محمد رفعت الإمام: أردوغان يحلم بوضع يده على سوريا وأمريكا تورطه مثل صدام

أكد الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ المصري خطورة التطورات التي تشهدها المنطقة، لا سيما تدخلات الرئيس التركي أردوغان، خصوصاً حلمه بوضع يده على سوريا.

خلال لقاء ببرنامج حوارات التاءات المربوطة عبر الإذاعة المصرية من تقديم الإذاعي القدير عبد الرحمن رشاد، قال الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر إن الأطماع التركية لم تهدأ منذ سقوط الدولة العثمانية وتأسيس تركيا الحديثة، مفسراً ذلك بفشل أنقرة في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، وفشلها كذلك في تأسيس ما يعرف بـ "العالم التركي".

وأوضح أن الأتراك عندما فشلوا في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، اتجهوا إلى نظرية ما يعرف بـ "العمق التركي"، التي تركز على الترك والتركمان في آسيا الوسطى والقوقاز، وراهنوا على هؤلاء، وطمحوا في تأسيس ما يمكن تسميته بدول العالم التركي، خصوصاً أن هناك جزء كبير من أوروبا الشرقية من العرق التركي.

العثمانية الجديدة وأطماع تركيا

إلا أن الإمام ذكر أن تأسيس العالم التركي كانت فكرة أكبر من قدرات تركيا، ومن ثم فشلت، ومن هنا جاء التفكير في العثمانية الجديدة، التي تقوم على أن يكون لتركيا هيمنة على كل الولايات أو الدول التي كانت جزء من الدولة العثمانية، وأن تمتد هيمنة الاقتصاد التركي إليها.

وأكد أستاذ التاريخ أن انتماء أردوغان في الوقت ذاته للإخوان، ولهذا مد يده لكل الأنظمة والكيانات الإخوانية، وكان يريد أن تكون مصر جزءاً من هذا المشروع، موضحاً كذلك أن حلمه الآن وضع يده على سوريا، في إطار تلك الأطماع.

وذكر الإمام المستمعين بأن الرئيس التركي أردوغان نفسه قال في تصريحات حديثه إن مناطق مثل الرقة والحسكة وحلب السورية كانت جزءاً من الدولة التركية أو الدولة العثمانية، ولولا تقسيم الأوروبيين لها لظلت تحت السيادة التركية حتى وقتنا هذا.

توريط على طريقة صدام حسين

ويلفت الدكتور محمد رفعت الإمام إلى أمر خطير وراء التدخلات التركية في المنطقة، إذ قال إن أوروبا وأمريكا تغريانه للتوسع في سوريا لتحدث تناقضات عربية تركية يتم استغلالها عندما يأتي الدور على تركيا، كما حدث عندما تم إغراء صدام حسين بالدخول إلى الكويت.

وأكد أن كل هذا هدفه توسيع دائرة التناقضات بين الترك والعرب، ما يعني أن تركيا ستكون الدولة المستهدفة في النظام العالمي الجديد بعد إيران، ومن ثم فإن أردوغان بدوره يحاول توسيع نفوذه والسيطرة على الأراضي العربية أكثر، حتى يملك أوراق تفاوض بعد ذلك حين يأتي عليه الدور.

الكرد وكفاحهم

وتطرق الإمام في جانب آخر من اللقاء عن الكرد ودورهم في المنطقة، فقال إنهم العنصر الرابع المهم في الشرق الأوسط بعد العرب والترك والفرس، مشيراً إلى أن موقع كردستان كان مطمعاً ومطمحاً بين الدول الإمبراطورية في المنطقة، لا سيما تواجد الكرد في مناطق التخوم التي كانت معبراً لكل القوى، وهي مناطق غنية بالبترول والمعادن النفيسة.

وأشار إلى أن الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى قسموا الدولة العثمانية ولم يمنحوا الكرد دولة لهم، ولهذا دخل هذا الشعب في مواجهات مع محاولات التتريك والتفريس، ومحاولات طمس هويتهم وثقافتهم وحرمانهم من لغتهم، موضحاً أنهم رغم ذلك حافظوا على هويتهم في إطار المقاومة الذاتية التي لعبت المرأة الكردية فيها دوراً مهماً.

وأشاد الإمام بدور الكرد في مواجهة الإرهاب، إذ اعتمد عليهم التحالف الدولي المكون من أكثر من 80 دولة في مقاومة تنظيم "داعش" الإرهابي، وصولاً إلى الانتصار على أخطر تنظيم إرهابي حديث، مشيراً إلى أن الكرد لعبوا دوراً وطنياً فحافظوا على ثروة سوريا النفطية وفي نفس الوقت حاربوا الإرهاب.

كما أشاد الإمام كذلك بتجربة حزب العمال الكردستاني، فهو حزب نضالي وعقائدي على أعلى مستوى، وساهم مساهمة فعالة في هزيمة "داعش"، ولهذا تعمل تركيا على محاربته، محذراً من خطورة فتح سجون الدواعش التي يحميها الكرد في مناطق شمال وشرق سوريا، والتي تضم على الأقل نحو 10 آلاف عنصر إرهابي، في إشارة ضمنية منه إلى الضربات التركية التي تطال تلك المناطق على نحو يهدد الاستقرار الأمني هناك.

الحاجة إلى دولة وطنية في سوريا

وفي سياق الحديث عن الوضع في سوريا، دعا الدكتور محمد رفعت الإمام إلى أن تكون سوريا دولة وطنية، بعد فشل مشروعها القومي البعثي، أي دولة موحدة الأراضي، لديها نظام حاكم يؤمن بوجود العرب والكرد والدروز والعلويين والسنة والشيعة، محذراً من خطورة الصدامات التي بدأت تشهدها سوريا سواء مع الدروز أو مع العلويين.

ولفت إلى أن تيارات الإسلام السياسي صحيح متنوعة ومنها هيئة تحرير الشام، لكن جميعها تقوم على الفكر الإقصائي، بدليل أن أبو محمد الجولاني استعان بكل أتباعه الذين كانوا معه في إدلب في الإدارة التابعة للهيئة، فيما أقصى جميع المكونات والمنظومات الاجتماعية السورية الأخرى، مشدداً على أنه لن تكون هناك دولة وطنية سورية في وجود أبو محمد الجولاني، قائلاً إن هؤلاء يفتقدون إلى خبرة إدارة الدولة.