في ندوة بالقاهرة.. مثقفون يدعون إلى حرية أوجلان وتكريمه كنموذج للنضال والصمود
عقدت المبادرة العربية لحرية عبد الله أوجلان ندوة في القاهرة تحتَ عنوان "أوجلان من الاختطاف إلى الإبداعِ الفكري.. إرادة تتحدى الاعتقال".
عقدت المبادرة العربية لحرية عبد الله أوجلان ندوة في القاهرة تحتَ عنوان "أوجلان من الاختطاف إلى الإبداعِ الفكري.. إرادة تتحدى الاعتقال".
وعقدت الندوة في إطار الحملة الدولية لحريةِ المفكرعبدِاللهِ أوجلان، أمس السبت، بمشاركة نخبة من المفكرينَ والسياسيين والحقوقيين من المصريين والعرب، إضافة إلى حضور واسعٍ من الشباب والمهتمين بالقضية الكرديةِ وحقوق الإنسان، وقد جرى خلالها طرح عدد من الأوراق التي تطرقت إلى أفكار وفلسفة أوجلان خاصة مفهوم الأمة الديمقراطية ونقده للحداثة الرأسمالية ومفهوم الدولة القومية، كما طرحت تفاصيل المؤامرة الدولية لاعتقاله وحالة العزلة التي يتعرض لها، فضلاً عن استعراض بعض الوسائل التي يمكن التحرك عبرها لرفع الظلم عن هذا المفكر الأممي الكبير.
وقد قدم الندوة الكاتب الصحفي المصري إلهامي المليجي منسق المبادرة العربية لحرية المفكر عبد الله أوجلان ودعم القضية الكردية، وكان إلى جواره على المنصة الرئيسية الأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة دمنهور، والكاتب الصحفي المصري مجدي الدقاق، والناشط الحقوقية اليمنية الدكتورة رائدة الذبحاني، والدكتور مختار غباشي المتخصص في القانون الدولي والعلاقات الدولية، والمهندس أحمد بهاء الدين شعبان الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري.
مسيرة من النضال وسط تحديات شديدة الصعوبة
بدأت الندوة من الدكتور محمد رفعت الإمام والذي استعرض بعضاً من أفكار وجوانب فلسفة عبد الله أوجلان وحياته وتحدياته للأطر التقليدية، وقد ركز في استعراضه على مفهوم الأمة الديمقراطية الذي يتجاوز القضية الكردية ليشمل مختلف المجتمعات في الشرق الأوسط، وتقديمه في هذا الإطار مفهوم الكونفيدرالية الديمقراطية كبديل للدولة القومية، منتقدًا مفهوم الحداثة الرأسمالية كمصدر للأزمات الاجتماعية.
وأشار الإمام إلى أن أوجلان طرح في هذا السياق مفهوم العصرانية الديمقراطية كنموذج يعتمد على فكرة الحكم الذاتي المجتمعي الذي يرتبط باقتصاد خال من الاحتكار وبيئة متناغمة مع الطبيعة، ويعتمد الحل الديمقراطي كأسلوب رئيسي لبناء مجتمع ديمقراطي تعددي ويؤكد أهمية الحكم الذاتي للنساء ومختلف الشعوب، مشيدًا بفلسفة أوجلان بما تحمله من بدائل لإخراج منطقة الشرق الأوسط من كثير من صراعاتها وأزماتها.
ثم انتقلت الكلمة إلى المهندس أحمد بهاء الدين شعبان والذي كان لديه ورقة تحت عنوان "عبد الله أوجلان.. جدل المسيرة والمصير"، وقد تناول بشكل شامل رحلة النضال والمصير التي عاشها وواجهها المفكر عبد الله أوجلان، وسلط الضوء على الظروف الصعبة التي مر بها منذ بداية نشاطه الثوري حتى اعتقاله واحتجازه في جزيرة إمرالي التركية.
كما استعرض شعبان في ورقته المؤامرة الدولية التي أدت إلى اختطافه بمشاركة عدة دول وأجهزة استخباراتية دولية، مستعرضًا كذلك قدرة أوجلان على الحفاظ على إبداعه الفكري وصلابة موقفه بالرغم من ظروف السجن الصعبة واستمراره في إنتاج الأعمال الفكرية المهمة، طارحاً ضرورة توحد القوى النضالية في العالم لمواجهة الأنظمة الاستبدادية التي تتآمر ضد قوى التحرر الوطني، داعيًا إلى تعزيز التعاون بين تلك الفصائل.
إطار قانوني استثنائي ظالم
عقب ذلك انتقلت الكلمة إلى الدكتور مختار غباشي الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية والذي استعرض الورقة الثالثة في هذه الندوة وكانت تحت عنوان "من السجن المشدد إلى جزيرة نائية إلى التجريد"، وقد تناولت الإطار القانوني الاستثنائي الغريب الذي فصل خصيصًا لمحاكمة المفكر عبدالله أوجلان، والذي تضمن استثناءات لم ترد في القانون التركي بصفة عامة وربما في العالم، خصوصًا مسألة الحكم عليه بالمؤبد المشدد، والذي يعني عدم خروجه مدى الحياة وحتى إذا توفي فإنه يجب الانتظار بعد وفاته لأكثر من 20 ساعة قبل تسليم جثمانه ليتم التأكد أنه قد مات بالفعل.
واستعرض غباشي بعضاً من الانتهاكات التي يتعرض لها أوجلان في سجن إمرالي، مؤكداً أن الفظائع التي ترتكب بحقه لا يمكن استعراضها بالكامل لصعوبتها من الناحية الإنسانية، مشيراً إلى حالة العزلة التامة التي يواجهها ورفض عشرات الطلبات المقدمة لالتقائه من محاميه، كما أشار في ورقته إلى حالة التفاعل التي أوجدتها ظروف سجن هذا المفكر الكبير سواء من قبل الدول الأوروبية أو منظمات حقوق الإنسان، وتحدث كذلك عن بعض التداعيات لاعتقال أوجلان على الحياة السياسية في تركيا، مشدداً على أن الإفراج عنه لن يكون إلا بقرار سياسي.
أما الورقة الرابعة فاستعرضتها الناشطة الحقوقية اليمنية الدكتورة رائدة الذبحاني والتي ركزت على الوسائل العملية القانونية والعملية التي يمكن التحرك من خلالها لإنهاء هذا الوضع غير الإنساني الذي يتعرض له أوجلان في سجن إمرالي، وكذلك الخطوات التي يمكن اتخاذها للضغط على السلطات التركية من أجل تحسين ظروف السجن أو العفو عنه.
وأشارت رائدة الذبحاني في هذا السياق إلى إمكانية التوجه إلى منظمة العفو الدولية والكونفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، مختتمة بأهمية التنسيق الدولي لتحقيق العدالة في قضية أوجلان من خلال تشكيل لجان حقوقية وتفعيل القضية في المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وضرورة عمل ملف كامل بمشاركة نشطاء حقوق الإنسان وخبراء القانون الدولي.
وانتقلت الكلمة الأخيرة بعد ذلك إلى الكاتب الصحفي المصري مجدي الدقاق الذي عقب بصفة عامة على ما تم طرحه في الأوراق الأربعة السابقة، وملخصها حول إمكانية قراءة المشهد السياسي الكردي مرة أخرى بطريقة مختلفة والآليات التي يمكن العمل بها في مواجهة "الدولة التركية الفاشية القاتلة" وصاحبة التاريخ الكبير في قتل واضطهاد الشعوب وتجاوزها كل الاتفاقيات الدولية.
وانتقد الدقاق العمليات العسكرية للاحتلال التركي سواء في جنوب كردستان والتي أسفرت عن مقتل صحفيتين مؤخراً على سبيل المثال أو على مناطق شمال وشرق سوريا، فضلاً عن العمليات السرية لاغتيال الناشطين الكرد سواء داخل الأراضي التركية أو في دول أخرى، مؤكداً أن تلك التحركات توضح أننا أمام نظام تركي إرهابي يرتكب المجازر كما يفعل الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
البيان الختامي
وفي نهاية الندوة صدر البيان الختامي وقد تلاه السفير شريف شاهين مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق والذي تضمن عدداً من النقاط المهمة في إطار الإيمان بقيمة النضال العادل والمشروع، والتي كانت في مقدمتها الدعوة إلى تكريم عبدِ اللّه أوجلان كنموذج للنضالِ والصمود، حيث عبر البيان عن اعتزاز القائمين على الندوة بالمفَكرِ عبد الله أوجلان كرمز للنضالِ من أجل حقوق الشعب الكردي وقضايا الشرقِ الأوسط، وأكدوا أن نضالَه وصموده في وجهِ الظلمِ والاستبدادِ يعَبرانِ عن قوةِ الإرادةِ الإنسانيةِ وقدرتِها على تحدي الصعاب.
كما أكد البيان ضرورة احترام حقوق الإنسان، مديناً بأشد العبارات الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها أوجلان داخلَ سجنه في جزيرة إمرالي، بما في ذلكَ العزلةِ التامة والظروفِ غير الإنسانية التي يعاني منها، مطالباً بفك العزلة عنهُ والسماح لمحاميه وعائلته باللقاء معه.
ودعا البيان إلى محاكمة عادلة للمفكر عبد الله أوجلان، مؤكداً أن المحاكمةَ التي خضعَ لها لم تتسم بالعدالة والنزاهة، وكانت سياسية وافتقدت للقواعد القانونية، وقد شابتها انتهاكات صارخة للأعراف والمواثيق والعهودِ الإنسانية والدولية، لذا يجب إعادة محاكمتهِ أمامَ محكمة مستقلة وفقاً للمعاييرِ الدولية لحقوق الإنسان للإفراج عنه.
وتطرق البيان إلى التأكيد على أهمية الدعمُ الدولي والتضامن مع الشعب الكردي، حيث دعا إلى تعزيز التعاون الدولي لدعم حقوق الشعب الكردي في نيل حقوقه السياسية والثقافية والاجتماعية، ودان كافة أشكال القمع التي تمارسها الحكومة التركية ضد الكردِ، مطالباً بفرض عقوبات على تركيا في حال استمرار انتهاكاتها حقوق الإنسان.
وحض البيان على الاستمرار في نشر الأعمال الفكرية لعبداللّه أوجلان، التي تعبر عن رؤيتِه لعالم تسوده الديمقراطية، والعدالة، والبيئة المتحررة، والحوار الذي يقود إلى العيش المشترك بين جميع الإثنيات والعرقيات والديانات، مشدداً على أن هذه الأعمال تمثل تراثا فكرياً وإنسانياً يجب أن يحتفى به ويدَرَسَ للأَجيالِ القادمة.
ودعا البيان إلى تشكيل لجان دولية لحقوق الإنسان تعمل على رفع قضية أوجلان إلى المحافل الدولية، ومتابعة ملفه حتى تحقيق العدالة، مؤكداً أهمية تفعيل هذه القضية في جميع المحافل الدولية لحقوق الإنسان، وطالب بتقديم شكاوى رسمية إلى المنظمات الحقوقية الإنسانية والدولية، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، لفتح تحقيقات مستقلة حولَ انتهاكات حقوق أوجلان، والعمل على إطلاق سراحه، والذي يعد نضاله نضالاً للإنسانية جمعاء من أجل الحرية والعدالة وحق الشعوب في الحرية والعدلِ الاجتماعي في ظل مجتمع ديمقراطي.