الشهيدة كرم الحمد.. شعاع الحرية المضيء لجميع النساء

انضمت الإدارية في مجلس تجمّع نساء زنوبيا في الرقة، كرم أحمد الشهاب الحمد، إلى تجمّع نساء زنوبيا في كانون الأول عام 2023، وأعلن مجلس تجمّع نساء زنوبيا في 8 كانون الثاني عام 2025 عن استشهادها إثر استهداف العدوان التركي لقافلة المدنيين المتوجهة إلى سد تشرين.

استهدف طيران الاحتلال التركي قافلة المدنيين المتوجهة إلى سد تشرين صباح يوم أمس، مما أدى إلى وقوع شهداء وجرحى في صفوف المدنيين، ووفقاً لآخر الإحصائيات، فقد استشهد 3 مدنيين وأُصيب 15 آخرون، جروح بعضهم خطيرة.

وكتبت الشهيدة كرم الشهاب سيرتها الذاتية، وجاء في تفاصيلها: "الاسم كرم أحمد الشهاب الحمد، والدتي صباح العلي، وُلدتُ في دير الزور عام 1994 وترعرعت فيها، وأعيش في أسرة تتكون من خمس فتيات وشبان، درستُ الابتدائية في مدرسة رياض نعيمة، ومن ثم انتقلت إلى المرحلة الإعدادية في مدرسة الثورة للبنات، ثم انتقلت إلى مرحلة الثانوية وحصلت على شهادة الفنون النسوية، وكان والدي يعمل في هندسة البترول في حقول النفط في دير الزور، ووالدتي كانت تعمل مدّرسة لغة عربية.

وفي عام 2009، تُوفي والدي، ثم بدأت الصعوبات في حياتي، فاضطررت للعمل أنا وإخواني في عدة مجالات، كون أخوتي أطفالاً صغاراً وليس لدينا معين سوى الله ووالدتي، ثم مارست العمل في عدة مجالات، منها العمل لدى طبيب أسنان، واكتسبتُ الخبرة لدى محامي حيث كنتُ أطمح لشهادة في الحقوق، بعد ذلك، عملتُ بعقد موسمي لدى مديرية الزراعة في دير الزور، ثم عملتُ في مخبز آلي للسيدات، وكان أول مخبز في دير الزور بإدارة النساء.

وبعدها، واجهت الصعوبات عندما صارع المرض والدتي وأصيبت بداء السكري وفشل الكلوي، واجهتُ صعوبات لم تكن في الحسبان، لأن والدتي كانت تحمينا من الذهنية الذكورية المتسلطة من الأقارب، وكان عمي يمارس أشد أنواع الظلم، كوننا جميعنا فتيات وليس لدينا رجل يحمينا من الظلم والعبودية، كون إخوتي أطفالاً صغاراً لا يتجاوز عمرهم عشر سنوات.

وفي عام 2011 اندلعت النيران في بلدي واشتعلت الثورة، وانطلقت المظاهرات ضد النظام السوري، واشتعلت النيران في أرجاء مدينتي، ولم يكن لدينا خيار سوى الهروب إلى مكان آمن، وكان لدى أختي صديقة معلمة في مقاطعة الرقة، فَلَجَأنا إليها بحكم أن مقاطعة الرقة كانت هادئة تماماً ومستقرة أمنياً من النزاعات والحروب والقصف.

بعد رحلة المعاناة في البحث عن منزل لأكثر من شهر، وجدنا منزلاً في حي الدرعية غير صالح للسكن، واضطررنا للسكن فيه لأنه لم يكن لدينا خيار آخر بسبب الأزمة السكانية في الرقة، ولم يكن أمامنا سوى مواجهة الظروف القاسية بكل إصرار وعزيمة، يعود الفضل في ذلك إلى والدتي التي قدمت لنا الدعم النفسي وقوة الإرادة والشجاعة، وبالفعل، تأقلمنا وجعلنا من الصعوبات وسيلة للتعايش.

ثم ذهبت إلى دير الزور بهدف إتمام دراستي، فحصلت على الشهادة الثانوية في الفرع الأدبي، ومن ثم تابعت دراستي في جامعة الفرات بدير الزور، قسم الأدب العربي، ودرست السنة الأولى، بعدها، انقطعت عن جامعتي بسبب دخول مرتزقة داعش وغيرها من الفصائل إلى الرقة، كوني مقيمة فيها، وبعد مرور عام، ساءت حالة والدتي الصحية وضاقت بنا سبل العيش بسبب الأوضاع السياسية التي كانت تعيشها مدينة الرقة".

السعي لتخلص من ظلم مرتزقة داعش

وحول الضغوط والظروف الصعبة التي واجهت كرم الحمد وعائلتها بسبب قمع داعش وإرهابه، قالت: "لقد تعرضتُ لضغوط شديدة بوجود داعش، وازدادت الأوضاع الاقتصادية صعوبة، فعملت في صالة إنترنت، وكان أخي الكبير يساندني ويعمل في سوق الخضرة، بسبب ضغط داعش، ضاقت بنا سبل العيش للالتحاق في صفوفهم، ولكننا لم نستسلم لهذه الظروف القاسية، وحاولنا بشتى الوسائل الهروب من داعش إلى قوات سوريا الديمقراطية، لكننا لم نتمكن بسبب ظروفنا الاقتصادية الصعبة. وأثناء ذلك، تفاقمت حالة والدتي الصحية، وكانت بحاجة إلى عملية غسيل كلى، ولم يكن لدينا القدرة على معالجتها لأن مرتزقة داعش فرضوا قيمة مرتفعة لأي عملة في المشافي الحكومية، وتوفيت والدتي عام 2016 لأنها لم تتلقَ غسيل الكلى في الوقت المناسب.

وحاولتُ مجدداً الهروب من طغيان وظلم داعش، وبعد محاولات عديدة نجحنا في الهروب والوصول إلى الطبقة التي كانت تعتبر لنا طوق النجاة والأمان بوجود قوات سوريا الديمقراطية، وسارع إخوتي بالالتحاق في صفوف قوات سوريا الديمقراطية بداية عام 2017 لمحاربة داعش ومرتزقته، وبقينا في الطبقة ما يقارب ثلاث سنوات، وكنتُ خلال ذلك أشارك في حملات توعية للأطفال والنساء للدعم النفسي ضمن الحي الذي أقطن فيه.

الاعتماد على الذات لإعالة عائلتها

وتحدثت كرم الحمد عن معاناتها في إعالة عائلتها بعد تحرير المنطقة من داعش، وقالت: "بدأتُ العمل في منزلي في مجال الكوافير النسائي بحكم التجربة السابقة في هذا المجال، بعد تحرير المنطقة من داعش وعودة الحياة الطبيعية بفضل دماء الشهداء الذين سَقَوْا الأرض بدمائهم الطاهرة من أجل الأمن والأمان، وهم خالدون في ذاكرتنا، لم يموتوا، ثم سارعتُ بالبحث عن عمل، وواجهتُ صعوبات كثيرة كوني لم أكن قد عملت سابقاً ولم يكن لدي خبرة في محافظة الرقة، وجدتُ عملاً بعد معاناة في شركة طيران كموظفة استقبال لمدة 8 شهور، ثم تركتُ العمل بسبب قلة الدخل".

شعاع مضيء لجميع النساء

وحول انضمام كرم الحمد لتجمّع نساء زنوبيا حيث وجدت البيئة المناسبة للفكر المنفتح والثقافة العالية، قالت: "سارعتُ بالانضمام إلى تجمّع نساء زنوبيا، الذي وجدت فيه ما يناسب الفكر المنفتح والثقافة العالية والروح التشاركية في العمل، وحرية الرأي والفكر، وتقديس مكانة المرأة في المجتمع، وذلك من خلال الإدارة الناجحة التي تقدم التوجيهات الصحيحة بكل شفافية وعفوية، وبفضل رفيقاتي في لجنة التدريب، استطعتُ التغلب على مخاوفي واستمددتُ قوتي من الدعم النفسي الذي قدموه لي.

واختتمت سيرتها الذاتية بالقول: "بفضل تجمّع نساء زنوبيا، تحررتُ فكرياً من الظلم والمعاناة والخوف والتردد والصعوبات التي واجهتني في حياتي، وذلك بفضل الإدارة الناجحة، كل الشكر والامتنان لرفيقاتي في الإدارة اللواتي كنَّ رُبَانَاتٍ لتوجيه مساري الصحيح، إنني أعتبرهن قدوتي وشعاعاً لنجاح المرأة، دمتم جميعاً عوناً وسنداً ومصباحاً مضيئاً لجميع النساء".