ماتزال النساء الفراتيات يتمسكن بعادتهن وتقاليدهن الأصيلة والمتوارثة، عبر زيهن التقليدي "الهباري" ويرتدينه في المناسبات والأعراس بدلاً عن اللباس العصري، لأنها أصبحت هوية وطابعاً مميزاً لهنّ.
ويتألف اللباس الخاص بالمرأة الفراتية من عدد من القطع هي (القصيرة ـ الثوب ـ الزبون ـ العباية) ثم تأتي الهباري، غطاء رقيق وشفاف مصنوع من الحرير الخالص، لتغطي شعر الرأس لتتدلى من تحتها الجدائل المضفورة الظاهرة، والتي ترتكز على خصلة طويلة من الشعر، وتسمى هذه الخصلة "كذلة".
وللهبرية ملحقات مكملة للباس المرأة الفراتية، ويتكون من الثوب الداخلي، ويكون من القماش الملون غير الشفاف، والثوب الخارجي، وله أكمام عريضة تُعقَد على الظهر، وأيضاً الزبون، الذي يشبه العباءة، ويلبس بأكمام يستر الظهر، ويكون مفتوحاً من الأمام، والحزام، الذي يربط به وسط الجسم، ويكون مصنوعاً من القماش أو الجلد، والقديم منه الشعبي كان يصنع من نسيج الصوف ويسمى "الشويحي"، لتأتي عصبة الرأس "الهبرية" المتممة للباس الفراتي.
وخلال سنوات احتلال تنظيم داعش الإرهابي لمدينة الرقة في بدايات عام 2014، اختفت جميع الألوان في الأسواق، ليصبح اللون الأسود "اللباس الشرعي" للمرأة في مقاطعة الرقة، نتيجة فرضها بشكل قسري، ومن يخالف القانون يتعرض أحد ذويها الرجال "المحّرم" إلى ثمانين "جلدة".
وبعد تحرير مناطق شمال وشرق سوريا على يد قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة، تحررت النساء في جميع المجالات الحياتية، وبات كل مكون وطائفة يرتدي اللباس الشعبي والتراثي الخاص به دون خوف.
ولمعرفة تفاصيل أوسع عن اللباس العربي الأصيل، قالت السيدة صباح المحمد، من أهالي مدينة الرقة والبالغة من العمر 37 عاماً، ولا زالت ترتدي الزي الرقاوي، إنها بدأت بارتداء الزي العربي الرقاوي عندما كان عمرها 15 سنة، وأضافت: "كانت والدتي وجدتي ترتدين لباس العرب، ولا زلت احافظ على ارتدائه".
وحول أنواع النقش الذي يُطرز على الثوب العربي "الخرج"، قالت صباح المحمد: "تتعدد النقوش والرسمات على الزي العربي الخاص بالمرأة منها الدلة والفنجان والقمر والنجم وأما بالنسبة للنقوش فمنها السلاسل والمخمس".
وتفصل لنا صباح المحمد ما هو محتوى الزي الرقاوي وتفاصيله: "غطاء الرأس أو ما يعرف بـ (الهباري) تصنع قديماً من الحرير، أما الوشاح فهو (الملفع) وشكله مستطيل تستعمله المرأة الرقاوية وتلفه على العصبة أو حول رقبتها، أيضاً "التنورة" أو ما يسمى بـ (القصيرة)، عبارة عن ثوب ترتديه المرأة الرقاوية تحت لباسها، وقماشها من النوع الكودري ويأتي فوقها "الردان" يسمى بـ (الشلاليح)، وهو عبارة عن ثوب له كمان طويلان، يتم شدهما إلى الوراء وتصنع من الحرير أو الدانتيل".
وتضيف صباح محمد: "يتكون الزي من "الصاية" وهي بمثابة زينة للمرأة على شكل رداء ترتديه فوق ثيابها وتكون مفتوحة من الأمام بدون ازرار، وتصنع من القماش الكودري والمخمل والحرير، أما "الزبون" فهو رداء يشبه "الصاية" يصنع من المخمل الثقيل، حيث يكون الزبون مطرز من الخارج بألوان زاهية وجميلة".
وسمي الهباري بهذا الاسم اشتقاقاً من نوع من ورود تنمو في بادية الرقة تدعى "الهبري"، وهو ناعم الملمس، برتقالي اللون ينبت في فصل الربيع، وللهباري أنواع أخرى، منها: "جناح الخضر"، وهو يجمع بين لوني الأخضر والأحمر، و"جناح الخضر" طائر أخضر اللون يعيش في منطقة زور الفرات في الرقة، وأيضاً "رشك الحنة"، ويجمع بين الأصفر والأسود والأبيض، وجاءت تسميته من لون الحناء.
ولا تزال معظم الفتيات الفراتيات ترتدين لباس العرب في المناسبات والأفراح رغم حداثة الأزياء العصرية، مما يدل على أن زي المرأة الشعبي في الرقة غير قابل للاندثار.