بعد تدمير السد الرئيسي بالعاصمة المؤقتة.. هل تبتلع الفيضانات ما تركته الحرب في السودان

لم ترحم الفيضانات الناجين من مآسي الحرب في السودان، حيث دمرت مياها المنازل التي لم تصل إليها القذائف والصواريخ، وقتلت وشردت الأسر البعيدة عن خطوط القتال.

كشفت تقارير حكومية، أن الفيضانات تسببت في تدمير نحو 70 قرية وبلغ عدد المنازل المنهارة كليا 12 ألفاً و420 منزلاً، وتشريد أكثر من 100 ألف شخص، وهي البلاد التي تكتوي بنار الحرب بين الجيش السوداني ومليشيات الدعم السريع.

وتعد من أبرز المدن التي تضررت من الفيضانات هي مدينة أبو حمد والتي تعتبر أهم مدن التنقيب عن الذهب في السودان، وتدمير 86 منزلاً كلياً وتضرر 20 منزلاً جزئياً، وتوفي 11 شخصا وأصيب 60 آخرون، غير كارثة انهيار سد أربعات المورد الرئيسي للمياه للعاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان.

"كما يقولون المصائب لا تأتي فرادى" بتلك الكلمات استهل كمال كرار، الخبير الاقتصادي والقيادي في الحزب الشيوعي السوداني في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، حديثه عن الفيضانات الأخيرة فمن بعد الحرب والموت والمجاعة، ها هي السيول والفيضانات تشكل مأساة كبيرة لما تبقى من السكان بالداخل.

وأضاف، أنها ليست هذه هي المرة الأولى التي تغرق السيول السودان، مبيناً أن السيول والفيضانات في كل عام تخلف قتلى ومشردين، قياساً على ضعف وفساد الأجهزة الحكومية المعنية بالدفاع المدني، أو الحكم المحلي، بيد انها الآن وفي وسط الحرب أصبحت كارثة جسيمة فوق احتمال الجميع.

انهيار سد أربعات

كانت أبرز الكوارث التي خلفتها الفيضانات هي انهيار سد أربعات الذي يقع على بعد 40 كيلومتر شمال مدينة بورتسودان، وأنشئ في عام 2003 ليحتجز مياه الأمطار لاستخدامها في الموسم الجاف، ويعد أحد مصادر المياه الرئيسية التي تغذي مدينة بورتسودان الساحلية، وتبلغ سعة بحيرته 25 مليون متر مكعب، 30 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم على إثر انهياره، وجرف 20 قرية بشكل كلي ودمر 50 قرية جزئياً، ومنها 5 قرى يسكنها أكثر من 500 شخص لم تعد موجودة على الخريطة، غير آلاف البيوت التي دمرت.

وأشار القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، إلى أن الدولة انهارت بالحرب، ولا من مغيث لعشرات الآلاف من المواطنين الذين أصبحوا في العراء، موضحاً أن انهيار سد أربعات يهدد سكان الشرق والثروة الحيوانية هناك بالموت عطشا لأنه المصدر الوحيد للمياه الصالحة للشرب.

ولم يغفل السياسي السوداني، ذكر أن عملية انهيار السدود ومنها سد اربعات كشف عن حجم الإهمال والفساد، حيث كان انهياره كان نتيجة غياب الصيانة الدورية وعمليات تطهير البحيرة من الطمي، إضافة للتنقيب عن الذهب حول جسم السد.

النازحين بين مطرقة الفيضانات وسندان الحرب

تتحدث أرقام المنظمة الدولية للهجرة، والتي تصدر إحصاءات أسبوعية، 9.9 مليون نازح داخلياً في جميع ولايات السودان البالغ عددها 18 ولاية، منهم 2.8 مليون قبل حرب نيسان 2023، و7.1 مليون منذ ذلك الحين، وهم أكثر فئة أوضاعها هشة بعد الحرب ويعانون من سوء الخدمات، وبعد الفيضانات أصبح النازحين وسكان القرى المنكوبة بين مياه الفيضانات ونار المناطق المشتعلة بالحروب.

وحول تلك النقطة، يقول كرار في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، إن مدن السودان وريفه يشهد المزيد من النزوح من مناطق السيول إلى مناطق أخرى تشتعل فيها المعارك، أي بين المطرقة والسندان، مبيناً أنه نادت جهات كثيرة بوقف إطلاق النار لإتاحة الوقت لدرء الكوارث ومعالجة الأضرار ولكن قادة الحرب لا يأبهون.

ويقول شهاب ابراهيم، المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، والقيادي بتنسيقية تقدم في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، أنه بلا شك أن الكوارث الطبيعية الأخيرة زادت من معاناة السودانيين حتى في المناطق التي لا تشهد معارك.

وأضاف، أن أكثر المتضررين منها هم النازحين الذين يعيشون أساسا أوضاع إنسانية سيئة ولا تستطيع سلطة الأمر الواقع في بورتسودان أن تقدم لهم أي عون، وذلك نتيجة لانهيار الدولة وتوجيه المعونات إلى دعم الحرب وكذلك موارد الدولة ولا يمكن أن يتم مواجهة ما يترتب على الكوارث من آثار من أمراض وأوبئة.