المواجهة مع الإخوان.. المعركة الحقيقية خلف قرارات أمير الكويت الأخيرة

تتجه الأنظار إلى التطورات في الكويت مع إعلان أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد عدداً من القرارات المصيرية.

يؤكد خبراء ومحللون سياسيون أن المسكوت عنه في خطاب أمير الكويت أكبر بكثير مما تحدث عنه، وأن قراراته الشديدة تلك بالأساس تعبر عن معركة في مواجهة تيارات ما يعرف بـ "الإسلام السياسي" وعلى رأسهم تنظيم الإخوان الذي عمل على التلاعب بالحالة الديمقراطية في الكويت لتحقيق مصالحه فقط على حساب الدولة وأمنها واستقرارها.

أعلن أمير الكويت، مساء يوم الجمعة الماضي، حل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن 4 سنوات، موضحا أنه اتخذ قراراً صعباً لإنقاذ البلاد، وهو المجلس الذي كانت به أغلبية من تيار الإسلام السياسي، ثم عاد وأصدر مرسوماً أميرياً، يوم الأحد الماضي، يقضي بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح، وتضم 13 وزيراً، بعد صعوبات في تشكيل حكومة بسبب توجهات المجلس المنحل.

الإخوان و"الاعوجاج الديمقراطي" في الكويت

لا يتوفر وصف.

يقول الدكتور فهد الشليمي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية بالكويت، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن قرارات الأمير أتت في إطار مواجهة حالة مما يمكن تسميته بـ "الاعوجاج الديمقراطي"، الذي وفقاً له لم يكن وليد الصدفة أو الساعة.

ويوضح الشليمي أن ما وصفه بـ "الاعوجاج الديمقراطي" هذا نهج استمر منذ أحداث ما عرف بـ "الربيع العربي"، كأكبر كارثة مرت على المنطقة العربية، على حد تعبيره، مبرراً ذلك بأن تلك الأحداث شكلت هدماً لموازين الديمقراطية والخطاب السياسي المتزن، والتدرج في النصوص القانونية إلى محاولات الانقلاب على الشرعية.

ويؤكد أن الملامح السابقة كانت واضحة في الكويت منذ عام 2012، وكانت سبباً في تعثر حكومي مستمر، ثم يتم إلقاء اللوم على الحكومات المتعاقبة، إلا أنه في واقع الأمر فإن الأزمة تكمن في أن هناك تغول لإحدى السلطات على أخرى، وتحديدًا تغول السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية، في حين أن الدستور ينص على التعاون بين السلطات.

ويقول المحلل السياسي الكويتي إنه بدلاً من التعاون الذي ينص عليه الدستور، شاهدنا تمادي من النواب ووجدنا أحد النواب – على سبيل المثال – يرسل التهديدات للسلطات ويقول إن لم يحدث هذا فسيكون هذا، رغم أن ذلك لا يجب أن يكون إلا من خلال قبة البرلمان، مؤكداً أن تنظيم الإخوان يقف وراء هذه الحالة، وهذا ما يجب أن يعرفه الجميع، وفقاً له.

ويلفت إلى تنظيم الإخوان خلق ظهير جماهيري لهذه الحالة من الاعوجاج الديمقراطي والتمادي في التغول من قبل السلطة التشريعية، وعملوا على التشجيع على هذا الأمر، ما انعكس على الحملات الانتخابية التي تحولت إلى ممارسة سياسية غير صحية مثيرة للفتنة وتعتمد أموراً غير قانونية.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أكد الشليمي أن أمير الكويت لم يكن أمامه إلا أن يتدخل، لكي يوقف هذا الانحراف الديمقراطي من قبل السلطة التشريعية وحالة الاعوجاج ومحاولات زراعة الفتنة، حتى يعود النواب إلى رشدهم، مشيراً إلى أنه قد يكون هناك حاجة إلى تعديل دستوري لاحقاً، لتفادي حالات التعثر التي حدثت من قبل.

والمواد التي علقها أمير الكويت، هي المادة 51، التي تنص على أن السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقاً للدستور، كما علق العمل بالمادة 56، المتعلقة بتعيين الوزراء، والمادة 71 التي تنص على وجوب عرض مراسيم تعيين الوزراء على مجلس الأمة خلال 15 يوماً من تاريخ صدورها.

وأوقف الأمير العمل مؤقتاً بالمادة 79، التي تفيد بضرورة عدم صدور أي قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدق عليه الأمير، كما شمل التعليق المادة 107، التي تتطرق إلى حق أمير البلاد بحل مجلس الأمة بمرسوم يبين أسباب الحل على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في فترة لا تتجاوز الشهرين من تاريخ الحل.

وطال إجراء التعليق كذلك المادة 174 من الدستور الكويتي التي تعطي حق تنقيح الدستور إلى الأمير بثلث أعضاء مجلس الأمة، فضلًا عن المادة 181 التي تنص على عدم جواز تعطيل أي حكم من أحكام الدستور إلا أثناء قيام الأحكام العرفية في الحدود التي يبينها القانون.

التغلغل الإخواني في الكويت

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول الدكتور محمد عز العرب رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح كان لديه رؤية تتعلق بتيار الإسلام السياسي، بأنه يمكن أن يكون هناك تصالح وتعايش، وكان ولي العهد وقتها وهو الأمير الحالي الشيخ مشعل الأحمد غير مقتنع بذلك لكن في نهاية المطاف القرار للأمير.

وأوضح أن فكرة التصالح هذه لم تنجح، وهذا يعود إلى أن تيارات الإسلام السياسي في الكويت كان ما يشغله تحقيق أرضية وتحقيق استفادة ومكتسبات من الأسرة الحاكمة، لكي يعاود لاحقاً ربما الانقضاض على السلطة، وإن كان الأخير يرتبط بأمرين، أولهما مسألة التماسك داخل الأسرة الحاكمة ضد هذا التيار، وثانيهما عدم وجود التفاف حوله داخلها.

ولفت كذلك إلى أن هناك حالة من التغلغل المجتمعي للإخوان والسلفيين في المجتمع الكويتي، وقد يدخلون أحياناً في تحالفات وقتية مع بعض أفراد الأسرة الحاكمة، مؤكداً أن هناك تغلغلاً كبيراً للإخوان، خصوصاً أن هجراتهم من دول عربية أخرى كانت نسب كبيرة منها تتجه إلى الأراضي الكويتية، مشيراً إلى أن مصر على سبيل المثال كان لديها ملاحظات بأن هناك تورط لعناصر أمنية كويتية مع عناصر من الإخوان لتنفيذ عملية إرهابية في مصر.

ويقول الدكتور محمد عز العرب إن ما سبق ذكره يشير إلى حجم التغلغل الإخواني في الكويت، وبالتالي فإن الدولة الكويتية أمام تحد كبير يتمثل في القضاء على هذا التواجد في المؤسسات الرئيسية، كما أن هناك حاجة إلى حملة إعلامية في الدولة تحاول كشف شكل المجتمع الذي يريد الإخوان أن يصلوا بالكويت إليه.

وكان الأمير الشيخ مشعل الأحمد أعلن، في خطاب الجمعة، أن قراره بحل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور جاء "بعد أن وصل التمادي إلى حدود لا يمكن القبول بها أو السكوت عنها"، لافتاً إلى أنه كانت هناك مصاعب وعراقيل لا يمكن تحملها، وشدد على أنه لا مجال للتردد أو التمهل لاتخاذ القرار الصعب إنقاذاً لهذا البلد وتأميناً لمصالحه، وشدد كذلك على أنه لن يسمح على الأطلاق أن تُستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة.