تغيرت خريطة التحالفات في السودان خلال الفترة القليلة الماضية حيث شهدت البلاد توقيع اتفاق نيروبي بين رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك مع أبرز حركتين مسلحتين في البلاد وهما حركة تحرير جيش السودان وحركة عبد الواحد محمد النور، والحركة الشعبية قطاع الشمال جبهة عبد العزيز الحلو وفي نفس الوقت انخرطت حركة عبد العزيز الحلو في مفاوضات مع الجيش السوداني من اجل ادخال المساعدات الإنسانية، مما يثير التساؤلات حول تأثير الاتفاقيات الجديدة على مستقبل السودان والحرب الدائرة فيه.
كشفت أمل حسن سعيد، مديرة تحرير صحيفة التغيير والإعلامية السودانية، أن الاتفاق بين عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السابق ورئيس الهيئة القيادية للتقدم مع السيد عبد العزيز الحلو قائد الجيش الشعبي ورئيس الحركة الشعبية شمال لتحرير السودان يعتبر اختراق سياسي كبير جداً وهو يؤكد على أن القوى المدنية والقوى السياسية هي أقدر على دخول التفاوض والمفاوضات وهي أقدر على الاختراقات السياسية لأن اتفاق الحلو مع الجيش السوداني انهار قبل حتى أن يجف الحبر الذي كان على الورق.
وأكدت أمل سعيد في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه كان هناك اتفاق مماثل من قبل، وقعه السيد عبد الله حمدوك مع الحلو في سبتمبر/أيلول في عام ٢٠٢٠ وأيضا كان يحتوي على نص العلمانية، حيث اتفقا على العلمانية ووجد انتقاداً لاذعاً من الجيش السوداني وخاصة الفريق شمس الدين كباشي الذي وصف الاتفاق بعطاء من لا يملك لمن لا يستحق، وقال إنها معارضة خشنة من الجانب العسكري والجانب المدني في نفس الوقت، لكن عاد البرهان قائد الجيش وكرر نفس الاتفاق مع عبد العزيز الحلو في مارس/آذار ٢٠٢١، مما يؤكد أن هناك بشكل عام داخل المكونات المدنية والسياسية لا يوجد تلك الحساسية المفرطة تجاه علمانية الدولة.
وأضافت مدير تحرير صحيفة التغيير السودانية، أن المشكلة التي واجهها هذا الاتفاق عبارة علمانية يمكن أن توصف بالمفخخة، لأنه طوال ٣٠ عام أي ثلاثة عقود من عمر حكومة الإنقاذ كانوا باستمرار يحاولون أن يدمجوا هذه الكلمة بالكفر ويصفوا كل من يتحدث عن العلمانية أنه كافر، ولذلك رسخ في الذهن الشعبي السوداني أن عبارة العلمانية تعني الكفر وأنها شيء ليس جيد، وبالتالي يمكن أن يؤثر هذا الاتفاق مع موضوع العلمانية على تقدم كجسم مدني يحاول أن يجمع أكبر تكتل مدني تجاه وقف الحرب في السودان وهو الآن مقبل على مؤتمره التأسيسي يوم ٢٦ مايو/أيار القادم من العام الجاري في أديس أبابا.
وبينت أمل سعيد، أن الاتفاق ربط عدم تضمين هذا الاتفاق في الدستور الدائم بحق تقرير المصير، وهو أمر يصعب جدا أنه يكون هناك اتفاق حوله، وهو ما وجد معارضة سياسية من أكبر الأحزاب السياسية داخل تقدم منها، وهو ما أوجد معارضة سياسية من أكبر الأحزاب السياسية وهو حزب الأمة القومي الذي أصدر أمينه العام بيان حول الموضوع وأعلن تحفظه وأيضا حزب التجمع الاتحادي هذه هي الأحزاب التي أعربت عن تحفظها على بعض البنود مع قبولها أو تسمينها للجوهر العام المتعلق والمرتبط بحدوث هذا الاختراق أو الاتفاق مع عبد العزيز الحلو ومع السيد عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان.
وأوضحت مديرة تحرير صحيفة التغيير والإعلامية السودانية، هذه هي النقاط الجوهرية التي يمكن أن تصنع خلافاً سياسيا كبيراً جداً وهائلة وأيضا ستحدث شروخ داخل جسم تقدم نفسه، لأن حزب الأمة القومي وهو من أكبر الأحزاب التي تشكل هذا الكيان المدني لديه خلافات داخلية مسبقة، وبعد أن صدر هذا البيان والتوقيع بين حمدوك والحلو حدثت هناك معارضة داخلية في حزب الأمة وصدر بيان ثم صدر بيان مضاد وكأنما هناك جانب من حزب الأمة لا يمكن أن نصفه بأنه جانباً هينا فيه نواب للرئيس وفيه عدد من الأعضاء في مجلس الرئاسة هم ضد هذا الاتفاق وهم يدفعون بصورة كبيرة جداً وحادة للانسحاب من داخل تنسيقية تقدم، ضروري حزب الأمة ينسحب وهذا الاتفاق ربما سيمنحهم هذه الذريعة وسيجعل أصواتهم تعلو أكثر فاكثر، هذه ستكون أكبر مشكلة يواجهها هذا الاتفاق في الوقت الراهن.
وتطرقت أمل سعيد، إلى إمكانية تنفيذ هذا الاتفاق في الوقت الراهن، مبينة أنه لا يمكن أن يكون هناك أي اتفاق يمكن أن ينفذ حتى لو كان الطرف الثاني هو الجيش نفسه، لا يستطيع أحد أن يفعل أي فعل سياسي واضح الآن، لابد أن تنصب كل الجهود المدنية والسياسية وحتى الحركات المسلحة وغيرها من التي تقف أو تصطف مع الجانب المدني وإن كان عبد الواحد نور يريدون أن يقوموا باصطفاف في الجانب المدني لابد أن توجه كل الطاقات نحو ايقاف الحرب.
وأشارت مديرة تحرير صحيفة التغيير والإعلامية السودانية، إلى أن أجواء الحرب لن تسمح أن يكون هناك أي أفعال سياسية لن تسمح بكتابة دستور دائم في السودان، لن تسمح بأي ممارسات سياسية وديمقراطية والتداول السلمي، كل هذا سيكون لا قيمة له طالما أن أصوات الأسلحة ما زالت مستمرة في شوارع السودان والخرطوم وغيرها من الولايات الكثيرة التي بدأت الحرب تنتقل إليها الآن فبالتالي في الوقت الراهن لن يكون مفيد في التنفيذ على أرض الواقع.
وأردفت أمل، أنه ربما إذا استطاع أن يحدث هذا الاتفاق اختراق في أن تنضم الحركة الشعبية شمال وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور في الاتجاه المدني هذا سيقوي من القوي المدنية، وسيقوي من الجبهة الديمقراطية المدنية تقدم، ويعزز من حصولها على الدعم الإقليمي، وسيكون هناك زخم كبير جداً في المؤتمر التأسيسي المقبل حال شارك فيه هذان الاثنان.
بينما قال صلاح زولفو، الإعلامي السوداني والرائد السابق بالجيش السوداني، إن اتفاق نيروبي ليس له أي اساس على الأرض، وذلك لأن الجهات التي وقعت هذا الاتفاق ليس لها أي سلطة أو نفوذ، وهي في الأساس ملفوظة من الشعب السوداني.
وأكد زولفو في تصريح خاص لوكالة فرات، أن ما ورد في هذا الاتفاق من إدخال المساعدات الإنسانية عبر دول الجوار لا يمكن تنفيذه لأن الحدود نفسها لن تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية أو قوات الدعم السريع، مبيناً أن هذه الاتفاقيات بحكم العدم ولا يمكن تنفيذها على أرض الواقع.
وأضاف الرائد السابق بالجيش السوداني، أن اتفاق الجيش مع الحركة الشعبية لتحرير السودان جبهة عبد العزيز الحلو وغيرها من الاتفاقيات بين الجيش والحركات المسلحة هي قنبلة موقوتة، لأن تلك الحركات لم تتحرك وتترك ما اسمته بحالة الحياد، إلا بعد أن استشعرت خطورة قوات الدعم السريع عليها.
وبين زولفو، أن تلك الحركات المسلحة تعتبر خطر داهم، وذلك لأن الجيش السوداني نقل تلك الحركات مع أسلحتها وعتادها العسكري إلى الخرطوم وغيرها من المدن السودانية وسيكون من الصعب، بل من المستحيل إخراجهم من تلك المدن التي دخلوها.