بروين يوسف: سوريا أرض واحدة وشعب واحد لا يتجزأ، والحل السوري-السوري هو الأمثل

أجرت وكالة فرات للأنباء أول حوار مع بروين يوسف الرئيسة المشتركة الجديدة لحزب الاتحاد الديمقراطي، أجابت خلاله على عدد من الأسئلة والموضوعات الشائكة حول مؤتمرهم الأخير وموقفهم من الأوضاع في سوريا.

اختار حزب الاتحاد الديمقراطي رئاسة مشتركة جديدة في مؤتمره الـ 10، في وقت تمر سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بمرحلة حساسة في تاريخها، ولذلك أجرت "وكالة فرات" أول حوار مع الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي، والتي ناقشت خلاله على العديد من الموضوعات الشائكة مثل رؤية الحزب لهجمات الاحتلال التركي والتطبيع السوري التركي وعلاقاته مع الأحزاب الكردية الأخرى والحركات الاحتجاجية في سوريا وفي المنطقة العربية، وإلى نص الحوار:

1ـ في البداية نبارك لكم الرئاسة المشتركة للحزب ونود أن تعرفي عن نفسك قليلاً، ولماذا يتم في حزب الاتحاد الديمقراطي تطبيق نظام الرئاسة المشتركة؟

بروين محمد أمين يوسف من مدينة ديريك في مقاطعة الجزيرة، وُلدت عام 1986 لعائلة وطنية، لدي أخت شهيدة. حصلت على شهادة المعهد العالي للمحاسبة والتمويل من جامعة دمشق عام 2010. قبل اندلاع ثورة 19 تموز 2012، كنت منخرطة في الحركة الشبابية، ثم تفرغت بعد الثورة للنشاط النسوي والدفاع عن حقوق المرأة.

شغلت منصب الرئيسة المشتركة لمجلس إيالة ديريك من عام 2012 وحتى 2014، وكنت من المؤسسين للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا. ساهمت في صياغة العقد الاجتماعي لمقاطعة الجزيرة في 2013، وبعدها توليت عضوية ديوان رئاسة المجلس التشريعي في مقاطعة الجزيرة حتى نهاية 2016. لاحقاً، شغلت منصب الرئيسة المشتركة في هيئة العمل والشؤون الاجتماعية في 2017، ثم الرئيسة المشتركة لمقاطعة قامشلو من 2018 حتى 2022.

في حزب الاتحاد الديمقراطي، شغلت منصب الرئيسة المشتركة لمكتب التنظيم منذ المؤتمر التاسع للحزب عام 2022 وحتى انعقاد المؤتمر العاشر.

"من أهداف الحزب الأساسية تحقيق التوازن المجتمعي، وضمان حقوق المرأة وإرادتها، وتشجيع ريادة المرأة. لذلك، تعتبر مشاركة المرأة ركيزة أساسية في الحراك السياسي وفي اتخاذ القرار. ومن هنا، جاء مبدأ الرئاسة المشتركة كأحد المبادئ الأساسية في حزب الاتحاد الديمقراطي، لضمان التوازن الكامل والمساواة بين الجنسين على الصعد السياسية والاجتماعية والثقافية".

2ـ ما دلالات مؤتمركم في هذا التوقيت، ولماذا تم اختيار شعار "معاً من أجل تحقيق الحرية الجسدية للقائد آبو، ترسيخ الإدارة الذاتية وبناء سوريا الديمقراطية"؟

"في هذا الوقت الحساس الذي يمر به الشرق الأوسط، مع كل هذه الحروب والتغيرات والاتفاقات التي تؤثر على الموازين الدولية، ونحن كشعب سوري نعيش ثورة مستمرة، كان حزبنا من أوائل الأحزاب التي انخرطت في الحراك السياسي والثوري. وقد حافظنا، وما زلنا نحافظ، على نهج الثورة ونسير وفق مشروع واضح قائم على أرض الواقع.

إن انعقاد مؤتمرنا العاشر بعد 21 عاماً من تأسيس الحزب له دلالات كبيرة. هذا المؤتمر يؤكد من جديد على فلسفة وفكر القائد عبد الله أوجلان، ويهدف إلى تحريره جسدياً ونشر أفكاره وفلسفته لتصبح ثقافة شعبية مجتمعية وركيزة أساسية لبناء مجتمعنا.

بالإضافة إلى ذلك، نسعى إلى ترسيخ الإدارة الذاتية الديمقراطية كمشروع استراتيجي، فنجاحها هو نجاحنا ونجاح شعبنا. لذلك، سيكون عملنا الأساسي هو العمل على نجاح هذا المشروع وترسيخه.

كما أن شعارنا هو بناء سوريا ديمقراطية، ونحن نعمل من خلال ثورتنا على ترسيخ نظام ديمقراطي لامركزي في سوريا من خلال الحوار السوري السوري. هذا الشعار هو جوهر أهدافنا القادمة، من المؤتمر العاشر وحتى الحادي عشر وما بعده".

3ـ كيف تقيمون هجمات الاحتلال التركي المتواصلة على شمال شرق سوريا والبنية التحتية؟

الهجمات التركية على المنطقة ليست بجديدة؛ فهي تتدخل في الشأن السوري منذ بدايات الثورة، وحاولت بكل جهودها توجيه مجرياتها بما يخدم أطماعها التوسعية العثمانية الجديدة. ولذلك، عملت على إنشاء مليشيات وفصائل ومرتزقة مسلحة متفرقة ووضعها تحت سيطرتها، لتستخدمها أداةً لاحتلال الأراضي السورية. وبعد فشل هذه المساعي، تحولت إلى استهداف البنية التحتية المدنية على طول الشريط الحدودي، في عمل إرهابي سافر، تسعى من ورائه إلى:

* تدمير المكتسبات التي حققها الشعب السوري في إدارة شؤونه بنفسه.

* تهجير السكان وتفريغ المنطقة من أهلها الأصليين.

* إضعاف قدرة الإدارة الذاتية على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

* زرع الخوف والفزع في نفوس السكان، وإشاعة حالة من عدم الاستقرار.

* تضليل الرأي العام الدولي، والتهرب من مسؤولياتها تجاه الجرائم التي ترتكبها.

* باختصار، تسعى تركيا من خلال هذه الهجمات إلى تحقيق أهداف سياسية وعسكرية واقتصادية، وذلك على حساب معاناة الشعب السوري وتدمير مقدراته.

4ـ كيف ترين ملف التطبيع التركي مع حكومة دمشق وهل يعد ذلك مؤامرة جديدة ضد الإدارة الذاتية، ومتى يمكن تطبيع العلاقات مع تركيا برأيكم؟

نحن كحزب، نرى أن هذه المحاولة للتطبيع بين النظام السوري وتركيا هي محاولة يائسة من نظامين فاشلين، يسعيان إلى إعادة إنتاج أنفسهم على حساب معاناة الشعب السوري. هذه الخطوة لن تجلب أي جديد إيجابي، بل ستؤدي إلى تفاقم الأزمة السورية وتقويض أي أمل في تحقيق العدالة والحرية.

هذا التطبيع لا يشكل خطراً على الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا فحسب، بل يهدد مستقبل سوريا ككل، ويعتبر خيانة لكل من ضحى من أجل الثورة السورية. فهدفه الأساسي هو:

* إعادة تأهيل النظام السوري وإظهاره كطرف شرعي في الصراع، رغم جرائمه البشعة بحق الشعب السوري.

* تدمير المكتسبات التي حققها الشعب السوري خلال ثورته، وخاصة في مناطق الإدارة الذاتية.

* إلغاء كافة المطالب الشعبية التي اندلعت من أجلها الثورة السورية.

* تثبيت الهيمنة التركية على المنطقة، وتقويض أي مشروع ديمقراطي في سوريا.

* إن هذا التطبيع هو بمثابة صفعة للشعب السوري، ومساومة على دماء الشهداء وتضحيات الجرحى. يجب على جميع القوى الحية في سوريا والمنطقة أن ترفض هذه المحاولة، وأن تعمل على عزل النظام السوري وتركيا، ودعم نضال الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة.

5ـ كيف ترين التحركات الأخيرة داخل المشهد السوري وخاصة حراك السويداء واعتصام الكرامة في إدلب وهل يوجد خطوط تواصل مع تلك التحركات؟

نحن نرى أن أي حركة شعبية في أي مكان في سوريا هي حركة شرعية تطالب بحقوقها المشروعة في الحرية والديمقراطية واللامركزية والعدالة. ونحن ندعم كل حركة سلمية تسعى لتحقيق هذه الأهداف من خلال التعبير السلمي عن الرأي والمطالبة بحقوقها المشروعة. وننظر إلى هذه الحركات بإيجابية وروح مسؤولية.

بيد أننا نؤكد على أن هناك اختلافات جوهرية بين الحركات الشعبية في مناطق مختلفة من سوريا. فمثلاً، الحراك الشعبي في السويداء يختلف عن الحراك في المناطق التي تحتلها تركيا في إدلب والشمال الغربي، حيث تسعى الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا إلى فرض سلطتها بالقوة. لذلك، يجب أن يكون أي حراك شعبي مبني على مبادئ واضحة وسليمة وديمقراطية، تراعي خصوصيات كل منطقة وتسعى لتحقيق أهداف مشتركة للشعب السوري.

نحن لا نملك علاقات مباشرة بالحراك الشعبي في السويداء، ولكننا ندعمه من خلال وسائل الإعلام الخاصة بنا والشخصيات التي تربطنا بها، والتي تعمل على دعم الحراك السلمي هناك.

6ـ كيف هي علاقاتكم مع الاحزاب الكردية داخل سوريا والأحزاب الكردستانية في باقي أجزاء كردستان؟

"تُبنى علاقتنا بالأحزاب الكردية السورية والكردستانية على أسس مشتركة تتمثل في الإدارة الذاتية الديمقراطية وحقوق الشعب الكردي. وبالرغم من هذا التوافق، تظهر خلافات عميقة مع المجلس الوطني الكردي (ENKS). فالمجلس، بشكل واضح، يسير في نهج معادٍ لحقوق الشعب الكردي والسوري، إذ يقف إلى جانب الأطراف المعادية للثورة والحراك الشعبي السوري، ويتبع سياسات تتماشى مع مصالح الدولة التركية.

يُظهر المجلس ولاءً تاماً للدولة التركية، حتى أنه يتجاهل جرائمها وانتهاكاتها لحقوق الشعب السوري واحتلالها للأراضي السورية. بل إن المجلس يبرر هذه الأفعال ويمنحها الشرعية. هذا الموقف، المدعوم بتمويل مباشر من الاستخبارات التركية، يعيق أي تقدم في الحوار معنا.

رغم كل المحاولات لحث المجلس على اتخاذ موقف يتماشى مع مصالح الشعب الكردي والسوري، لم نتمكن من الوصول إلى اتفاق. فالتناقض الجوهري في الرؤى والمصالح يجعل من الصعب تحقيق أي تقارب".

وعلاقتنا مع الأحزاب الكردستانية مستمرة تحت مظلة المؤتمر الوطني الكردستاني KNK بالإضافة الى الأحزاب الكردية في إقليم كردستان العراق وجنوب تركيا وشرق إيران، هي علاقات متينة ومبنية على تمثيل القضية الكردية وتطلعات الشعب الكردي، وحماية حقوق الشعب الكردستاني.

7ـ ما هي رؤية حزبكم وبرنامجه في تناول المناطق المحتلة السورية، وخاصة مدن عفرين وسري كانيه وكري سبي؟

"نؤكد أن سوريا أرض واحدة وشعب واحد لا يتجزأ. ليس عفرين وسري كانيه وكري سبي وحدها أراضٍ سورية محتلة، بل إن كل الأراضي السورية التي تحتلها تركيا، بدءاً من إدلب ووصولاً إلى أعزاز وجرابلس، هي جزء لا يتجزأ من وطننا. هذا الاحتلال التركي، الذي يُدفع به أسبابٌ جيوسياسية واقتصادية، قد أدى إلى دمار هائل في البنية التحتية، وتشريد مئات الآلاف من المدنيين، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. كما أنه يشكل تهديداً لوحدة الأراضي السورية واستقرار المنطقة بأسرها".

إن تحرير هذه الأراضي وعودة أهلها إليها هو هدفنا الأسمى. ولتحقيق هذا الهدف، نؤمن بأن الحوار السوري - السوري هو الحل الأمثل. سنعمل جاهدين لحماية وحدة الأراضي السورية، وسنستمر في جهودنا الدبلوماسية والسياسية، للتواصل مع جميع الأطراف المعنية بالأزمة السورية، بما في ذلك النظام السوري والتحالف الدولي وروسيا. ونسعى من خلال هذا الحوار إلى الوصول إلى حل سياسي مبني على مبدأ وحدة الأراضي السورية، وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الحرية واللامركزية والديمقراطية.

8ـ هل لا تزال حظوظ المفاوضات مع حكومة دمشق قائمة وما السر في تعثر المفاوضات؟ وهل لديكم تصور محدد وواضح لحل القضية الكردية في سوريا؟

"لم يشهد حزبنا حواراً مباشراً مع النظام السوري حتى الآن.  جميع الحوارات التي جرت كانت مع الإدارة الذاتية بشكل غير مباشر، وذلك من خلال تمثيل أعضائنا داخل هياكل الإدارة الذاتية.

إن إصرار النظام السوري على مواقفه المتصلبة والانكارية لأسباب الثورة السورية، وتصنيف الحراك الشعبي على أنه "مؤامرة"، يعكس رفضاً قاطعاً للاعتراف بالحقائق على الأرض وإرادة الشعب السوري. هذا الموقف المستند إلى أيديولوجية قديمة وشوفينية لا يتماشى مع تطلعات الشعب السوري نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

إن أي حل سياسي مستدام للأزمة السورية يتطلب من النظام السوري تغييراً جذرياً في سياساته وأفكاره. يتوجب عليه الاعتراف بحقوق الشعب السوري، والانخراط في حوار بناء مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك القوى السياسية المدنية والعسكرية. كما يتعين عليه التخلي عن نهج القمع والعنف، والعمل على بناء دولة مدنية ديمقراطية تحترم التعددية السياسية والاجتماعية.

إن استمرار النظام السوري في تعنته سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الوضع الإنساني، وتعميق الانقسامات المجتمعية، وإطالة أمد الأزمة. لذا، فإن المجتمع الدولي مطالب بالضغط على النظام السوري لتغيير سلوكه والانخراط في عملية سياسية حقيقية".

إننا، حزب الاتحاد الديمقراطي نرى بأن الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا هي جزء من سوريا، وهي نموذج حل ناجح كونه يضم في داخله جميع الهويات الثقافية والاثنية والسياسية في المنطقة ويضمن حقوق المرأة، وأن هذه الإدارة مرشحة لأن تكون نموذج للحل في كل سوريا. هذا ونرى بأن الحراك الشعبي في 2011 الذي بدأ في سوري كان بهدف تحقيق نظام ديمقراطي تعددي، وبأن حل الأزمة السورية لا يمكن أن تتم دون توافق السوريين، لذلك الحل السوري - السوري الذي يعتمد على الحوار والتوافق والأسس الديمقراطية هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يحافظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وأن الخيارات العسكرية لا جدوى منها.

إننا كحزب الاتحاد الديمقراطي نرى أن الدستور السوري الجديد يجب أن يتضمن النقاط التالية:

أولاً: سوريا دولة ذات نظام لا مركزي ديمقراطي، على شكل إدارات ذاتية ديمقراطية.

ثانياً: ضمان حقوق الشعب الكردي والمكونات الأخرى السياسية والثقافية والاجتماعية دستورياً.

ثالثاً: ضمان الحقوق الفردية والجماعية لكافة المكونات.

رابعاً: ضمان حقوق المرأة في كافة مجالات الحياة.

خامساً: ضمان حرية التعبير والممارسة لجميع الأديان والمعتقدات والمذاهب.

سادساً: إلغاء كل الاتفاقيات التي تمس بالسيادة السورية وحقوق جميع المكونات وعلى رأسها اتفاقية أضنة.

سابعاً: يلتزم الشعب السوري بكافة مكوناته بالدفاع عن وحدة الأرض السورية وتحرير الأجزاء المحتلة.

9ـ كيف هي علاقاتكم مع الأحزاب والقوى العربية في سوريا والشرق الأوسط، وهل لديكم برامج لمزيد من العمل والنشاط في هذا المجال؟

"لطالما حرص حزبنا، على مدار مسيرته الحافلة التي امتدت لـ 21 عاماً، على بناء علاقات وثيقة وتعاون مستمر مع مختلف القوى والشخصيات الوطنية السورية والعربية. لقد جمعتنا معهم العديد من المواقف والبيانات المشتركة حول القضايا الوطنية والشعبية، مما يؤكد عمق التوافق في الرؤى والأهداف.

كما أن حزبنا عضو فعال في المنصة الدولية الاشتراكية (القمة الاشتراكية الدولية)، التي تضم أكثر من 132 دولة. نسعى جاهدين لتعزيز عضويتنا الدائمة في هذه المنصة، والتي تعد منصة مهمة لتبادل الخبرات والأفكار مع الأحزاب الاشتراكية حول العالم. والتي تربطنا معهم قيم مشتركة من حرية المرأة والحفاظ على البيئة ومبادئ العدالة والمساواة.

وعلى الصعيد العربي، يهدف حزبنا إلى تعزيز العلاقات مع القوى الوطنية العربية، وإنشاء منصات حوار مشتركة تجمع بين الكرد والعرب. نسعى من خلال هذه المنصات إلى تنظيم فعاليات سياسية واجتماعية شعبية مشتركة تساهم في تقوية أواصر التعاون والتفاهم بين الشعبين الشقيقين".

10ـ كيف ترون موقف المجتمع الدولي من الإدارة الذاتية رغم دور قوات سوريا الديمقراطية في هزيمة تنظيم داعش مع التحالف الدولي، وخاصة لديكم نشاط في عدة دول حول العالم؟

"موقف المجتمع الدولي تجاه التضحيات الجسام التي قدمتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في محاربة تنظيم داعش الإرهابي كان، للأسف، سطحياً وغير كافٍ. فبعد أن قدمت قسد عشرات الآلاف من الشهداء في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي الذي هدد الأمن والاستقرار العالميين، لم يتلقَ مقاتلوها المدنيون الدعم الكافي من المجتمع الدولي.

ومنذ أكثر من خمس سنوات، وبعد القضاء على داعش جغرافياً، طالبنا مراراً وتكراراً بإجراء محاكمة دولية لعناصر داعش المحتجزين في سجون الإدارة الذاتية. هذا الطلب جاء انطلاقاً من إدراكنا لخطورة هؤلاء الإرهابيين وضرورة محاسبتهم على جرائمهم البشعة. فوجود آلاف الإرهابيين في سجوننا يمثل عبئاً ثقيلاً على الإدارة الذاتية، ويشكل تهديداً أمنياً مستمراً للمنطقة والعالم أجمع.

إن ترك هؤلاء الإرهابيين دون محاكمة يعزز من شعورهم بالإفلات من العقاب، ويشجع على نشاط خلاياهم النائمة، مما يهدد بإحياء تنظيم داعش وتوسيع نفوذه. لذلك، كان من المتوقع من المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وأن يقدم الدعم اللازم للإدارة الذاتية لمحاكمة هؤلاء الإرهابيين، وتقديمهم للعدالة الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، كان من الضروري أن يقدم المجتمع الدولي الدعم للإدارة الذاتية في مختلف المجالات، من أجل تمكينها من محاربة الفكر المتطرف، وبناء مجتمع ديمقراطي يعتمد على التسامح والتعايش السلمي. وهذا يتطلب تقديم الدعم اللوجستي والمالي والفني، بالإضافة إلى تبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.

إن تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بدوره تجاه سوريا، وخاصة تجاه الإدارة الذاتية، يمثل خيانة للقيم الإنسانية والمبادئ التي يدعي الدفاع عنها. ويدعو إلى إعادة النظر في السياسات الدولية تجاه هذه القضية الحيوية".

11ـ كيف ترين الموقف الدولي من مخيم الهول وطلب الإدارة الذاتية الدائم في مزيد من التفاعل مع ملف داعش؟

الموقف الدولي من مخيم الهول معقد ومتعدد الأبعاد. المخيم يضم آلاف الأشخاص، بمن فيهم عائلات مقاتلي داعش، مما يجعله نقطة حساسة من الناحية الأمنية والإنسانية. الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا تطالب باستمرار بمزيد من التفاعل الدولي لحل مشكلة المخيم، بما في ذلك إعادة تأهيل ودمج السكان في مجتمعاتهم الأصلية أو نقلهم إلى دولهم الأصلية.

الدول الأوروبية والولايات المتحدة قد ناقشت مع الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) إمكانية تفكيك المخيم أو إيجاد حلول دائمة للسكان، لكن التقدم في هذا الملف بطيء بسبب التعقيدات السياسية والأمنية وعدم جدية المجتمع الدولي. هناك مخاوف من أن المخيم قد يصبح بؤرة لإعادة تنظيم صفوف داعش، مما يزيد من أهمية إيجاد حل سريع وفعال لهذه القضية والنظر بعين الجدية لهذا الملف وبالسرعة الكلية.