدّ التنظيم الإرهابي".
وشرح القيادي في منظومة المجتمع الكردستاني كيف أنّ قرار واشنطن بالانسحاب من سوريا كان مخطّطاً له منذ العام 2015 وقال: "بعد تحرير الرّقة في تشرين الأوّل من العام 2017, بات التحالف الدولي يُظهر قوّة أقلّ من ذي قبل, وبدلاً أنّ تمتّن الولايات المتّحدة الحرب على داعش حتّى تقضي على كلّ وجوده في سوريا, وجّهت الدولة التركيّة لشنّ هجمات على حزب العمّال الكردستاني أكثر وأكثرخدمةً لمصالحها, لكنّ أنقرة باتت في الموضوع الذي يمكّنها من أن تستخدم علاقاتها مع واشنطن كورقة ضغط وابتزاز في وجه كلّ من روسيا وإيران, وهذا ما يربط بين انسحاب أمريكا من سوريا والاتّفاق الثنائي الذي تحدّثت عنه".
الانسحاب الأمريكي من سوريا
ونوّه بايك إلى الدور الهام الذي قامت به قوّات سوريا الديمقراطيّة في الحرب على داعش, من حيث تواجدها القوي على الأرض "بينما شاركت أمريكا في الضربات الجوّية" موضحاً أنّ الولايات المتّحدة لم تكن قادرة على الدخول إلى سوريا لولا تواجد تلك القوّات "وهذا يعني أنّ الحديث عن أيّ انسحاب أمريكي سيترك فراغاً هو حديث غير واقعي على الأرض".
وربط بايك بين قرار أمريكا بالانسحاب وتصريحات الدولة التركيّة حول "ملء الفراغ" الذي سيتركه هذا الانسحاب, مشدّداً على عدم صحّة مثل هذه "الادّعاءات" لأنّ الحقيقة هي أنّ "أمريكا شاركت في التحالف ضدّ داعش من خلال الضربات الجوّية, إذاً الموضوع متعلّق ببقاء التحالف الدولي من عدمه, وعليها أن تقرّر فيما إذا ستنسحب من التحالف الذي قامت هي بتأسيسه أم لا, هل ستقطع علاقتها مع تحالف قوي يضم الكرد ومكّونات المنطقة مع دولٍ أوروبيّة أم ستقوّي علاقاتها مع تركيا في تحالف هش ضدّ داعش؟".
وأشار القيادي الكردي إلى معارضة المؤسّسة العسكرية في أمريكا لقرار الانسحاب من سوريا, منوّهاً إلى الاستقالات التي قدّمها عدد من المسؤولين في الإدارة الأمريكيّة وعلى رأسهم وزير الدفاع, لافتاً إلى أنّ انسحاب قوّة عظمى كأمريكا من الشرق الأوسط موضوع غير وارد "كما أنّ البنتاغون قلق من ترك فراغ في منطقة شرق الفرات في سوريا وهي تدرك تماماً نوايا الدولة التركيّة, لكنّ الرئاسة الأمريكيّة تفكّر أكثر في الوضع الداخلي, حيث أنّ الحزب الجمهوري فقد الكثير من مؤيّديه خلال انتخابات تشرين الثاني العام 2018, ولا يريد أن يخسر المزيد في الانتخابات القادمة بعد سنتين, لذا فإنّ الإدارة الأمريكيّة تريد من خلال إعلان سحب الجنود من سوريا وأفغانستان أن تكسب رأي الشارع الأمريكي".
وأوضح بايك أنّ واسنطن تريد أن تقوّي علاقاتها مع تركيا ليصبّ هذا التوجّه في خدمة السياسة الأمريكيّة الخارجيّة "كما تراها الإدارة الأمريكيّة", حيث أنّ روسيا "تلعب دوراً في الخلاف بين أنقرة وواسنطن, وهذا ما يضرّ بأمريكا, لذا تسعى جاهدة لتمتين علاقاتها مع الدولة التركيّة لتفوّت الفرصة على روسيا وسياساتها, وهذا ما نراه من خلال زيارة وزير الخارجيّة الأمريكي إلى أنقرة وعقد اتّفاق آخر معها في 4-5 تشرين الثاني العام 2018 بهدف تشديد الحصار على إيران, وأيضاً القرار الأمريكي بحقّ 3 قياديّين من حزب العمّال الكردستاني يصبّ في خانة الاتّفاق ذاته, كما تحاول في الوقت ذاته أن تضع العراق في موضع التحالف ضدّ إيران, وتسعى أن يكون الكرد ضمن هذا التحالف, الذي تستغلّه الدولة التركيّة في تنفيذ سياساتها المعادية للكرد".
ولفت بايك إلى معارضة دول أوروبيّة مثل فرنسا, بريطانيا لهذه السياسات الأمريكيّة وبالأخص قرار الانسحاب من سوريا وأفغانستان, حيث عبّرت تلك الدول قلقها حول مصير التحالف الدولي ضدّ داعش, ونوايا الدولة التركيّة التي تريد أن تحارب الكرد في سوريا الذين كانوا أقوى الحلفاء في الحرب على الإرهاب.
تركيا تمثّل التهديد الأكبر على الكرد
وأكّد بايك على أنّ سياسات الدولة التركيّة المتمثّلة بسلطات حزبي العدالة والتنمية والحركة القوميّة هي التي تمثّل التهديد الأكبر على الشعب الكردي حيث "تمارس هذه السلطات سياسات قمعيّة بحقّ البرلمانيّين الكرد من حزب الشعوب الديمقراطي, تعتقل النشطاء والصحفيين الكرد, تغلق كلّ وسائل الإعلام الكرديّة وتمنعها من العمل, تشنّ عمليّات عسكريّة واسعة في شمال وجنوب كردستان, تحتلّ عفرين وتعرّض شعبها الكردي لأبشع أنواع التعذيب والاعتقالات من خلال فصائلها الإرهابيّة التي تدعمها, كما تحاول أنّ تنتهج المنهج ذاته في مناطق أخرى من كردستان, فهل نستطيع أن نقول أنّ هناك تهديد أكبر من ذلك على الوجود الكردي؟".
وختم الرئيس المشترك للهيئة القياديّة في منظومة المجتمع الكردستاني حديثه بالتأكيد على أنّهم حاولوا مرّات عدّة أنّ يوقفوا الحرب مع الدولة التركيّة ويصلوا معها إلى اتّفاق سلام لتهيئة ظروف مناسبة للديمقراطيّة "لكنّ سلطة حزب العدالة والتنمية المتحالفة مع الحركة القوميّة كانت دوماً تمنع تحقيق السلام, لأنّها جعلت من محاربة الكرد وظيفتها الأساسيّة. وفي هذه الحالة, إذا ما اتّفقت الولايات المتّحدة مع هذه السلطة, فإنّها تضع نفسها في موضع محاربة الكرد, ومن دون أدنى شك, لن يقبل الكرد بمثل هكذا اتّفاق ولن يجدوا لأنفسهم موضعاً فيه".