يعيش سكان قطاع غزة، 2.4 مليون نسمة، أوضاعا إنسانية صعبة بسبب الحرب التي اندلعت في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس، وتسببت في أزمة إنسانية حادة بعد نفاد المواد الغذائية الأساسية ومياه الشرب النظيفة إضافة إلى انهيار المنظومة الصحية ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، تزامنا مع تدمير شامل لكل مظاهر الحياة في القطاع ضمن خطة ممنهجة تستهدف إبادة أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين إلى جانب القضاء على حماس وقطع الإمدادات عن حركة المقاومة.
إبادة جماعية
مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، دعت مرارا على مدار أيام الحرب منذ اندلاعها قبل نحو عام إلى وقف الانتهاكات الخطيرة في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وطالب تقرير سابق للمفوضية بمساءلة جميع الأطراف عن الانتهاكات التي حدثت خلال 16 عاما من الحصار المفروض على غزة فضلا عن التدمير الوحشي للممتلكات المدنية، والبنية التحتية والتهجير القسري.
واتهمت محكمة العدل الدولية إسرائيل بعرقلة وصول المساعدات وإعاقة عمل البعثات الإنسانية، بما فيها الأونروا ما نتج عنه تراجع عدد شاحنات المساعدات المستهدف وصولها إلى غزة بمتوسط 94 شاحنة يوميًا خلال العام الماضي، مقارنة بـ500 شاحنة يومياً قبل أكتوبر\تشرين الأول 2023، فيما أكد تحليل لمركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية، تعرض 63% من المباني في غزة لتدمير كامل وسط استمرار أوامر الإخلاء للمناطق السكنية الصادرة من الجيش الإسرائيلي وأبرزها مناطق في خان يونس وشمال رفح وأكدت تقديرات أممية أن 11 ألف شخص كانوا يعيشون في هذه المناطق تأثروا بأوامر الإخلاء ، فضلا عن نزوح نحو 13,500 نازح في 18 موقعا من بينها مخيم المغازي وعدة أحياء أخرى في دير البلح.
أوضاع إنسانية مأساوية
رصدت المنظمات الأممية والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ارتفاع حالات سوء التغذية بين الأطفال في شمال غزة بنسبة 300% نتيجة النقص الحاد في الإمدادات وحصول 8% فقط من كل 50 ألف طفل على القليل من الإمدادات، ما دعا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى التحذير من النقص الحاد في المواد الغذائية وصعوبة حصول النازحين على الخدمات الأساسية في مواقع النزوح مؤكدا وضع 86% من مساحة قطاع غزة تحت أوامر الإخلاء الصادرة من قبل الجيش الإسرائيلي، ما تسبب في زيادة الكثافة السكانية بمناطق النزوح إلى ما بين 33 و34 ألف شخص لكل كيلومتر مربع.
تغيير الديمغرافية
الدكتور فايز أبو شمالة المحلل السياسي الفلسطيني أكد في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة أسفرت عن استشهاد أكثر من 43,846 فلسطينياً معظمهم من النساء والأطفال، بينما أُصيب 103,740 آخرين، فيما تُشير التقارير إلى أن آلاف الجثث لا تزال تحت الأنقاض وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإنقاذ والإسعاف عن الوصول إليهم بسبب شدة القصف واستمرار الحصار، فضلا عن تدمير كل ما يمت للبشرية بصلة في جريمة واضحة للإبادة الجماعية.
فيما أوضح الدكتور خالد سعيد المختص في الشأن العبري في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الاحتلال يتعمد القتل والإبادة والتهجير القسري ضمن خطط إعادة تغيير ديمغرافية قطاعي غزة والضفة والاستمرار في التوسع الاستيطاني في الداخل الفلسطيني إلى جانب التوسع الجغرافي في محيط إسرائيل.