تجارة الكبتاجون.. المواجهة تتواصل بين الأردن وبشار الأسد

خلال الأيام الماضية كشفت السلطات الأردنية عن تسليم 3 جثث مهربي مخدرات وأسلحة إلى سوريا وكانت المفاجأة أن أحد هؤلاء القتلى من المنتمين إلى القوات الموالية لحكومة بشار الأسد، ما تصاعد الشكوك حول تورط الأخير في تلك التجارة والإضرار بدول الجوار.

أصدرت وزارة الخارجية البريطانية تقريراً يشير إلى أن 80% من تجارة العالم من الكبتاجون تتم على الأراضي السورية، موضحة أنها أصبحت شريان الحياة الرئيسي مالياً لنظام بشار الأسد لتجاوز العقوبات الدولية المفروضة عليه، كاشفة عن أنها تصل إلى 3 أضعاف تجارة عصابات المكسيك الشهيرة في المخدرات.

وقد أثارت عمليات التهريب مخاوف كثير من الدول العربية لكن كانت المملكة الأردنية الهاشمية على رأسهم، لا سيما وأن الاشتباكات على الحدود مع المهربين القادمين من الأراضي السورية أصبحت من الأخبار المتواترة باستمرار، وسط شكوك كبيرة لدى الجانب الأردني بأن النظام قد يكون له يد، إما لأهداف مالية أو لأهداف سياسية تتعلق بمساع إيرانية لنشر الفوضى في البلاد.

اشتباك طويل وممتد

لا يتوفر وصف.

في هذا السياق، يقول خالد شنيكات المحلل السياسي الأردني، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه في حقيقة الأمر الأردن لديه اشتباك طويل على الحدود السورية خاصة فيما يتعلق بتجارة المخدرات، إضافة إلى تهريب الأسلحة وبعض الاختراقات الأمنية التي تقوم بها تلك العصابات بغض النظر عمن يقف خلفها.

وأضاف أن هناك مقولتان تقول إن هناك عصابات غير نظامية تحاول أن تدخل المخدرات إلى الأراضي الأردنية لأسباب تتعلق بالمال بالدرجة الأول وتهريب السلاح، وليس فقط الأردن بل كذلك إلى دول الخليج العربي، موضحاً أن هناك مقولة ثانية ترى أن هذا الأمر جهد مؤسسي تقف خلفه قوى أكبر من ذلك بكثير كجيش النظام السوري أو بعض أفراد هذا الجيش، وأن هناك ميليشيات منظمة تريد إدخال المخدرات والسلاح وتريد إثارة الفوضى.

ويرى المحلل السياسي الأردني أن الذي يعزز إحدى المقولتين ويعزز إحداهما على الأخرى أو يعزز الاثنتين معاً هو ما يجري على الأرض، فقد تم دائماً القبض على عناصر من الجيش السوري النظامي في عملية التهريب، وفي هذه الحالة الأمر لا يتعلق بعصابات فقط وإنما هنا توجد خلفها قوة منظمة من أجل إحداث الدمار ونشر الفوضى، أما إن كانت مجرد عصابات لكسب المال عبر تصدير المخدرات، فيمكن بالتعاون بين عمَان والنظام السوري والعراق ولبنان الحد من هذه الظاهرة.

ويؤكد "شنيكات"، في سياق حديثه لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن النجاح في مواجهة تلك الظاهرة أو القضاء عليها يعتمد بدرجة كبيرة على من يقف خلف نشر المخدرات والأسلحة، ومع الاشتباكات التي تحدث يمكن من خلال التحقيق مع المقبوض عليهم التعرف على الجهة التي تقف خلفهم، وربما يكون بعضهم منتسبين لجيش النظام لكنها قد لا تمثله وإنما تريد فقط كسب المال.

وأكد أن قادم الأشهر والأسابيع المقبلة هي التي ستحدد من يقف خلف تجارة المخدرات، ففي الوقت الحالي لا يمكن الجزم أنه لو تم القبض على جندي أو ثلاثة من جنود النظام يعني أن الأخير يقف خلف هذا الأمر، فهذه أشياء لا يمكن الجزم بها إلا مع تكرار تلك الحالات واستمرار تعمقها.

نظام بشار المستفيد الأول

لا يتوفر وصف.

وبينما لم يجزم "شنيكات" بمسؤولية النظام السوري عن عملية تهريب المخدرات، يرى الكاتب الصحفي السوري عبدالرحمن ربوع أن بشار الأسد والميليشيات الموالية له هم المسؤولين عن هذه التجارة، بل وخاضت معارك حامية للغاية مع الجيش الأردني على نحو سقط خلاله العشرات بين قتلى وجرحى من الطرفين خلال المواجهات، مشيراً إلى أن هناك تقديرات تشير إلى أن تجارة المهربين تصل إلى 55 مليار دولار سنوياً أي أنها 3 أضعاف ميزانية سوريا.

وأضاف، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن المهربين يدخلون أسلحة إلى جانب المخدرات، معتبراً أن هناك خطر حقيقي وداهم يهدد الأردن أو جواره نتيجة الشراسة التي أصبحت عليها تلك المجموعات التي تقتات بتجارة المخدرات والسلاح ومقرها في سوريا، كما أن هناك أمراء حرب يحافظون على وجودهم من خلال تلك التجارة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في مناطق سيطرة النظام والعقوبات الدولية كذلك على النظام وقادة الفصائل.

ولفت إلى أنه في ضوء تلك الصعوبات التي حالت دون الاستيراد والتصدير، أصبحت الطريقة الوحيدة هي التهريب سواء المخدرات أو غيرها، مشيراً إلى أن المؤسسات التابعة لحكومة دمشق هي بنفسها متورطة في تلك الجرائم، وحتى لو لم تكن كذلك فهي عاجزة عن مواجهة الجهة الأخرى، لا سيما أن تلك المؤسسات منقسمة فبعضها موال للنظام والبعض الآخر مع إيران أو روسيا أو حزب الله، وبعضها يريد التطبيع مع الدول العربية والبعض يريد مع تركيا.

ويرى "ربوع"  أن هناك حاجة إلى استراتيجية عربية للتعامل مع هذا الأمر، لكنه أبدى أسفه لغيابه، مشيراً إلى أن بدلاً من ذلك اعتمدت الدول العربية استراتيجية الاحتواء وهي سياسة من شأنها تمادي النظام في سياساته، كما أن الدول العربية منشغلة بأمور أخرى مثل حرب غزة التي جعلت الأوراق تتداخل في بعضها، والوضع في اليمن، وكل هذه الأمور جاءت إيجابية لهؤلاء الذين يعشون على الفساد.

وكانت أوساط عدة تحدثت في السابق عن أن الدول العربية التي طبعت مع بشار الأسد وأعادته إلى الجامعة، اشترطت عليه أن يقوم باتخاذ إجراءات جدية فيما يتعلق بتجارة الكبتاجون، إلا أن مراقبين يرون أن حكومة دمشق لم تتعامل بالجدية المطلوبة مع هذا الملف.