مؤسِسة مدرسة خزانة: برز العديد من الكرد في مصر ومباني القاهرة شاهدة على دور الجاليات

كشفت علياء نصار، مؤسِسة مدرسة خزانة للتراث، أن هدف المدرسة تعريف الناس بالتراث بشكل عام، وأنه ليس مباني تراثية فقط ولكن يدخل فيه العادات والطعام والأزياء والاحتفالات.

يعتبر اندماج الثقافات وتعددها أمراً حتمياً في حياة الشعوب، خاصة في الحارة المصرية التي صهرت العديد من الأجناس وآلاف الوافدين داخل نسيجها عبر تاريخها الممتد لأكثر من 7 آلاف عام، ولذلك حاورت وكالة فرات للأنباء، الدكتورة علياء نصار، مؤسِسة مدرسة خزانة للتراث حول مشروع البوتقة وانصهار الحضارات وأبرز فعاليات هذا المشروع وسر إطلاقه، وإلى نص الحوار:

كيف بدأت نشاطك في مدرسة خزانة للتراث؟

بدأنا مدرسة خزانة للتراث في شباط عام 2022، ويوجد هدفين للمدرسة الأول تعريف الناس بالتراث بشكل عام بأنواعه المختلفة لأن هذا التراث ليس مباني تراثية فقط ولكن يدخل فيه العادات والطعام والأزياء والاحتفالات، من خلال الورش التي نقوم بعملها، أما الهدف الثاني فهو تعليم الناس كيفية التوثيق بأنفسهم، ونقوم بتقسيم الأنشطة لسلاسل، كل سلسلة مهتمة بأمر ما، سلسلة مهتمة بالأكل، ودهاليز مهتمة بالمحافظات الأخرى ورحلات المحافظات والمناطق المختلفة فيها وليس أهم المزارات والورش والاحتفالات الشعبية الموجودة.

ما هي فكرة سلسلة "البوتقة"؟

توجد سلاسل كثيرة في مدرسة خزانة للتراث ومن ضمنها سلسلة البوتقة، وتكمن فكرتها أن مصر يوجد بها ثقافات مختلفة، ليس فقط الأقاليم الجغرافية، كل واحدة لها ثقافة مختلفة، والبوتقة فكرتها أنه على مدار التاريخ كان هناك عائلات تستقر في مصر، لكن على مدار التاريخ كان يوجد جماعات وعائلات قادمين للاستقرار في مصر سواء للتجارة أو العلم والدراسة منذ أيام مكتبة الإسكندرية وجامعة أون والأزهر وخلافه، وكانت هناك مجموعات أخرى تأتي للحج، ومجموعات قدمت مع الجنود والحاميات العسكرية، ويوجد صناع، وظلت كل تلك المجموعات في مصر لأنها كانت مستقرة إلى حد كبير، وكان هناك ازدهار في التجارة والصناعة، بخلاف من فروا من الحروب والمجازر في بلاده، كل هذا خلق نوعاً من الزخم الثقافي، وهذه الثقافات اختلطت ببعض وشكلت الهوية الثقافية.

لماذا سميت البوتقة بهذا الاسم؟

البوتقة سميت بهذا الاسم لأنها هي التي ينصهر فيها المعادن مع بعض لكي يشكلوا مزيجاً جديداً، وهي نفس فكرة الثقافات والجاليات الوافدة إلى مصر والتي شكلت هويتها الثقافية.

ما هي أبرز نشاطات البوتقة؟

قدمنا العديد من الأنشطة مثل محاضرات أعراق الأجداد، قدمتها محمد قدري و تتكلم عن المغول الذين استقروا أيام المماليك وتزوجوا مصريين، وجزء من ثقافتهم موجودة في الثقافة الشعبية لنا في مصر، حتى وإذا لا يوجد جالية واضحة لهم في مصر، ونظمنا في شباط هذا العام، بمناسبة مرور عامين، احتفالية اسمها ايام البوتقة، تعاونا مع ثقافات مختلفة مع الأرمن، وإيطاليا، وميلانو، والسودان 6 جاليات مختلفة غير النوبة، القيصر، والإسكندرية والمنصورة لكي نعرض اكبر كم للثقافات المختلفة في مصر، كان من ضمنهم محاضرات وورش الأكل التقليدي الناس تتذوق الطعام، وكان يوجد عروض فنية، رقص وغناء، وكانت آخر أنشطتها محاضرة للدكتور محمد رفعت الإمام، تتحدث عن أن مصر تجمع ثقافات مختلفة، والعصر الحديث، خاصة وأن الأزهر يجمع ثقافات كثيرة، حيث أصبح ملتقى الثقافة بين الشرق والغرب.

ما هي أبرز الثقافات التي انصهرت في بوتقة الهوية المصرية؟

توجد ثقافات غير واضحة، مثل المغول لا نستطيع أن نقول الجالية المغولية، أو شخص من أصول مغولية، ولكنهم تركوا آثار واضحة في الثقافة المصرية، حيث كانوا يقيمون في باب اللوق، والحسينية، وتزوجوا مصريين، وأصبحوا جزءاً من التراث الشعبي المصري المرتبط ببعض الأسماء والممارسات ذات الأصل المغولي، وإن كانت غير معروفة، ولا يعرفها كل الناس، وعلى الجانب الآخر توجد جاليات مثل الأرمن معروف أصولهم غير المصرية، حيث كان الأرمن في أماكن ومحافظات مختلفة خصوصاً في الدلتا، وفي افلام السينما نرى البقال اليوناني كشيء اعتيادي، كما نرى العمارة  فيها تأثيرات غير مصرية، من شمال إفريقيا مثل مجموعة قلاوون في أعمال الجبس تأثير شمال افريقيا، وتوجد نوافذ وشرفات أندلسية، وذلك لاستقدام مصر لمهندسين وصناع أجانب من مناطق مختلفة ظهرت لمساتهم في منشآتها المعمارية.

ما تأثير الجاليات المستمرة وبصماتهم في المجتمع المصري؟

الإيطاليين كمعماريين وكشركات انشاءات لهم بصمات هامة وإنشاءات هامة خاصة في وسط البلاد، وذلك عندما استقدمهم الخديوي اسماعيل، حيث استعان بالمعماريين الإيطاليين ومنهم بيلوتشي، انطون باشياك، مثل الفرع الرئيسي لبنك مصر والعديد من قصور العائلة المالكة نفذها انطون باشياك، ووزارة الخارجية في ميدان التحرير.

كيف ترين العلاقات المصرية - الكردية؟

هناك العديد من الشخصيات الكردية مثل عباس محمود العقاد، وأحمد تيمور باشا، وعائشة التيمورية، الجالية الكردية استقرت في مصر فترة طويلة، وطبيعي أن يظهر منها العديد من الأدباء والشعراء، وهو ما حدث مع العديد من الجاليات الأخرى، مثل الجالية الأرمينية والتي كان منها الموسيقار محمود إسماعيل.

هل المشاهير من الكرد تأثروا بالثقافة المصرية؟

يعتبر إنتاج هؤلاء المبدعين بحكم مولدهم في مصر ونشاتهم إبداعاً مصرياً خالصاً، إلا أنهم بحكم الخبرات المكتسبة في حياتهم والتي يكون جزء منها من العائلة، يكون هناك تأثير من العادات والتقاليد الوافدة من الثقافة الأصلية.

ما هي أهدافكم للمرحلة التالية؟

نطمح بتحويل مهرجان أيام البوتقة إلى مهرجان سنوي وان تنضم له دول أخرى مثل دول شمال إفريقيا، منها تونس والمغرب وهي دول لها إسهامات كبيرة خاصة في مجال العمارة، وغير فعالية العمار التي تهتم بالطعام والتي كان منها العمار الفلسطيني لا سيما بعد تشرين الأول كأحد أشكال المقاومة.

كيف ترين الدعوات التي تصاعدت في الآونة الأخيرة في مصر ضد غير المصريين؟

كانت تلك الدعوات من الأسباب الرئيسية في إنشاء البوتقة، لا سيما وأن مصر على مر تاريخها استضافت غير مصريين أما للتعلم أو للحج أو التجارة، وبالتزاوج ظهر جيل جديد، بل أتحدى أن بعض من ينادون بخروج غير المصريين أن بهم عرق غير مصري سواء أرمني أو شيشاني، وأنه لا يفهم معنى الهوية المصرية وتاريخه بالأساس.

كيف ترين الانتقادات الموجهة للسوريين بشكل خاص؟

وجود السوريين أو الـ "شوام" بشكل عام لم ينقطع في مصر ولكن زادت أعدادهم بشكل خاص بعد عام 2011 مع الأزمة السورية، والسوريون لهم ادوار هامة مثل انشاء الصحف في مصر وانشاء دور بيع الكتب لأن معظم دور بيع الكتب في الحالة أسسها "شوام".