بيد البارزانيين وذيول أردوغان.. الإيزيديون يتعرضون لجريمة جديدة في جنوب كردستان

بالتزامن مع ذكرى الإبادة على يد "داعش" يجد الإيزيديون أنفسهم ضحية لجريمة جديدة عبر خطاب كراهية ممنهج ضدهم في جنوب كردستان بيد البارزانيين وذيول أردوغان وكأن التاريخ يعيد نفسه.

على مدار الفترة الأخيرة اضطرت مئات العائلات الإيزيدية إلى ترك المخيمات التي لجأوا إليها في أعقاب الإبادة الجماعية عام 2014 على يد تنظيم داعش الإرهابي ويعودون من مناطق سيطرة البارزانيين إلى موطنهم الأصلي في شنكال، وذلك بسبب خطاب الكراهية ضدهم والتحريض المستمر على قتلهم ممن يوصفون بأنهم "رجال دين".

وفي إطار محاولات الوقوف على أسباب وجذور هذا الخطاب الموجه ضد الإيزيديين، الذين لا زالت قلوبهم تعتصر ألماً لما تعرضوا لها من إبادة، يكشف مراقبون عن أن أصابع البارزانيين وحلفاء أردوغان من الإخوان والسلفيين وراء هذه الوضعية الصعبة للإيزيديين، الذين يملؤون المساجد بالفتاوى التي تحض على الكراهية والقتل وإباحة الدم من أجل مصالح سياسية ضيقة.

الإخوان وتركيا

لا يتوفر وصف.

يقول السياسي الكردي العراقي الدكتور حكيم عبد الكريم، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الإيزيديين يتعرضون لهجوم شرس وغير أخلاقي خلال الفترة الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل المجموعات السلفية وكذلك عناصر تنظيم الإخوان في إقليم كردستان، على نحو كان له انعكاسات على تفكير عامة الناس بما يؤجج خطاب الكراهية.

ويرى عبد الكريم أن هذا الخطاب اتسع في الآونة الأخيرة في ظل النزاع بين الحزبين الحاكمين في جنوب كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، وقد كان ذلك سبباً في الانشغال عن تحديد القيم الجامعة للناس ومواجهة خطاب الكراهية والحد من انتشاره، لافتاً إلى أن هذا الوضع استغله تيار الإسلام السياسي ليس فقط ضد الإيزيديين ولكن كذلك ضد كل القوى التقدمية واليسارية.

وأعرب السياسي الكردي العراقي عن قناعته أن هذا الخطاب الممنهج للكراهية الذي تقوم به "حركات الإسلامجية" والسلفيون ليس إلا تشجيعا من الحكومة التركية التي لديها نفوذ كبيرة في إقليم كردستان، خصوصاً وأن هؤلاء ينظرون إلى أردوغان باعتباره "الخليفة"، مشيراً إلى أن هناك مؤسسات استخباراتية وتعليمية تركية أردوغانية هي التي تشجع على هذا الخطاب.

وفي أغسطس/آب من عام 2014 اجتاحت عناصر داعش منطقة شنكال الجبلية في شمال غرب العراق، حيث يقطن هناك خليط من الكرد والعرب وكذلك الإيزيديون، وقد قتل التنظيم أعداداً كبيرة من الإيزيديين وأسر النساء والفتيات كسبايا، وسط اتهامات للحزب الديمقراطي الكردستاني بالتواطؤ مع التنظيم ليرتكب واحدة من أعنف الجرائم.

البارزانيين وقاسم شاشو

كواليس أخرى لما يجري بحق الإيزيديين وما يتعرضون له من خطاب كراهية في جنوب كردستان، تكشف عنها الناشطة السياسية الإيزيدية سعاد حسو عضو اتحاد إيزيديات سوريا والتي قالت إن السبب الرئيسي فيما يجري هي تصريحات شخص يدعى قاسم شاشو والذي تقول إنه إيزيدي وعضو في حزب البارزانيين (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، موضحة أنه قام بلعبة تبدو لصالح الإيزيديين لكنها في واقع الأمر ضدهم.

وأوضحت، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن شاشو أصدر بياناً مفاده أن الإيزيديين يتعرضون للإبادة، وقد تعرضوا لنحو 74 إبادة على مر تاريخيهم ويقول إن كل هذه الإبادات كانت على أيدي مسلمين وهو أمر فهم على أنه إساءة للمسلمين، مشيراً إلى فتاوى تبيح الدم الإيزيدي ويؤكد أن الإبادة من المسلمين، وقالت أنه كشخصية سياسية معروفة فإن تصريحاته هذه أثارت خطاب الكراهية، مرجحة أن تكون تصريحاته لعبة تمت بتوجيه من حزب البارزانيين ليدلي بهذا التصريح الذي كان من شأنه تأجيج الناس ضد الإيزيديين في ظل وجود 22 مخيم على الأٌقل في دهوك.

وقالت إن هؤلاء الإيزيديين الذين في المخيمات والذين كانوا قد فروا من إبادة داعش، خافوا على أرواحهم بعد تصريحات شاشو وما خلفته من ردود أفعال مضادة للإيزيديين، وخشوا أن تصدر فتوى تبيح دمهم كتلك التي كانت في عهد العثمانيين، محملة قاسم شاشو مسؤولية ما يجري لهم، مرجحة أنه يريد عمل فتنة الغرض منها التخلص من مخيمات الإيزيديين في مناطق البارزانيين وإعادته هؤلاء الناس إلى موطنهم الأصلي في شنكال.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش ذكرت أن 80% من البنية التحتية و70% من بلدة شنكال أكبر مدينة في هذه المنطقة دمرت خلال الصراع مع تنظيم داعش في الفترة من 2014 وحتى 2017، فيما تقول المنظمة الدولية للهجرة إنه لا يزال هناك حوالي 183 ألف شخص من شنكال نازحين بما يشمل 85% من السكان الإيزيديين. 

لا يتوفر وصف.

وأعربت سعاد حسو، في ختام تصريحاتها لوكالة فرات للأنباء (ANF)، عن قناعتها بأن حزب البارزاني ربما يكون له دور في خطاب الكراهية الموجه بحق الإيزيديين في الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أن البارزانيين سبق لهم و تواطئوا مع تنظيم داعش الإرهابي عام 2014 وتركوا الإيزيديين يبادون وتخلوا عنهم عندما أعطوا أمرًا بسحب البيشمركة من شنكال.

ورغم تحرير شنكال من تنظيم داعش، إلا أن عديدًا من التقارير تؤكد أن هذه المنطقة لا تزال غير آمنة كما أنها تفتقر لكثير من الخدمات، ومن ثم فإن العائدين إليها مرة أخرى يواجهون خطرًا كبيرًا، في وقت تشير إحصاءات إلى أن هناك أكثر من 22 مخيم في إقليم كردستان بها 157 ألف شخص غالبيتهم من الإيزيديين.

وفي حال ثبت أن البارزانيين لهم يد في تحريك قاسم شاشو، فإنهم يقعون بكل تأكيد تحت طائلة القانون الدولي الإنساني، إذ أنهم يساهمون بذلك في تعريض حياة هؤلاء الأبرياء الإيزيديين لخطر الموت والتعرض لإبادة جديدة، لا سيما في ظل تصاعد خطاب الكراهية ضدهم وربما استهدافهم مجددًا من خلايا داعش النائمة.