التفاصيل كشف عنها عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية التي أكدت أن إسرائيل قدمت عرضاً إلى رعاة الوساطة (مصر وقطر والولايات المتحدة) وتحدثت أكثر مع مسؤولين أمريكيين بشأنه ويقضي بخروج يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وقادة آخرين من قطاع غزة بشكل نهائي عبر ما يسُمى بـ"صفقة الخروج الآمن".
وحسب تلك الصفقة، فإن المرحلة الأولى منها تشمل إفراج حماس عن جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء وجثامين القتلى منهم دفعة واحدة، مقابل إطلاق سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، فيما تلتزم تل أبيب بالانسحاب من قطاع غزة على أن يشرف الوسطاء على تنفيذ الاتفاق بواسطة قوى متعددة الجنسيات.
كما تشمل بنود هذا الاتفاق نزع السلاح من القطاع وتدمير الأنفاق ومخازن الأسلحة التابعة لحركة حماس، فيما تسمح إسرائيل للسنوار بمغادرة القطاع برفقة قادة آخرين إلى دولة أخرى دون العودة إلى غزة أو أراضي الضفة الغربية المحتلة أي بعبارة أخرى نفيهم إلى دولة ثالثة كما ذكرتها صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.
واقعية الطرح الإسرائيلي
هل إسرائيل يمكن أن تقدم مقترحاً كهذا؟ سؤال طرحته وكالة فرات للأنباء (ANF) على الدكتور أيمن الرقب القيادي بحركة فتح الفلسطينية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والذي استبعد أن تقوم تل أبيب بتقديم هذه الفكرة إلى الولايات المتحدة، معتبراً أن الأخيرة كانت صاحبة هذا المقترح في بدايات العدوان الإسرائيلي على غزة.
ولفت إلى أن هذا المقترح لم تكن تفاصيله واضحة، مشيراً إلى أن يحيى السنوار نفسه من قبل أكد أنه لن يخرج من غزة وأن المعركة بينه وبين الاحتلال طويلة، وقال كذلك إن هذا الطرح يفتقد إلى المنطقية، ولكن فيما يبدو أن الأمريكيين الذين فشلوا حتى الآن في الوصول إلى أي اتفاق يحاولون طرح أي صيغة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وتعبر عن حالة التيه التي تعيشها واشنطن تجاه ما يجري في غزة، حسب تصريحاته.
ويدلل "الرقب" على أن هذا المقترح لا يمكن أن يخرج من إسرائيل هو أن تل أبيب ليس لديها رغبة جادة في وقف إطلاق النار، فحكومة بنيامين نتنياهو ترى في استمرار الوضع الحالي مصلحة لها، كما أن الكنيست الإسرائيلي غير منعقد حالياً وأي صيغة كهذه تتطلب موافقته.
وقد زعمت صحيفة "جيروزاليم بوست"، حسب مصدر من دول الوساطة، إلى أن يحيى السنوار ألمح إلى أنه بحاجة إلى أن يضمن أمنه حال مغادرته قطاع غزة بعد تنفيذ الاتفاق، في رسائل وصفتها بـ "الواضحة" من قبله ويتوقع أن تصل إلى كبار المسؤولين بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وسط قناعة بعض الإسرائيليين بهذا المقترح.
حل للقضية؟
وحتى لو طرحت إسرائيل بالفعل هذا المقترح فهل يؤدي إلى إنهاء العدوان على قطاع غزة ووقف إطلاق النار والتمهيد لحل أشمل للقضية الفلسطينية؟ كان هذا هو السؤال الذي طرحته وكالة فرات للأنباء (ANF) على السياسي الفلسطيني ياسر أبو سيدو الذي قال إن القضية الفلسطينية ليست قضية يحيى السنوار ولا ياسر عرفات من قبله ولا عز الدين القسام ولا غيرهم، وخروج شخص أو غيره لم يغير من طبيعة الاحتلال وكذلك لن يوقف الشعب الفلسطيني عن المقاومة، على حد قوله.
وأضاف أبو سيدو متسائلاً: "هل حياة يحيى السنوار تساوي تقديم فلسطين على طبق من ذهب للإسرائيليين؟"، وتساءل كذلك: "وهل الخروج الآمن للسنوار سيضمن للشعب الفلسطيني حياته؟"، داعياً إلى عدم نسيان ما فعله الإسرائيليون عام 1948 من إخراج للناس وقتلهم، مؤكداً أن هذه المقترحات لن تنطلي على أي فلسطيني، ولن تكون سبباً من الأساس في حل للقضية وإعادة الحقوق إلى الشعب الفلسطيني.
و "السنوار" هو المطلوب الأول لدى إسرائيل حسبما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بداية اندلاع حرب عزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي باعتباره المخطط الأول للهجوم الذي طال مستوطنات غلاف قطاع غزة وأوقع مئات القتلى الإسرائيليين، فضلاً عن احتجاز عشرات الرهائن.
وتتزامن التسريبات عن "صفقة الخروج الآمن" في ظل تعثر لخطة طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ أشهر من 3 مراحل، وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بإفشال جهود الوساطة، لكن كثيراً من المراقبين يرون أن نتنياهو هو المسؤول الأول في عدم التوصل لاتفاق باعتبار أن نهاية الحرب تعني نهايته السياسية بسبب شعبيته السياسية المتراجعة بشكل كبير.