الانتخابات الأردنية..قراءة في تقدم تيار الإخوان وتداعياته
عادت جماعة الإخوان لتصدر المشهد السياسي في الأردن بعد تحقيق أكبر نتيجة في تاريخها وحصولها على 31 مقعد داخل البرلمان الأردني.
عادت جماعة الإخوان لتصدر المشهد السياسي في الأردن بعد تحقيق أكبر نتيجة في تاريخها وحصولها على 31 مقعد داخل البرلمان الأردني.
أفرزت انتخابات البرلمان الـ20 في الأردن، عن فوز جماعة الإخوان بـ 31 مقعداً، من أصل 138 مقعداً، بنسبة اقتراع عامة تجاوزت 32.25 في المائة، بمشاركة 1.63 مليون ناخب، لتصبح الحزب صاحب المقاعد الأكبر داخل البرلمان الجديد، مما يثير التساؤلات حول سبب الفوز وتداعياته على المشهد السياسي الأردني.
قضية غزة
تركزت شعارات الحملة الانتخابية لجماعة الإخوان على القضية الفلسطينية، واستثمار ما يحدث في غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وهو ما أسهم في تعزيز شعبية مرشحي الجماعة في مدن العاصمة والزرقاء وإربد التي تضم أردنيين من أصول فلسطينية.
يقول منير أديب الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن وصول الإخوان في الأردن ربما يكون مرتبطا بالمشاعر العربية ومشاعر الأردنيين تجاه قضية القدس وما حدث في 7 أكتوبر وهذه المشاعر التي تحتضن فكرة المقاومة عموماً، والمقاومة الإسلامية على وجه الخصوص جعلت الإخوان في الأردن يستغلون هذه المشاعر ومن ثم يخلطون ما بين فكرة الدعاية لحركة المقاومة وقبول هذه المقاومة عموما في الشارع العربي والشارع الاردني وبين فكرة التصويت لهم.
وأضاف، أن الكثير من الأردنيين صوتوا للإخوان ليس حباً في الإخوان ولكن لأن حزب جبهة العمل الإسلامي يؤيد حركة حماس، وبالتالي الناخب في الأردن أعتقد أن تصويته للإخوان في الأردن وحزب جبهة العمل الإسلامي هو التصويت لحركة حماس، وهنا جاء الخلط، والصعود بهذه الصورة.
ويقول أحمد سلطان الباحث في شؤون الحركات المتطرفة في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه في وقت تتزاحم فيه الأحداث في الإقليم ككل، ويهدد فيه الأردن بشكل مباشر، لابد أن ندرك أن هذا الصعود مرتبط بتوظيف رمزية قضية غزة، خاصة وأن المجموعة الحالية في قيادات الإخوان وعلى رأسهم المراقب العام يحسبون على تنظيم حماس في إخوان الأردن لأنه الأقرب لحماس والذي جندته الحركة الفلسطينية من قبل لخدمة أجندتها، وكان هناك صراعات طويلة لأن إخوان الأردن وإخوان فلسطين وغيرهم في سوريا ولبنان كانوا جزء مما يسمى بتنظيم الإخوان في بلاد الشام قبل أن تستقل الأفرع القطرية.
وأضاف، أنه يمكن القول إن النجاح مرتبط جدا بقضية غزة وتوظيفها في الدعاية الانتخابية أثمر هذا الفوز، وان كان هذا الفوز لا يعكس هيمنة للإخوان في الشارع.
التفاهمات مع الدولة
استفادت الجماعة من مناخ الانتخابات، حيث لم تكن هناك أية محاولات للتضييق عليهم خلال المدة الماضية، ولم تقيد قوائمهم ودوائر ترشيحهم، بل وسمحت لهم الدولة بترديد ما يحلو لهم من شعارات في مسيرتهم المؤيدة لغزة، والتي شملت البيعة لقادة حماس مثل السنوار والضيف وأبو عبيدة.
ووصف "سلطان" تقدم جماعة الإخوان بالأمر المتوقع لأن جماعة الإخوان منذ البدء في مسار التحديث السياسي الذي رعته اللجنة الملكية تحت رعاية العاهل الأردني كان لديها توجه للتفاهم مع النظام أو مؤسسة الحكم في الأردن وبالتالي وصولهم مرة أخرى إلى هذه النسبة يعكس التفاهمات والتوافقات حول هذا الأمر مع القصر الملكي وعمان لديها هدف من ذلك هو احتواء الضغط الذي يمثله الإسلاميين، وإظهار دعمها للتعددية السياسية في وقت حرج، وقت تتزاحم فيه الأحداث.
ويقول عبد الخالق بدران، الباحث في شؤون الإسلام السياسي المتخصص في جماعة الإخوان في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه شهدت الانتخابات الأردنية صعود الجناح الموالي لحماس وذلك بعد أن قامت الدولة الأردنية باحتواء الجناح الإخواني القريب من حماس، وذلك بالتوازي مع رغبة الشارع، وتعاطفه مع غزة وحركة حماس،مما يدل على أن جماعة الإخوان جاءت بهذا العدد من المقاعد برغبة كل من الشارع والدولة الأردنية.
وأضاف، أن الدولة الأردنية قامت بالتحالف مع الإخوان وأتاحت لهم الدولة الدعاية ورفعت عنهم القيود، مبينا أن ذلك كان لعدة أسباب أولها أن الشارع حاليا مع غزة ولذلك التيار الذي نجح هو التيار الغزاوي، وهو تيار العضايلة أو تيار الصقور نسبة إلى مراد العضايلة المراقب العام لجماعة الإخوان في الأردن، هو التيار الموالي لحماس وكان ينظم مظاهرات في الشارع من أن إلى آخر، كان هناك أمام الدولة حلين إما الصدام معهم وهو سيكون صدام مع الشعب لأن مزاجه حاليا مرتبط بقضية غزة.
وعدد "بدران" أسباب أخرى لهذا التحالف وهو أن احتواء التيار المتشدد لجماعة الإخوان سيقلل من المشاكل التي يقوم بها هذا التيار، ومنها قضية تهريب الأسلحة لغزة وكان الإخوان خلف القضية ولذلك التنسيق معهم افضل من الصدام، بالإضافة إلى التغيرات التي حدثت في المنطقة فيما يخص التعامل مع الإخوان، حيث بدأت بعض الدول المعتدلة مثل الإمارات تري أنه من أجل الدفع بمحمد دحلان في السياسة الفلسطينية وإقناع حماس به لن يحدث ذلك إلا عبر جماعة الإخوان، ودعم التنظيم الدولي للإخوان لهذا التيار في الانتخابات.
الضغوط المفروضة على الأردن
يربط البعض وصول الإخوان بالوضع الدولي والإقليمي المضطرب الذي تواجهه الأردن، ولا سيما ضغوط اليمين الإسرائيلي من أجل تهجير فلسطينيي الضفة وما قد يحمله الرئيس الأمريكي الجديد من حلول لمشكلة الشرق الأوسط والحرب المشتعلة في غزة.
وحول تلك النقطة يقول الباحث في شؤون الإسلام السياسي المتخصص في جماعة الإخوان، أن الملك عبد الله استغل وصول هذا التيار الحمساوي في البرلمان الأردني لكي يضغط على إسرائيل وأمريكا للحيلولة دون إحداث أي تغيرات في الضفة الغربية على غرار ما حدث في غزة.
وأشار إلى أن القصر يستخدم "الإخوان" كورقة ضغط بوجود تيار سياسي رافض لإسرائيل يعبر عن المزاج العام للشارع الأردني لمساعدته في رفض اي شيئ يمس بالسيادة الأردنية مما يساهم كثيرا في تخفيف الضغوط على الملك.
أكثرية لا أغلبية
لا يعني كون جماعة الإخوان الحزب الأول في الإنتخابات أنهم يشكلون أغلبية داخل المجلس، حيث بلغت عدد مقاعدهم 24 في المئة وهو ما يمكنهم بالتحالف مع معارضين بتكوين "الثلث المعطل"، وحصل حزب "الميثاق" 21 مقعد وحزب "إرادة" 19 مقعد، وفشلت الجماعة في إحراز أي مقعد في مأدبا والمفرق والطفيلة ومعان، ودوائر بدو الوسط والجنوب والشمال.
يرى "سلطان"، أنه لم تكن هناك نسب فارقة رغم أنهم حلوا في الصدارة لكن لم تكن هناك نسبة التي يمكن القول إنه نجاح فارق، خاصة بالنسبة للمشاركة في الانتخابات الأخيرة والانتخابات التي سبقتها قبل ٤ سنوات.
ويتفق معه في الرأي "بدران"، مبينا أن تيار الإخوان في البرلمان الأردني هم اكثرية، ولن يستطيعوا الفوز بالأغلبية المطلقة، حيث لا تتجاوز نسبة أعضاء الجماعة ٢٠ في المائة، حيث حصلوا على 32 مقعدا من ١١٣ مقعد، لا يمكنهم تشكيل ائتلاف نيابي وازن إلا برضا من الدولة ، ويمكن لعدد من الأحزاب الأخري أن تتفق وتصبح هي الأغلبية في البرلمان.
تداعيات الانتخابات الأخيرة
يعتبر السؤال الأكثر إلحاحا هو ماذا سينتج من تصدر الإخوان لنتائج الإنتخابات البرلمانية في الأردن.
ويصف "أديب" تداعيات وصول الإخوان للبرلمان الأردني، مثل أي تداعيات لوصول الإخوان في أي دولة عربية لأنه في النهاية المشهد المعقد في المنطقة جزء منه التيارات الدينية، بما فيهم الإخوان، خاصة وأن الإسلاميين عندما يدخلون إلى أي مكان يسعون إلى الهيمنة وفرض الإرادة وإلى السيطرة.
ويربط "سلطان" تداعيات وصول الإخوان في الأردن للبرلمان بالتفاهمات مع الدولة باعتبار وصوله جزء من هذه التفاهمات، ولذلك ستظل التداعيات محدودة بإطار التفاهمات، مشيرأ إلى أن هناك رغبة من القصر الملكي أنه يكشف الجماعة عن طريق منحها فرصة للظهور أكبر للمساحة وبالتالي سينكشف المشروع الحقيقي خاصة أنها ربما لم تستطيع أن تقدم أكثر مما لديها بالفعل ومواردها الآن ضعيفة جدا بعد السيطرة عليها منذ عام ٢٠١٥ وبالتالي لا ورقة حقيقية لدى الإخوان لكي تلعب بها في الوقت الحالي ولكن إذا غير تنظيم الإخوان من تكتيكاته ونظرته للواقع السياسي وتعامل بطريقة أفضل ربما يمكن أن يتوسع أكثر في المستقبل وإن كان هذا الأمر مازال بعيد المنال.