"مصالح على حساب الأبرياء".. لماذا تجاهل لقاء البارزاني والسوداني اعتداءات الاحتلال التركي؟

يبدو الاحتلال التركي عازماً على مواصلة غطرسته بشأن عملياته العسكرية في شمال العراق أو جنوب كردستان، وسط صمت حكومي عراقي ومباركة من بعض الأطراف الإقليمية.

وقد شنت قوات الاحتلال التركي عدداً من الغارات، أمس الأول الأربعاء، على عدة مناطق كردية شمال العراق بداعي مواجهة "تهديدات إرهابية"، والجملة الأخيرة هي العبارة المطاطة التي تستخدمها أنقرة كوقود تطبخ عليه حججها لتبرير عدوانها واحتلالها لبعض المناطق سواء في شمال العراق أو شمال سوريا والاعتداء على الأبرياء الآمنين.

وتزامناً مع اعتداءات الاحتلال التركي التي أدت إلى نزوح العديد من القرى وإزهاق أرواح أبرياء، كان لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني زيارة إلى بغداد التقى خلالها محمد شياع السوداني رئيس الوزراء، والأخير رغم تمسكه بضرورة خروج قوات التحالف الدولي لم يصدر منه أو من اللقاء أي تصريح بشأن الممارسات التركية، في وقت من المعروف مواقف بارزاني المتواطئة مع أنقرة.

تأثير الرئيس العراقي

لا يتوفر وصف.

"السلطات العراقية لا حول لها ولا قوة"، بتلك العبارة علق السياسي العراقي محمد المعروف المنسق العام لتجمع تكاتف العراق، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، على تصريحات وزير الدفاع التركي وعدم وجود تحرك عراقي ضدها، إذ قال إن الحكومة العراقية تحت إمرة إيران، ويبدو أن أردوغان اختصر الطريق ولجأ مباشرة إلى طهران صاحبة الكلمة العليا وأخذ منها الموافقة على هذا التواجد.

وأوضح المعروف أن هذا يأتي في إطار تنسيق وعلاقات تخادم بين الإيرانيين والأتراك وكذلك حزب مسعود البارزاني الذي يواجه ضغوطاً من إيران ذات الروابط القوية مع غريمه الاتحاد الوطني الكردستاني، ولهذا لديه علاقاته الوثيقة مع أنقرة، مدللاً على هذا التخادم والتنسيق بدخول القوات التركية داهوك وتنفيذ عمليات هناك وكل هذا تحت أنظار السلطات العراقية الرسمية والحزب الديمقراطي الكردستاني.

وأشار السياسي العراقي إلى أن هذا التنسيق والتخادم بين إيران وتركيا يرتبط بما يجري في الأراضي السورية ويمتد إليها، مشدداً على أنه لا حكومة بغداد ولا حكومة بشار الأسد صاحبتا قرار، وإنما طهران هي صاحبة القرار، مذكراً بأن أردوغان اختصر الطريق وأخذ موافقة الإيرانيين.

وتتزامن العمليات العسكرية التركية في شمال العراق مع تصريحات مستمرة من قبل رئيس الوزراء العراقي بضرورة خروج قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في وقت يصمت بشكل شبه تام عن ممارسات الاحتلال التركي وإزهاق أرواح الأبرياء بما تعنيه هذه التصرفات من انتهاكات واضحة للسيادة.

موقف الحكومة العراقية

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول مصطفى صلاح الباحث في الشأن التركي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه عند تحليل موقف محمد شياع السوداني يجب الأخذ في الاعتبار أن هناك اتفاقية موقعة بين بغداد وأنقرة مؤخراً بشأن إقامة ممر التنمية بين البلدين والذي تمر أجزاء كبيرة منه بمناطق الكرد وأماكن تواجد عناصر حزب العمال الكردستاني.

ولفت إلى أن السوداني كانت خطته أن تقدم تركيا المساعدة الاقتصادية من خلال ممر التنمية في المقابل يكون هناك تنسيق أمني واستخباراتي بموجبه يحصل العراق على المعلومات بشأن نشاط حزب العمال الكردستاني وما تعتبره أنقرة خطراً أمنياً ويتم التعامل من قبل الحكومة العراقية وليس من خلال الأتراك وعدم دخول قوات تركية إلى الأراضي العراقية.

وأضاف صلاح أن حكومة السوداني روجت لهذا الاتفاق باعتباره مكسباً كبيراً، إلا أن ما حدث أن النظام التركي تجاهل هذه التفاهمات أو الترتيبات وتمسك بأداته العسكرية، وبالتالي التوغل التركي في مناطق شمال العراق والتلميح بالبقاء فترة طويلة ليس بالجديد بالنسبة لأنقرة، لكن هذا الموقف يشكل حرجاً كبيراً بالنسبة للسوداني خصوصاً بعد الدعاية التي أطلقها عقب اتفاقية ممر التنمية وانعكساتها على مسألة التعامل مع الملف الكردي وتدخلات تركيا.

وشدد على أن النظام التركي يلعب على التناقضات بين القوى السياسية الكردية، ولهذا نجد أن الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني لا يمانع في وجود القوات التركية خاصة وأن هناك مصالح مشتركة تتعلق بالتجارة والنفط بين أربيل وأنقرة، وبالتالي هذه التناقضات بين القوى الكردية منحت أنقرة فرصة مثالية لاستمرار هذه الممارسات التي تشكل اعتداءً على سيادة العراق.

ويرى الباحث في الشأن التركي أنه إلى جانب أن التدخلات العسكرية التركية تحمل رسالة بأن أنقرة ستبقى متمسكة بالأداة العسكرية، فإنها توجه رسالة أيضاً إلى مناطق شمال وشرق سوريا أي مناطق الإدارة الذاتية التي تعتزم إجراء انتخابات بلدية أياً كانت التفاهمات التي يمكن أن تبرم.

وتأتي العمليات العسكرية التركية في شمال العراق وسط تفاهمات بين أنقرة وطهران على تطبيع العلاقات بين الأولى وحكومة بشار الأسد في دمشق، تزامناً مع إشارات عدة خلال الفترة الماضية على تنسيق بين الأطراف الثلاثة فيما يتعلق بالموقف من مناطق الكرد.