في حلقة نقاشية حولها.. مثقفون: أفكار أوجلان تقدم حلولاً للقضية الفلسطينية
يجمع المثقفون والكتاب على أن القضية الفلسطينية لا تنفصل عن القضية الكردية في تجربة النضال من أجل الحقوق، وما تحمله أفكار عبد الله أوجلان من حلول للأولى.
يجمع المثقفون والكتاب على أن القضية الفلسطينية لا تنفصل عن القضية الكردية في تجربة النضال من أجل الحقوق، وما تحمله أفكار عبد الله أوجلان من حلول للأولى.
في هذا السياق، عقدت المبادرة العربية لحرية القائد عبد الله أوجلان بالتعاون مع أكاديمية عبد الله أوجلان للعلوم الاجتماعية حلقة نقاشية موسعة عبر تقنية "زووم" حول القضية الفلسطينية في ضوء العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة، بمشاركة عدد من المثقفين والكتاب والسياسيين الكرد والعرب من مصر وسوريا والسعودية والإمارات وفلسطين ولبنان، وقد جرى النقاش وفق محورين هما: جذور القضية والصراع، والحلول المطروحة والمقترحات لحلول عادلة وشاملة.
أدار الحلقة النقاشية الكاتب الصحفي المصري إلهامي المليجي والذي بعد الترحيب بالضيوف المشاركين، قدم لمحة عن المبادرة العربية لحرية أوجلان والتي انطلقت في مصر بمبادرة من المثقفين والإعلاميين والمصريين، وانضم لها بعد ذلك مثقفين وسياسيين وجميعهم يجتمعون على عدالة قضية المناضل عبد الله أوجلان، كما يرفضون جريمة الخطف والاعتقال التي تعرض لها على مدى ربع قرن تعسفياً لا لشيء إلا لأنه يدافع عن حق شعبه في الحرية.
وفي إطار تقديمه للحلقة النقاشية، استعرض المليجي باختصار أبرز مراحل الصراع العربي الصهيوني بداية من ظهور الحركة الصهيونية بقيادة تيودر هرتزل، رداً على الضغوط التي مورست على اليهود في أوروبا، ثم موجات الهجرة لليهود إلى الأراضي الفلسطينية وصولاً إلى المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية "الهاغاناه" وصولاً إلى عام 1947 عندما تم تقسيم فلسطين.
ويواصل المليجي استعراضه لمحطات الصراع، فيشير إلى أنه في 1948 تم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل ما أدى إلى حرب 48 وانتهت بوقف لإطلاق النار ورسم ما عرف بالخط الأخضر، وهي الحرب التي أدت إلى تهجير 700 ألف فلسطيني، ثم يأتي الخامس من يونيو/حزيران 1967 حين شنت إسرائيل حرباً ضد مصر وسوريا والأردن وكانت نتيجتها احتلال غزة وسيناء والضفة الغربية ومرتفعات الجولان، مشدداً على أن تلك الحرب كانت نقطة تحول رئيسية أسهمت في زيادة التوتر بين الكيان الصهيوني والعالم العربي ككل كما اتسعت دائرة الصراع أكثر وصولاً إلى 6 أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 حيث اندلعت هذه الحرب الشاملة التي كانت نتيجتها انتصار مصر وسوريا، ثم في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1979 عقدت "اتفاقية السلام" بين مصر وإسرائيل التي أسفرت عن انسحاب إسرائيل من سيناء وخروج مصر من الصراع، وفقاً له.
ويواصل المليجي استعراض محطات الصراع فيشير إلى أنه في 1994 عقدت اتفاقية أوسلو التي أدت إلى تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في أجزاء من الضفة وقطاع غزة، ثم في سنة 2000 اندلعت الانتفاضة الفلسطينية، وفي عام 2005 انسحب القوات الصهيونية من قطاع غزة، وفي 2006 جرت انتخابات فازت بها حركة حماس لتدير قطاع غزة، وكانت نتيجته أكثر من جولة من الجولات العسكرية بين الحركة وإسرائيل، ولا يزال الصراع مستمراً بل تزايدت حدته وفي هذا فقد رأينا العدوان الأخير المستمر لأكثر من 8 أشهر وأسقط 117 ألف بين شهيد وجريح أغلبهم من النساء والأطفال وهناك نحو 10 آلاف مفقود، وهذا يترافق مع حصار غير مسبوق وحالة مجاعة نشاهدها جميعاً.
دور وظيفي لإسرائيل
ونقل المليجي الكلمة إلى المهندس أحمد بهاء الدين شعبان أمين عام الحزب الاشتراكي المصري الذي استهل حديثه بذكر عدد من الملاحظات حول المشروع الصهيوني والأزمة العربية الفلسطينية، أولها فيما يخص سبب تشكل الحركة الصهيونية وسعيها لبناء دولة في فلسطين إذ قال إن السبب ظاهرياً كان تنامي معاداة السامية في الدول الأوروبية في أواخر القرن الـ 19، لكن الحقيقة أن الأمر أعمق من مجرد ردة فعل على معاداة السامية، فقد كان هناك اتجاهان لدى اليهود، هما الاندماج أي ذوبان اليهود في مجتمعاتهم كغيرهم من مواطني تلك الدول الأوروبية، والاتجاه الثاني انعزالي طالب بخلق دولة صهيونية، وقد لعب أنصار هذا الاتجاه دوراً كبيراً لتغذية معاداة السامية لتكون حافزاً لتشجيع اليهود على الهجرة إلى الأراضي الفلسطينية.
ولفت إلى زعيم الحركة الصهيونية تيودر هرتزل كان يلمح إلى أنه قادر على تحقيق مصالح الدول الكبرى، إذا تمت مساعدتهم لإقامة دولة في فلسطين، وهذه الدولة ستؤمن المصالح البريطانية أي أن دورها كان خدمة مصالح الاستعمار والدفاع عنها وخصوصاً بريطانيا وقتها التي كانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، أي أنها كما قال الكاتب المصري الراحل عبد الوهاب المسيري جماعة وظيفية، وقد استخدم قادة الحركة الصهيونية سلاح الدين للوصول إلى أغراضهم.
والملاحظة الثانية التي تطرق إليها الدكتور أحمد بهاء الدين شعبان وهي تأكيد للدور الوظيفي للحركة الصهيونية من خلال انعقاد مؤتمر كامبل بنرمان الذي عقد في الفترة من 1905 إلى 1907، وكان هدفه تأمين المصالح الاستعمارية لأطول فترة ممكنة في المنطقة والعالم بمشاركة رجال السياسة والفكر والاقتصاد والتاريخ في الدول الاستعمارية الكبرى وقتها مثل بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا، لوضع مخطط لاستمرار سيادة الدول الاستعمارية وكان من ضمنها إنشاء دويلة مصطنعة لتحييد الخطر عن المصالح الاستعمارية في المنطقة العربية، التي تقع على ثروات هائلة والتي كان يرون أنها ستتجه للاستقلال عن الدولة العثمانية، وبالتالي كان الهدف من هذا المؤتمر والمخطط إبقاء المنطقة ضعيفة ومفتتة وجاء إقامة الدويلة هذه كمنطقة عازلة تؤمن المصالح، مشيراً إلى أن وعد بلفور أتى بعدها ويبدو أنها جاء بناء على هذه التوصيات، إذ وعد بإقامة دولة لليهود وتم منح جميع عناصر القوى للجماعات الصهيونية وصولاً إلى اغتصاب فلسطين.
ولفت شعبان إلى أن العرب رفضوا هذا الوضع وصولاً إلى النكسة التي شكلت هزيمة للمشروع العربي وعززت قوة اليمين وصولاً إلى توقيع اتفاقية السلام وتدهور المنطقة في ظل سياسات التحرير الاقتصادي أو ما عرف بـ"انفتاح السداح مداح"، لافتاً إلى أنه رغم كل مؤشرات الصلح بين النظم العربية والكيان الصهيوني إلا أن كل الشعوب العربية رافضة لهذا الاتجاه بدليل أن التطبيع المصري الإسرائيلي الرسمي الذي كان بداية التطبيع مع العدو الصهيوني لأن مصر أول دولة وقعت اتفاقية سلام كان يتصور أنه ستفتح بها آفاق التطبيع لكن الشعب المصري قاوم ببطولة كل التصورات هذه ليلغي مسألة التطبيع من قاموسه على مدار 50 سنة، وبدليل أنه لا يجرؤ إسرائيلي على السير في شوارع مصر، مؤكداً أن الأمل كله في شعوبنا التي يعول عليها مقاومة التطبيع، مشيراً في ذلك إلى انتفاضة 2000 التي أعادت تعريف العالم بالقضية الفلسطينية، كما أن ما نراه من مؤشرات حالياً تقول إن القضية الفلسطينية تم إعادة إحيائها في ضوء العدوان الأخير.
إشكالية النخب السياسية والهوية
وانتقلت الكلمة إلى الأستاذ أمجد عثمان عضو الهيئة التنفيذية لحركة الإصلاح في سوريا والذي طرح مجموعة من الأفكار والتساؤلات بدايتها حول ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول والتي قال إنها كانت أحداثاً تشكل مفاجأة كبيرة في المنطقة، وجددت تساؤلات بخصوص مصير هذا الصراع في منطقة الشرق الأوسط، معتبراً أن العودة إلى مناقشة جذور الصراع مسألة ضرورية إذا كان ذلك لأخذ العبرة والفائدة ومحاولة الاستفادة بحلول، لكنه يرى العكس إذا كان هذا الأمر سيغذي الكراهية وعدم تقديم الحلول.
وقال إن الاستفادة تكمن في معرفة أن القضية الفلسطينية تخضع في تفسيرها لوجهة نظر النخب السياسية العربية في المنطقة فقط، بمعنى أنه لا يوجد رؤية أو موقف يطرح خارج إطار الموقف الذي تتبناه النخب السياسية دون تطوير أو تغيير في وقت تتجه الأمور إلى الأسوأ، وهذا يؤدي إلى طرح سؤالاً آخر حول مفهوم الهوية وما إذا كان ثابتاً أم متحولاً فمعظم مشاكلنا في المنطقة قائمة على أن الهوية مفهوم ثابت، لكنه يرى أن الهوية مفهوم متحول وليس ثابتاً، مشيراً إلى أنه في أوروبا بعد توقيع اتفاقية وستفاليا انتقل الصراع من ديني إلى صراع قومي، ولذلك ظهرت مشكلة اليهود وبدأ التفكير في إيجاد حل لمشكلة اليهود في أوروبا ومع الأسف كانت فلسطين هي المنطقة التي يتم توجيه اليهود إليها، ومع التحولات العالمية تعقد الأمر أكثر، كما أن وجود هذا الكيان عزز الأنظمة القائمة على أساس قومي وكرس فكرة الدولة القومية في الوطن العربي.
وأعرب عثمان عن اعتقاده أن بقاء الأمر بهذا الشكل لن يأخذ المنطقة باتجاه حلول أي أن التمسك بفكرة هوية ثابتة غير متغيرة وغير منفتحة سيزيد من تعقيد الصراع أو تهديدات المنطقة، منوهاً إلى أنه في 7 أكتوبر/تشرين الأول كان هناك تعاطف وتضامن كبير مع الشعب الفلسطيني في المنطقة، منتقداً أن حركة حماس تقود المشهد لكنها لا تطرح حلولاً فليس لديها حلاً سوى إزالة إسرائيل من الخارطة في المقابل اليمين الإسرائيلي الذي يقوده نتنياهو ليس لديه أي رؤية للحل سوى احتلال المزيد من الأراضي وإبادة المزيد من الأبرياء الفلسطينيين دون التوصل إلى حل أو مساهمة في تشكيل هوية جديدة تعزز الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.
وأعرب السياسي السوري عن قناعته بأن المنطقة بحاجة إلى قيادات معتدلة، وأنه يجب دعم ذلك، معرباً كذلك عن قناعته بأن هناك فجوة بين المجتمعات والقيادات السياسية ولكن يجب دعم القيادات المعتدلة ووضع حد للقيادات التي تعزز التعصب والتطرف من أجل تعزيز مواقعها السياسية، كما يجب مناقشة فكرة التحول الديمقراطي انطلاقاَ من فكرة التحول في الهوية.
تغيرات ما بعد 7 تشرين الأول
الدكتور أيمن الرقب الأكاديمي والقيادي الفلسطيني المرموق بدوره تحدث عن أنه يجب في البداية على الأكاديميين تعريف ما هي السامية، لأن السامية ليس اليهود فقط حتى يستغلونه هكذا، فنحن أنفسنا من نفس السلالة، مشيراً إلى أمر في غاية الخطورة وهو أنه لا يزال من هم داخل دولة الاحتلال من يؤمنون بفكرة الدولة الإسرائيلية الكبرى رغم تراجع ذلك الفكر بعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل لكن بعد حرب غزة الأخيرة رأينا بعض الجنود يرتدون شعار إسرائيل الكبرى التي تشمل سيناء ومناطق من النيل ومناطق أخرى من الجزيرة العربية وسوريا والأردن ما يعني أن هذا الفكر لا يزال قائماً.
وأعرب الرقب عن اعتقاده أن أحداث 7 تشرين الأول كانت مهمة جداً حتى لو كانت نتيجتها صعبة، مؤكداً أن الفلسطينيين لم يكونوا في وضع أسهل قبل هذه الحرب وكانت هناك حالة انقسام كما أن نتنياهو كان يسعى لأن تكون غزة كياناً مستقلاً والتوغل في الوقت ذاته في الضفة الغربية، وجاءت أحداث 7 تشرين الأول لتكون مفاجأة وقد كانت بمثابة انتحار جماعي من حركة حماس وفصائل المقاومة ولكنه كان تمرداً على الواقع الصعب والاحتلال الذي لا يريد للفلسطينيين الحصول على حقوقهم.
وأشار إلى أن هذه الأحداث كان لها متغيرات إيجابية أولها عودة القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد العالمي لدرجة أن حلف الناتو ناقشها في اجتماعه الأخير وانتقد الحلف من قبل محاربة شعب أعزل في غزة، وأصبح العالم على ثقة بضرورة حل الصراع، كما أن هناك صحوة شعبية ضد إسرائيل رغم عمليات التعبئة التي يقودها الكيان الصهيوني، كما أنه مع عودة اليسار على سبيل المثال في فرنسا للحكم وإذا تمكن من تشكيل الحكومة سيتم الاعتراف بدولة فلسطين، معرباً عن اعتقاده أن الصراع سيكون أصعب خلال السنوات المقبلة في ظل أن هناك أطفال رأوا آبائهم يقتلون أمامهم.
أفكار أوجلان والقضية الفلسطينية
انتقلت الكلمة إلى الأساتذة ريحان تمو عضو لجنة العلاقات الدبلوماسية في مؤتمر ستار بسوريا والتي قالت إننا اليوم أمام مناقشة إحدى أهم قضايا الشرق الأوسط أو العالم فأكثر من 5 عقود والصراع دائر دون الوصول إلى حل لهذه القضية التي راح ضحيتها الآلاف، مشددة على أنه من أفكار المفكر عبد الله أوجلان يمكننا الاستفادة من تقديم الحلول لهذا الصراع بعيداً عن الحلول المؤقتة التي لن تخلص المنطقة من الهلاك، عبر التطرق إلى مسائل الديمقراطية والسلام والنقاط التي تخدم الشعوب دون النظر إلى المصالح السلطوية والصراع على السلطة والنفوذ الاقتصادي.
وأعربت ريحان تمو عن تأييدها لوجهة النظر التي تقول إن المسائل القومية في الشرق الأوسط هي سبب الأزمات المعاشة اليوم وقالت إننا كشعب كردي نعيش أزمة مشابهة للفلسطينيين كوننا نناضل باتجاه ذهنية تركية سلطوية، مؤكدة أنه يمكن الاستفادة هنا من تجربة الأمة الديمقراطية وتحقيق السلام لمكونات مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وتحقيق التعايش، معربة عن اعتقادها بأنه يتوجب على إسرائيل وعلى الدول العربية كنظام ودولة وأفكار التخلي عن شكل الحرب والتحول نحو حلول تؤدي إلى التخلص من الإبادات عبر الحلول السلمية والديمقراطية لتحقيق المصالح الشعبية دون مصالح الجهات السياسية.
وأشارت إلى أن البعض قد يرون ذلك خيالاً، إلا أنها تقول إننا رأينا أن الوصول إلى وقف إطلاق نار مؤقت لم يؤدي إلى حل وساعد الأنظمة المهيمنة التي تعمل على تعميق الصراعات والانقسامات لضمان استمرار هيمنتها، وبالتالي أي شيء غير ذلك لن يحل الصراع.
وأعربت عن اعتقادها بأن التقسيم الذي تم في 1947 كان هو سبب الصراع الذي نعيشه، ولو كان الحل وفق دولة متعددة الإثنيات على أساس التعايش المشترك دون اللجوء إلى التقسيم لما كان الوضع الحالي هكذا في الشرق الأوسط، منددة كذلك بالإشكاليات التي طرحتها فكرة الدولة القومية التي لم تقدم حلولا بقدر محاولات حفاظ الأنظمة على سلطاتها دون دفع البلاد نحو الوصول إلى السلام، مشددة على أن الأفكار التي طرحها أوجلان بشأن التعايش والديمقراطية قادرة على تخليص الشرق الأوسط من هذه الأمور وتحقيق مصالح الشعوب.
ضرورة استثمار الوضع الحالي
وانتقلت الكلمة بعد ذلك الكلمة إلى السفير شريف شاهين سفير مصر الأسبق في العراق ولبنان وعضو المبادرة العربية لحرية القائد عبد الله أوجلان الذي دعا إلى عدم إلقاء اللوم على حماس فيما يتعلق بعملية طوفان الأقصى لأننا في معركة مع الكيان الصهيوني الآن ويجب تقديم كل الدعم لحماس معنوياً ومادياً في هذه المعركة الكبيرة التي قلبت الموازين ليس في المنطقة ولكن في العالم كله وكشفت ضعف إسرائيل أمام العالم وهشاشة هذا الكيان الذي اغتصب أرض فلسطيني.
وأضاف أننا بالتالي أمام شعب حي له هوية وجذور ويقاوم حتى الآن للحفاظ عليها، وما يجب التفكير فيه هو أننا على مشارف الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في مخاض عسير نمر به ولكن هذا المخاض له ما بعده لأنه كشف زيف ما قبل عملية طوفان الأقصى، فعلينا التفكير فيما بعد وقف إطلاق النار فهذا هو التحدي الكبير، إذ أن القوى المعادية لنا تستخدم الهدنات أو تلك الفترات المائعة في الصراع لتطوير مؤامرات تجهض النضال المشروع لشعوبنا وخاصة الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن القضية الفلسطينية أصبحت تتصدر المشهد العالمي، كما استيقظ الضمير العالمي ليس لدى الحكومات فقط ولكن لدى الشعوب، وبالتالي لا بد من حصول القضية الفلسطينية على دعم مناسب لتجاوز المرحلة الحالية، والتفكير فيما بعد وقف إطلاق النار والاستفادة من النجاح الذي تحقق بالوصول إلى حل الدولة الفلسطينية والذي لن يتأتى إلا بوضع أفكار القائد عبدالله أوجلان حول الأمة الديمقراطية أو الدولة الديمقراطية موضع التطبيق، مشدداً على أن القضيتين الفلسطينية والكردية قضية واحدة فهي قضية نضال لشعوب تبحث عن الحرية والعيش بكرامة.
ودعا السفير شريف شاهين إلى طرح أفكار عملية لوضع مشروع الدولة الفلسطينية موضع التطبيق وقد يكون من المناسب التفكير في سيناريو جنوب أفريقيا على سبيل المثال وإنهاء الصراع العنصري هناك، لكنه أشار إلى أنه يعلم أن القضية الفلسطينية أكثر تعقيداً من قضية الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لدخول البعد العقائدي فيها وخاصة من قبل الفكر الصهيوني المتعصب الذي يريد نفي كل ما عداه من هويات وعقائد، مجدداً التأكيد على ضرورة إبراز أفكار أوجلان الخاصة بالدولة الديمقراطية كحل للصراع وربط هذه الأفكار عملياً بإقامة الدولة الفلسطينية/ حتى يتم الاستفادة من نتائج عملية طوفان الأقصى والتي كانت حتمية وأتت رداً على الإهانات التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني.
هوية الصراع
ثم انتقلت الكلمة إلى الأستاذ صلاح الدين مسلم رئيس تحرير مجلة الشرق الديمقراطي والذي استهل حديثه بمناقشة ونقد مصطلح الصراع العربي الصهيوني، معتبراً أنه لا يعكس الواقع كونه يعزل الشعوب غير العربية في الشرق الأوسط والتي تدفع ضريبة الوجود الصهيوني مثل الكرد الذي هم أكثر المتضررين منه، معتبراً أن هناك مصطلحات وقع فيها معظم المفكرين العرب مثل هذا المصطلح ومن ثم تم إبعاد المفكرين غير العرب عن هذا الصراع على نحو وقع في مصلحة الصهاينة.
وقال مسلم إن قضية فلسطين تهم كافة شعوب الشرق الأوسط، وهو أمر يشبه مصطلح الربيع العربي الذي لو كان ربيع الشعوب لكان أفضل لأنه كان ربيعاً لكل شعوب الشرق الأوسط التواقة للحرية والديمقراطية، داعياً إلى التأكيد على أن مصلحة الصهيونية التفريق بين الشعوب ذات الهموم المشتركة مثل العرب والكرد، وتصوير أن الكرد هم إسرائيل الثانية ليتم تمييع القضايا التي تجمع شعوب الشرق الأوسط وتبرر خلق دول على أسس عرقية.
وقال مسلم إنه لا يمكن الحكم على النضال الفلسطيني في ضوء حركتي فتح وحماس وإن كانا ينضلان ضد الصهاينة كل بطريقته ولكنهما منخرطتان في الصراعات وهناك انقسامات كبيرة بينهما لأسباب عدة هي نتاج عدم توضيح المسار المتوافق مع الشعب الفلسطيني. وقال إن ما يجمع القضيتين الفلسطينية والكردية أكثر مما يفرقهما، فنضال الكرد والفلسطينيين ممتد منذ وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو ولا يفصلهما سوى عام فهما أطول قضيتين في الشرق الأوسط، كما أن سياسة الحرب والإبادة مستمرة ضد الشعبين منذ عقود.
الحاجة إلى يسار متطور
وانتقلت الكلمة إلى الدكتور طه علي الباحث في سياسات الهوية وشؤون الشرق الأوسط والذي أثار عدداً من النقاط والذي قال إنه من المداخلات السابقة فإننا ندور في فلق تكوين رؤية مشتركة بشأن هذا الصراع، فهل هو صراع عربي إسرائيلي أم إسرائيلي شرق أوسطي، لكنه يرى أنه صراع حضاري في المقام الأول وأقل ما يدلل على ذلك أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فما إن تعرضت إسرائيل لخطر وجودي مقارنة بما حدث في حرب 73 حتى انتفضت الدول الغربية وهرولت إلى تل أبيب للحفاظ على إسرائيل.
والنقطة الثانية التي تحدث عنها الدكتور طه علي أنه إذا كان الصراع حضارياً فإننا نبحث عن الفاعل الأقوى، ويقول إننا في هذا الأمر نجد العرب ليسوا فاعلين والشرق الأوسط أو العالم الإسلامي أو الشعوب غير العربية كلها غير فاعلة، بل وقد ارتضينا دعم حماس وفلسطين على خجل واستحياء خلال العدوان الأخير، مشيراً إلى أن الوضع الراهن هو نتاج الموجة العالمية لتنامي التيارات اليمينية المتطرفة على نحو تجسد في الشرق الأوسط من خلال تنامي اليمين والتعليم الديني وانسحاب التيار العلماني في إسرائيل وصولاً إلى الحكومة الأشد تطرفا في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وفي فلسطين رأينا تياراً دينياً متطرفاً متمثلاً في حركة حماس، مشيراً هنا إلى أهمية إعادة إحياء اليسار في منطقة الشرق الأوسط كقوة موازنة لتفرد اليمين سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي، وبالتالي الحاجة إلى بروز تيار يساري مناهض ومقيد لهيمنة اليمين العالمي الذي تقوده الرأسمالية العالمية بشكل عام والتي تسعى لكسر كافة أشكال المقاومة في المنطقة سواء عربية أو كردية.
وقال الدكتور طه علي إن هذا التيار اليميني سواء في إسرائيل أو من خلال تيارات الإسلام السياسية كشف مسالب الديمقراطية عبر اختصارها في مسألة الصندوق فقط، والأمر هنا ينقلنا إلى أفكار عبد الله أوجلان لتدارك عيوب الديمقراطية فهل هي مجرد أمر يتعلق بالصندوق أم أن الأمر متعلق بذهنية تقوم على قبول الآخر، وبالتالي ما دامت منطقة الشرق الأوسط لا تعيش وفق ذهنية تقبل الآخر تستمر المشكلة وهذا هو الأصل لما يحدث في الأراضي الفلسطينية إذا حللناه في ضوء أفكار عبد الله أوجلان.
كما انتقد علي مسألة مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل والتعويل عليه وقال على سبيل المثال إن السيد عبد الله أوجلان في المعتقل لربع قرن ولطالما نوشد المجتمع الدولي لكن لا يزال أوجلان على وضعه، وكذلك الحال بالنسبة للقضية الفلسطينية، مشدداً على المجتمع الدولي لا يتحدث إلى الضعفاء ولا يستجيب لهم، ولا يعترف إلا بالقوة، معتبرًا أن الكيان الذي نشأ في شمال وشرق سوريا على سبيل المثال أي الإدارة الذاتية هو حق استرد بالقوة وليس بمناشدة المجتمع الدولي.
المشروع الوطني الفلسطيني
وانتقلت الكلمة إلى الأستاذ علي الأمين رئيس تحرير موقع الجنوبية من لبنان والذي أشار إلى أن فلسطين هي الدولة الوحيدة ربما في العالم التي لا تزال تقبع تحت الاحتلال، ولذلك أعرب عن اعتقاده أن العنوان الوطني يجب أن يكون أساسيًا أي أن هناك شعباً يريد إقامة وطن ودولة له، معرباً عن اعتقاده أن إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني هو القضية المحورية، ولفت إلى أن الشعب الفلسطيني قدم التضحيات الكبرى ولكن هناك تساؤلات حول أي سياق تقدم هذه التضحيات هل في سياق الأمة الإسلامية أم التحرر العربي أم التحرر الوطني أم التحرر من الهيمنة الاستعمارية، ولذلك فإنه يقول إن التحدي الأبرز الذي يعني الشعب الفلسطيني في الدرجة الأولى هي بلورة المشروع الوطني الفلسطيني خاصة أننا في عالم لا يتيح تحقيق إنجازات كبرى في هذه المسألة.
وقال الأمين إن قوة القضية الفلسطينية ليس فقط بفكرتها كقضية حق وعدالة وإنما قوتها في المشروع الوطني وطالما أن هذا المشروع لم يتبلور بالمعنى الفعلي والحقيقي ومحدد المسار والرؤية فإننا سنظل نتخبط بشأن حل القضية الفلسطينية وسيظل الشعب الفلسطيني يقدم التضحيات تلو الأخرى دون أن يكون هناك أية حلول تتعلق بمصير الشعب الفلسطيني.
القضيتان الفلسطينية والكردية
بعد ذلك، انتقل الحديث إلى الدكتور علي أبوالخير الباحث المصري في التاريخ الإسلامي والذي قال إنه ليست مصادفة أن يكون وعد بلفور سابقاً على مؤتمر لوزان بسنوات محدودة، فالقضية الفلسطينية تتوازى مع القضية الكردية على مدار الزمن، وبالتالي فإسقاط دولة الكرد في إيران "مهاباد" عام 1946 وإسقاط حركة التحرر الوطني في الأحواز ليس مصادفة، وبالتالي ليس مصادفة أن تكون إيران بهلوي وتركيا أتاتورك من أوائل المعترفين بالكيان الصهيوني، مضيفاً أن الدولتين كانتا من المؤسسين لحلف بغداد عام 1958 ومعهم باكستان الإسلامية.
وقال إنه عندما نتحدث عن القضية الفلسطينية فإن الكل يعلم ما حدث بحق الشعب الفلسطيني، إلا أن الشعب الكردي لا يعلم أحد كثيراً عن نضاله من أجل الحرية في المراحل الدراسية على سبيل المثال، وأضاف أن السبيل إلى الأمة الديمقراطية يعتبر عنوان مهم في هذه الحلقة النقاشية، والحوار والتفاعل مع هذا المصطلح للمفكر والفيلسوف عبدالله أوجلان وإعطاء شرعية لحركة التحرر الكردي في تركيا وخارجها أمر مهم يتوازى مع أهمية دعم نضال الشعب الفلسطيني، مؤكداً أنه إذا حصل الكرد على حقوقهم ووحدوا أنفسهم فأعتقد أنهم يستطيعون التعاون مع الدول العربية فيما يتعلق بالدفاع عن القضية الفلسطينية، ومقاومة الصهيونية التي دعمها الغرب ودافع عنها لأنه استفاد منها.
إعادة تشكيل الشرق الأوسط
وانتقلت الكلمة إلى الأستاذ كرديار دريعي عضو الهيئة الإدارية لمركز روجافا للدراسات الاستراتيجية والذي أكد أن القوى الاستعمارية بعد انتصارها في الحرب العالمية الأولى بدأوا في تشكل الشرق الأوسط من جديد، لتنفيذ أجنداتهم الاستراتيجية لمدة لا تقل عن 100 عام ورأينا اتفاقية لوزان التي استمرت 100 عام وعشنا وبلاتها، ولكن في ضوء هذا فقد أشار إلى أنه ليس الشعب الفلسطيني وحده المحروم من دولته، بل كذلك الشعب الكردي، فهناك أكثر من 50 مليون كردي محرومين من دولتهم، وإذا كان الشعب الفلسطيني احتل من طرف واحد فالقضية الكردية مقسمة بين 4 دول مصطنعة في المنطقة.
وشدد دريعي على أن السبب الحقيقي لوضع الشرق الأوسط الحالي يكمن في نشر الفكر القومي، فلدينا 22 دولة عربية لكن الشعوب العربية لم تحصل على حقوقها وعلى حريتها وإنما واجهت القمع والديكتاتوريات، ولذلك فكرة الدولة القومية لم تكن حلاً أبداً في الشرق الأوسط، وكذلك الحال بالنسبة لتركيا الأتاتوركية التي ترسخ القومية التركية أبادت الأرمن وقامت بالمجازر ضد السريان والكلدان واليونانيين وفي المراحل اللاحقة ضد الكرد بعشرات المجازر لكي تبقى على دولة يحكمها عرق واحد وعلم واحد ولغة واحدة، وبالتالي فإن الدولة القومية تبيد غيرها من الأعراق.
وأشار إلى أن هذا ينقلنا للحديث عن أفكار المفكر عبدالله أوجلان الذي بدأ الحركة بفكرة تحرير وتوحيد كردستان انطلاقاً من وجود الدول القومية، لكنه لاحقاً أدرك أن الأخيرة هي سبب استمرار الصراع، وإذا استمر الوضع على حاله فإن الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين سيستمر إلى 100 سنة قادمة إذا استمرت هذه الذهنية ذات الفكر القومي، وبالتالي فإنه اليوم يتم التآمر على تصفية القضية الفلسطينية وتصفية قضايا شعوب المنطقة، لأننا نعيش مرحلة حرب عالمية ثالثة وإعادة هيكلة للنظام الرأسمالي الدولي، وبالتالي يحل النظام كثيراً من قضاياه على حساب شعوب المنطقة.
الصراع بين الدين والسياسة والاقتصاد
عقب ذلك انتقلت الكلمة إلى الأستاذة نعمات كوكو محمد وهي سياسية وناشطة حقوقية سودانية، والتي بدأت حديثها عن فكرة الديانات وأساسيات الصراع العربي الإسرائيلي، لأن الحديث عن اليهودية كدين سيؤدي إلى خلط نظري مفاهيمي عند تناول الهوية الفلسطينية، فالحديث عن دور الأديان بمعزل عن الأبعاد الاقتصادية والسياسية فيه تهميش لوعي الشعوب المحبة للنضال والحريات، وبالتالي التركيز على الأديان يبعدنا عن فهم كيفية استخدام الأديان في الصراع الاجتماعي الطبقي وهذا يرتبط بمسألة التطرف وهي مسألة بدورها مرتبطة بكل الأديان سواء في شكل الصهيونية أو الفاشية أو الحركات الإرهابية.
وأعربت عن اتفاقها مع أفكار عبدالله أوجلان من أن الأديان لها بعد إنساني ولكن استخدام الدين في الصراع الطبقي إشكالية حقيقية تجعلنا نبحث عن السياقات من منظور اقتصادي سياسي حتى نستطيع خلق الوعي الاجتماعي الذي يساعد على التصدي لاستخدام الأديان كأدوات في الصراعات القائمة الآن، كما أن الاقتصاد السياسي في الصراع العربي الإسرائيلي واضح ويبدو أن كل التطورات الحاصلة الآن تؤكد العلاقة بين الاقتصاد والسياسة، ولكن عندما ننظر إلى الواقع الحالي ونركز على طبيعة الصراع السياسي والعسكري فنجد أنه عند ذروته الاقتصادية وخاصة الصراع العربي الإسرائيلي.
وقالت نعمات كوكو إن غياب الديمقراطية وعدم توطين مفهوم ومؤسسات الدولة الوطنية إشكالية رئيسية والانقسام الداخلي في فلسطين علامة بارزة على ذلك، وهنا تظهر مجدداً فكرة الأمة الديمقراطية لأوجلان والتي بدون تعزيزها داخل الأوطان لا يمكن تفادي الانقسامات الداخلية سواء في فلسطين أو في بقية الدولة، مشيرة كذلك إلى أن من بين أسباب أزمة فلسطين هو انخراط الدول العربية في محاور وفق أسباب مختلفة خلقت انقسامات حول دعم القضية.
الشرق الأوسط وإدارة أزماته
ثم انتقلت الكلمة بعد ذلك إلى الأستاذ هاني الجمل الباحث المصري في شؤون الشرق الأوسط، وقد سلط في حديثه الضوء على أفكار عبد الله أوجلان كوسيلة يمكن أن تنقل المنطقة إلى وضع مختلف عن وضعها الحالي، قائلاً إن أزمتنا أننا لم نكن فاعلاً ولم يكن لدينا دوراً في إدارة أزماتنا وعلى رأس تلك الأزمات القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن هناك من الصحيح أنه كانت هناك مخططات دولية، لكن نحن كان لنا دور في ظل الأفكار القومية بعدم وجود أفكار مناسبة لإدارة الأزمة الفلسطينية على مدار 75 سنة، وكذلك نفتقد إلى الأدوات.
واعتبر الجمل أن الشعوب هي الوقود الذي يجب أن نبني عليه في ضوء حركة الشعوب على مستوى العالم التي ترفض العدوان الإسرائيلي على غزة، وبالتالي تفقد إسرائيل تأثيرها على الدول الأوروبية مع الوقت لأن هؤلاء الشباب هم حكام المستقبل، مشيراً إلى أن ما جرى في غزة كشف فشلنا في تقديم نموذج ديمقراطي جيد يضاهي النموذج الإسرائيلي ولهذا أصبحت صياغة الأخبار عما جرى في 7 تشرين الأول في إطار أن ما جرى اعتداء على الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
وقال إن الإعلام الموازي استطاع كسب المعركة في مواجهة الإعلام الإسرائيلي والإعلام الداعم للكيان الصهيوني، وهو ما يدعوا، وفقاً له، إلى ضرورة أن يكون لدينا أدواتنا التي نقدمها وأشار في هذا السياق إلى نموذج الإدارة الذاتية في مناطق شمال وشرق سوريا التي بدأت تصدر أزمة الديمقراطية كون تضع النظام التركي وكذلك السوري إمام ضرورة إتاحة الفرصة أكثر للديمقراطية وأن يتسع هذا النموذج حتى نستطيع الدفاع عن حقوقنا.
صراع هوياتي ديني
وانتقلت الكلمة إلى الدكتورة فرناز عطية الباحثة في الشأن الإسرائيلي التي أبدت عدداً من الملاحظات كان أولها أن الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع على الهوية له بعد ديني، مدللة على ذلك أنه بالعودة إلى نشأة الدولة في إسرائيل ورغم أن التوراة لا تشجع على فكرة قيام دولة لليهود لكنها كانت تتضمن نوعاً من الأبارتاهيد بدليل أن ديانتهم غير تبشيرية تؤمن بالفوقية لليهود ولا تسمح بوجود إضافة إليها من أصحاب الديانات الأخرى واستباحة غيرهم.
وأضافت أن هناك بعض الجماعات اليهودي مثل ناتوري كارتا ترفض فكرة قيام دولة لليهود على أساس ديني، لكنهم في الوقت ذاته يدعمون هذا الكيان الذي نشأ في 1948 على أساس المنفعة والمصلحة وأنه يوفر لهم بعض المكاسب السياسية من خلال إقامة الأحزاب الدينية التي تتنقل بين الائتلافات السياسية وتحصل على مكاسب متعددة، معتبرة أن اختيار فلسطين كدولة لليهود أتت في إطار صراع الهوية من بين مقترحات عديدة لإقامة دولة، كما أن وجود كيان مثل إسرائيل في جسد الشرق الأوسط حقق مكاسب كبيرة للغرب، وبالتالي فإن القضية الفلسطينية لا تشغل الشرق الأوسط فقط والعرب فقط بل والعالم كله.