أقدمت أنقرة على خطوة مثيرة للجدل خلال الساعات الماضية باتفاق عسكري تركي صومالي جديد يتحدث عن حماية تركيا السواحل والمياه الصومالية مما يعني في الحقيقة خضوع تلك السواحل الفسيحة والإستراتيجية للهيمنة التركية في خطوة جديدة لزيادة النفوذ العسكري التركي في الصومال وامتداده بحرا،، وكذلك التصعيد ضد الاتفاق الأخير بين إثيوبيا وصوماليلاند حول منفذ بحري وقاعدة عسكرية.
كشف خالد محمد، الإعلامي الصوماليلاندي والخبير في شؤون القرن الأفريقي، أنه ليس من المعلوم بنود الاتفاقية الصومالية التركية، لأن أعضاء البرلمان أمس اشتكوا أن الحكومة أخفت عنهم الاتفاقية وطالبتهم بالتصديق على الاتفاقية دون عرضها عليهم، وأن البرلمان صادق على الاتفاقية دون رؤية مسودة الاتفاقية أو بنودها، وكل الكلام الآخر مجرد تصريحات.
وأكد محمد في تصريح خاص لوكالة فرات، أن صوماليلاند كانت مستهدفة والاتفاق الصومالي الإثيوبي، هذا ما كان يريد الرئيس الصومالي تصويره وتقديمه للرأي العام المحلي عنده (استهلاك محلي) لامتصاص غضب شعبه، ولكن الأتراك فضحوه واصدروا البيان التوضيحي للإتفاق، والشيء المثير للإهتمام هو أن وزارة خارجية تركيا أصدرت توضيحا تشير فيه الى أن هذا الاتفاق لا يتداخل أو يتعلق بالخلاف الصومالي الإثيوبي بأي شكل من الأشكال.
وأضاف الإعلامي الصوماليلاندي والخبير في شؤون القرن الأفريقي، أن الاتفاق مجرد تصريحات لأن الأتراك موجودين منذ ٢٠١١ في الصومال، وقد عقدت مع الحكومة الصومالية عدة اتفاقات دفاعية من قبل، والاتفاقية الأخيرة هي مثلها تماما.
وأوضح محمد، أن هناك مبدأ في الاتحاد الأفريقي يسمى إيجاد حلول إفريقية للمشاكل الأفريقية ويهدف إلى إبعاد الدول الأجنبية في الدخول في المشكلات الأفريقية، لذلك لا يعتقد أن الأتراك يمكن أن يتدخلوا في الخلاف الصومالي-الإثيوبي، وقد قامت وزارة الخارجية التركية بتوضيح ذلك.
بينما كشف سلطان البان، الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي، أن الاتفاق الأخير يعد خطوة تحصينية فريدة من حكومة لحماية مياه الصومال الإقليمية وذلك رداً على الاتفاقية المثيرة للجدل التي أبرمتها حكومة صوماليلاند الغير معترف بها من الأسرة الدولية مع أثيوبيا والقاضية بتمكين أثيوبيا من منافذ بحرية مقابل أسهم في الخطوط الجوية الإثيوبية، لقد صادق البرلمان الصّومالي على الاتفاقية التركية-الصومالية التي تمكن تركيا من بسط نفوذها وقبضتها العسكرية على السواحل الصومالية الفسيحة.
وأكد البان في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه من أبرز بنود الاتفاقية تتولى القوات التركية مسؤولية تأمين المياه الصومالية ومكافحة الجرائم مثل الصيد غير القانوني وتهريب الأسلحة والاتجار بالبشر، والقرصنة، بل تدافع تركيا عن المياه الصومالية كما لو كانت مياه تركية، تعمل تركيا بموجب الاتفاقية على تطوير الموارد البحرية في الصومال بشكل مستمر، كما تقدّم إمكانياتها في مجال تدريب والتأهيل لبناء البحرية الصومالية، وتعزيز قدرة البلاد على حماية مياهها الإقليمية، في المقابل ستحصل تركيا على 30% من إيرادات المنطقة الاقتصادية الزاخرة بمواردها الاقتصادية الهائلة، ويبدأ سريان مفعول الاتفاقية بعد 24 ساعة من جلسة التوقيع.
وأضاف الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي، أنه ميدانياً هذا يعني تحرك القواعد التركية باتجاه نقاط استراتيجية جديدة في السواحل الصومالية لتولي مهمة حماية مياه الصومال الاقليمية، كما من المتوقع أن تعزز تركيا وجودها العسكري في الصومال بعد توقيع هذه الاتفاقية التاريخية.
وأوضح البان، أنه يأتي الاستعداد التركي المندفع لتولي هذه المسؤولية انطلاقا من توجهها إلى أفريقيا كشريك اقتصادي وسياسي ومسرحا مهما لعرض الخدمات العسكرية التركية المختلفة، كما أن الصومال تمثل همزة الوصل البحرية الرابطة بين تركيا وأفريقيا، بالتالي من المهم جدا أن تكون خاضعة لسيطرة تركية أو تحتل فيها تركيا مساحة مهمة لضمان الحفاظ على مصالحها.
بينما كشف السياسي الصومالي عبد الكريم فارسلي، أن الاتفاقية التي أبرمتها الصومال مع الحكومة التركية تستمر لمدة 10 سنوات، ومن بين الفوائد التي سنحصل عليها بناء جيش صومالي قادر على الدفاع عن البحر، مشيا إلى أنها بمثابة اتفاقية لحماية للبحر، وتجهيز جيش للدفاع عن السواحل الصومالية من أي اعتداء خارجي، والاتفاق ١٠ سنين يقبل التعديل.
وأكد فارسلي في تصريح خاص لوكالة فرات، أن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود وصف الاتفاق قائلا: "إذا كنا نحرر بلادنا من الأشرار فسوف نحمي بحرنا ممن يسرقون ثرواتنا".
وأضاف السياسي الصومالي، أن الاتفاق دعمه عدد من المسؤولين السابقين، حيث قال رئيس وزراء البلاد السابق عبد الولي غاز، إن "الاتفاق مع تركيا انتصار تاريخي يجب علينا دعم الرئيس معارضا كانت ام محافظا لأنه أنقذ البلاد".